دور المدرسة الحقيقية
إن
المجتمع بحاجة ماسة إلى قادة وساسة في السياسة والفنون والآداب والعلوم
لمواكبة ومسايرة عصر التقدم والتكنولوجيا، عصر الكمبيوتر وفضاء الانترنيت،
والمدرسة هي التي تكشف هؤلاء القادة والساسة وتشجعهم وتعدهم حتى يتبؤوا
مكانتهم المناسبة في المجتمع.
إن الحديث عن المدرسة لا يمكن فصله عن
الحديث عن المجتمع، فلا يمكن فصل هذا عن ذاك، فالمجتمع يتكون من مجموعة من
الأفراد لهم عادات وتقاليد ونظم مشتركة.
والمدرسة تتلقى أبناء هذا
المجتمع وتهيئهم لأن يحتلوا مكانهم في المجتمع كأعضاء ومواطنين صالحين لأن
يعيشوا فيه مع غيرهم. ولهذا تنظر التربية الحديثة إلى المدرسة باعتبارها
مجتمعا صغيرا شبيها بالمجتمع الكبير الذي تقوم فيه.
ويقول جون ديوي في
هذا: إن الفشل الكبير في التربية اليوم يرجع إلى إهمال مبدأ أساسي هام أن
المدرسة ما هي إلا مجتمع صغير، وأن الطفل يجب أن ينشط ويوجه في عمله
وتفكيره عن طريق حياته في هذا المجتمع.
وقد أخذت المدرسة على عاتقها
ومسؤوليتها تكوين هذا الوطن الذي يريده المجتمع، والأسرة تساهم في تكوين
المواطن باعتبارها اللبنة الأولى التي يعيش فيها الطفل والتي تحيطه
بالعناية والرعاية والحفظ طيلة نموه. ولكن الأسرة قد اعترفت بعجزها عن
القيام بوظيفة التكوين والإعداد لوحدها. ونظرت إلى المدرسة باعتبارها
البيئة المتخصصة في عملية التربية والتعليم.
وعلى هذا فالمدرسة تقوم
بإعداد الطفل وتنمية قواه ومواهبه إعدادا فرديا. وتتيح له الفرص للنمو
الكامل والتحسن الجيد كما يجب أن تراعي المدرسة تغيرات المجتمع والتطورات
التي صاحبت تطور التكنولوجيا الحديثة بظهور وسائل علمية متطورة تتطلب منا
المزيد من التقدم في العلم والتطور في الفكر. و إلا فإنها تصطدم مع الواقع
ولا يمكن حينها التوافق بينهما، فتكون قد قصرت في وظيفتها، إذ ليس من
المعقول أن تكون خبرات وتجارب المتعلم ومعارفه وأخلاقه ومبادئه تمثل عصرا
مضى وانقضى، فمثل هذا المتعلم حينما يخرج للحياة العملية يشعر بالنقص وعدم
القدرة على تكييف سلوكه وتفكيره مع العالم الذي يعيش فيه.
والواجب على
المجتمع أن يقدر مثل هذه الرسالة فيصلح من المدرسة باعتبارها بيئة التلميذ
الأساسية إصلاحا من حيث البناء والترميم والتجهيزات والمنهج والطريقة
والوسائل والمدرس وغيره من القائمين بالعمل فيها.
فإصلاح المجتمع يتوقف
إذا على إصلاح المدرس والمدرسة أولا فإذا أولينا العناية والاهتمام بهما،
فإن الإنتاج يكون وافرا وهذا ما يزيد من تطور البلاد وازدهارها ونموها إلى
الرقي ومسايرة موكب الحضارة المتطورة.
وكما قال الشاعر:
بالعلم يبني الناس ملكهم *** لم يبنى ملك بالجهل وإقلال
وخلاصة
الكلام أن، العلاقة بين المدرسة والمجتمع ينبغي أن تكون علاقة وطيدة
ومتكاملة، تقوم على مبدأ وأساس واحد هو إعداد جيلا صالحا يخدم وطنه، ويتطلع
إلى ما هو أحسن وأصلح.
بالتوفيق