الفيس بوك.. أمة

لم
أكن أعرف وأنا أسجل قبل خمس سنوات تقريبًا على الفيس بوك أنني سأتلقى هذا
الكم من الناس الذين سجلوا واشتركوا بصور وذكريات قديمة وأحداث جديدة، فهذا
يرسل لك صورة وانت في المرحلة الابتدائية فلا تعرف نفسك وصورة في المرحلة
الثانوية فتتذكر تلك الأيام الجميلة في هذه المرحلة، حيث كنت يافعًا
مشاغًبا مشاكسًا؛ تبحث عمن يحملن الكتب على صدورهن ذهابًا وإيابًا إلى
المدرسة عبر شوارع المدينة؛ حيث لم تكن هناك باصات وليس هناك حاجة للتنقل
بالتاكسي، فالجو بارد والمشي جميل بين الأشجار والشوارع التي تبعث بشذى
الورود المنتشرة على الشرفات المطلة على الشارع أو من الحدائق، والبعض يضع
لك صورًا وانت مهزوم في العام ،1967 طفلاً مشردًا في شوارع العواصم بعد
النكسة، والبعض يرسل لك صورًا وأنت في عز قوتك في الثلاثين من العمر سائحًا
في بلاد الله الواسعة فتقف أمام هذا الموقع الذي يشكل شبكة اجتماعية يتيح
الاتصال بالآخرين والتفاعل معهم مجانًا.

فتؤدي التحية إلى مارك
زوكربيرج الذي أسس الفيس بوك بالاشتراك مع كل من داستين موسكوفيتز وكريس
هيوز اللذين تخصصا في دراسة علوم الحاسب وكانا رفيقي زوكربيرج في سكن
الجامعة عندما كان طالبًا في جامعة هارفارد.

وكانت عضوية الموقع
مقتصرة في بداية الأمر على طلبة جامعة هارفارد، ولكنها امتدت بعد ذلك لتشمل
الكليات الأخرى في مدينة بوسطن وجامعة آيفي ليج وجامعة ستانفورد. ثم اتسعت
دائرة الموقع لتشمل أي طالب جامعي، ثم طلبة المدارس الثانوية، وأخيرًا أي
شخص يبلغ من العمر 13 عامًا فأكثر. ويضم الموقع حاليًا أكثر من 750 مليون
مستخدم على مستوى العالم.

الفيس بوك أصبح شريكًا في الربيع العربي
وقد أثار حنق بعض الحكام العرب فأغلقوه في ليبيا وفي سوريا وإيران، كما تم
حظر استخدام الموقع في العديد من جهات العمل لإثناء الموظفين عن إهدار
أوقاتهم في استخدام تلك الخدمة، لكن الأي فون والأي باد حلا المشكلة،
فاستمر التواصل، لكن ما يعانيه الفيس بوك هو عدم الحفاظ على الخصوصية وهو
ما خلق ويخلق نزاعًا مع شركة فيس بوك، وكثيرًا ما تمت تسوية هذا الأمر بين
طرفي النزاع. كما يواجه موقع الفيس بوك العديد من الدعاوى القضائية من عدد
من رفاق زوكربيرج السابقين الذين يزعمون أن الفيس بوك اعتمد على سرقة الكود
الرئيس الخاص بهم وبعض الملكيات الفكرية الأخرى.

إلا أنه يبقى
حائطًا مفتوحًا للكتابة والتواصل وشريكًا في صنع الأحداث، فلولاه هو وزميله
التويتر ما كان يمكن أن نرى ربيعًا عربيًا، فشكرًا للأميركان ونسأل الله
أن يصير للعرب فيس بوك جديد لا يكون عميلاً ضد الثورات.