قد
تبدو فائدة رمضان من الناحية الطبية لدى المصابين بالالتهابات الهضمية
المزمنة، وفي طليعتها الالتهاب المعدي المزمن، وهو أول من يستفيد من هذا
الفرض الديني... إذ أن الطعام يؤذي الالتهابات ويزيده في شتي الحالات،
والصوم يحمل إلى هذه الشكوى راحة تمتد طيلة أيام الشهر... وتكون ذات أثر
كبير في شفاء الالتهابات.
كما أن الالتهاب
الأمعاء المزمن والتهاب القولون المزمن يستفيدان من الصوم كثيرًا...
فإبعاد الغشاء المخاطي للأمعاء عن تمارس الطعام مدة طويلة يرمم الخلايا
الملتهبة.. ويقلل من إفرازاتها المرضية الكثيرة، ويخفف سوائلها المخاطية
ويقدم معونة أساسية في شفاء هذه الإصابات المعوية المزمنة.
وإذا
كان الصوم يفيد في حالات الالتهابات فإنه ـ كما يقول الأستاذ الدكتور منذر
الدقاق ـ قد يزيد في آلا المصابين بالقرحة المعدية أو الاثنا عشرية،
فيثيرها إن كانت هاجعة، إذ إن بقاء المعدة فارغة لدى المصاب بالقرحة
لساعات طويلة، يجعل الإفراز المعدي الحامض يتراكم في جوف المعدة الفارغة،
والإفراز الحامضي يحتاج إلى معدل يبدد فعله وأذاه وقد اعتاد المريض أن
يستخدم الأطعمة في فترات متعددة من اليوم لعديل الحموضة الزائدة لمعدته.
وإذا ما تتابع الإفراز المعدي الحامض في معدة فارغة.. ازدادت آلاما لبطن واشتدت وعادت نوبة القرحة الهضمية إلى أخذ شكلها المعروف.
وللأسف
فإن جهاز الهضم عند كثير من المسلمين في بلادنا معرض لنوع من التعب
الخاص.. حيث يختص الطعام الشرقي بصعوبة الهضم، لثقله وكثرة الدسم فيه،
وتعقد أصول طبخه، وتعدد أجزائه المخلوطة وثقل هذا الطعام يحمل الجهاز
الهضمي عبئًا شديدًا خلال فترة مديدة من السنة... حتى يأتي شهر رمضان
فيقدم راحة ضرورية لجهاز متعب.
ولاشك
إن الإكثار من خلط الطعام، وتعدد أنواعها المتنافرة من حامضه وحلوه، ومن
الطعام الدسم والمقالي وأشباهها، ومن التوابل والبهارات ثم بما يتبع ذلك
من الكنائف والحلويات.. كل هذا يجعل المعدة في وضع صعب جدًا لا تقوى
عليه... فتجد نفسها تصرخ بالجشاء أو تطبل البطن، بالغازات.