لم
يهتمَّ البابليون بأي عضو من أعضاء جسم الإنسان مثل اهتمامهم بالكبد،
وكانوا يعتبرونها أهمَّ عضوٍ حيوي في الجسم ولم يشرّحوا عضواً غير الكبد.
وكانوا
يعتقدون أن آلهتهم تكشفُ نواياها في الأحشاءِ وخاصة الكبدَ. فكان الكاهنُ
يقرأ كبد الحيوان الذي ذُبح قرباناً للآلة كما يقرأ الناس الكف هذه الأيام،
كما يدعون، ويتنبؤون بالشفاء والموت أو الحظ. ولقد أخذ الآشوريون
واليونانيون ثم الرومان من البابليين قراءة الكبد للتنبُؤ بالمستقبل. كان
الإنسان البابلي في منطقة ما بين النهرين يعتقد أن القلب مركزُ العقل والذهن، والكبدَ مركزُ العواطف والأحاسيس والمشاعر، والمعدةَ مركزُ الدَّهاء، ومن البابليين انتقل ذلك الاعتقادُ عن الكبد إلى العرب.
ولم
يفرق بعض الشعراء العرب بين الكبد والقلب، فظنوا أنهما عضوٌ واحد في وسط
البطن أو أعلاه، ورد في لسان العرب لابن منظور "كبِدُ كل شيء وسطه ومعظمه"
لذلك
انطلقوا من أن خير الأمور أوسطُها، وهو أفضلُ وأعزُ ما فيها. ولذلك اعتبر
البعضُ الكبِدَ أساسَ الحياةِ، بل استعملت كرمز للحياة، حيث إننا نسمع من
بعض أهل الخليج والعراق من يخاطب شخصاً عزيزاً لديه بقوله: "يا بعدْ كبدي!"
ولقد
أناط العربُ العواطفَ بالكبد، بل وصفوا الأحباء بالأكباد، وأشهرُ بيتين
يُتمثل بهما في أدبنا العربي ما قاله حطَّانُ بن المُعلَّى:
وإنـما أولادُنـــا بيننـا أكبادُنا تمشي علـى الأرضِ.