السؤال: يوجد عندي ولد عمره 9 سنوات ، وأريد مساعدتي في كيف أعوِّد ابني على صوم رمضان ، إن شاء الله ؛ لأنه صام رمضان السنَة الماضية فقط 15 يوماً .
الجواب :
الحمد لله
أولاً :
من المفرح أننا نرى مثل هذا السؤال ، وهو يدل على عظيم الاهتمام بالأولاد ، وتربيتهم على طاعة الله تعالى ، وهذا من النصح للرعية التي استرعى الله الوالدين عليها .
ثانياً :
الابن في عمر 9 سنوات ليس من المكلفين شرعاً بالصيام ؛ لعدم بلوغه ، ولكنَّ الله تعالى كلَّف الوالدين بتربية أولادهم على العبادات ، فأمرهم الله تعالى بتعليمهم الصلاة وهم أبناء سبع سنين ، وضربهم عليها وهم أبناء عشر ، كما كان الصحابة الكرام رضي الله عنهم
يصوِّمون أولادهم في صغرهم تعويداً لهم على هذه الطاعة العظيمة ، وكل ذلك
يدل على عظيم الاهتمام بالذرية لتنشئتها على خير ما يكون من الصفات ،
والأفعال .
ففي الصلاة :
قَالَ
رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (مُرُوا
أَوْلَادَكُمْ بِالصَّلَاةِ وَهُمْ أَبْنَاءُ سَبْعِ سِنِينَ ،
وَاضْرِبُوهُمْ عَلَيْهَا وَهُمْ أَبْنَاءُ عَشْرٍ ، وَفَرِّقُوا
بَيْنَهُمْ فِي الْمَضَاجِعِ) رواه أبو داود (495) وصححه الألباني في
"صحيح أبي داود" .
وفي الصيام :
عَنِ الرُّبَيِّعِ بِنْتِ مُعَوِّذِ بْنِ عَفْرَاءَ رضي الله عنها قَالَتْ : أَرْسَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه
وسلم غَدَاةَ عَاشُورَاءَ إِلَى قُرَى الأَنْصَارِ الَّتِى حَوْلَ
الْمَدِينَةِ : (مَنْ كَانَ أَصْبَحَ صَائِمًا فَلْيُتِمَّ صَوْمَهُ ،
وَمَنْ كَانَ أَصْبَحَ مُفْطِرًا فَلْيُتِمَّ بَقِيَّةَ يَوْمِهِ) ،
فَكُنَّا بَعْدَ ذَلِكَ نَصُومُهُ ، وَنُصَوِّمُ صِبْيَانَنَا الصِّغَارَ
مِنْهُمْ إِنْ شَاءَ اللَّهُ ، وَنَذْهَبُ إِلَى الْمَسْجِدِ ، فَنَجْعَلُ
لَهُمُ اللُّعْبَةَ مِنَ الْعِهْنِ ، فَإِذَا بَكَى أَحَدُهُمْ عَلَى
الطَّعَامِ أَعْطَيْنَاهَا إِيَّاهُ عِنْدَ الإِفْطَارِ رواه البخاري
(1960) ومسلم (1136) .
وقَالَ
عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ لِنَشْوَانٍ [أي : سكران] فِي رَمَضَانَ :
"وَيْلَكَ! وَصِبْيَانُنَا صِيَامٌ!" ، فَضَرَبَهُ . رواه البخاري –
معلَّقاً – باب صوم الصبيان .
والسن
الذي يبدأ الوالدان بتعليم أولادهما الصيام فيه هو سن الإطاقة للصيام ،
وهو يختلف باختلاف بنية الولد ، وقد حدَّه بعض العلماء بسن العاشرة .
وانظر تفصيل ذلك في جواب السؤال رقم : (
65558 ) وفيه فوائد مهمة .
ثالثاً:
أما بخصوص وسائل تعويد الصبيان على الصيام : فينتظم في أمور ، منها :
1- تحديثهم بفضائل الصيام وأنه سبب مهم من أسباب دخول الجنة ، وأن في الجنة باباً يسمى الريان يدخل منه الصائمون .
2- التعويد المسبق على الصيام ، كصيام بضع أيام من شهر شعبان ؛ حتى لا يفجؤهم الصوم في رمضان .
3- صيام بعض النهار ، وتزاد المدة شيئاً فشيئاً .
4- تأخير السحور إلى آخر الليل ، ففي ذلك إعانة لهم على صيام النهار .
5- تشجيعهم على الصيام ببذل جوائز تُدفع لهم كل يوم ، أو كل أسبوع .
6- الثناء عليهم أمام الأسرة عند الإفطار ، وعند السحور ، فمن شأن ذلك أن يرفع معنوياتهم.
7- بذل روح التنافس لمن عنده أكثر من طفل ، مع ضرورة عدم تأنيب المتخلف .
8-
إلهاء من يجوع منهم بالنوم ، أو بألعاب مباحة ليس فيها بذل جهد ، كما كان
الصحابة الكرام يفعلون مع صبيانهم ، وهناك برامج أطفال مناسبة ، وأفلام
كرتونية محافظة في القنوات الإسلامية الموثوقة ، يمكن إشغالهم بها .
9- يفضَّل أن يأخذ الأب ابنه – وخاصة بعد العصر – للمسجد لشهود الصلاة ، وحضور الدروس ، والبقاء في المسجد لقراءة القرآن ، وذكر الله تعالى .
10- تخصيص الزيارات النهارية ، والليلية ، لأسر يصوم أولادهم الصغار ؛ تشجيعاً لهم على الاستمرار في الصيام .
11- مكافأتهم برحلات مباحة بعد الإفطار ، أو صنع ما تشتهيه نفوسهم من الأطعمة والحلويات ، والفواكه ، والعصائر .
وننبه
إلى أنه إذا بلغ الجهد من الطفل مبلغه أن لا يصرَّ عليه إكمال الصوم ؛ حتى
لا يتسبب ذلك في بغضه للعبادة ، أو يتسبب له في الكذب ، أو في مضاعفات
مرضية ، وهو ليس من المكلفين ، فينبغي التنبه لهذا ، وعدم التشدد في أمره
بالصيام .
والله أعلم
الإسلام سؤال وجواب