السيجارة الإلكترونية .. شعبية طاغية وآثار صحيّة غامضة!
للتكنولوجيا
سلطة حقيقية تتميّز بقربها الحميم من الناس؛تقول قولتها فتلاقي حولها
مريدين كثرًا، تكون حلّت جزءًا من مشاكلهم أو حاولت. والسيجارة الإلكترونية
منتجٌ تقنيّ جديد يلاقي استحسان المدخنين والمدخنات في كل مكان ليصبح شيئا
ضروريا عند الذين يأملون أن يقلعوا عن التدخين.
محافظة
بيت لحم، من أكثر المناطق التي تنتشر فيها هذه السيجارة؛ حيث لا يوجد مجلس
او تجمع او حتى ندوة او محاضرة الا وتكون السيجارة حاضرة، سواء من خلال
استخدامها او من الحديث عنها وعن فوائدها او مضارها، وهل هي الوصفة السحرية
للاقلاع عن التدخين ام لا؟!.
عمر
صلاح، احد الذين لجأوا إليها 'علّه يقلع عن التدخين ويرتاح من المبالغ
الهائلة التي يصرفها مقابل شرائه التبغ' كما يقول. ويرى انه بالفعل قلص
كثيرا من التدخين ولكنه ادمن عليها، ومع ذلك فهي اوفر بكثير؛ اذ اشتراها
ب250 شيقلا، ويشتري لها كل اسبوع بنحو عشرين شيقلا نيكوتين. ويوضح انه لجا
للتوفير؛ فهو من الاشخاص 'الذين يعملون يوما ويعطلون عشرة' نظرا للاوضاع
الاقتصادية الصعبة في بلادنا كما يقول.
أما
حنين (ربّة منزل)، فاضطرت لاستخدامها أملا في ان تقلع عن التدخين، حيث
تدخن في اليوم الواحد نحو علبتين ونصف، وهذا يجعلها تخاف على صحتها، وبعد
عشرة ايام او عشرين يوما من استخدامها ايقنت انها ادمنت عليها، اضافة الى
استمرارها في التدخين العادي، لذلك قررت ان تترك 'الالكترونية' وتبقي
السجاير العادية؛ لانها 'اقل خطرا؛ إذ ما دمت أجمع بين النوعين، فاهون
الشرور ان يكون واحدا وليس نوعين' كما ترى.
ووصلت
قناعة الناس بالسيجارة الإلكترونية إلى حد أن يقدمها أحدهم هدية لصديقه؛
تشجيعا له على ترك التدخين، وهذا ما حصل مع صالح شاهين الذي قدم هدية
لصديقه الطبيب الذي قبل الهدية غير مقتنع بها مؤكدا انها ضارة، ويرى أن
الذي يريد ان يبتعد عن التدخين عليه ان يتركه كليّا ولا يلجأ الى نوع اخر،
ومن يختار السيجارة الالكترونية كمن يختار الارجيلة.
الترويج
لهذه السيجارة في بيت لحم لا يكون حتى اللحظة عن طريق محلات معتمدة، وانما
يسوقها أشخاص بنوع من السرية؛ لان الجمارك الفلسطينية لم تشملها بعد،
وتهريبها يكون في كثير من الاحيان من اسرائيل، بحسب ما قال احدهم لـ، مشيرا
الى انه بدأ الترويج قبل نحو شهر. ولكن كما يرى، فهي مهنة مربحة اذا استمر
بها. ويؤكد ان الاسعار متفاوتة بين 250 شيقلا وحتى الـ500 شيقل. وربحه
الصافي فيها حوالي 150 شيقلا للسيجارة الواحدة، ويبيع في اليوم الواحد نحو
عشر سجاير، مؤكدا ان 'الاقبال كبير للغاية وربما في بدايته، ورغم الجدل
الواسع الا ان جمهورا كبيرا من الناس يقبل عليها رجالا ونساء، شيوخا وطلبة
جامعات ومراهقين وفتيات؛ واللافت ان الفتيات من اكثر الناس اقبالا على هذه
السجاير'.
ويتوقع
هذا البائع الشاب ان يستمر انتشار هذه السيجارة. مضيفًا: 'وبعد أن يمتلكها
الجميع سوف نركز في بيع النيكوتين الذي يزودها، ومن ثم على شاحنها
وصيانتها، وبالتالي نحن امام سلعة يطلق عليها اقتصاديا (سلعة حيوية) لها
تبعاتها في السوق وكلها تجبي الارباح بشكل كبير'. وعند سؤاله الجهات الصحية
عن أضرارالنيكوتين، أكدت له أن 'النيكوتين مادة غير مضرة، اما مادتا
القطران وثاني اكسيد الكربون الضارتان والموجودتان في السيجارة العادية،
فغير موجودتين في السيجارة الاكترونية' حسب قوله.
اما
بشأن الموقف الرسمي منها، فصرّح عدد من الصيادلة بان وزارة الصحة اصدرت
تعميما وزعته على كافة الصيدليات يحظر بموجبه التعاطي مع هذه السلعة وعرضها
للبيع نظرا إلى عدم معرفة إن كانت مفيدة او مضرة، ومع ذلك فان عددا
الصيدليات خالف التعميم وسوق السيجارة سرا.
من
جهةٍ أخرى، يقول الدكتور نافز سرحان مدير قسم الاشعة في مستشفى بيت جالا
الحكومي: 'ان المبدأ الذي تعمل به السيجارة الالكترونية هو المبدأ ذاته
الذي تعمل به الارجيلة، وتسبب سرطان الشفتين، وهذا أثبت علميا'.
ربّما
تكون السيجارة الإلكترونية لا 'تفش الغلّ' كما يقول المدخنون المدمنون،
ولكن من المؤكد أنها 'فشّت غلّ' التجار الذين حققوا منها أرباحا ممتازة.
ويعزي المدمنون أنفسهم بالأمل في أن يخفض التجار والمستوردون سعر التبغ
علّهم يخرجون من هذه 'الدوامة الإلكترونية'.