المانغروف شجرٌ معمرٌ دائم الخضرة ينموا في المستنقعات ذات المياه المالحة و الحلوة
كما ينموا كذلك قرب شواطئ البحار بحيث تغمر المياه مجموعه الجذري بشكل دائم
أو في مواقيت معينة ،لكن المياه غالباُ لا تغمر جذوره هذا النبات الهوائية بشكل تام.
ينمو المانغروف بشكل رئيسي في المناطق الاستوائية و شبه الاستوائية المحمية من
التيارات البحرية الشديدة ، لكنه يستطيع النمو في المناطق المعرضة للعواصف .
وهنالك أصناف عديدةٌ من المانغروف تجمع فيما بينها سماتٌ مشتركة ، فهذه الأشجار
تتحمل ملوحة التربة الشديدة كما أنها تتحمل العيش في تربٍ فقيرةٍ بالأوكسجين لذلك
فإن باستطاعتها النموا في تربٍ غدقة أو مغمورةٍ بالماء بشكلٍ كلي .
يتكاثر هذا النبات بواسطة بذور ( إن صح التعبير) مغزلية الشكل تنتقل محمولةً
بواسطة التيارات المائية من منطقةٍ لأخرى ، حيث يخرج من تلك البذور جذرٌ قوي
ينغرز في التربة بشكل مشابه تقريباً للطريقة التي ينموا بها جوز الهند .
تنموا جذور بذور المانغروف قبل أن تسقط من النبات الأم إلى التربة أو في الماء
و عندما تسقط تلك البذور في الماء فإن جذورها قد تنغرز في التربة مباشرةً في
المكان الذي سقطت فيه و قد تنتقل مع التيارات المائية إلى منطقةٍ أخرى علماً أن
بإمكان هذه البذور أن تبقى ساكنةًً لمدة عام كامل وعندما تبدأ جذور المانغرف في
النمو فإنها تغير كثافتها بحيث تطفوا بشكلٍ عموديٍ في الماء و بذلك فإنها تهيء
جذورها للتعمق في الطمي بشكلٍ عمودي .
تبقى بذور هذه الشجرة لمدة عامٍ كامل على النبات الأم قبل أن تتساقط ، و بذور
هذا النبات كبيرة الحجم فقد يصل طول البذرة الواحدة إلى 20 سنتيمتراً ، و تحتاج
بادرات المانغروف الصغيرة إلى نحو عامين حتى تشكل الجذور الهوائية لكن
بإمكان النباتات الصغيرة المحرومة من الجذور الهوائية البقاء مغمورةٍ في الماء
لمدةٍ طويلة دون أن تختنق .
تحوي جذور المانغروف الهوائية على جيوب لحفظ الهواء الذي تستخدمه
النباتات عندما تغمر في الماء للتنفس و إتمام العمليات الحيوية كما أن النبات يستخدم
الجذور الهوائية لكي يثبت نفسه في الطمي ، و تشكل جذور المانغروف عاملاً هاماً
في تصنيف هذا النبات إلى أنواع و مجموعات حيث أن كل صنفٍ من أصنافه يتميز
بمجموع ٍجذريٍ هوائي متميز .
الترب التي ينموا فيها هذا النبات تحوي نسباً سامةً من عنصر الكبريت بالنسبة لبقية
أنواع النباتات ، و يمكن للمانغروف كذلك أن يتحمل درجة ملوحة تساوي ضعفي
أو ثلاثة أضعاف درجة ملوحة مياه البحار( كما تذكر بعض المصادر) و يمكن له أن
يعيش في المستنقعات غير المالحة لكنه لا يستطيع منافسة نباتات المياه العذبة ذات
النمو السريع كما أنه يمتلك مقدرةً ضئيلةً على مقاومة البكتيريا و الفطريات الموجودة
بكثرة في المياه العذبة .
تقوم شجرة المانغروف باستخلاص الماء العذب من المياه المالحة المحيطة بها وهذه
ليست عمليةً سهلة على الإطلاق لذلك فإن المانغروف هو من الأشجار التي تقتصد
في استهلاك المياه فأوراق هذا النبات سميكة و مغطاة بطبقةٍ شمعية حتى تمنع تبخرالماء.
على أن بعض أصناف المانغروف هي أكثر مقاومةً للأملاح من الأصناف الأخرى
كما أن كل صنف يتميز بآليةٍ خاصة تمكنه من التخلص من الأملاح الزائدة فالمانغروف
الأحمر يتخلص من الأملاح عبر جذوره ، كما أنه يقوم بتخزين الأملاح في الأوراق
الهرمة الآيلة للسقوط ، أماالمانغروف الأبيض فإنه يقوم بطرح الملح على شكل
بلورات بواسطة غدتين ملحيتين موجودتين في قاعدة كل ورقة ، و قد سمي
المانغروف الأبيض بهذا الاسم نسبةً إلى بلورات الأملاح التي تتراكم على أوراقه.
وبعض أصناف هذا النبات لا تستطيع مقاومة الأملاح إلا في البيئات المطيرة التي
تتعرض بشكل دائم للأمطار .
ويعمل المانغروف كذلك على تنقية المياه من المعادن الثقيلة و أوراق هذا النبات
تتميز بدرجةٍ من السمية نظراً لغناها بمركب التانين Tannin و بخلاف كثير من
الأشجار الأخرى فإن تعرض لحاء هذه الشجرة للأذى لا يسبب موتها .
إن أهمية هذه الشجرة تكمن في مقدرتها على النمو في أماكن ميتة لا يمكن أن تنموا
فيها أية أنواع أخرى من الأشجار ، و غابات المانغروف تشكل ملاذاً للأسماك و
الكائنات البحرية و تمنع الطمي و التربة من الإنجراف كما أنها تضفي جمالاً خلاباً
على الشواطئ .
إن أكبر تجمع لغابات المانغروف في إفريقيا يقع في نيجيريا حيث تمتد غابات
المانغروف على مساحة تزيد عن 30 الف كيلو متر مربع لكن هذه المساحة و للأسف
الشديد هي في تناقصٍ مستمر ، و في البرازيل تمتد غابات المانغروف على نحو 25
الف كيلو متر مربع و اكبر تجمعٍ لغابات المانغروف في آسيا يقع في بنغلاديش
و البنغال و في استراليا يوجد نحو 11 الف كيلو متر مربع من هذه الغابات علماً
أن اجمالي مساحة غابات المانغروف في العالم تقدر بنحو 170 الف كيلو متر مربع.
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة][/center]