سم العنكبوت الذئبي التشيلي وردي اللون (Chilean rose tarantula) أمل جديد لمرضي ضمور العضلات
"جي بي" (JB) .. هو اسم التدليل لصبي أمريكي صغير يبلغ
من العمر أربعة أعوام. هذا الطفل لا يمكنه نزول السلالم بمفرده، ولا يمكنه
أن يجري دون أن يتعثر، بالإضافة إلى تلقيه جلسات للعلاج الطبيعي في هذه
السن المبكرة. يحلم "جي بي" أن يكون لاعب بيسبول حين يكبر، لكن للأسف
الشديد فإن "جي بي" لن يكبر فهو مصاب بمرض "ضمور العضلات" (muscular
dystrophy) منذ أن كان في الثانية من عمره. وهذا المرض هو أحد الأمراض
القاتلة التي تصيب الأولاد دون البنات وتؤدي إلى تآكل عضلاتهم وموتها.
لكن
يبدو أن هناك أملا جديدا في علاج "جي بي" وإنقاذه هو والكثير من أقرانه
المصابين بضمور العضلات. فقد اكتشف العلماء بإحدى الجامعات الأمريكية من
وجود مركب كيميائي بسم أحد أنواع العناكب يمكنه تحييد مرض ضمور العضلات.
هذا البروتين المستخرج من سم أحد العناكب الذي يعرف باسم "العنكبوت الذئبي
التشيلي وردي اللون" (Chilean rose tarantula) يمكنه حماية عضلات المصابين
بمرض ضمور العضلات من التآكل والضمور. وذلك حسبما أكدت التجارب الأولية
لهذا العقار والتي تم إجراؤها على الفئران.
مرض ضمور العضلات هو
مرض وراثي بالأساس؛ وهو يحدث نتيجة لخلل جيني يجعل خلايا العضلات غير
قادرة على الاحتفاظ بشكلها الطبيعي، مما يؤدي إلى التوائها وانبعاجها. هذا
الانبعاج في خلايا العضلات يجعل "قنوات الأيونات" الموجودة بالغشاء الخلوي
للخلايا - والمسئولة عن التواصل بين داخل الخلية وخارجها من خلايا أخرى
وبيئة محيطة بها - مفتوحة بصفة دائما ولا يمكن التحكم بها وغلقها، مما
يؤدي إلى فيضان من أيونات الكالسيوم يدخل الخلية العضلية بشكل غير طبيعي
ليطلق سلسلة من التفاعلات الحيوية التي ينتج عنها ضمور وهضم الخلية
العضلية من الداخل إلى الخارج.
إن المصابين بهذا المرض تدهورت
قدراتهم العضلية بشكل كبير عبر الزمن. فمعظم المرضى يعتمدون على كرسي
متحرك لدى بلوغهم 12 عاماً، وبمرور الوقت تضعف عضلتي القلب والحجاب الحاجز
مما يؤدي لصعوبة في التنفس تزداد بمرور الوقت حتى تفضي إلى الموت. وللأسف
فإن معظم المصابين بهذا المرض يموتون قبل بلوغهم 30 عاماً.
إن
الدواء الجديد الذي طوره فريق من الباحثين بجامعة "بافالو" الأمريكية
بقيادة العالم "فريدريك ساكس" تم اشتقاقه من سم أحد أنواع العناكب الذئبية
التي تعيش في أمريكا الجنوبية. حيث تمكن العلماء من اكتشاف بروتين معين
بسم العنكبوت الذئبي التشيلي وردي اللون" (Chilean rose tarantula) يمكنه
غلق "قنوات الأيونات" بخلايا عضلات المصابين بمرض ضمور العضلات، ومن ثم
يمنع فيضان أيونات الكالسيوم من الولوج لقلب الخلية ويحميها من التآكل
والتدهور.
إن التجارب الأولية لهذا العقار على الفئران قد أثبتت
أنه قادر على تحييد تدهور العضلات وضمورها. ويسعي العلماء المطورين لذلك
الدواء إلى تجربته سريرياً على البشر للتأكد من فعاليته وأمانه على البشر.
وعلى الرغم من أن هذا الدواء الجديد لن يمكنه معالجة تدهور العضلات بشكل
جذري والشفاء منه، إلا أن هذا الدواء الجديد يعد أملاً كبيراً في إنقاذ
حياة المصابين بضمور العضلات وإطالة أعمارهم بشكل كبير.
هذا
الدواء الذي قد يكون فيه شفاء وعلاج مستخرج من سم يفترض أن يكون قاتلاً
ومميتاً. إلا أن حكمة العلم في اكتشاف المنحة بين ثنايا المحنة، وإيجاد
جذوة شعلة الأمل وسط رماد اليأس قد تمنح الحياة وتنتزعها من براثن الموت
لتهديها إلى صبية ضمرت عضلاتهم ولن تضمر أحلامهم في التشبث بوهج الحياة.