شهر المسلسلات أم شهر العبادات ؟!
لا
نعرف حقاً كيف تحول شهر رمضان الكريم من شهر للطاعة والغفران إلى شهر
لارتكاب الأثام والعصيان ؟! فما أن يطل هذا الشهر المبارك حتى تبدأ
القنوات الفضائية بالتسابق في بث فقراتها ( الشيطانية ) بمناسبة حلول شهر
رمضان !! حيث نلاحظ إن برامج الفوازير تضجّ بالرقص والغناء لا تبث في
الأشهر العادية من السنة بل إنها تُخزن إلى وقت مجيء شهر الله لتُبث فيه !
سبحان الله !! كيف انقلبت الموازين هكذا ؟ وكيف أصبح
الصائمون يفطرون على أنغام الموسيقى الصاخبة بدل أصوات الدعاء المباركة ؟
وكيف صاروا يسهرون ليالي رمضان بمتابعة المسلسل تلو الأخر بدلاً من قضاء
تلك الليالي بالاستغفار وقراءة القران ؟
أهكذا
صرنا نميّز شهر رمضان عن بقية الشهور .. أين البرنامج العبادي الذي يجب أن
نضعهُ لأنفسنا في هكذا شهر ؟ وأين الخشوع والتوسل الذي يكون في أعلى
درجاته بين العبد والرب في هذا الشهر العظيم ... أين كل هذا ونحن نجد إن
أحدنا صار ينتظر شهر رمضان على أحر من الجمر لأن فيه تُعرض أحدث المسلسلات
العربية !!
إن
العين لتبكي دماً بدل الدمع وإن القلب ليتفطر ألماً عندما نرى إن الأمور
قد آلت إلى ما هي عليه الآن من استخفاف بالأحكام الإلهية وتهاون في أمور
الله ونواهيه بهذا الشكل الرهيب !
شهر
رمضان أيها الأحبة فرصة لا تتكرر إلاّ مرة واحدة في السنة ... فلماذا
نضيّع هذه الفرصة ونفوتها علينا بسبب هوى النفس فبدلاً من أن نتفانى في
عبادة الله في هذا الشهر بالذات نجد أنفسنا قد انغمسنا في عبادة النفس
والشيطان .
وقد يعترض علينا البعض بأنه ما الخطأ في متابعة المسلسلات أو الفوازير ؟
فنجيب
بأن المسلسل إذا كان مسلسلاً دينياً او اجتماعياً هادفاً ولن تضر مشاهدتنا
له في صيامنا وعباداتنا كأن يكون مسلسل واحد في اليوم فلا بأس فيه ولكن !!
الكلام مع المسلسلات والبرامج التي تعرض الوان وانواع من التبرج والفسوق ؟
هل يرضى لنا الله ان نلوث انفسنا بها في هذا الشهر الفضيل الذي اراد به
الله تعالى ان تكون انفسنا فيه على اطهر ما تكون ؟
فالمفروض
إن المسلم في شهر رمضان يكون متوجّه بكل قلبه وحواسه إلى الخالق جل وعلا ،
فالصيام ليس فقط إمتناع عن الأكل والشرب بل إنهُ يشمل الامتناع عن تعاطي
الشهوات وملأ الأهواء بالوسائل الشيطانية ، وأنت عندما تتوجه بكل حواسك
نحو تلك المسلسلة وما تحويه من أجواء يصفق لها إبليس بيديه ورجليه ...
فأنك تكون قد أفتقد لأهم وأعظم هدف من الصيام وهو توثيق علاقتك بالله
سبحانهُ وتعالى .
وها أنا أذّكر نفسي
وأخوتي القرّاء بالأحاديث العظيمة التي جاءت في فضل هذا الشهر ، فهذا صادق
أهل البيت (عليه السلام) يحثنا على أن نتعامل مع هذه الأيام بكل حذر حتى
لا يفوتنا فضلها وثوابها فيقول (عليه السلام)
إذا صمت فليصم سمعك وبصرك وشعرك وجلدك [وعدد أشياء غير هذا] ثم قال:لا يكون يوم صومك كيوم فطرك )البحار97 .
أما فاطمة الزهراء(عليها السلام ) فتعلمنا إن الصوم هو صيانة لكل الحواس والجوارح وذلك بقولها (عليها السلام)
ما يصنع الصائم بصيامه إذا لم يصن لسانه وسمعه وبصره وجوارحه ؟) البحار 96
ويؤكد
هذا المعنى قول الرسول ( صلى الله عليه واله ) : ( رُبَّ صائم حظّهُ من
صيامه الجوع والعطش ) البحار 96 ،فما أروع هذا الوصف لسيدنا المصطفى حيث
يُبيّن لنا إن الصيام الظاهري الفارغ من أي محتوى روحي هو صيام غير مقبول
ولا تجني منه إلا ألم الجوع وحرارة العطش ! وفي نهاية هذا الحديث لا يسعنا
إلاّ أن نرفع أكفنّا لرب العزة وندعوه أن يوفقنا في أحياء هذه الأيام
والليالي المباركة بما يقربنا منهُ سبحانه ولما يُرضي حبيبهُ المصطفى
وأئمتنا الأطهار لاسيما إمام عصرنا وولي امرنا الحجة بن الحسن (أرواحنا
لتراب مقدمهِ الفداء) .