[center]العفو عند المقدرة
العفو
عند المقدرة: هو التجاوز عن سيئة أو سوء لحق بك من أحد الناس قريبا لك كان
أو بعيدا مع قدرتك على الانتقام منه وأخذ حقك منه... و ليس العفو عندما
تكون عاجزا" عن نصرة نفسك كأن تكون ضعيفا ولا قوة لك على الأخذ بحقك.
و قد أمرنا الله تعالى أن نعفو عمن أساء الينا من أزواجنا و أولادنا بل و أقاربنا و لم يستثن جل جلاله حتى المساكين فقال تعالى
يا أيها الذين آمنوا ان من أزواجكم و أولادكم عدوا" لكم فاحذروهم و ان تعفوا و تصفحوا و تغفروا فان الله غفور رحيم)
و قال تعالى ( و ليعفوا و ليصفحوا ألا تحبون أن يغفر الله لكم و الله غفور رحيم)
و
قد نزلت هذه الآية عندما حلف أبو بكر الا ينفع مسطح بن أثاثة بنافعة بعدما
قال ما قال في السيدة عائشة رضي الله عنها في حادثة الأفك.
فقال ربنا تبارك و تعالى
ألا تحبون أن يغفر الله لكم) فقال الصديق رضي الله عنه: بلى و الله نحب أن
تغفر لنا يا ربنا, ثم ارجع لمسطح ما كان يصله من النفقة و قال: والله لا
أنزعها منه أبدا"
فهل تريدين أن يغفر الله لك ذنبك و تقصيرك فكلنا مذنب و مقصر.
راجعي
نفسك أخية ...... ان قدرت عفو الله حق التقدير هديت الى الخير و الصلاح و
ان لم تعف و تصفحي فأنت لم تقدري هذا الفضل العظيم حق التقديرفقد قال ابن
القيم رحمه الله (يا ابن آدم ان بينك وبين الله خطايا و ذنوب لا يعلمها الا
هو و انك تحب ان يغفرها الله لك فاذا أحببت أن يغفرها لك فاغفر أنت لعباده
وأن أحببت أن يعفو عنك فاعف أنت عن عباده فانما الجزاء من جنس العمل تعفو
هنا فيعفو هناك ..... تنتقم هنا فينتقم هناك.... تطالب بالحق هنا يطالب
بالحق هناك)
و قال الغفور الرحيم
ان تبدوا خيرا" أو تخفوه أو تعفوا عن سوء فان الله كان عفوا" قديرا")
كلنا
يعلم أن جزاء سيئة سيئة مثلها و لك الحق أن تنتصري لنفسك و ترفعي ما يقع
عليها من ظلم و لكن هل عملت بحديث الرسول صلى الله عليه و سلم ( التمس
لأخيك سبعين عذرا) هل فكرت بأختك قبل ان تفكري بنفسك ووضعت لها الأعذار
..... هل قلت:
غرر بأختي
جاءها فاسق بنأ
ماعلمت حكم هذه المسألة
ثم وان لم تجدي لها عذرا" فقدمي لها عذرا" و كأنما يحثنا الرسول صلى الله عليه و سلم على العفو( و اللبيب من الاشارة يفهم) .
ثم
و بعد ما علمت آنفا من فضل العفو و المغفرة للناس هلا فكرت أخية قليلا" في
حالك فقلت: سبحانك ما أعظمك و ألطفك و أرحمك فلك الحمد والشكرأن صيرتني
مظلومة لا ظالمة فوالله لو قدرت هذه النعمة لدعوت للظالم و عفوت عنه ألم
تسمعي قوله تعالى ( والكاظمين الغيظ و العافين عن الناس والله يحب
المحسنين)
في
هذه الآية الكريمة معاني جميلة لو تدبرناها ... فبعد أن ظلمت ( وهذه نعمة
كما قلت آنفا) و كظمت الغيظ( وهذه نعمة) و عفوت ( وهذه أخرى ) ثم أحسنت(
وهذه نعمة جليلة)
قال رسول الله صلى الله عليه و سلم( ما زاد الله عبدا" بعفو الا عزا" و ما تواضع أحد لله الا رفعه الله)
و
من روائع القصص في الأثر: (أن رجلا لم يعمل حسنة في حياته قط الا أنه كان
يتعامل مع الناس في تجارته فيقول لغلامه اذا بعثه لتحصيل اذا وجدت معسرا"
فتجاوز عنه لعل الله يتجاوز عني فلما مات تجاوز الله عنه و أدخله الجنة.)
الله أكبر و سبحان الله.............
لم
يفعل حسنة قط وبتجاوزه عن الناس و رحمته بهم تجاوز عنه من هو أكرم منه و
أرحم فكلنا يعلم أننا لن ندخل الجنة بأعمالنا ولكن برحمة الله لنا
فهل أدركنا كم نحن غافلون عن باب الخير هذا ألا و هو باب العفو
و بعد أن قدمت لك أخية هذه الصفقة العظيمة الرابحة مع الله جل جلاله التي يثيبك عليها أكرم الأكرمين
انظري الى مقدار الخسارة التي تجنيها من عدم العفو وقسوة القلب و الطباع
عن
أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله قال: ( تفتح أبواب الجنة يوم الاثنين
و يوم الخميس فيغفر الله لكل عبد لا يشرك بالله شيئا الا رجلا" كانت بينه و
بين أخيه شحناء فيقول: انظروا هذين حتى يصطلحا, انظروا هذين حتى يصطلحا,
انظروا هذين حتى يصطلحا)
يالله
نحجب عن الجنة لأجل شحناء و بغضاء فما ضرنا لو تجاوزنا ...... ندعوا الله
بالليل و النهار وننفق الأموال و نتقرب الى الله بالطاعات ثم نحجب بسبب
شحناء
فوالله انه لأمر عظيم حتى منعنا من دخول الجنة فهلا حاولنا توطين أنفسنا على الرحمة و العفو.
اعلمي أخية أنك لست فقط تفضين هذه الصفقة الرابحة مع الله فحسب بل أنت تهلكين نفسك .
أخية
هلا محوت ما في قلبك من سخط و غضب على فلانة و فلان لا لأجلهم فقط بل
ووالله لأجلك أنت أولا" و لا تلقي بنفسك الى التهكلة........
ستسألين كيف.....؟
أسألك
بالله أليس سخطك هذا و غضبك يجعلك تهمزين و تلمزين ببعض الكلمات ضد خصمك و
ربما يحملك على الغيبة و النميمة و الاحتقار للآخرين فبعد أن كان الحق لك
صار عليك فهلا أنقذت نفسك من هذا الهلاك العظيم فقد قال رسول الله صلى الله
عليه و سلم: ( بحسب امرئ من الشر أن يحقر أخاه المسلم)
و قوله (لا يدخل الجنة قتات) أي الذي يمشي بالنميمة
و حسبك بالغيبة قوله تعالى( أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتا" فكرهتموه)
و الآن و قد أدركت مقدار الخسارة و التي تتضمن
1- تحجبين عن الجنة بسبب شحناء
2- تهلكين نفسك بالحقد و الغضب و الاحتقار للآخرين
3-نزعت
عن نفسك ثوب الرفق الذي هو ملازم للعفو لا يكاد ينفك عنه بحال من الاحوال
فالانسان العفو رفيق بالناس رحيم عليهم ........ وغليظ القلب يفر منه الرفق
فرار الانسان من الأسد
فكوني أخيتي في الله رفيقة رقيقة مع العباد لما في ذلك من الأجر الوافر العظيم .
و قوله : يا عائشة : ان الله رفيق يحب الرفق و يعطي على الرفق مالايعطي على العنف و مالا يعطي على ما سواه)
و أخيرا"
بعدما قدمت لك هذين الصورتين
1- الأولى ان تعفي و تصفحي عن الناس و تِجري من رب اناس بعفو عنك يوم لا ينفع مال و لا بنون.
2-
و الثانية أن يكون جزاء سيئة سيئة مثلها فتأخذي بحقك في هذه الحياة الدنيا
ثم تحاسبي في الآخرة على كل صغيرة و كبيرة و لا يعف عنك الله و لا يغفر لك
ذنب.
فكري وقدري ثم أقدمي و بادري للخير العظيم .
و لكن هلا نقلت اليك نصيحة من الله :
يقول تعالى: (و ليعفوا و ليصفحوا ألا يحبون أن يغفر الله لكم و الله غفور رحيم)
فأنا أقول : بلى يارب أحب أن تعفو عني فسمعا" و طاعة.
فأشهدكم أن قد تجاوزت عن كل من ظلمني حاضرا" كان أو غائبا" حيا" كان أو ميتا".