إنه لا بد لكل رسولٍ لله أن يكون متصفاً بصفات أساسية أربع حتى يكون أهلاً للرسالة . هذه الصفات الأربع هي :
1 – الصدق المطلق الذي
لا ينقض في كل حال ، بحيث لو امتحن كل قول له لكان مطابقاً للواقع إذا وعد
أو عاهد أو جَدَّ أو داعب أو أخبر أو تنبأ . وإذا انتقضت هذه الصفة أيَّ
نقضٍ ، فإن دعوى الرسالة تنتقض من أساسها ؛ لأن الناس لا يثقون برسول غير
صادق والرسول الصادق لا تجد في جزء من أجزءا كلامه شيئاً من الباطل في أي
حال من الأحوال.
2 – الالتزام الكامل
بما يدعو إليه نيابة عن الله ؛ إذ مهمة الرسول تبليغ الناس ما كلفهم به
الله ، فإذا لم يقم الرسول نفسه بهذه التكاليف دلّ ذل على عدم تفاعله مع
التكليف وهذا دليل كذبه في دعوى الرسالة ؛ إذ الرسول الذي يتصل به الله أعر
فبجلال الله وبالتالي لا يعصي له أمراً ؛ لأن عصيان أمر الله خيانة ، وغير
الأمناء ليسوا أهلاً لحمل رسالة الله .
3 – التبليغ الكامل
المستمر لمضمون الرسالة ، وعدم المبالاة معه بسخط الناس أو تعذيبهم أو
إيذائهم أو كيدهم أو مؤامراتهم أو إرجافهم ، والاستقامة على أمر الله وعدم
الانحراف عنه ، مهما كانت المغريات والاستمرار على ذلك ؛ إذ بدون التبليغ
لا تظهر الرسالة ، وبدون الاستمرار عليه والصبر لا تستقر ، والخضوع لضغط
الناس أو لإغرائهم دليل كذب دعوى البلاغ عن الله . إذ لا يبلغ رسالة الله
إلا من رغب بالله عن غيره ، وكان الله وحده هو العظيم عنده ، ولا يبالي
بغير رضاه .
4 – العقل العظيم إذ
لا يسلم الناس ولا يتبعون إنساناً إلا إذا كان أرجحهم عقلاً ؛ ليطمئنوا إلى
أنه لا يسير بهم في الطريق الخطأ كما أنه بدون العقل العظيم لا يستطيع
صاحب الرسالة أن يقنع الآخرين بالحق الذي معه ، وخاصّة أصحاب المدارك
الواسعة والعقول الكبيرة ، ولا يستطيع أن يرد هجمات المبطلين والمتكبرين
والمنحرفين والمنتفعين بالانحراف . فلا بد أن يكون الرسول أذكى الخلق
وأفطنهم وأعقلهم وأحكمهم وأكملهم مدارك كي تقوم به الحجة .
فإذا اجتمعت
هذه الصفات الأربع لإنسان يذكر أنه رسول الله مع بقية العلامات التي يعرف
بها الرسول دون وجود مانع يحيل الدعوى ، كان ذلك برهاناً ودليلاً على صحة
الدعوى ؛ إذ لا يوجد مبرر لتكذيب الصادق ، ولا يوجد تعليل لحرارة الالتزام
غير التسليم ، وعدم الانصراف عن التبليغ مع توافر الانصراف لا تعلل إلا
بالإخلاص للدعوة وصاحبها ، ودعوة حجتها معها ، وصاحبها قادر على إقامة
الحجة في أي جانب من جوانبها فيها دليل حقيتها .
وسنرى في هذا الفصل أن
الرسول صلى الله عليه وسلم كان المثل الأعلى في كل صفة من هذه الصفات بحيث
لا تستطيع أن تدرس واحدة منها عنده إلا وستلم أن صاحبها رسول الله حقّاً .
وسندرس هذه الصفات على الترتيب المذكور هنا فنبدأ بصفة الصدق عنده صلى
الله عليه وسلم .
....................
مأخوذ من كتاب الرّسـولُ صَلى الله عَليْه وسَلمَ
لسَعيد حوّى.
....................
http://www.almeshkat.net/vb/showthread.php?t=100441