النيازك المسروقة

ينحرفون
بسيارات الدفع الرباعي إلى الصحاري المفتوحة الممتدة آفاقها أمامهم دون
حدود، ذوو بشرة بيضاء قدموا من أصقاع الدنيا، يبحثون عن الهدوء والسكينة
والرمال والشواطئ الفيروزية الهادئة، يحملون مناظير لمشاهدة الأشياء عن
بعد، يتوغلون في المناطق الرملية والأراضي المنبسطة، متزودين بالمؤن ووسائل
النقل تحت مسمى المغامرين الباحثين عن الإثارة المستكشفين للمواقع
المتميزة التي لم يطأها إنسان قبلهم، الحالمين بذكريات غير مسبوقة العاشقين
للترحال من بلد إلى آخر، وأهلا إذا كانت عمان بالذات، فما يدفعونه من
تكاليف لرحلتهم فيها أو قل لرحلاتهم المتكررة إليها يستردونه أضعافا مضاعفة
في جيوبهم، إنهم الباحثون عن أحجار النيازك التي بدأت رائحتها تفوح منذ
أشهر فقط، ونحن نحسبهم - وان لم يكن كلهم - بأنهم قادمون للتمتع بإجازاتهم
السياحية في بلادنا حتى انكشف المستور ليفتح أمر السارقين لأحجار النيازك
التي تزخر بها السلطنة.
لم يكن يدور بخلد أي منا أنهم ينهبون ثروات هذا
الوطن ويقدمون على فعلة كهذه، وكل ما نسألهم من باب الفضول عن أسباب
الزيارة يقولون لنا أنها بلد هادئ بها مقومات غير عادية ! فعلا مقومات غير
طبيعية طالما أنهم سوف يستفيدون منها بمبلغ 100 ألف دولار تعادل 38 ألف
ريال، خلال كم سنة فقط ومن بضع زيارات عوائد بيع مجموعة من أحجار
«الكوندراج» التي أخذت من الصحاري العمانية الواسعة، ومن بينها 3 عينات من
صخور القمر انشطرت عن النيزك باسم ظفار (1180).
ولم نجد حلا رادعا لمثل
هذه التصرفات، فمثلا حكمت محكمة أدم الابتدائية مؤخرا التي وقع الحادث في
نطاقها والذي يعد الأول من نوعه في السلطنة في 6-2-2011م «بإدانة المتهمين
بتصدير ممتلكات ثـقافية منـقولة بدون تصريح، وقضت بمعاقبتهما عنها بسجنهما
ستة أشهر وتغريم كل واحد منهما مائة ريال عماني توقـف نصف العقوبة الحبيسة
بحقهما، مع مصادرة جميع ما ضبط بحوزتهما، وطردهما من البلاد مؤبدا بعد
انتهاء محوكميتهما على نفقتهما وبوسائلهما الخاصة».
وصنفت القضية على أنها قضية تعد على صخور النيازك القمرية باستخراجها من أراضي السلطنة، دون الحصول على ترخيص مسبق من الجهة المختصة.
السؤال
هنا هل تتناسب هذه العقوبة مع القيمة العلمية والمادية العالية «جدا جدا»
التي قال عنها الخبير المختص في المعادن، وهل تساوي الجرم الذي ارتكبه
المتهمان عن سبق وترصد وتعمد، وما هي جنسيتهما، وهل يساوي الـ600 حجر ذات
القيمة أو قل لا قيمة مالية تعادل أهميتها، وهل المتهم الثاني تعهد
بإعادتها، والتي جمعها خلال رحلاته التي بدأت للسلطنة منذ 2006م، فإذا كان
المتهم الأول الذي جمع من 20 إلى 40 حجرا استطاع بيعها بمبلغ 100 ألف دولار
«38 ألف ريال تقريبا، فقيمة الـ600 حجر غير المباعة مع المتهم الثاني
تساوي 3 ملايين دولار ،تعادل مليون ومائة الف ريال تقريبا، على اعتبار أن
كل 20 حجرا تساوي 100 ألف دولار في السوق العالمي.
لماذا يأتي حكم كهذا
وعلى هذا القدر من التواضع وهل هناك تشريعات ومرجعيات قضائية لسرقة
النيازك، والتي يمكن أن تستفيد منها جامعات السلطنة ومتاحفها لأن الله
وهبها مثل هذه الكنوز الثقافية على حد التوصيف والذي ابدي ملاحظة على
تسميته، وما خفي نقصد ما سرق ومر بسلام كان أعظم.
علينا أن نكون أكثر
حرصا على ثروات هذا الوطن فمن المؤكد أن هناك الكثير من الكنوز الطبيعية
التي لا نعرف قيمتها إلى الآن، رغم مشاهداتنا لها دائما، قد لا نعرف إن
كانت لها قيمة عالية في الأسواق الدولية، فالعديد من المعادن الثمينة التي
تختلط مع هذه الرمال والصخور والجبال ربما يمكن سرقتها أيضا، كنا من قبل
نعتقد أنهم سياح أجانب جاءوا للاستمتاع بطبيعة عمان، فلا يخدعك كل زائر
غربي على أنه سائح، قد يكون سارقا للأحجار الثمينة