الصحافة الأردنية والعولمة

أبو أصبع صالح :الاتصال والإعلام في المجتمعات المعاصرة

إنّ الإعلام الأردني مطالب بالسعي الدائم لرفع سقوف الحرية الصحفية والإعلامية لكي يتمكن الصحفيون بشكل خاص والإعلاميون بشكل عام من القيام
بواجبهم المهني في النقد البناء الهادف ومواكبة التطورات التي تحدث في
العالم إضافة إلى عدم تعريض الصحفيين لما يضعف دورهم الرقابي، ومدهم
بالمعلومات التي تعزز المصداقية والواقعية للقضايا التي يتطرقون إليها.

ويتوجب
على الصحافة الأردنية أن تنهض بنشر ثقافة حقوق الإنسان في ظل توافر مجموعة
من العوامل التي تؤكد الصلة بين الإنسان والإعلام، وتعمل على تعزيز الوعي بالديمقراطية وإتاحة المجال لضمان حرية التعبير التي هي من مستلزمات النظام الديمقراطي .

وقد
أورد (تقرير التنمية الإنسانية العربية لعام 2003) أن الخطاب الإعلامي
للدول العربية هو تقليدي يتسم بالسلطوية ويشير في الوقت ذاته إلى أن هناك
صراعاً محتدماً بين الاستقلالية في الخطاب الإعلامي للقطاع الخاص والخطاب
الذي ينطلق من القطاع العام.

في
زمن العولمة والتكتلات الكبيرة وامتلاك القدرة حتى لدى بعض الدول النامية
على إطلاق مجموعات الأقمار الصناعية التي تسهم في تطوير العمل الصحفي والبث
التلفزيوني وغير التلفزيوني تبدو التحديات أنّها تتم على مدار الساعة،
وأنّ مواكبة التطور باتت تستلزم طليعة إعلامية لها القدرة على التناغم مع
هذا التطور دون عقد مسبقة ودون الخضوع للنظريات المعلبة ولبعض المناهج
الإعلامية النظرية التي لا تزال محكومة بعقدة الستينيات ولم تتمكن حتى الآن
من الإفلات منها. وما تزال الدراسات الجامعية تنجذب لها.

ليس
ثمة شيء مؤثر مثل وسائل الصحافة والإعلام المتنوعة في عصر العولمة ، سواء
كان ذلك صحيفة أو تلفازاً أو إذاعة أو كتاباً أو بريداً إلكترونياً أو
إنترنت أو فيديو أو فضائية أو كاسيت أو غير ذلك.

لذا،
فإنّ العصر الحاضر لا يحتاج إلى جهد كبير لتبليغ ما تريد إلى ملايين البشر
في أصقاع شتى من العالم، إذ بضغطة زر واحدة ترسل رسالتك إلى الملايين (عن
طريق البريد الإلكتروني)، كما يمكنك بالوقوف أمام عدسة صغيرة أن تؤثر في
عشرات الملايين من البشر.

ومن يتأمل فعل النبي صلى الله عليه وسلم قديماً يجده
قد استثمر وسائل الإعلام المتاحة في عصره، إذْ كان يجلس في طريق القوافل
الوافدة من الشام والعراق فيسمع منهم ويعرض عليهم دعوته ، وكانت هذه بمنزلة
وسائل الإعلام السريعة والمتنقلة في ذلك الزمان[b].

إنّ
الناس كانوا قديماً على دين ملوكهم، أما اليوم فهم على دين إعلامهم، ولذلك
حرص الحكام أن يسيطروا على الإعلام وأن يسوِّقوا أنفسهم من خلاله.

ويقول
رئيس الوزراء "الإسرائيلي" الأسبق شمعون بيريز وهو يتحدث عن الإعلام وسطوته
وتأثيره على العالم العربي: "لسنا نحن الذين سنغير العالم العربي، ولكن
هذا الطبق الصغير هو الذي سيغير العرب"، يقصد ذلك الطبق الذي يلتقط محطات
البث التلفازي من كل أنحاء الدنيا.

إن هذا
السياسي اليهودي، وهو بالمناسبة من أكثر قادة اليهود اهتماما بالتخطيط
الإستراتيجي بعيد المدى، قد قال في تصريح آخر : إنّ قوة الإعلام قد أصبحت
أقوى من قوة الجيوش، ولم يعد من الممكن تجاهل هذه القوة وإهمال تأثيراتها
وسطوتها، ذلك لأنّ حادثة واحدة يتم نقلها عبر الصحف المؤثرة وعلى الشاشات
الصغيرة تحدث دوياً هائلاً يفوق في وقعه وإيذائه للعدو تأثير حرب كاملة بكل
ما تعنيه الكلمة.

وإذا
كان بيريز كما هو واضح يقصد واقعة اغتيال الطفل الفلسطيني محمد الدرة
برصاص الجنود اليهود وهو في حضن والده، وما أحدثته تلك الجريمة من صدى في
الشارع العربي والإسلامي، والزلزال المعنوي الذي ألهب مشاعر الناس في كل
مكان بحيث فجر مشاعر من الغضب والسخط أزالت أمامها كل ما حاول اليهود
تأسيسه في العقل والضمير العربي والمسلم، فإنّ الداهية اليهودي لم يخطئ في
تقديره للتأثيرات الهائلة التي أحدثها هذا المشهد الذي اختزل مأساة الأمة
كلها وشراسة عدوها في بضع دقائق، كانت كافية تماما لكي يصحو العالم عليها وليعرف العرب والمسلمون أي عدو يواجهون.

وعلى
الرغم من التطورات التي رافقت الإعلام في عصر العولمة نظراً لإزالة القيود
ورفع الحواجز إلا أنّ الإعلام الأردني لم يواكب التطور الحاصل في الإعلام
العالمي. فقد صنفت منظمة "فريدوم هاوس" بيت الحرية الأميركي الأردن في
تقريرها الصادر في الأول من أيار العام الحالي ضمن خانة الدول غير الحرة في مجال الحريات الصحفية وحرية التعبير والتجمعات وذلك بسبب التضييق على حرية التعبير .

وتبع
تقرير "بيت الحرية" تقريراً أصدره مركز حرية وحماية الصحفيين عن حالة
الحريات الإعلامية في الأردن وبحسب المركز فإن حرية الإعلام في
الأردن تراوح مكانها أو "مكانك سر" على الرغم من التغيرات الإعلامية التي
يشهدها العالم. وجاء في التقرير أن أغلب المستطلعين يؤكدون أن الإجراءات
التي اتخذت حتى الآن لم يكن لها تأثير على توسيع هامش حرية الإعلام، وأنّ
94 بالمئة من الصحفيين يخضعون أنفسهم لرقابة ذاتية.
[b]
[/b][/b]

» تسويق الصحافة المرئية وتأثيرها على رواج الصحافة المقروءة
» دور الصحافة في التغريب
» أين هي الصحافة؟!