ذهبت في زيارة قصيرة جدا لم تستغرق سوى ثلاث أو أربع ساعات إلى مدينة دسوق في ربوع مصر الحبيبة
وكانت الرحلة أسرية أي ليست تابعة لشركة أو هيئة تنظمها ,فكنت مع زوجي وأولادي فقط 0
واستمتعنا بالرحلة رغم قصر مدتها للغاية ,إلا أن البلد تستحق زيارة أخرى وتكون أطول لما تتميز به من جمال الطبيعة وسحر النيل الرائع0
وجاء موعد صلاة المغرب وأردنا الصلاة ونحن غرباء عن المكان ولا نعلم أماكن المساجد هناك فسألنا أهل المنطقة فدلونا عن مسجد قريب
دخلنا المسجد ووجدناه تحت التجديد وإعادة الإعمار وأعجبت به لكبر مساحته الواسعة جدا جدا وارتفاعه الشاهق المميز
وسرت
إلى مكان مصلى السيدات وأنا مبتسمة سعيدة ومعي ابنتي , ولكن سرعان ما
تحولت ابتسامتي وسعادتي إلى حزن وشقاء واستغفار لله تعالى لما رأيته بعيني
لأول مرة في حياتي رؤيا العين وليس على شاشات التلفاز .
وجدت قبر ومقام إبراهيم الدسوقي
ووجدت
البسطاء من الناس يلتفون حول الضريح والمقام ويشكون له ويسرون إليه
بالحديث ,وانقبض قلبي لما رأيت وشعرت أني لست في مسجد لله تعالى وأردت
الخروج من المسجد وتحدثت إلى ابنتي وقلت لها هذا شرك بالله عز وجل وتعالى
عما يشركون ,
يناجون بشرا مثلهم لا يملك لنفسه نفعا ولا ضرا ,يتوسلون إليه ويتوددون له ويتقربون لله تعالى من خلاله , وسمعني خادم المقام وصمت.
ووجدت أيضا لوحة يزعمون أنها أثار كف النبي صلى الله عليه وسلم , ويلتفون حولها هي الأخرى ويقبلونها
وتحيرت من أمر صلاتي هل اصلي في هذا المكان ,أم اتركه واذهب لأبحث عن زوجي واطلب منه أن يجد لنا مصلى آخر ؟
ولكن أين ساجد زوجي في هذا التوقيت وهو يصلي ,حتى الاتصال به على جواله لن يجدي بشيء
وزادت حيرتي هل ألحق بالصلاة التي فات وقت الجماعة فيها وأصلي بمفردي وقلبي مستنكر هذا المكان أم لا أصلي؟
وخاصة أننا أغراب عن البلدة ووقت المغرب ضيق فغذا خرجنا لنبحث عن مسجد غيره ممكن أن تضيع المغرب
وما حكم الدين في هذا الأمر الذي وضعت فيه مضطرة ؟ هل اصلي الفرض الذي ممكن أن يفوتني أم اصلي في مكان وأنا اعلم أن فيه نهي؟
توكلت
على الله وصليت أنا وابنتي المغرب قبل أن يخرج وقتها , وبعد الانتهاء من
الصلاة أردت الخروج من حيث أتيت , وإذ بخادم المقام يعترض طريقي وينهرني
بشدة ويأمرني ألا أخرج من هذا المكان لأن بهذا الفعل سيتأذى الشيخ ولا يصح
أن أمر من أمام الشيخ
تعجبت من كلامه وقلت له سوف أخرج من حيث أتيت لأني غريبة ولا أعلم المكان وأخشى أن أتوه
فنهرني بشدة أكبر
ووجدتني أرد عليه بغضب شديد وكبرياء واستعلاء لم أعتد عليه من نفسي في التعامل مع أحد وخاصة البسطاء
وزجرته
وقلت له لم تمنعني أسير من حيث أريد ولا يهمني شيخك ولا يمثل لي أي هيبة
,وقلت له إذا كنا نمر في الحرم المكي والمدني من غير اعتراض فكيف بهنا
وهذا المكان لا حساب لقدسية لم يمنحها الله تعالى لأي فرد ؟
وصممت على موقفي وغادرت المكان وأنا أستعجب جدا من طريقتي وشخصيتي وكبريائي وحدتي وغضبي الغير معهود في الحوار مع هذا الرجل
وظللت أفكر طيلة طريق العودة
لماذا
تلك الطريقة التي تعاملت بها مع هذا الرجل البسيط ومن أين أتتني تلك القوة
في الحوار والتصميم على رأي والشعور أنني على حق مطلق وعزة بديني ؟
ووجدت الإجابة على تساؤلاتي وغضبي
فقد كنت أغار على الله ودينه ورسوله وغيرتي هي التي حركتني بهذا الشكل
ووقتها علمت لماذا غضبت ؟
وهنا فتوى عن حكم الصلاة في مسجد به ضريح
[center]
[center]يوجد في المنطقة عندنا أحد المساجد التي بجانبها حديقة (تقريبا سور الحديقة ملازق لسور المسجد ) و لا أدري إن كانت تابعة له أم لا ..
المهم أننا كنا أحيانا نصلي بهذا المسجد إلى أن نبهنا أحدالأخوة جزاهم الله خيرا إلى وجود ضريح
بهذه الحديقة بما يبعد عن المسجد تقريبا مئة متر .. و لكن أحد نوافذ المسجد تطل على الحديقةو بنفس الوقت تطل على الضريح .. فامتنع البعض من الصلاة و استمر البعض بحجة أن الضريح بعيد نوعا ما عن المسجدفما حكم الصلاة في هذا المسجد يا شيخ بارك الله فيكم ؟
الجواب/ وعليكم السلام ورحمة الله وبركاتهوجزاك الله خيرا .وبارك الله فيك . الذي يظهر أن الضريح ليس في المسجد ، ولا في ساحاته .وبناء عليه فلا تأثر لوجود الضريح في الحديقة المجاورة للمسجد .أمّا لو كان الضريح في المسجد أو في ساحته فلا تجوز الصلاة فيه .
ويُنظر في أيهما أسبق : الضريح أو المسجد ؟
فإن كان الضريح أسبق والمسجد قد بُني عليه فيُزال المسجد ولا تجوز الصلاة فيه بِحَال .وإن كان المسجد أسبق من الضريح يُنبش القبر ويُزال ، ويُصلّى في المسجد . والله تعالى أعلم .
المجيب الشيخ/ عبدالرحمن السحيم