* نظرية الاحتمالية (Probabilism):وتقوم هذه النظرية بدور الوساطة بين كل من أنصار الحتمية و
الاختيارية (الإمكانية) للصراع الذي دار بينهما وكان لابد من ظهور نظرية ثالثة جديدة تحاول التوفيق بين الآراء المختلفة لذا فيطلق عليها اسم "النظرية التوافقية"
أيضاً. وهذه النظرية لا تؤمن بالحتمية المطلقة أو الإمكانية المطلقة وإنما
تؤمن بدور الإنسان والبيئة وتأثير كل منهما على الآخر بشكل متغير فتغلب
على بعض البيئات تعاظم تأثير الطبيعة وسلبية تأثير الإنسان عليها ويكون
العكس في بعض البيئات الأخرى.
واعتمد أصحاب هذه النظرية في تفسيرها على تصنيف نوعية
البيئة من ناحية ونوعية الإنسان من الناحية الأخرى حيث يتفاعلان الاثنين
سوياً ليشكلان جوهر العلاقة بين الإنسان والبيئة.
- تنوع طرفي العلاقة على النحو التالي:
- الطرف الأول: البيئة
بيئة صعبة X ـــــــ بيئة سهلة X
فالبيئة الصعبة تحتاج إلى مجهود كبير من جانب الإنسان
للتكيف معها, بينما الطرف الآخر المتمثل في البيئة السهلة فهي تستجيب لأقل
مجهود. ويقع بين طرفي هاتين البيئتين بيئات أخرى متفاوتة من حيث درجة
الصعوبة فكلما اتجهنا ناحية اليمين يتعاظم دور البيئة وكلما اتجهنا شمالاً
يقل.
* الطرف الثاني: الإنسان
إنسان ايجابي X ــــــ إنسان سلبي X
فالإنسان الإيجابي هو الذي يتفاعل مع البيئة بشكل كبير
لتحقيق طموحاته وإشباع احتياجاته, أما الإنسان السلبي فهو إنسان محدود
القدرات والمهارات ودوره محدود بالمقارنة بالإنسان الايجابي ويقع بين هذين
الطرفين مجموعات بشرية مختلفة في المهارات والقدرات وفي التأثير على
البيئة.
- ومن ثم فإن هذه النظرية أكثر واقعية لأنها توضح أشكال
عديدة للعلاقة بين الإنسان وبيئته دون أن تميز إحدى أطراف هذه العلاقة دون
غيره, وتتمثل هذه العلاقة في التنوع الذي يتضح بالشكل التالي:
بيئة صعبة + إنسان سلبي = حتمية بيئية
بيئة سهلة + إنسان سلبي = إمكانية
بيئة صعبة + إنسان إيجابي = توافقية
بيئة سهلة + إنسان سلبي = توافقية
* وقد اقترب فكر المؤرخ الإنجليزي "أرنولد توينبى" من هذه النظرية والتي تحدد علاقة الإنسان والبيئة في أربع استجابات مختلفة:
1- استجابة سلبية ـــــ تخلف الإنسان علمياً وحضارياً مما يجعله غير قادر على الاستفادة من بيئته أو أن يؤثر بشكل فعال عليها.
2- استجابة التأقلم ـــــ تكون البيئة هي المسيطرة عليه في هذه الاستجابة مع توافر بعض المهارات للإنسان التي تمكنه من التأقلم نسبياً مع ظروفها الطبيعية.
3- استجابة إيجابية ـــــ نجاح
الإنسان في تطويع البيئة بما يتناسب مع رغباته واحتياجاته, ويستطيع من
خلال مهاراته الإيجابية هذه أن يتغلب على أية معوقات وإن كانت بيئة صعبة.
4- استجابة إبداعية ـــــ وهي أرقى أنواع
الاستجابات على الإطلاق, فلا يقف الأمر على كون الإنسان إيجابياً وإنما
مبدعاً يعرف كيف يستفيد من بيئته ليس بالتغلب على الصعوبة وحلها وإنما
بابتكار أشياء تفيده في مجالات أخرى عديدة.
* مثال للنظرية الإمكانية:
ويتمثل ذلك في علاقة الإنسان المصري القديم ببيئته عند
الاستفادة من نهر النيل, فكان في البداية له السطوة الطاغية حيث إذا جاء
الفيضان عم الخير والرخاء والعكس صحيح ثم بدأ المصري يتدخل بشق الترع
وإقامة القناطر.