دور الصفوة الغائب.. متى يحضر؟

دور الصفوة الغائب.. متى يحضر؟


د. هاشم عبده هاشم

** لا يوجد انسان واحد لا يدرك أهمية توصل المملكة وإيران إلى
علاقات ثنائية متينة وقائمة على أسس من الاحترام المتبادل، وتقدير كل منهما
لأهمية الآخر، وتعاون البلدين لصالح أمن واستقرار المنطقة وتحقيق السلام
في أرجائها..

** ذلك هو الذي يفكر فيه جميع العقلاء.. سنة وشيعة، ساسة وأمنيون،
مثقفون ودعاة، صفوة وعامة.. لأنه لا مصلحة لا للبلدين، ولا للشعبين، ولا
لدول وشعوب المنطقة كافة في أن تظل الشقة كبيرة بيننا وبين الاخوة في
إيران.. والفجوة واسعة بين دول الخليج مجتمعة وبين الجارة إيران..

** لكن السؤال المهم الآن هو: لماذا يحدث هذا (الفصام) في الأصل؟!

** ان العوامل الايجابية المشتركة بين البلدين، لو ركز عليها لكان فيها
الخير لتحقيق تعاون أكبر، وتفاهم أوسع وأشمل.. ولوجدنا أكثر من وسيلة عملية
وفعالة لتضييق بعض عوامل الاختلاف وتحجيمها، والتغلب عليها، وبالذات ما
كان منها ذا صبغة سياسية..

** وما يحدث من توترات في المنطقة بين حين وآخر.. يلقي بظلال كثيفة على
علاقات البلدين.. لأنه يجسد حالة غياب (التوافق) بين (النهجين) السياسيين
في البلدين..

** فالمملكة العربية السعودية تشعر بالكثير من عدم الارتياح للسياسات
الايرانية القائمة على تسجيل حضور واسع، وكبير، وملموس، في أكثر من دولة
عربية.. حتى تستطيع تحقيق مصالحها.. وتبني أجنداتها المختلفة في طول
المنطقة وعرضها..

** والجمهورية الايرانية الاسلامية.. تنظر إلى المملكة على أنها قوة
متنفذة.. ولا ترغب في أن يكون لسواها دور بارز في المنطقة.. وبصورة أكثر
تحديداً في منطقة الخليج.. وكان (الخلاف) بين البلدين حول من يكون (السيد)
في منطقة تعاني كثيراً من الاطماع المتواصلة فيها.. والمخطوفة بعيداً حتى
عن أهلها الحقيقيين..

** وبهذه المفارقة شديدة الحساسية بين سياستي البلدين ومنهجيتهما.. فإن
الفجوة تظل قائمة، وقد تتسع في بعض الأحيان، وقد تتوقف عند خطوط تماس
دقيقة.. وهو كما نرى.. خلاف ليس من الصعب التغلب عليه.. أو السيطرة على
أدواته و(فعالياته).. لأنه لا يحتاج إلا إلى التوقف أمامه طويلاً.. ومصارحة
كل طرف بهواجس الطرف الآخر، وتحفظاته، وضمان مستوى أفضل من التفاهم،
والتوافق، من شأنه أن يجنب المنطقة وشعوب المنطقة الكثير من (الويلات)
ويقود الجميع نحو شراكة حقيقية في العمل من أجل إعادة استرداد الثقة
والبناء عليها.. بدلاً من المضي في سياسات لا تخدم أحداً فينا، ولا تحقق اي
مصلحة لأي طرف كان.. سوى تحقيق مصالح الدول والأطراف التي يهمها أن تظل
المنطقة (تغلي) حتى لا يتحقق الحد المطلوب من الاستقرار فيها..

** وقد جربت إيران طوال أل (32) سنة الماضية سياسات الانغماس في الشؤون
الداخلية العربية - دون حاجة إلى ذكر نماذج لهذا النوع من التدخل - ولا
أظنها حققت اي مكسب ملموس بل على العكس من ذلك فإنها كانت وراء استمرار
حالة التوتر في المنطقة.. بكل ما ترتب عليها من عدم استقرار بفعل اتساع
رقعة الخصومات ليس بين معظم العرب وإيران فقط.. وإنما بين إيران واكثر دول
العالم.. وبالذات بعد أن توسعت إيران في برامجها النووية كثيراً.. وكذلك في
إنتاج بعض أسلحة الدمار الشامل أو الأسلحة التقليدية المتطورة.. مما أعطى
الغرب فرصة لاستهداف الخطط والبرامج النووية الايرانية وأبقى على حالة
القلق في المنطقة العربية في تصاعد مستمر..

** فلمصلحة من يتم كل هذا؟!، ولمصلحة من تستمر العلاقات العربية/
الإيرانية، والسعودية/ الإيرانية على وجه التحديد في حالة تصادم مستمر
وتباعد متزايد؟!

** أسأل وأنا أدرك أن على المثقفين وقادة الرأي مسؤولية كبيرة في
الاعداد لأرضية توافقية أفضل بين بلدينا، وشعبينا.. بل وبين إيران ومحيطها
العربي.. وان انتصار ثقافة حسن الجوار القائمة على تعزيز الثقة واستبعاد
عوامل وأسباب التوتر في النهاية.. هو الذي يجب أن يسود بدلاً من التأجيج
لأسباب الخلاف وتوسيع الشقة..

** فهل تتحرك الفعاليات الثقافية بمسؤولية وفي هذا الاتجاه.. ومتى.. وكيف؟


ضمير مستتر:

**[مهما اشتد الخلاف بين أي بلدين.. الا انه تظل هناك فرص كبيرة
للاتفاق.. إذا رُجح العقل.. وسادت الحكمة.. وأُخذ في الاعتبار بمصالح
الطرفين]