البيئة في خطر‎

البيئة في خطر



الاثنين 10/3/2008
في
كل نقاش بيئي يحتل موضوع تلوث الهواء مكانة هامة و كبيرة و المعلوم أن
عوادم الصناعة و دخان الآلات و المركبات و الحافلات و غيرها أدى إلى نشوء

طبقة
في منتصف الغلاف الجوي للأرض و هذه الطبقة تلف الأرض و تغلفها و تمنع
الحرارة المنبعثة من الأرض من التبدد في الهواء فتتراكم الحرارة تحتها ، و
يطلق على تلك الظاهرة «أثر الدفيئة» أو «الاحتباس الحراري» و أسماء كثيرة
غيرها إشارة إلى الارتفاع المتواصل في حرارة الأرض بفعل أسباب التلوث
المذكورة آنفاً و الهواء الملوث و خصوصاً غاز ثاني أوكسيد الكربون و أول
أوكسيد النيتروجين و مع ارتفاع حرارة الأرض أخذت ثلوج القطبين في الذوبان
بتسارع كبير ، مما أدى إلى ارتفاع مستوى المياه في المحيطات و البحار ، و
الأمر يهدد بإغراق بلدان بأكملها مثل بنغلادش و هولندا و أقسام من دلتا
النيل و سواها و أدى ارتفاع حرارة البحار إلى تهديد تجمعات الشعب
المرجانية و تآكلها مما أضر بالتوازن البيئي بحرياً و أسهم تفاعل الكربون
و النيتروجين في توليد ظاهرة «الأمطار الحمضية» التي لعبت دوراً في تقليص
الغابات الصنوبرية في شمال القارة الأوروبية و كذلك تصحرت مساحات واسعة من
الغابات الاستوائية في افريقيا و أمريكا اللاتينية خصوصاً غابات الأمازون
التي تسمى رئة العالم و مع ارتفاع درجة حرارة الأرض اختفت الثلوج من قمم
جبال كثيرة مثل جبل (كلمانجارو) الموجود في قارة افريقيا و هذا حصل للمرة
الاولى منذ عشرات آلاف السنوات ، و هذا إن دل على شيءانما يدل عن عمق
التغيير السريع في البيئة خصوصاً خلال القرن الماضي و تعاونت هذه الأمور
جميعها في زيادة انتشار الأوبئة مثل الملاريا إضافة إلى انقراض أنواع
كثيرة من الكائنات التي اختلت بيئتها بسرعة تفوق قدرتها على التأقلم ، و
من أبرز الأنواع المنقرضة (الدببة القطبية،و النمور الآسيوية البيضاء ، و
الدلافين الرمادية و غيرها) و بالاختصارفإن كل الحلقات القاسية للاضطراب
البيئي تمسكها حلقة مركزية : هي تلوث الهواء و ظهر ذلك واضحاً في ميثاق
(كيوتو)الذي وافقت عليه معظم دول العالم الصناعي في أواخر القرن الماضي .
مهمة مستحيلة مع وصول الرئيس جورج دبليو بوش إلى الرئاسة الأمريكية في عام
2000 تلقت جهود الحد من تلوث الهواء في الأرض ضربة هائلة فقد ألغى بوش
موافقة سلفه الديمقراطي بيل كلينتون على ميثاق (كيوتو) و الأمر الذي يزيد
من عمق الضربة أن الولايات المتحدة الامريكية هي الملوث الأول لهواء الأرض
، حيث ينبعث من مصانعها و سياراتها و مركباتها ربع الحجم العالمي لغازات
الاحتباس الحراري . و في المقابل فإن الصورة العامة لبيئة الأرض باتت أكثر
سوداوية و قتامة و يعتقد الخبراء أن الإنسان أفرط في استهلاك موارد الكرة
الأرضية إضافة إلى تلويث هوائها مما جعل انقاذها مهمة مستحيلة ، فهل بتنا
عاجزين عملياً عن إنقاذ كوكبنا حتى لو أردنا ذلك ؟ و هناك دراسات عديدة
تظهر أن ارتفاع حرارة الأرض بتأثر الغازات الدفيئة لا يمثل سوى جزء بسيط
من الصورة العامة إذ أن الحد من انبعاث تلك الغازات لا يوقف على المدى
الطويل التغيرات المذكورة آنفاً و ربما يتطلب الأمر خفض انبعاث تلك
الغازات الدفيئة إلى ما دون مستواها الراهن ، إذ أن تأثيرات المعدلات
العالية للغازات الدفيئة ستستمر و ستشهد ارتفاعاً في الحرارة بمعدل نصف
درجة مئوية و ارتفاعاً بنسبة 2ر3% لمستوى المحيطات مع نهاية هذا القرن ،
أما التوقعات حتى العام 2400 فتشير إلى تسجيل ارتفاع حراري بين درجتين إلى
ست درجات في مستوى البحار و يبدو أن خفض غازات التلوث شبه مستحيل ، فمن
جهة دول كثيرة تماطل في الالتزام بميثاق (كيوتو) الذي يمثل جهداً متواضعاً
في الأصل بعد نقض الولايات المتحدة الامريكية تعهداتها في شأن البيئة و من
جهة أخرى يتصاعد الطلب في شكل لم تشهده الانسانية من قبل على الوقود
النفطي الذي يؤدي احتراقه إلى انبعاث تلك الغازات و تشهد الأسعار الراهنة
للنفط زيادة غير مسبوقة تاريخياً .