الحرية الديمقراطية والحالة الثقافية
الديمقراطية ثقافة وإعلام فلا نستطيع أن نتكلم عن الحالة الديمقراطية بما تجسده من شفافية وسيادة القانون من دون وسائل اعلام وثقافة فالبناء المادي يتحول في ظل الديمقراطية لصحف ومجلات ومحطات اذاعة وتلفزة وكتب ونشرات الخ.. وتلعب وسائل الاعلام والثقافة الدور الخطير بتشكيل الوجدان الفردي والجمعي وترسيخ الولاء والانتماء وتوحيد الرأي العام حيال القضايا المختلفة.
اذن فالإعلام والثقافة لهما الدور الأكبر في عملية التنمية بمختلف مجالاتها فالمخاطبة للجمهور تمر عبر الوسائل الثقافية والإعلامية من سمعية وبصرية ومقروءة وإن كانت الثقافة بمفهومها الشامل هو ما نحتاج اليه ولممارسته فهي التجلي الابداعي المنعكس عن حركة المجتمع وقوانين الواقع بينما الاعلام هو حالة من النشاط المتوهج الجماعي والفردي ليس بالضرورة أن يكون نشاطاً ابداعياً محضاً.
دولة المؤسسات لا تترسخ الا اذا رسخنا لثقافة واعلام من طراز خاص اعلام يقوم على المساءلة والمكاشفة والنقد وثقافة تتبنى في طروحاتها القراءات التأويلية للنصوص، ثقافة لها ملامح هويتها الحضارية النابعة من تراث عظيم المنفتحة على الآخر انفتاحاً مدروساً متوازناً وهذا فقط ما يمكن أن يعكس تطور الديمقراطية في بلادنا فالتعددية الاعلامية والتنوع الثقافي هو جوهر العملية الديمقراطية المحتكمة من القمة للقاعدة للقانون والدستور الأردني.
فخلق مواطن عارف بحقوقه وواجباته لا يكون ولا يتم إلا بإستخدام وسائل الإعلام الثقافية للوصول اليه لرفع مستوى تلقيه وإدراكه الإنتقائي والمطلوب هو زيادة الدعم المادي والمعنوي لوسائل الإعلام والثقافة فبدون هذا الدعم والتشجيع والمؤازرة لا يمكننا تحقيق تقدم إعلامي أو ثقافي فلا بد لوسائل الإعلام من تبسيط الحقائق وتيسير المصطلحات المعقدة للمتلقي الأردني أما الثقافة فمهمتها استثمار أجواء الحرية لتتفوق على ذاتها وتقدم على مقاربة فعل الإبداع وما نريد الوصول اليه هو ضرورة رفع مستوى الأداء الثقافي والاعلامي وخلق حالة تنظيمية لهذه الفوضى وهذا الكم من الأنشطة الثقافية والإعلامية فبدون البرمجة والتخطيط والتنظيم لا يمكن التقدم للأمام فالديمقراطية وحدها غير كافية من دون المضمون الثقافي والإعلامي وحتى الإجتماعي والسياسي فالحرية ليست حلاً سحرياً فلا بد أن يواكبها ارتباط عضوي، العقلنة والقوننة ووجود مصادر معرفية تغترف منها البلاد، ونحن في الأردن مضى على استئناف الحياة النيانية والتشريعية ما يزيد عن العشرين عاماً قضيناها في الصخب والضجيج لم نستكمل البناء الديمقراطي كما رسمته لنا القيادة الهاشمية ممثلة بجلالة المغفور له بإذن الله الحسين بن طلال طيب الله ثراه وجلالة الملك عبدالله الثاني حفظه الله، فالمحتوى الثقافي والإعلامي هو ما يفرز حالة سياسية واجتماعية متقدمة فكيف لا يتأتى لنا ذلك طوال السنوات الماضيات ونحن نمتلك الطاقات والخبرات والكوادر الثقافية والإعلامية المختلفة فلا بد من ترسيخ مفهوم حرية المسؤولية والديمقراطية حقا وواجبا ينتظم تحت مظلتها الجميع دون استثناء من كافة الأصول والمنابت، والتخطيط لتأسيس المجلس الأعلى للثقافة والفنون هو خطوة على طريق اشاعة اللامركزية مع وجود اشراف غير مباشر على الحالة الثقافية جنباً الى جنب مع المجلس الأعلى للإعلام فهذان المجلسان مطالبان بتنظيم الجسم الثقافي والاعلامي والتعاون معه ليطور من محتواه وما يقدمه للمواطن لذا فإجتماع الخبرة والابداع شرطان لازمان للمضي قدماً في التنمية الثقافية والإعلامية فإشتراك الجميع هو المطلوب لصياغة فلسفة وطنية استراتيجية تنطلق من ثوابت الوطن الأردني وهويته الحضارية والفكرية وللأحزاب دور مهم في هذا المجال فلماذا لا يفسح لها لتلعب دورها الثقافي والإعلامي فحياة ديمقراطية من غير أحزاب هي حرية منقوصة والدولة الأردنية تولي عنايتها لتشجيع المواطنين على التحزب وحل اشكالية العزوف عنها وهذا غير ممكن من دون الأدوات الثقافية والإعلامية القادرة على الوصول للمواطن وحضه على المشاركة الفعالة في إطار الدستور والقوانين الأردنية.. فماذا نحن فاعلون ومن يعلق الجرس لتمحيص الحالة الثقافية والإعلامية وعلاقتها بالديمقراطية والحرية وأننا لمنتظرون.
شكرا
DJ