يعتقد
بعض العلماء أن بإمكانهم تخفيف أخطار الأعاصير أو تحريكها في مسارات أقل
خطورة، وذلك بتعديل الشروط الفيزيائية البدئية (على سبيل المثال درجة حرارة
الهواء ورطوبته) في مركز العاصفة أو حتى في المناطق المحيطة به. ومن أجل
تحقيق ذلك عليهم القيام بتنبؤات جوية دقيقة وتفصيلية عن الأعاصير. يوضح
الشكل مخططا موجزا لكيفية تشكل مثل هذه العواصف القوية.
تبدأ
الأعاصير بالتشكل حينما تُطلق المحيطات المدارية الحرارة والماء إلى الجو،
منتجة بذلك كميات كبيرة من الهواء الدافئ الرطب فوق سطحها (1) . يتصاعد الهواء الدافئ، وأثناء ذلك يتكاثف بخار الماء الذي يحويه ليشكل سحبا وأمطارا (2) . تنتج عملية التكاثف هذه حرارة تتسبب في تصاعد الهواء أكثر فأكثر إلى الأعلى داخل السحب الرعدية النامية باستمرار (3) .
يخلق إطلاق
الحرارة فوق البحار المدارية منطقة ضغط منخفض سطحية، تتجمع فيها كميات
إضافية من الهواء الدافئ الرطب المتدفق من المحيط الخارجي (4) . تنقل هذه الحركة المستمرة، إلى داخل العاصفة الرعدية الناشئة، كميات هائلة من الحرارة والهواء والماء نحو السماء (5)
. إن انتقال الحرارة باتجاه الأعلى وإطلاقها يواصلان تحريض تجميع الهواء
المحيط نحو المركز المتنامي للعاصفة، التي تبدأ بالدوران تحت تأثير دوران
الأرض (6). وتستمر السيرورة بسرعةٍ تزيد من قوة العاصفة وتنظيمها.
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]ففيما تشتد
العاصفة تتشكل عادة بقعة هادئة منخفضة الضغط، تسمى: «العين» (7)، تطوقها
حلقات من السحب والرياح السريعة تسمى «جدار العين» (8). وهكذا تُصبح
العاصفة إعصارا. وفي الوقت نفسه أصبح يتعذر على الهواء الصاعد الذي جرى
تسخينه والذي فقد معظم رطوبته أن يتابع الصعود، لأن الغلاف الطبقي
(الستراتوسفير) يعمل كغطاء فوق الإعصار، وهذا يؤدي إلى سقوط بعض هذا الهواء
الجاف في داخل «العين» (9) وبين أحزمة السحب (10)؛ في حين أن الهواء الجاف
المتبقي يتحرك في حركة لولبية مبتعدا عن مركز العاصفة ويهبط نحو الأسفل
(11). وفي هذه الأثناء تقود تيارات هوائية مجاورة واسعة النطاق الإعصارَ
على امتداد مساره.
[center]
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]إن
حساسية الغلاف الجوي العالية للمؤثرات الضئيلة ـ والتفاقم السريع للأخطاء
الصغيرة المرتكبة في نماذج الأرصاد الجوية ـ هي التي تجعل التنبؤ الطويل
الأمد (أكثر من خمسة أيام مسبقة) بالأحوال الجوية صعبا للغاية. ولكن هذه
الحساسية جعلتني أيضا أتساءل: هل بإمكان مُدخلات طفيفة مطبقة عمدا على
إعصار أن تُحدث تأثيرات فعالة وقوية فيه، من شأنها أن تؤثر في العواصف إما
بتوجيهها بعيدا عن المراكز المأهولة أو بتخفيض سرعة رياحها؟
لم
يكن باستطاعتي متابعة تلك الأفكار حينذاك، ولكن تقانات المحاكاة الحاسوبية
والاستشعار عن بعد تطورت في العقد الماضي بما يكفي لتجديد اهتمامي
بالسيطرة على الطقس على نطاق واسع. فمن خلال دعم مادي من معهد ناسا
للمفاهيم المتقدمة(5) أقوم وزملائي في شركة «أبحاث الغلاف الجوي
والبيئة»(6) باستخدام نماذج حاسوبية تفصيلية للأعاصير، في محاولة لتعرّف
أنواع النشاطات التي يمكن اختبارها في نهاية الأمر في العالم الحقيقي. إننا
نستخدم على وجه الخصوص تقانة التنبؤ أو الرصد الجوي لمحاكاة سلوك الأعاصير
السابقة، ومن ثم اختبار تأثير التدخلات المتنوعة عبر رصد التغيرات التي
حدثت في العواصف التي جرت نمذجتها.
[/center]