معنى كلمة سوف
- يربط بعض الباحثين بين سوف وقبيلة مسوفة التارقية البربرية، وما
ذكره ابن خلدون، يفيد أن هذه القبيلة مرت بهذه الأرض وفعلت فيها شيئا،
فسميت بها، وتوجد الآن بعض المواقع القريبة من بلاد التوارق تحمل اسم سوف
أو أسوف و"وادي أسوف" تقع جنوب عين صالح.
- وتنسب إلى كلمة "السيوف" وأصلها كلمة سيف أي "السيف القاطع" وأطلقت على
الكثبان الرملية ذات القمم الحادة الشبيهة بالسيف. - لها دلالة جغرافية
لارتباطها ببعض الخصائص الطبيعية للمنطقة، ففي اللغة العربية نجد كلمة
"السوفة والسائفة" وهي الأرض بين الرمل والجلد، وعندما تثير الريح الرمل
تدعى "المسفسفة" وهذا ما جعل أهل سوف يطلقون على الرمل "السافي". - وقيل
نسبة إلى "الصوف" لأن أهلها منذ القدم كانوا يلبسون الصوف، وقد كانت
مستقرا للعبّاد من أهل التصوف يقصدونها لهدوئها، إضافة إلى أنها كانت
موطنا لرجل صاحب علم وحكمة يدعى "ذا السوف" فنسبت إليه. وأول من ذكره بهذا
الجمع "وادي سوف" هو الرحالة الأغواطي في حدود 1829، وانتشر على يد
الفرنسيين بعد دخولهم للمنطقة.
ما قبل التاريخ:
منذ آلاف الملايين من السنين، كانت منطقة وادي سوف تنتمي جيولوجيا إلى
الكتلة القديمة البلورية التي تكونت أثناء العصور الأولى من تاريخ الأرض
الجيولوجي، وتتألف هذه الكتلة القديمة من الجرانيت والنيس والميكاشيست
والكوارتزيت، وبعد تعرض سلاسلها الجبلية للتعرية اجتاحتها مياه البحار
القديمة، فكادت تغمر كامل الرقعة الصحراوية الحالية، ولكن انحسرت المياه
أثناء العصر الفحمي. وأثناء عصر الأيوسين(بدء الحياة الحديثة) خلال الزمن
الجيولوجي الثالث تعرضت الصحراء لعوامل التعرية الجوية التي أثرت على
تضاريسها فطبعتها بطابعها المميز الحالي. وأهم البراهين الدالة على وجود
مظاهر الحياة بالصحراء في العصور القديمة:
وجود الماء والأعشاب الذي وفر أسباب الحياة لعيش الحيوانات مثل فرس
الماء والزرافة والفيل، وقد عثر في عام 1957 في شرق حاسي خليفة على هيكل
عظمي لفيل الماموث في حالة جيدة.
وجود غطاء نباتي كثيف في الصحراء بصفة عامة، ويؤكد ابن خلدون في بعض
العصور أنهم كانوا يستظلون في ظل الأشجار عند تنقلاتهم من طرابلس إلى
الزيبان، ولعل حرق الكاهنة لتلك المناطق إبان الفتح الإسلامي يشير إلى ذلك.
وما يشهد على العصر الحجري في سوف وجود الصوان المسنون والأدوات المختلفة
الأنواع والأحجام كرؤوس السهام المصنوعة بدقة ومن مختلف العصور. وفي 2000
ق.م أخذت المنطقة الهيئة التي نعرفها بها الآن من حيث المناخ باختفاء بعض
النباتات والحيوانات ماعدا الجمل، الذي بقي يجوب المنطقة طولا وعرضا.
البربر الأمازيع في وادي سوف:
إن ظهور البربر "الأمازيغ" تحدد تاريخيا بنحو 2600 قبل الميلاد، حيث عاشوا
في الشمال الأفريقي والحدود المتاخمة للصحراء، وقد كان يعيش في الجنوب
الشرقي الليبيون الذين تحولوا بمرور الزمن إلى جيتولين، ويضيف إليهم
المؤرخون قبائل الزيفون"Ziphones" والافوراس "Iforaces"وماسوفا "Massoufa"
،إضافة إلى شعب الغرامانت الذي عاش في شمال شرق الصحراء حيث أسس مملكة
"غراما" (غدامس) بداية من الأراضي الطرابلسية. وقد كان لقبيلة زناتة
الانتشار الواسع في جنوب الصحراء المغربية، وهم معروفون بالبداوة والترحال
يعتمدون في عيشهم على سكن الخيام واتخاذ الإبل، وقد شيد الزناتيون في سوف
عدة مساكن منها الجردانية والبليدة وتكسبت القديمة، وبعد رحيلهم في بداية
القرن 15م بقيت بعض آثارهم ومنها التسميات مثل تغزوت، ودريميني وبعض أسماء
التمور مثل تكرمست، تفازوين، تافرزايت وغيرهم.
الفينيقيون والقرطاجيون في وادي سوف:
ينتسب الفنيقيون إلى موطنهم الأصلي فينيقيا ببلاد الشام، وكانوا أمة تمارس
التجارة البحرية ووصلوا في ذلك إلى البحر الأبيض المتوسط، فانتشروا في
شمال إفريقيا، وأسسوا به نحو 300 مركز تجاري و200 مدينة. وكانت تربط
القرطاجيين علاقات تجارية برية مع بلاد السودان، وكان الطريق يمر بالعرق
الشرقي الكبير في الناحية الشرقية من سوف، فكانت القوافل تنقل السلع
الأفريقية مثل العاج والزمرد والذهب وريش النعام والعبيد، وكانت هذه
القوافل خاضعة لمراقبة قبائل الغرامانت، فيقتطعون منها الضرائب، واتخذ
التجار لأنفسهم وكلاء في غدامس، وهذا ما جعلهم يتعاملون مع سوف واستقر
بعضهم في أرضها، فسكنوا الجردانية في الشمال الشرقي لسوف، وفي البليدة
القديمة قرب سيف المنادي في الجهة الشمالية لسوف على مسافة يومين، وطالت
إقامتهم في المنطقة وهم يمارسون الرعي والتجارة.
الاحتلال الروماني:
جاء في الصروف: "أتى الرومان إلى هذه الأرض(أرض الوادي) منذ دهر طويل لا
نعلم أوله، وقاتلوا من فيها وأخرجوهم منها، فتفرقوا في إفريقيا وسكنوا
الجردانية والبليدة، وجددوا ما تهدم منها وتعمقوا في أراضيها". وقد عثر
على آثارهم في عدة مناطق مثل قمار والرقيبة وغرد الوصيف، كما توجد تحت
كثبان الرمال في عميش (الواقعة على بعد 20 كلم جنوب شرق المنطقة) مكان
يدعى زملة سندروس "ZemletSendrous" (نسبة إلى شجيرات السندروس وموطنها
الأصلي شمال أفريقيا) التي يوجد بها آثار الرومان، كما أن بئر رومان
(الواقع على بعد 180 كلم جنوب شرق سوف) بني من الحجارة المنحوتة، ومن
تسميته يعتقد أنه حفره الرومان لتأمين قوافلهم في طريقها إلى غدامس. ومن
أهم الدلائل المادية التي تبرهن على التواجد الروماني بسوف، القطع النقدية
التي عثر عليها، احداها بها صورة الامبراطور قسطنطين، وهي تثبت خضوع
المنطقة لهم في القرن الرابع، وعثر على كثير من القطع في غرد الوصيف (جنوب
غرب الوادي 40 كلم)، كما عثر في قمار على قطع تعود إلى عهد ماسنيسا، وإلى
عهد الجمهورية الرومانية (نايرون) وأخرى للعهد النوميدي، يوغرطا ويوبا
الثاني وهذا ما يدل على استقرار هذه الشعوب في منطقة وادي سوف.
الاحتلال الوندالي:
الوندال شعب ينحدر من السلالة الصقلية السلافبة، سكنوا جرمانيا ثم استقروا
باسبانيا سنة 409م، ونزلوا بالشمال الأفريقي واحتلوا قرطاجنة سنة 439م
بقيادة ملكهم " جنسريق "، فقتلوا كثيرا من الرومان، وهدموا الصوامع
والكنائس وأجلوا أصحابها من الرهبان إلى جهة الجنوب. واستقر بعضهم في أرض
سوف، في منطقة سحبان الواقعة جنوب غرب الوادي بحوالي 26 كلم وفي جلهمة بين
قمار وتغزوت. كانت سياسة " جنسريق " مع البربر قائمة على ارضائهم والتحكم
فيهم بشتى الطرق، ولكن بعد وفاته لم يحسن خلفاؤه معاملة البربر، فأعلنوا
الثورة عليهم. يقول المؤرخون أنه لا يستبعد مشاركة اللاجئين بالصحراء في
هذه الثورات كرد فعل وانتقاما ممن قهرهم وشردهم. والجدير بالذكر أنه وإن
لم يصل الوندال بأنفسهم للمنطقة فإن الفاررين والمطرودين واللاجئين كانت
سوف خير مستقر لهم.
الاحتلال البيزنطي:
بعد إبادة الوندال واحتلال الأمبراطور البيزنطي "جستنيان" للجهات الشرقية
من إفريقيا، أوجب الأمبراطور البيزنطي على السكان الذين كانوا يعتنقون
المذهب الأرثوذكسي(كانت المسيحية سائدة في منطقة سوف في تلك الفترة)
اعتناق المذهب الكاثوليكي. جاء في الصروف: "ومن الروم ذهب جماعة من
الرهبان إلى جهة الجنوب ومنها أرض سوف فنزلوا عند من سبقوهم من الرومان
بجلهمة وسحبان وبنوا أمكنة سواها للعزلة والعبادة والاستيطان"،وقد وجدت
العديد من الأديرة بسحبان وجلهمة التي كانت مقر أسقفية. وقد شهدت منطقة
سوف انتشار القطع النقدية البرونزية البيزنطية، ولم ينقطع أثرها إلا خلال
الحرب العالمية الأولى بسبب تحويلها من طرف الصائغين. ورغم محاولة
البيزنطيين إحكام سيطرتهم على السكان فإن قبائل نوميديا فجرت الثورة، وقد
شارك فرسان سوف في المقاومة الشعبية ضد خط الدفاع البيزنطي الذي كان ممتدا
من قفصة إلى تبسة ولامبيز. وقاد الثورات زعماء من البربر الذين أضعفوا
الحكم البيزنطي فتهاوى بسهولة وسقط لما قدم الفاتحون المسلمون.
الفتح الإسلامي:
وصلت جحافل الفتح الإسلامي إلى إفريقيا في وقت مبكر، حيث وصل عقبة بن نافع
(في ولايته الأولى 46هـ) ففتح غدامس، وتوجه نحو إقليم الجريد ففتحه،
والمسافة بين الجريد وسوف لا تتجاوز 90 كلم آنذاك، وهذا ما يفيد كما قال
صاحب الصروف أن عقبة أو جنوده وصلوا إلى سوف وفتحوا قراها. وفي ولايته
الثانية (63هـ) وصلت قواته إلى بلاد الزاب المحاذية لسوف، ولكنه استشهد في
تاهودة سنة 64هـ (683م). وقد تعرضت المنطقة الصحراوية كغيرها من الجهات
الجنوبية الشرقية إلى الظلم والاضطهاد الذي سلطته الكاهنة على الناس، ولما
ولي حسان بن النعمان الغساني، تصدى لقتال الكاهنة، ولكنه تراجع واستقر في
برقة مدة خمس سنوات بداية من عام 78هـ، وفي تلك المدة خربت الكاهنة البلاد
المجاورة لها ومنها سوف، ظنا منها أن المسلمين قدموا إلى المكان طمعا في
المدائن والذهب والفضة. وأعاد حسان الكرة وحارب الكاهنة وهزم جيوشها ولاحق
فلولها إلى منطقة بئر العاتر وقضى عليها، لكنه في المقابل عقد لولديها على
12ألفا من البربر الذين أسلموا وبعث بهم إلى المغرب يجاهدون في سبيل الله
وكان ذلك عام 84هـ(703م). وبذلك استحق حسان بن النعمان أن يلقب بالفاتح
الحقيقي وناشر الإسلام في تلك الربوع. وكانت سوف يومئذ عامرة بالبربر
الذين يعيشون حياة البدو الرحل، وكان العرب من بقايا الفاتحين الأوائل أو
المهاجرين من المشرق يمرون بسوف ويستقرون لبعض الوقت، فيحدث التأثر بين
الطرفين في الأخلاق والمعاملات. وقد مرت وادي سوف بمراحل متنوعة عاشت فيها
تحت ظل الدويلات الإسلامية نذكر منها:
الدولة الرستمية:
وهي أول دولة قامت للمسلمين بالمغرب الأوسط بعد حركة الفتح الإسلامي
(160هـ - 776 م)، وقد امتد نفوذها إلى جنوب بلاد الجريد، وكانت سوف ضمن
نفوذها، وتأثرت بسياستها، حيث بدأ انتشار المذهب الاباضي بصفة محدودة، وقد
تزامن ذلك مع وجود دولة الأغالبة التي كانت تحيط بها الدولة الرستمية من
جميع الجهات.
الدولة الأغلبية:
وقد تأسست عام 184هـ (800م)، وكانت رقعتها لا تتجاوز في الربع الأول من
القرن 3هـ الشمال التونسي وجزء صغير من الشمال الشرقي الجزائري. وقد نجح
الأغالبة في تحطيم الحصار المضروب عليهم وذلك باحتلال المضيق الذي يربط
تيهرت بطرابلس، ويمثل منطقة قفصة وبلاد الجريد، وفي عهد هذه الدولة أصاب
البربر في سوف ضرر من سلطتها، ففر بعض الروم المسيحيين وأصحاب المذاهب
الإسلامية المخالفة للأغالبة إلى الصحراء القبلية، وخاصة أتباع المذهب
الشيعي.
الدولة الفاطمية:
أسسها عبيد الله المهدي سنة 297هـ (910م) بعد قضائها على الدولة الرستمية
والأغلبية، ودانت لها بلاد المغرب كلية، ووقع اختيارهم على قبيلة صنهاجة
لتكفيهم أمر زناتة، ولما أحس الخليفة الفاطمي في مصر بعصيان صنهاجة
وتمردها على الخلافة الفاطمية، أرسل إليهم الأعراب من بني هلال وسليم.
وكانت الصحراء المحاذية لسوف أحد المنافذ التي عبرت منها الحملات
الهلالية، ودامت حركة الهجرة الهلالية نحو نصف قرن. وخلال تلك الفترة
انتشرت القبائل العربية المهاجرة بمنطقة سوف. كما هاجر إليها كثير من
قبائل زناتة وأقروا القرى، ومنها تكسبت القديمة.
الدولة الموحدية:
قامت هذه الدولة سنة 524هـ (1130م)، وكانت سوف في الحدود الجنوبية لهذه
الدولة، فكثر عدد الوافدين على سوف من قسطيلية(الجريد)، والزاب، وورقلة
ووادي ريغ بداية من سنة 530هـ(1136م). وفي سنة 600هـ(1204م) بدأ الانحطاط
يدب في كيان الدولة الموحدية، فهاجرت قبيلة "بني عدوان" العربية واستقرت
في الجردانية بعد إخراج بربر زناتة منها. وبعد تفكك الدولة الموحدية إلى
ثلاث إمارات متنازعة وهي دولة بني حفص شرقا، وبني مرين غربا، وبني زيان
بالمغرب الأوسط، ونتيجة للقلاقل، نشطت حركة الهجرة وأخذت القبائل تتوافد
على سوف آتية من تونس ومنها قبيلة "طرود" التي لعبت دورا في الصراع بين
الأمراء المتنازعين على الحكم، إلى أن سقطت على يد الأتراك سنة 981هـ
(1574م).
كتبها الرابطة السوفية، في 8 سبتمبر 2009
الزراعة في وادي سوف
النخيل:
تتميّز زراعة النخيل في المجتمع السوفي عن باقي المناطق الصحراوية بخصائص
فريدة من نوعها، وخاصة دقلة نور التي كان لها الأهمية البالغة، وتحتل
المرتبة الأولى من حيث النوعية بين نخيل الجزائر بأسرها، كما كانت من أهم
الموارد الاقتصادية لسكان المنطقة منذ القديم. ويمكن تحقيق عملية زرع
النخيل بالمراحل التالية :
عملية انجاز الغوط أو الهود:
وهو حفر حوض ذو امتدادات واسعة تبلغ مئات من الأمتار طولا وعرضا، وتصل
أعماقه إلى 16م، ولا يستطيع الفرد السوفي حفرها إلاّ عند تحليه بكثير من
الصبر واستخدام الذكاء والفطنة رغم قلة الوسائل وبساطتها، مع اختيار
المكان المناسب من استواء الأرض وقربها من الماء.
رفع الرملة:
وهي العملية الأساسية عند الشروع في إنجاز غوط جديد أو أثناء توسيع غوط
قديم، ويستمر المالك للغوط في هذه العملية بنفسه أو استئجار عمال يُسمّون
"الرّمّآلة"، ويستعملون في عملهم القفة والزنبيل والعبانة والمكرة.
غراسة الغوط:
عند الانتهاء من حفر الغوط، يُشرع في غرس"الحشّان" (وهي غرسة فتية يتراوح
عمرها ما بين 3 إلى 6 سنوات) على مستوى يبعد عن الماء بحوالي مترين
تقريبا، وبعد أيام من انتهاء العمل والإعداد والسقي تمتد جذور الحشانة في
الماء عشرات السنتيمترات وحينئذ تستقر، ويتركها الفلاح تحت رعاية الله إذ
تشرب النخلة دون أن يبذل أي عناء في سقيها.
والجدير بالذكر أن زراعة النخيل كانت في ازدياد مستمر عبر السنين، فقد بلغ
العدد 60 ألف نخلة عام 1860م، وارتفع العدد إلى 154 ألف نخلة عام 1883م،
ووصل إلى 160 ألف نخلة عام 1887م، وبلغ آخر القرن التاسع عشر إلى أزيد من
202 ألف نخلة عام 1900م ووصل سنة 1960م إلى حوالي 450 نخلة. ولكن يلاحظ
نقص في سنة 1982 حيث بلغ عدد النخيل إلى 151 ألف نخلة فقط.
خدمات رعاية الغواطين بوادي سوف:
يتطلب النخيل المغروس أعمالا ضخمة ويومية لا تنقطع في أي وقت من السنة، وتتمثل هذه الخدمات في:
مكافحة الرمال:
وهي المعركة المستمرة بين الطبيعة والفلاح السوفي، وتقتضي الحكمة متابعة
الرياح واتجاهاتها لتساعد الفلاح على حمل الرمال عوض دفن الغوط، وما
يستخدمه في ذلك المضمار هو "الزرب"(ص)(وهو سور أو حاجز من جريد النخيل) أو
الحواجز الحجرية.
علف النخيل:
وتسمى هذه العملية "العلْفان" وهي تزويد النخلة بالأسمدة اللازمة، والمواد
العضوية الضرورية، وتبدأ العملية ب"العزق" وهو تهيئة الأرض لجعلها ميسرة
لسيران الجذور بسهولة وراحة، ويستعمل في هذه العملية الأدوات الحديدية مثل
العتلة والجهارة والمجرفة والمسحاة. وتتم عملية العلفان على ثلاث مراحل
وتستمر سنوات عديدة.
تلقيح النخيل:
وهي عملية تلقيح ويستطيع الفلاح أن يقوم اليوم الواحد بتلقيح ما بين 30
إلى 40 نخلة أي ما يقارب 130 إلى 140 عرجون. والجدير بالذكر أن ثمار
النخيل تمر بعدة مراحل عند نضجها وهي البْزير ثم البلح ثم البسر وأخيرا
يتحول إلى تمر ناضج.
جني التمور:
ويبدأ هذا الموسم عند السوافة في منتصف شهر سبتمبر عند نضوج التمر، فتُعلن
حالة الاستنفار القصوى في كل البيوت، ويكون شهر أكتوبر بأكمله شهر عمل
وجد، تُقطع فيه العراجين بعد تسلق الشجرة، وتنزل بواسطة حبل حتى لا يصيبها
الضرر، ثم تُأخذ إلى البيوت فيُخزن التمر المعد للاستهلاك الذاتي، بينما
يوضع المعد للبيع في أكياس خاصة.
أنواع التمور:
تشتهر مدينة الوادي بالتمور الجيّدة وخاصة دقلة نور التي تعتبر مصدرا هاما
للعملة الصعبة في البلاد، وهو محبوب في جميع أنحاء العالم، ويأتي تمر
الغرس في الدرجة الثانية والذي يدخل في صناعة الحلوى. وما زال التمر إلى
اليوم من أفضل المأكولات عند الفرد السوفي لاحتوائه على 48 مادة غذائية
ومعدنية ودوائية، فيحتوي على مادة قابضة للرحم تساعد على الولادة وتساعد
أيضا على منع النزيف بعد الولادة وهذه المادة تشبه مادة الأكسيتوسين
(OXYTOCINE)، ويمكن إنتاج الكثير من الأدوية والمواد الكيماوية من التمور
كالبنسلين والأرومايسين والعديد من المضادات الحيوية وفيتامين B12 وحامض
الستريك الصناعي وحامض التارتريك وبعض الهرمونات، كما يحتوي التمر على
حوالي 13 مادة معدنية، و6 أنواع من الفيتامينات، وحوالي 13 حمض فعال، و5
أنواع من السكاكر فضلا عن البروتينات والدهون، كما يعتبر التمر مصدرا
أساسيا لدواء جديد يدعى (ديوستوانس) لمعالجة الروماتيزم وأمراض العيون،
وكل هذه المواد تتوفر في كل أنواعه التي نذكر منها : دقلة نور، الغرس،
فطيمي، دقلة بيضاء، تكرمست، حمراية، علي وراشت، تفرزايت، تاشرويت، تمرزيت،
مسوحي، بوفقوس، تاوراخت، أضفار القط، تانسليط، صفراية، عمارية، تنسين،
تافزوين، طانطابوشت، ورشتي، قطارة، الغدامسية، قصبي، اصباع عروس، فزاني،
كبول فطيمي، ليتيّم، كسباية، تاسلويت، الشواكة، عبدالعزاز، الجايحة،
اعلياء، الهتيلة، العجرونة، صبري، لولو، أم الفطوشة، الكركوبية،
البلوطية، المفتولة...
[IMG]
[/IMG]
التبغ:
بدأت زراعة التبغ في وادي سوف في القرن التاسع عشر في منطقة قمار، إذ كان
لهم دور في جلب بذوره من فرنسا، وقد تطورت زراعته وصار إنتاجه يُصدّر نحو
شمال الجزائر. وقد تركزت زراعته عموما في المنطقة الشمالية لسوف وذلك لأن
هذا النوع من الزرع لا يحتاج إلى أرض غنية بقدر ما يحتاج إلى أرض ذات سطح
قريب من الماء.
ويُزرع التبغ في مناطق تسمى "الرابعة" أو الغابة، وتمر زراعته بعدة مراحل
أولها شتل البذور في أحواض مستطيلة الشكل وعندما تصبح مهيأة للغرس تُنقل
إلى "الميزاب" المُعد للغرس، وعندما تصبح أوراقه صفراء قوية يبدأ حصاده في
أوائل جويلية، وبعد الحصاد يُجفف في الظل وفوق الأرض، ثم يوضع في الشمس
لمدة أسبوع، وحينئذ يكون في متناول الصناعة والتجارة.
الزراعة المعاشية:
كان الفلاح السوفي يهتم بزراعة النخيل بالدرجة الأولى وبصفة أساسية، ولكن
يضيف إليها بعض المنتوجات الفلاحية التي يخصّصها للاستهلاك العائلي أو
بيعها في الأسواق المحلية، وهي زراعة ثانوية ذات مردود ضعيف من الناحية
الاقتصادية، ولكنها هامة لغذائه اليومي. ولأن الظروف المناخية كانت شديدة
القساوة بسبب الجفاف والرياح الرملية وندرة الأمطار، فقد كانت هذه الزراعة
تتطلب مجهودات كبيرة وسقي يومي ورعاية مستمرة، ومع ذلك تمكّن الفلاح من
تخطي هذه الصعوبات. وقد وفّر كل الظروف المناسبة لزراعتها في الغواطين قرب
النخيل في مكان يُدعى "الحرث" أو " الفلاحة" أو " الجنان" ويحاط بزرب من
الجريد ولابد أن تتوفر عدة متطلبات لخدمة هذه الزراعة كالبئر والخُطّارة
والماجن، والسواقي، والميزاب، وتتم الزراعة المعاشية في مختلف فصول السنة.
ففي الشتاء ينتج الخردل والسنارية (الجزر) واللفت والبليدة والبصل. في فصل
الربيع ينمو الخردل المؤخر والدنجال والفول والكابو.. في فصل الصيف تنمو
الخضر مثل الطماطم والكابو والقرعة والكْرُمْ والمعدنوس والبرطلاق والفقوس
والبطيخ والدلاع والفلفل. في فصل الخريف فينشغل الفلاح بقطع التمر، ولكن
ذلك لا يمنعه من زرع بعض الخضروات من منتصف شهر سبتمبر إلى منتصف نوفمبر.
وقد عرف الإنتاج الفلاحي اليوم تطورا ملحوظا بفضل السياسة القائمة على
برامج التنمية الفلاحية والاستصلاح الزراعي وذلك ما ساعد على ظهور منتجات
أخرى كالكوكاو والحبوب والزيتون والبطاطا التي اشتهرت ولاية الوادي في
السنوات الأخيرة بإنتاجها، والذي يتميز بوفرته وجودته.
ملاحظة: هذه إحصائيات سنة 2000.
وجه الأرض. أخبرني أهل البلد أنهم إذا أرادوا غرس النخل بحثوا في الأرض
عليها الرمل فلا تحتاج إلى السقي أبدا... وكثيرا ما يقتنون الكلاب
للصيد... وجل معيشتهم منه (أي الصيد)ومن التمر، وتمرهم من أطيب ثمار تلك
البلاد." رحلة العياشي المعروفة باسم "ماء الموائد".
الهارب" الشيخ محمد بن محمد بن عمر العدواني السوفي في تاريخه. قال
الرحالة ابن الدين الأغواطي في رحلته سنة 1826 م: "... ولا يخضع سكان وادي
سوف إلى حاكم... وهم يتكلمون العربية، وأهل سوف يتمتعون باستقلال كامل،
والألبان... فتضرر أصحاب المواشي والمزارع ضررا فادحا، ولكن أهل سوف كانوا
أصحاب تمر لم يقع لهم ضرر كبير... وانهالت النمامشة عندئذ على أرض سوف
ص 251.
... وهاكم ما انتجته "صحراؤنا" الموات في زعمكهم من فحول الرجال: هذا
معامير - التقويم الهجري ص 345 - 346.
قال الشيخ حمزة بوكوشة في رحلته عن مدينة الوادي سنة 1932: "... ومنها
التونسية 1932.
الاجتماعي... ومن عاداتهم في المواسم والأعياد أنهم يوزعون الطعام على
بعضهم، ليذوق كل منهم من عشاء الآخر... ويا لها من عادات وتقاليد عربية
إسلامية رائعة حقا، ليت الأجيال حافظت ولو على بعضها. وهذا وأن العادات
المرصوف في تاريخ سوف ص 90-91.