الـحَـمـدُ للهِ رَبِّ الـعَـالـمِـيـنَ وَالـصَّلاةُ وَالـسَّلامُ
عَـلَـى أشرف المخلوقين سيدنا
و حبيبنا محمد الأَمِـيـن
وآله الطيبين ورضي اللهم عن صحبه أجمعين وسلم الله تسليما كثيرا
ام بعد..
كَانَ
رسول الله صلى الله عليه وسلم أزهد النَّاس في الدنيا ، وكان زهده صلى
الله عليه وسلم اختيارياً ، فلو شاء لجعل الله له الجبال ذهباً ، وقد فتح
الله تعالى له البلاد ، وجعل له خمس الغنائم حقاً له ، وكان له نصف مزارع
خيبر ، ومع ذلك .. كان يتصدق بكل ما يأتيه من الأموال ، ويبقى ينام على
الأرض ، ولا يجد شيئاً يأكله .
ولما تكلم بعض الناس على تقسيم الغنائم
قال النبي صلى الله عليه وسلم : (إِنَّهُ لَيْسَ لِي مِنْ هَذَا الْفَيْءِ
شَيْءٌ، إِلَّا الْخُمُسَ ، وَالْخُمُسُ مَرْدُودٌ عَلَيْكُمْ) رواه أبو
داود (2694) وصححه الألباني في صحيح أبي داود .أي أن الخمس الذي كان حقاً
له من الغنائم لم يكن النبي صلى الله عليه وسلم يأخذه لنفسه ، بل كان
يتصدق به على المسلمين .
وكان صلى الله عليه وسلم يدعو فيقول : ( اللَّهُمَّ اجْعَلْ رِزْقَ آلِ مُحَمَّدٍ قُوتًا ) مسلم (1055) .
فيسأل الله تعالى أن يرزقه حد الكفاية ، ولم يكن صلى الله عليه وسلم يطلب أكثر من ذلك .
وهذه بعض الأحاديث التي تصف زهد النبي صلى الله عليه وسلم :
عن
عَائِشَة رضي الله عَنْهَا قالت : (مَا شَبِعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ تِبَاعًا مِنْ خُبْزِ
بُرٍّ حَتَّى مَضَى لِسَبِيلِهِ) رواه البخاري (5374) ومسلم (2970) .
وقالت
أيضا رضي الله عنها : (إِنْ كُنَّا لَنَنْظُرُ إِلَى الْهِلَالِ ثُمَّ
الْهِلَالِ ثُمَّ الْهِلَالِ ، ثَلَاثَةَ أَهِلَّةٍ فِي شَهْرَيْنِ ،
وَمَا أُوقِدَ فِي أَبْيَاتِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ نَارٌ ، فسئلت : فَمَا كَانَ يُعَيِّشُكُمْ ؟ قَالَتْ :
الْأَسْوَدَانِ التَّمْرُ وَالْمَاءُ ، إِلَّا أَنَّهُ قَدْ كَانَ
لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جِيرَانٌ مِنْ
الْأَنْصَارِ وَكَانَتْ لَهُمْ مَنَائِحُ ، فَكَانُوا يُرْسِلُونَ إِلَى
رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ أَلْبَانِهَا
فَيَسْقِينَاهُ) رواه البخاري (2567) ومسلم (2972) .
وعنها رضي الله
عنها قالت : (تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ وَمَا فِي رَفِّي مِنْ شَيْءٍ يَأْكُلُهُ ذُو كَبِدٍ إِلَّا
شَطْرُ شَعِيرٍ) رواه البخاري (3097) ومسلم (2973) .
وقالت رضي الله
عنها : (لَقَدْ مَاتَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
وَمَا شَبِعَ مِنْ خُبْزٍ وَزَيْتٍ فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ مَرَّتَيْنِ) مسلم
(2974) .
وعن النعمان بن بشير رضي الله عنه قال : (ذَكَرَ عُمَرُ مَا
أَصَابَ النَّاسُ مِنْ الدُّنْيَا فَقَالَ : لَقَدْ رَأَيْتُ رَسُولَ
اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَظَلُّ الْيَوْمَ يَلْتَوِي
مَا يَجِدُ دَقَلًا يَمْلَأُ بِهِ بَطْنَهُ) الدقل : رديء التمر . رواه
مسلم (2978) .
وعن أنس بن مالك رضي الله عنه : (مَا أَكَلَ النَّبِىُّ
صلى الله عليه وسلم خُبْزًا مُرَقَّقًا ، وَلاَ شَاةً مَسْمُوطَةً حَتَّى
لَقِىَ اللَّهَ) – مسموطة : أي : مشوية - رواه البخاري (5385).
وعن ابن
عباس رضي الله عنهما قال : (كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ يَبِيتُ اللَّيَالِي الْمُتَتَابِعَةَ طَاوِيًا ، وَأَهْلُهُ
لاَ يَجِدُونَ عَشَاءً ، وَكَانَ أَكْثَرُ خُبْزِهِمْ خُبْزَ الشَّعِيرِ)
رواه الترمذي (2360) وحسنه الألباني في صحيح الترمذي .
وعن أبي هريرة
رضي الله عنه (أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يربط على
بطنه الحجر من الغرث – يعني الجوع -) رواه ابن الأعرابي في "المعجم" (21)
وحسنه الألباني في "السلسلة الصحيحة" (1615) .
وقال عمرو بن الحارث رضي
الله عنه : (مَا تَرَكَ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم إِلاَّ سِلاَحَهُ
وَبَغْلَتَهُ الْبَيْضَاءَ ، وَأَرْضًا تَرَكَهَا صَدَقَةً) رواه البخاري
(3098) .
وعن عَبْد اللهِ بن مسعود رضي الله عنه قَالَ : (نَامَ
رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى حَصِيرٍ فَقَامَ
وَقَدْ أَثَّرَ فِي جَنْبِهِ ، فَقُلْنَا : يَا رَسُولَ اللهِ لَوِ
اتَّخَذْنَا لَكَ وِطَاءً ؟ فَقَالَ : مَا لِي وَلِلدُّنْيَا، مَا أَنَا
فِي الدُّنْيَا إِلاَّ كَرَاكِبٍ اسْتَظَلَّ تَحْتَ شَجَرَةٍ ثُمَّ رَاحَ
وَتَرَكَهَا) رواه الترمذي (2377) وصححه الألباني في "سلسلة الأحاديث
الصحيحة" (438) .
وأحاديث زهده صلى الله عليه وسلم في الدنيا أكثر من أن تحصر ، لكن فيما ذكرناه كفاية .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب