تركيا.. ضوء الشمس والمعرفة
للعثور
على وادي كاباك، عليك قيادة السيارة شرقا على امتداد ساحل البحر المتوسط
داخل تركيا. وقم بإيقاف سيارتك عندما ينتهي الرصيف، والمشي (أو طلب الركوب
من سائق إحدى الشاحنات) للدخول إلى بعد آخر. وعليك التأكد من أن معك
تذكرة. وعلى الأقل، هذا ما قالته إمين ألتيندال، وهي إحدى الملاك داخل
منتجع «شامبالا»، وهو منتجع تميل الأجواء فيه إلى الروحانيات ويرتبط
بمنحدر فوق شاطئ على شكل نصف قمر، خلال زيارة قمت بها إلى هناك. وقالت
ألتيندال: «يأتي مَن لديهم تذاكر إلى هنا». ولكني تساءلت: «تذاكر؟ ما نوع
هذه التذاكر؟». قالت: «توجد طاقة للحماية مثل أجنة الملائكة فوق هذا
المكان». وأوضحت قائلة إن هذا الوادي المنعزل المورق عبارة عن بوابة
بعبورها يترك المرء شعورا معيّنا، ويعيش في جو آخر. ربما
تجد ذلك، مثلما اكتشفت مع صديقي، كاندي، الشهر الماضي عندما قضينا الكثير
من الأيام السعيدة، هناك نتنزه مشيا على الأقدام ونمارس السباحة ونتأمل في
جبال دائمة الخضرة تحيط بها مياه لها لون السماء، إنها واحدة من أكثر
الأماكن انعزالا وبعدا وميلا إلى الحياة البرية، إلى جوار أحد أكثر البحار
زرقة في العالم. ويقع
وادي كاباك على امتداد طريق ليشان، وهو عبارة عن طريق طوله 300 ميل، يمكن
التنزه فيه مشيا على الأقدام ويمتد بطول ساحل تركيا، وكان منفذا مهما
للإمبراطورية الرومانية. ومنذ
وقت طويل، تجذب الجبال الوعرة التي تحتضن الخط الساحلي السياح، الكثير
منهم من البريطانيين، إلى ما تسميه شركات تنظيم الرحلات «ساحل الفيروز».
وتنزل الطائرات أعدادا كبيرة من الباحثين عن الشمس داخل مطار «دالامان»،
وتنقلهم إلى شواطئ في مدن ساحلية داخل مارماريس وأولودينيز، حيث يستحثهم
على الإفطار الإنجليزي والأرائك الساحلية الكثيرة المنتشرة. ولهذه
الأسباب، بدا من غير المحتمل أن نجد في هذا المكان العزلة التي نريدها
دوما في أيام الإجازة. ولكن، كان مزيج الجبال والبحر، ولا سيما البحر
المتوسط الأزرق، جاذبيته. وبعد عملية بحث شعرنا خلالها بعدم الرضا، نزلنا
إلى منطقة كاباك الهادئة. لقد
كان الوادي مكانا رائعا مستترا للراغبين في التنزه مشيا على الأقدام في
طريق ليشيان، حيث حصل الممر على شهرة في نهاية التسعينات، رغم أن أجزاء
منه تعود إلى آلاف الأعوام. وعند الوصول إلى هناك، يمكنك أن تعرف السبب
وراء ذلك. ومن الطريق الرئيس، يوجد عمود عليه علامة يشير إلى ممر وعر عبر
غابة كثيفة من أشجار الصنوبر وصولا إلى البحر المتلألئ. وخلال
العامين الماضيين، أصبح الوصول إلى كاباك أسهل مع وجود طريق يؤدي إلى
الوادي والكثير من الأبنية الجديدة الفاخرة التي تركت لمسة مترفة على
المكان الذي كان سيبدو من دون ذلك مثل منطقة مخصصة للتنزه مشيا على
الأقدام وحسب. ووصلنا عبر طريق سهل داخل سيارة هيونداي بيضاء استأجرناها
في مطار دالامان. ولكن، لم يكن في مقدور السيارة السير عبر الطريق الوعر،
ولذا نادينا الشامبالا، وكانوا كرماء معنا وأخذونا في سيارة رباعية الدفع
إلى منتصف الطريقة وسط الوادي حيث منتجعهم. وبنظرة
واحدة على المشهد من غرفتنا، التي كانت عبارة عن بيت به غرفة من الزجاج
والخشب يطل على المنحدر، عرفت معنى الكلام الذي أسمع عن الروحانيات داخل
هذا المكان. وتأكدت من أن وادي كاباك عبارة عن شريط منعزل مفعم بالحياة
البرية. قامت
ألتيندال وزوجها هولكي ألتونغ، ببناء شامبالا قبل ثلاثة أعوام، كمكان
للهروب من الحياة المحمومة داخل إسطنبول. وتقول: «عندما بدأنا بناء هذا
المكان، كان لنا ولأصدقائنا. وأطلقوا عليه اسم مدينة شامبالا الخرافية
بالهيمالايا. وتقول التقاليد البوذية داخل التبت، فقد كانت عبارة عن مدينة
سحرية مختبئة في أعلى الجبال، وهناك يمكن للجميع الحصول على المعرفة.
وتقول ألتيندال: «أردنا أن ننشئ نسخة لنا هنا». ولدى الناس داخل شامبالا
(theshambala.com) من الأسباب ما يجعلهم يرون وادي كاباك شيئا خاصا.
ويقولون إنه أحد ثلاثة أماكن لم تتجمد خلال العصر الثلجي الأخير. ويؤكدون
أن هناك دوامة طاقة في المكان. والجيد
هو أن الطقوس شيء اختياري، حيث إن الروحانية عبارة عن عنصر جانبي يمكن أن
تقبله أو تتركه. ولكن، فوجئت عندما وجدته خاليا من السخرية بصورة رائعة،
ومحببا بدرجة كبيرة. وعلى الرغم من أن مَن يشرفون على المكان ربما يكونون
من الهيبي، فإنهم يحرصون على السلام والحب والعشاء في الثامنة. وفي
الواقع، فإن كل شيء في المنتجع به الكثير من التفاصيل، بدءا من صابون عضوي
من زيت الزيتون محلي الصنع وصولا إلى البيوت المصنوعة من الشجر والمنازل
المصممة بحرص. وبعيدا
عن منتجع شامبالا، أجريت تعديلات على أبنية الوادي. وقامت مخيمات التنزه
سيرا على الأقدام بإجراء تعديلات على المساكن التي لديها مع توافد أفراد
جدد. وفي الظهر، تناولنا وجبة غذاء رائعة كان بها سمك مشوي في «شانتي
غاردن» (
www.shantigardenkabak.com)، الذي يأتي ضمن أماكن كثيرة في الوادي
خلف الشاطئ مباشرة. ولا توجد أي مشكلات في شانتي غاردن، ولكن تعتبر
المنازل المكون من غرفة واحدة أماكن أقل تكلفة بديلا عن شامبالا، كما أنها
أقرب من الشاطئ. ويوجد في مخيم قريب آخر «تأملات» تركيز من نوع خاص على
اليوغا. وقد
كانت جميع وجباتنا في الوادي بسيطة، وكانت تحتوي على مكونات طازجة، الكثير
منها محلي. وقد جعلتني وجبات الإفطار داخل شامبالا أشعر بالنشوة، وقدِّم
فيها طماطم مزينة بزيت الزيتون وجبن محلي الصنع وفطائر محلاة طهيت داخل
صينية كبيرة وخبز خرج للتو من الفرن. وتمثل
الطبيعة عنصر الجذب الرئيس هنا، ويمتد الوادي أسفل شامبالا، ويمكن المشي
لفترة قصيرة والوصول إلى شاطئ به حصى ورمل أبيض. وخلال زيارتنا، وجدنا أن
المياه باردة بصورة جيدة، وتكفي لإزالة آثار العرق بعد المشي. وبالسباحة
لـ15 دقيقة، يمكن الوصول إلى كهف ممتلئ بالمياه، وهناك يعبر ضوء الشمس بعد
الظهيرة عبر المياه الزرقاء. ويؤدي
طريق ليشيان إلى مكان داخل الوادي، بينما يمضي في طريقه إلى مدينة
أنتاليا. وفي ساعات الظهيرة بأحد الأيام، سرنا فيه من شاطئ كاباك، وتشربنا
فكرة شاملة عن البحر المتوسط من خلال المرور بطرق وعرة. وبعد ساعتين من
الكد، تخللتها فترات استراحة للاستمتاع بمشهد البحر والنسيم، وصلنا إلى
شلال صغيرة داخل بركة ثلجية صافية. وكنا متعرقين، ولذا نزعنا الثياب
وقفزنا، وكانت المياه الجبلية منعشة، ولكن لم نستمر كثيرا. ومشينا طويلا
لنعود إلى الشاطئ وبعد ذلك إلى الوادي لنعود ونحن في منتهى السعادة.