الاكتظاظ في المدارس

أصبحت
ظاهرة الاكتظاظ في المدارس من المشاكل الرئيسة التي تعيق حركة العجلة
التعليمية، خصوصا بعد تفاقمها في السنوات الأخيرة، ما جعل أولياء التلاميذ
يحسبون الحسابات خوفا من انعكاسها السلبي على المردود العلمي لأبنائهم، حيث
تشهد العديد من ولايات الوطن اكتظاظا كبيرا في الأقسام مع انطلاق موسم
2012-2013.
ورجحت
التقديرات النسبية أن عدد التلاميذ في القسم الواحد وصل إلى 45 تلميذا،
وفي بعض الأقسام إلى 50 تلميذا، هذا الأمر الذي أثار قلق الأولياء الذين
يطالبون بإيجاد حلول سريعة لمواجهة هذه المشكلة بالغة الأهمية، والتي من
شأنها عرقلة التحصيل الدراسي للتلاميذ والتأثير على استيعاب الدروس ومواصلة
مشوارهم التعليمي بشكل طبيعي وكذا عرقلة السير الحسن للعملية الدراسية.

وعرفت
الجزائر تزايدا ملحوظا في عدد التلاميذ لهذه السنة، والذي بلغ ما يقارب 8
ملايين تلميذ في مختلف الأطوار، ما أثار الأزمة بشكل رئيس، فمشكلة الاكتظاظ
طغت على ملامح الموسم الدراسي لهذه السنة، وذلك بسبب التحاق عدد هائل من
التلاميذ من مختلف المؤسسات التربوية وامتلاء أغلب الأقسام في جل المؤسسات
التربوية بمختلف الأطوار، هذا ما أدى إلى تحرك الأطراف في محاولة لإيجاد
حلول وبدائل سريعة تخفف من هذه الأزمة.

الأولياء يدخلون دائرة القلق والخوف

أثار
مشكل الاكتظاظ الذي شهدته أغلب المؤسسات التربوية قلق وخوف الأولياء من
جهة، وتذمرهم وسخطهم على ما آل إليه الوضع التعليمي من جهة أخرى. وفي نفس
الصدد أكد لنا السيد عبد الرزاق الذي التقيناه أمام إحدى المدارس في
العاصمة خلال جولتنا الاستطلاعية، أنه قلق على مستقبل أولاده الدراسي،
خصوصا بعد تفاقم هذا المشكل، معربا في نفس الوقت عن تذمره لعدم وجود حلول
سريعة تخفف من هذه الأزمة. وقال: "أنا محتار ودائما أتساءل كيف يمكن
للأستاذ إلقاء درس على 47 تلميذا كما ينبغي؟! وهل يستطيع التفاعل والشرح مع
هذا العدد الهائل؟! وفي نفس الوقت، كيف للتلاميذ الانسجام مع الأستاذ وفهم
الدروس؟! الموضوع صعب الاستيعاب!". كذلك السيدة مريم قالت لنا: "إن مشكلة
الاكتظاظ تعود بالسلب على التلاميذ، فكلما كان العدد قليلا كان مستوى
التحصيل جيدا؛ لأنه بذلك تكون للأستاذ القدرة على الاهتمام بالتلاميذ أكثر
ومعرفة مدى استيعابهم، وتكون هناك فرصة للشرح والوقوف عند النقاط غير
المفهومة للتلاميذ، وبالتالي تكون هناك عناية دراسية لائقة، والعكس صحيح".
كما أعربت السيدة فضيلة التي التقيناها أمام باب ثانوية في شرق
العاصمة عن تذمرها مما آلت اليه حال المدارس؛ قالت: "يؤسفني تدهور الوضع
التعليمي بسبب الاكتظاظ الكبير التي تعاني منه مدارسنا"، موضحة أن "هذه
المعاناة تنعكس على الأستاذ أيضا، فالأستاذ يجد صعوبة في التلقين نتيجة
تعالي الأصوات لكثرة التلاميذ، وفي نفس الوقت يجد التلاميذ صعوبة في الفهم
والاستماع؛ وبعضهم لا يتكمن من سماع الأستاذ أصلا لبعده عنه وعن الصبورة،
لكن أملي كبير في الدولة، التي تسعى جاهدة لاتخاذ الإجراءات اللازمة
للتخفيف من هذا الوضع في القريب العاجل".

البحث عن سبل للتخفيف من الأزمة

أكد
وزير التربية الوطنية عبد اللطيف جزار بابا احمد بالجزائر العاصمة، أنه تم
التمحيص في الأمر بشكل جيد ووضع حلول مخففة لتجاوز هذه المشكلة، كما أفاد
أنه تم تحضير ملف وتبنّي حلول مخففة لمواجهة هذا المشكل الذي يمس بعض
الولايات، التي تشهد تأخرا في استلام مؤسسات الطور الثانوي. كما أوضح أنه
سيتم تعيين لجنة وطنية مشتركة، مكوَّنة من وزارة التربية والداخلية والسكن
للمراقبة الشهرية لمدى تقدم الأشغال في بناء المنشآت التربوية؛ ضمانا
للسرعة والتسليم في الآجال المحددة.

وقد
أعلن سابقا مسؤولون في قطاع التربية أن هذه السنة ستعرف اكتظاظا في
الأقسام على مستوى 10 ولايات. ويرجع سبب الاكتظاظ إلى التحاق كوكبتين من
التلاميذ بالطور الثانوي والتلاميذ، الذين استكملوا الطور المتوسط للنظامين
القديم والجديد، بالإضافة إلى عدم استلام عدد من المشاريع الخاصة بإنجاز
ثانويات وإكماليات؛ ما رجح ازياد عدد التلاميذ في الأقسام بشكل محسوس، وصل
في بعضها إلى 45 تلميذا في 10 ولايات، هي بسكرة وتيارت والجزائر شرق وجيجل
وعين الدفلة وتبسة.

إلغاء الأقسام التحضيرية في نطاق مواجهة الاكتظاظ

أصدرت
بعض مديريات التربية قرارا بإلغاء الأقسام التحضيرية في محاولة للتخفيف من
مشكل الاكتظاظ؛ ما جعل أولياء الأمور يتخبطون في مشكل التسجيل في الأقسام
القليلة، التي تبقت في بعض المؤسسات التربوية؛ فالفرصة لم تعد سانحة
للجميع، وبات أمر التسجيل صعبا؛ ما دفع ببعض أولياء الأمور إلى تسجيل
أبنائهم في روضات أطفال ومدارس خاصة، التي اقتنصت الظرف، ورفعت من أعداد
استقبالها للتلاميذ، هذا الأمر الذي أتى على خلفية ارتفاع عدد التلاميذ،
خصوصا في الثانويات؛ في محاولة للتخفيف من أزمة الاكتظاظ في ظل ترقب تسليم
منشآت جديدة. وبخصوص المنشآت الواجب إنجازها بالعاصمة أفاد المسؤول الأول
عن القطاع، أن 38 ثانوية في طور الإنجاز زيادة على 40 إكمالية، مسلطا الضوء
على أن مشكل غياب قطع أرضية خاصة للبناء أسهم، بشكل كبير، في عرقلة عدة
مشاريع.