الحمد لله الذي خلّص قلوب عباده المتقين من ظُلْم الشهوات ، وأخلص عقولهم عن ظُلَم الشبهات أحمده حمد من رأى آيات قدرته الباهرة ، وبراهين عظمته القاهرة ، وأشكره شكر من اعترف بمجده وكماله واغترف من بحر جوده وأفضاله وأشهد أن لا إله إلا الله فاطر الأرضين والسماوات ، شهادة تقود قائلها إلى الجنات
وأشهد أن سيدنا محمدا عبده ورسوله ، وحبيبه وخليله ، والمبعوث إلى كافة البريات ، بالآيات المعجزاتوالمنعوت بأشرف الخلال الزاكيات صلى الله عليه وعلى آله الأئمة الهداة ، وأصحابه الفضلاء الثقاتوعلى أتباعهم بإحسان ، وسلم كثيرا أما بعد :
فإن اصدق الحديث كتاب الله ، وأحسن الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم ، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة ، وكل بدعة ضلالة ، وكل ضلالة في النار
ــــ أعاذنا الله وإياكم من النار ــــ
1= الحج لغة هو :
القصد .
و العمل .
وقال الخليل بن أحمد : هو كثرة القصد إلى من تُعظِّم . ذكره ابن الملقِّن .
وشرعاً : هو قصد مخصوص ، من شخص مخصوص ، إلى مَحَلٍّ مخصوص ، في زمن مخصوص ، على وجه مخصوص . ذَكَره ابن الملقِّن .
شرح التعريف :
قصد مخصوص : لإخراج سائر المقاصد ، فهو قصد مخصوص .
من شخص مخصوص : هو المسلم العاقل البالغ الْحُرّ القادر – وتزيد المرأة " وجود محرم " – .
فالكافر لا يَصِحّ منه ، ولو حجّ حال كُفره لزمته الإعادة بعد إسلامه .
والمجنون ، لا يَصِحّ منه تقرّب .
والصغير لو حجّ ثم بَلَغ ، أو العبد لو حجّ ثم عتِق ، فعليهم حجّة الإسلام .
والقادر : الذي يجد المال والراحلة وما يَحجّ به زائداً عن قُوت من يَعول ، لأن الحج على الاستطاعة .
ومن الاستطاعة في حق المرأة : وُجود المحرم أو الزوج .
إلى محلّ مخصوص : هو مكة – شرّفها الله – والمشاعر المقدّسة .
في زمن مخصوص : هي أشهر الحجّ .
على وجه مخصوص : هي أفعال الحج .
فلو قصد مكة من تنطبق عليه شروط وُجوب الحج وأتى بأفعال الحج واختلّ شرط الزمن الخصوص لم يَكن فِعله حَجّاً ولا يُقبل منه .
وكذا لو اختل واحد من أركان التعريف .
2= هل يَجِب الحج على الفور ؟
في المسألة قولان :
الصحيح منهما : أنه يَجب على الفور .
فإن قيل : فالنبي صلى الله عليه وسلم لم يَحجّ إلا في آخر حياته . فكيف تقولون يجب على الفور ؟
فالجواب :
أن مكة لم تكن قبل ذلك دار إسلام إلا بعد الفتح .
وقد
بَعَث عليه الصلاة والسلام أبا بكر ثم أتبَعه بِعليّ رضي الله عنهما
يُنادون في الناس : ألا لا يحج بعد العام مشرك ، ولا يطوف بالبيت عريان .
كما في الصحيحين .
فلو حجّ رسول الله صلى الله عليه وسلم في تلك الظروف
لم يتمكّن الصحابة رضي الله عنهم من أخذ مناسكهم عنه عليه الصلاة والسلام
على الوجه المطلوب ، ولم تتمحّض الصُّحْبَة ، بل يكون في الناس مسلم ومشرك .
فلما تم إعلان ذلك وإعلام الناس بذلك حجّ رسول الله صلى الله عليه وسلم في السنة العاشرة .
ثم إن دلالة القول أقوى من دلالة الفعل .
فإنه صلى الله عليه وسلم قال : أيها الناس قد فرض الله عليكم الحج فَحُجُّوا . رواه مسلم .
والأمر يقتضي المبادرة .
فلو افترضنا تعارض القول لفِعل فإن الفعل مُقدَّم على القول ، كيف وهو ليس بينهما تعارض ؟!
وبالوجوب على الفور القول قال أبو حنيفة وأحمد وبعض المالكية .
3= حُكم العمرة :
واجبة .
قال تعالى : (وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ) .
قال
القرطبي : في هذه الآية دليل على وجوب العمرة ، لأنه تعالى أَمَرَ
بإتمامها كما أَمَرَ بإتمام الحج . قال الصُّبَي بن مَعبد : أتيت عمر رضي
الله عنه ، فقلت : إني كنت نصرانيا فأسلمت ، وإني وجدت الحج والعمرة
مكتوبتين عليّ ، وإني أهللت بهما جميعا . فقال له عمر : هُدِيتَ لِسُنَّة
نبيك . قال ابن المنذر : ولم يُنْكِر عليه قوله " وجدتُ الحج والعمرة
مكتوبتين عليّ " .
وبوجوبهما قال علي بن أبي طالب وابن عمر وابن عباس .
وروى الدارقطني عن ابن جريج قال : أخبرني نافع أن عبد الله بن عمر كان
يقول : ليس من خلق الله أحد إلا عليه حجة وعمرة واجبتان من استطاع إلى ذلك
سبيلا ، فمن زاد بعدها شيئا فهو خير وتطوع ... قال ابن جريج : وأُخْبِرتُ
عن عكرمة أن ابن عباس قال : العمرة واجبة كوجوب الحج من استطاع إليه سبيلا .
وممن ذهب إلى وجوبها من التابعين : عطاء وطاوس ومجاهد والحسن وابن
سيرين والشعبي وسعيد بن جبير وأبو بردة ومسروق وعبد الله بن شداد ،
والشافعي وأحمد وإسحاق وأبو عبيد ، وابن الجهم من المالكيين . وقال الثوري :
سمعنا أنها واجبة . وسئل زيد بن ثابت عن العمرة قبل الحج ، فقال : صلاتان
لا يضرك بأيهما بدأت . ذكره الدارقطني .
وكان مالك يقول : العمرة سُنّة
ولا نعلم أحدا أرخص في تركها . وهو قول النخعي وأصحاب الرأي فيما حكي ابن
المنذر ، وحكي بعض القزوينيين والبغداديين عن أبي حنيفة أنه كان يوجبها
كالحج ، وبأنها سُنة ثابتة قاله ابن مسعود وجابر بن عبد الله . انتهى ما
ذَكَره القرطبي في التفسير .
بابُ المواقيتِ
1= المواقيت جمع ميقات
والميقات : هو الْحَـدّ .
وشرعا : هي الحدود المكانية التي حدَّها الشارع لمن أراد الحج أو العمرة أو هما معاً .
2= مواقيت الحج :جَمَعتْ بين المواقيت الزمانية والمكانية .
فالحاج يقصد مكة في أشهر الحج ، ويُحرِم من هذه المواقيت .
ومن كان دون ذلك فميقاته من مكانه – كما سيأتي – .
والله تعالى أعلم .
وفي هذا الموضوع سيتم التطرق ان شاء الله تعالى الى: شرح أحاديث عمدة الأحكام في باب الحج
لفضيلة الشيخ :عبد الرحمن السحيم
ولتسهيل قراءة كل موضوع على إنفراد ساضع العناوين في جداول خاصه بهـا
بخصوص المرور على المواضيع مـا عليك إلا الضغط على وصلة الرد وسيقودك للعنوان الذي تريده
الموضوع | الوصلة |
شرح الحديث الـ 228- 229 المواقيت المكانية | |
شرح الحديث الـ 230 ، 231 في ما لا يلبس الْمُحْرِم | |
شرح الحديث الـ 232 في صِفة التلبية ووقتها | |
شرح الحديث الـ 233 في اشتراط الْمَحْرَم لِسَفر المرأة | |
شرح الحديث الـ 234 في فِدية الأذى | |
شرح الحديث الـ 235 في حُرمة مكة | |
شرح الحديث الـ 236 في حرمة صيد الحرم ولقطته وشوكه | |
شرح الحديث الـ 237 ما يجوز قَتْلُه للمُحْرِم وفي الحرم | |
شرح الحديث الـ 238 في دخول مكة من غير إحرام | |
شرح الحديث الـ 239 في دخول مكة | |
شرح الحديث الـ 240 في الصلاة في الكعبة | |
شرح الحديث الـ 241 في تقبيل الحجر الأسود | |
شرح الحديث الـ 242 في أصل الرَّمَل | |
شرح الحديث الـ 243 في مشروعية الرَّمَل | |
شرح الحديث الـ 244 في الطواف راكبا | |
شرح الحديث الـ 245 في الاقتصار على استلام الركنين | |
شرح الحديث الـ 246 في التمتع في الحج ولزوم الهدي | |
شرح الحديث الـ 247 في حجة النبي صلى الله عليه وسلم | |
شرح الحديث الـ 248 في بقاء إحرام من ساق الهدي | |
الملحق الأول | |
يتبع بإذن الله
[center]الملحق الأول
الموضوع | الوصلة |
شرح الحديث الـ 249 في اختلاف الصحابة في متعة الحج | |
باب الهدي | |
شرح الحديث الـ 250 في الهدي وتلقيده القلائد | |
شرح الحديث الـ 251 في إهداء الغنم | |
شرح الحديث الـ 252 في ركوب البدن المهداة | |
شرح الحديث الـ 253 في التصدق بمنافع الهدي | |
شرح الحديث الـ 254 في صفة النحر | |
شرح الحديث الـ 255 في غُسل الْمُحْرِم | |
شرح الحديث الـ 256 في فسخ الحج إلى عمرة | |
شرح الحديث الـ 257 ، 258 في فسخ الحج قبل الشروع في أعماله | |
شرح الحديث الـ 259 في كيفية السير في الدفع من عرفة | |
شرح الحديث الـ 260 في التقديم والتأخير في أعمال يوم النحر | |