بسم الله الرحمن الرحيم
[center]إن
الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات
أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادى له، وأشهد أن لا إله
إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده، ورسوله:
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ} سورة آل عمران: 102.
{يَا
أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ
وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً
كَثِيرًا وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ
وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا} سورة النساء: 1
{يَا
أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا
* يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن
يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا} سورة الأحزاب: 70 ، 71.
أما بعد ..
فإن أصدق الحديث كتاب الله، وخير الهدى هدى محمد
وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة فى النار.
ثم أما بعد ...
فحياكم
الله جميعاً أيها الأخوة الأخيار وأيتها الأخوات الفاضلات وطبتم جميعاً
وطاب ممشاكم وتبوأتم من الجنة منزلاً، وأسأل الله عز وجل وعلا بأسمائه
الحسنى وصفاته العلى الذى جمعنا فى هذه الدنيا دائماً وأبدا على طاعته أن
يجمعنا فى الآخرة مع سيد الدعاة المصطفى فى جنته ودار مقامته، إنه ولى ذلك
والقادر عليه.
أحبتى فى الله:
حقوق
يجب أن تعرف سلسلة منهجية تحدد الدواء من القرآن والسنة لهذا الداء العضال
الذى استشرى فى جسد الأمة ألا وهو الانفصام النكد بين منهجها المنير
وواقعها المؤلم المرير، فأنا لا أعرف زماناً قد انحرفت فيه الأمة عن منهج
ربها ونبيها كهذا الزمان فأردت أن أذكر نفسى وأمتى بهذه الحقوق الكبيرة
التى ضاعت لعلها أن تسمع من جديد عن الله عز وجل، ولعلها أن تسمع من جديد
عن رسول الله
، وتردد مع الصادقين السابقين الأولين قولتهم الخالدة: { سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ} (285) سورة البقرة.
ونحن
اليوم على موعد مع اللقاء السابع والعشرين من لقاءات هذه السلسلة الكريمة
وحديثنا اليوم عن حق جليل كبير ألا وهو حق المستضعفين فى أفغانستان
وفلسطين.
فأعيرونى القلوب والأسماع جيداً، والله أسأل أن يرزفنا الصدق فى القول والعمل وأن يقر أعيننا بنصرة
المستضعفين من المسلمين فى كل بقاع الأرض وأن يشفى صدور قوم مؤمنين بهزيمة
ساحقة لأعداء رب العالمين وأعداء المسلمين، إنه ولى ذلك والقادر عليه.
وكعادتى
وحتى لا ينسحب بساط الوقت سريعا من تحت أقدامنا لأن الحديث طويل بطول
آلامه مؤلم بكثرة دمائه ممزق للقلوب الحية بكثرة الأشلاء المتبعثرة
الممزقة فأرجو أن نركز الحديث فى العناصر التالية.
أولاً: أمة الجسد الواحد.
ثانياً: أمة الغثاء.
ثالثاً: أين واجب النصرة؟.
رابعاً: أيها المظلوم صبرا لا تهن.
وأخيراً: من رحم الليل يولد ضوء الصباح.
فأعيرونى القلوب والأسماع جيداً ، والله أسأل أن يوفقنا لما يحبه ويرضاه وألا يخرج منا إلا ما يرضيه سبحانه، إنه ولى ذلك ومولاه.
أولاً: أمة الجسد الواحد:
كان
العرب أمة ممزقة قبل الإسلام لا وزن لهم ولا قيمة، لو تصفحت التاريخ وقرأت
عن حروب العرب لوقفت على قيمة هذا الدين العظيم، الذى حولهم من غثاء: من
قبائل متناثرة ومن أمم متمزقة متصارعة، إلى أمة واحدة، لذا أمتن الله عز
وجل عليهم بهذه النعمة العظيمة الكبيرة وقال سبحانه وتعالى: {وَاعْتَصِمُواْ
بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُواْ وَاذْكُرُواْ نِعْمَةَ
اللّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاء فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ
فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنتُمْ عَلَىَ شَفَا حُفْرَةٍ
مِّنَ النَّارِ فَأَنقَذَكُم مِّنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللّهُ لَكُمْ
آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ} (103) سورة آل عمران.
كانوا متفرقين وكانوا على شفا حفرة تودى بهم إلى نار الدنيا والآخرة بشركهم بالله جل وعلا وتصارعهم وتحاربهم، فجاء النبى
فدعاهم إلى التوحيد فاستنقذهم من شرك العصبية والوثنية إلى أنوار الألفة
والتوحيد لرب البرية جل جلاله فأذلوا كسرى وأهانوا قيصر وأقاموا للإسلام
دولة من فتات متناثرة وسط صحراء تموج بالكفر موجا فإذا دولة الإسلام بناء
شامخ لا يطاوله بناء وذلك فى فترة لا تساوى فى حساب الزمن شيئاً على
الإطلاق يوم آخى رسول الله
بينهم، ووحدت العقيدة صفوفهم وجمعتهم على لسان وقلب رجل واحد فجاء المصطفى
فآخى بين سلمان الفارسى وحمزة القرشى وصهيب الرومى ومعاذ اجتمعوا فى بوتقة
واحدة جمعتهم أواصر العقيدة جمعتهم الأخوة الإيمانية، التى لا نظير لها فى
كل الشرائع الوضعية على وجه الأرض، لأنها أخوة تعلو على أخوة النسب والعرق
واللون والوطن، إنها الأخوة فى الله.
فالمؤمنون جميعا استطاع النبى
أن يجعل منهم درحة واحدة متشابكة الأغصان متلاصفة الأوراق انصهروا فى
بوتقة الحب فى الله فرأيت منهم العجب العجاب، ولو لم نكن على يقين بأن ما
سنذكر بعضه جاء عن الصادق الذى لا ينطق عن الهوى لعلمنا أنه من نسج
الخيال؛ لأنه لا يمكن بحال أن يقع فى دنيا الناس، اللهم إذا كان المربى
لهؤلاء الناس هو المصطفى
.
تدبر معى هذه النماذج ولن أطيل فيها، تدبر معى هذا النموذج العظيم الأول:
فى الصحيحين من حديث عبد الرحمن بن عوف قال: آخى النبى
بين عبد الرحمن بن عوف من المهاجرين وبين سعد بن الربيع الأنصارى رضى الله عنهم: آخى رسول
بينى وبين سعد بن الربيع الأنصارى يوم أن هاجروا من مكة إلى المدينة أختار النبى
سعد بن الربيع أخاً فى الإسلام لعبد الرحمن بن عوف المهاجر من مكة.
تدبر
ماذا قال الأخ لأخيه، قال سعد بن الربيع: يا عبد الرحمن، أنا أكثر الأنصار
مالا وسأقسم مالى بينى وبينك شطرين، ولى زوجتان فانظر إلى أعجبهما إليك
لأطلقها حتى إذا انقضت عدتها تزوجتها.
والله إن الخلق ليجف وإن القلب ليرتعد حرجا ووجلا وإن الكلمات كلها تتوارى خجلاً وحياء أمام هذه الأخوة.
قلت
لحضراتكم الآن: لولا أن الحديث فى الصحيحين لظننت أنه من نسج الخيال أن
يقول رجل عربى له شهامة وعنده من الرجولة ما نعلم جميعا يقول لأخيه: سأقسم
مالى بينى وبينك شطرين ولى زوجتان فانظر إلى أعجبهما إليك لأطلقها حتى إذا
انقضت عدتها تزوجتها.
فيرد
عليه العفيف الشريف عبد الرحمن بن عوف: بارك الله فى أهلك ومالك ولكن دلنى
على السوق. فدله على السوق سوق بنى قينقاع فباع واشترى وربح وجاء إلى
النبى
وبه أثر صفرة أثر طيب فقال له النبى
"مهيم" ..... يعنى . ماذا صنعت
يا عبد الرحمن؟ قال: تزوجت امرأة من الأنصار يا رسول الله. قال النبى
:
"وما سقت إليها من مهر" فقال: سقت لها مقدار نواة من ذهب قال المصطفى:" أولم
ولو بشاة" (
[1]) .
الشاهد: إن
سألنى سائل: وأين الآن من يعطى عطاء سعد بن الربيع؟! والجواب: وأين من
يتعفف عفة عبد الرحمن بن عوف؟! فلقد وجد سعد يوم وجد عبد الرحمن، وضاع سعد
يوم ضاع عبد الرحمن.
جاء
رجل إلى أحد الأغنياء الأثرياء ليسأله الصدقة بإلحاح فلما امتنع الغنى قال
له الفقير: أين من ينفقون أموالهم بالليل والنهار سراً وعلانية؟! فقال له:
ذهبوا مع من لا يسألون الناس إلحافا.
إنه
مجتمع فريد فيه سعد وفيه عبد الرحمن، فيه من يبذل وفيه من يتعفف والمربى
لسعد وعبد الرحمن هو الإسلام بقيادة المصطفى الذى رباه الله على عينه وربى
به الدنيا. بأبى هو وأمى ونفسى وروحى.
موقف
من مواقف الأمة ذات الجسد الواحد وانظر إلى هذا الموقف الذى يتألق عزة
واسمحوا لى أن أكرر، فإن المسلم الآن يتطلع إلى بصيص من عزة ولو فى
الماضى؛ ليضمد به الجراح، إنه موقف ربعى، ذكرت الموقف كثيرا ولكننا فى أمس
الحاجة إلى ذكره الآن لنقف على أمة الجسد الواحد وبما كانت تمتلكه من عزة
ومكانة وكرامة.
ربعى
بن عامر جندى متواضع فى الجيش المسلم يرسل به قائد القادسية سعد بن أبى
وقاص إلى قائد الجيوش الكسروية الجرارة رستم ويدخل ربعى بثيابه المتواضعة
دون الوقوف على جزئيات الموقف والحدث يقول له رستم: من أنتم؟ فيقول ربعى
الذى عرف الغاية وفهم الوظيفة التى من أجلها ابتعث يقول: نحن قوم ابتعثنا
الله لنخرج العباد من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد، ومن جور الأديان
إلى عدل الإسلام، ومن ضيق الدنيا إلى سعة الدنيا والآخرة فمن قبل قبلنا
منه ورجعنا عنه، ومن حال بيننا وبين دعوة الناس لدين الله قاتلناه حتى
نفضى إلى موعود الله قال رستم: وما موعود الله؟ قال ربعى: الجنة لمن مات
منا والنصر لمن بقى من إخواننا، قال رستم: سمعت مقالتك فهل لكم أن تؤجلونا
الآن لننظر فى أمرنا ولننظر فى أمركم.
قال ربعى: لقد سن لنا نبينا
ألا نؤخر الأعداء عند اللقاء أكثر من ثلاث ليال فانظر فى أمرك وأمرهم واختر لنفسك واحدة من ثلاث.
يالها
من عزة وكرامة، قال رستم: ما هى؟ قال ربعى: الأولى: الإسلام ونرجع عنك،
هذه الغاية أن تسلم لله جل وعلا قال رستم: وما الثانية؟ قال: الجزية وإن
احتجت إلى نصرتنا نصرناك الجزية التى تدفعها الآن الأمة كاملة غير من أغرب
ما قرأت فى اليومين الماضيين، أن تقريرا أمنياً وضعه البنتاجون الأمريكى
ما يقرب على عشر. هذا التقرير الأمنى يطالب العرب والمسلمين بنفقات الحرب
الأمريكية على أفغانستان، هل تعلمون تكلفة اليوم الواحد؟ تتكلف أمريكا فى
اليوم الواحد فى حربها على أفغانستان فى اليوم الواحد ما يزيد على مائة
مليون دولار، وليدفع العرب، وليحيا العرب، وليبارك الله فى بترول العرب،
تكلفة اليوم الواحد ما يزيد على مائة مليون دولار.
فالصاروخ
تزيد قيمته على مليونى دولار والقنبلة الانشطارية التى تسقط الآن على أرض
أفغانستان تزيد تكلفتها على نصف مليون دولار ويطالب الحقير الأمريكى بوش
أن يتكلف العرب بتسديد هذه الفاتورة بدعوى أنها حرب على الإرهاب، والعالم
العربى كله فى حاجة للقضاء على الإرهاب.
حسبنا
الله ونعم الوكيل، كل الكلمات ورب الكعبة أراها تنسحب من بين يدى، بأى لغة
أعلق وبأى كلام أذيل على مثل هذا الكلام الخطير فالجزية اليوم تدفعها
الأمة، وربعى يقول لرستم: الجزية، وإن احتجت إلى نصرتنا نصرناك قال رستم:
وما الثالثة؟ قال ربعى: القتال ولن نبدأك بقتال فيما بين اليوم وبين اليوم
الثالث إلا إن بدأتنا أنت فقال رستم: عرفتك أسيدهم أنت؟ أنت القائد قال:
لا ولكن المسلمين كالجسد الواحد يسعى بذمتهم أدناهم على أعلاهم هذه أمة
الجسد الواحد التى حققت قول المربى والمعلم
كما فى الصحيحين من حديث النعمان:"مثل المؤمنين فى توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى"(
[2])
هذه أمة الجسد الواحد التى حققت قول النبى
كما فى الصحيحين من حديث أبى موسى الأشعرى:" المؤمن للمؤمن كالبينان يشد بعضه بعضا" وشبك النبى بين أصابعه(
[3]).
هذه أمة الجسد الواحد، ومن ثم استحقت هذه الأمة أن تخاطب من الله جل وعلا بقوله: {كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ} (110) سورة آل عمران. استحقت هذه الأمة أن تخاطب من الله جل وعلا وعلا بقوله: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِّتَكُونُواْ شُهَدَاء} (143) سورة البقرة. استحقت هذه الأمة أن تخاطب من الله بقوله: {إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ} (92) سورة الأنبياء. وإذا كان المراد بالآية هم الأنبياء فالخطاب لأمة سيد الأنبياء وإمام الأصفياء محمد
ظلت هذه الأمة عزيزة ترفل فى ثوب العزة والكرامة حتى جئ بتاج كسرى بن هرمز
ليوضع فى حجر عمر بن الخطاب رضى الله عنه تاج كسرى، يؤتى بتاج كسرى ليوضع
بين يدى الفاروق وقيصر تفتت إمبراطوريته، وكسرى يمزق ملكه، وتنتشر وتعلو
راية الإسلام على ثلثى الكرة الأرضية فى فترة لا تساوى فى حساب الزمن
شيئاً على الإطلاق، ارتفعت راية الإسلام فى قلب الصين فى قلب فرنسا فى
إيطاليا فى أقصى الحدود المغربية.
ارتفعت
راية التوحيد فى قلب أوروبا على أيدى هؤلاء الأبطال الفاتحين الذين عرفوا
الغاية التى من أجلها خلقوا والوظيفة التى من أجلها ابتعثوا ثم راحت تتخلى
شيئا فشيئا عن ثوب عزها- أصل عزها- عن قرآن ربها، وسنة نبيها
،
راحت الأمة تبتعد يوماً بعد يوم يوماً بعد يوم حتى وقع ما لم يكن يخطر
البتة على با أحد، نحت الأمة شريعة الكبير المتعال وحكمت الأمة قوانين
أخبث الرجال فى السياسة، فى الاقتصاد، فى الإعلام ، فى التعليم.
فى كل نواحى الحياة ابحث عن شريعة الله وشريعة رسول الله
ابحث عنها فى الأمة، ضاعت بل وإن من أنباء الأمة ليعلنها صريحة بلا خجل أو
وجل أن الشريعة الإسلامية لم تعد صالحة لمدنية القرن العشرين، والقرن
الحادى والعشرين بل يجب على الأمة إن أرادت أن تحاكى التقدم والانطلاق أن
تحاكى الغرب المنتصر، وأن تحكم قوانينه، ولو اصطدمت مع شريعة الله ورسوله.
استبدلت الأمة بالعبير بعرا، وبالثريا ثرى، وبالرحيق المختوم حريقا محرقا
مدمراً.
وظنت
الأمة أنها قد ركبت قوارب النجاة فغرقت وأغرقت وهلكت وأهلكت وضلت وأضلت،
وصارت الأمة الآن ذليلة لأذل أهل الأرض لمن كتب الله عليم الذل والذلة من
إخوان القردة والخنازير والصليبيين الحقيرين ولعباد البقر حتى الملحدين
فى روسيا.
وهذا هو عنصرنا الثانى: أمة غثاء: وصدقت الأمة قول الصادق الذى لا ينطق عن الهوى كما فى مسند أحمد وسنن أبى داود بسند صحيح من حديث ثوبان أن النبى
قال: " يوشك- ولفظ يوشك للقريب توحى بالقرب- يوشك أن تداعى عليكم الأمم كما تداعى الأكلة إلى قصعتها".
لقد أعلن بوش أنه سيعلن الحرب ضد الإرهاب وضمت القائمة ستين دولة وهذا هو عدد الدول العربية والإسلامية على وجه الأرض.
"يوشك أن تداعى عليكم الأمم كما تداعى الأكلة إلى قصعتها". قالوا: أو من قلة نحن يومئذ يا رسول الله؟! قال:"لا-كلا- ولكنكم يومئذ كثير ولكن غثاء كغثاء السيل".
انظر إلى هذا الزبد الذى يقذف به السيل لا وزن له ولا قيمة يأرجحه لتيار حيثما شاء وأراد" ولكنكم غثاء كغثاء السيل، وليوشكن الله أن ينزع المهابة من قلوب عدوكم وبقذف فى قلوبكم الوهن" قيل: وما الوهن يا رسول الله؟ قال:" حب الدنيا وكراهية الموت"(
[4])
صدق
المصطفى الذى لا ينطق عن الهوى صارت الأمة غثاء من النفايات البشرية تعيش
على ضفاف مجرى الحياة الإنسانية كدول، أستغفر الله كدويلات متناثرة
متصارعة متحاربة تفصل بينها حدود جغرافية مصطنعة، ونعرات قومية جاهلية
مقيتة وترفرف على سمائها رايات القومية والعروبة والوطنية، وتحكم الأمة
قوانين الغرب العلمانية، وتدور بالأمة الدوامات السياسية فلا تملك الأمة
لنفسها حق الدوران بل ولا تختار لنفسها حتى المكان الذى تحب أن تدور فيه.
ذلت
الأمة بعد عزة وجهلت بعد علم وعفت بعد قوة، واصبحت فى ذيل القافلة البشرية
بعد أن ، كانت فى الأمس القريب تقود القافلة كلها بجدارة واقتدار، واصبحت
تتسول على موائد الفكر البشرى بعد أن كانت بالأمس القريب منارة تهدى
الحيارى والتائهين ممن أحرقهم لفح الهاجرة القاتل وأرهقهم طول المشى فى
التيه والظلام بل وأصبحت الأمة تتأرجح فى سيرها وضلت فى طريقها بعد أن
كانت الأمة فى الأمس القريب الدليل الحاذق الأرب فى الدروب المتشابكة بل
وفى الصحراء المهلكة التى لا يهتدى للسير فيها إلا المجربون.
أهذه أمة دستورها القرآن وقائدها محمد
؟! أهذه هى الأمة التى خوطبت من الله سبحانه وتعالى بقوله: {كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ } (110) سورة آل عمران؟! أهذه هى الأمة التى خوطبت من الله بقوله: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا } (143) سورة البقرة؟! أهذه هى الأمة التى خوطبت من الله بقوله: {وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُواْ } (103) سورة آل عمران.؟!.
أنظر
إلى الملايين المملينة التى لا تعرف شيئا عن شرع ربها، ضيعت الصلاة ضيعت
الزكاة ، ضيعت الحج مع القدرة، تسأل غير الله ، تستعين بغير الله تستغيث
بغير الله، تثق فى أمريكا وبعض دول الأرض أكثر من ثقتها فى الله، إلى آخر
هذا الوباء والبلاء فى الأمة.
الآن
بات فى الأمة من يشرك بالله وبات فى الأمة من يأمر بالمنكر وينهى عن
المعروف. أنا لا أبالغ وأنا لا أريد أن ألهب العواطف بكلمات فارغة وإنما
أتحدث عن واقع يعلمه كل مسلم وتعلمه كل مسلمة هذا واقع الأمة ابتعدت الأمة
عن ربها فذلت، ابتعدت الأمة عن رسول الله فهانت، ابتعدت الأمة عن الإسلام
فانكشفت سواءاتها وعوراتها، فطمع فيها اليهود أنجس أهل الأرض وهم يفعلون
الآن بها فى فلسطين ما يندى له جبين التاريخ، بل ما يحترق له قلب كل مسلم
غيور.
يصرخ
زعيم السلطة ويقول: بأنه يثق فى شارون وبأن شارون صديق حميم حريص على
السلام قمة الذل قمة الاستجداء، شارون السفاح المجرم التى لطخت يداه بدماء
المستضعفين فى فلسطين يوم أن كان ضابطاً صغيراً فى الجيش اليهودى- وإلى
هذه اللحظة حريص على السلام صديق حميم- تُهدم البيوت وتسفك الدماء وتمزق
الأشلاء وينتهك عرض الإسلام وعرض المقدسات والأمة تسمع وترى، والمسلمة
فى فلسطين تقول: واإسلاماه وامعتصماه لكن أين المعتصم ما ثم معتصم يغيث أين
زعماء العرب؟ أين حكام المسلمين؟ أين الجيوش المسلمة لتنقذ هذه المسلمة التى
تنادى على المعتصم:
ما ثم معتصم يغيث ذبحوا الصبى وأمه ذبحوا الصبى وأمه وعدوا على الأعراض يا ألف مليون مسلم وأين ما ثم معتصم يغيث آه يا ملسمون متنا قرونا أى شئ فى عالم الغاب نحن نحن لحم للطير والوحش منا وعلى المحصنات تبكى البواكى يا قد هوينا لما هوت وأعدوا واقتلعنا الإيمان فاسودت الدنيا وإذا الجذر مات فى باطن الأرض
|
| من استغاث به وصاح وفتاة ذات الوشاح ذبحوا الصبى وأمه فى انتشاء وانشراح هم إذا دعت الجراح من استغاث به وصاح والمحاق الأعمى يليه محاق آدميون أم نعاج تساق الجثث الحمر والدم الدفاق يا لعرض الإسلام كيف يراق من الردى ترياق علينا واسودت الأعماق تموت الأغصان والأوراق
|
تنادى
على المسلمين فى بقاع الأرض مسلمة فى فلسطين، مسلمة فى أفغانستان، ومسلمة
فى الشيشان، ومسلمة فى كشمير، ومسلمة فى طاجيكستان، ومسلمة فى الفلبين،
ومسلمة فى الصومال، ومسلمة فى السودان، ومسلمة فى الجزائر وتقول:
أنا لا أريد طعامكم وشرابكم أنا لا أريد طعامكم وشرابكم عرضى يدنس أين شيمتكم عرضى يدنس أين شيمتكم
|
| فدمى هنا يا مسلمون يراق فدمى هنا يا مسلمون يراق أما فيكم أبى قلبه خفاق أما فيكم أبى قلبه خفاق
|
أختاه | | أختاه
|
أمتنا التى تدعينها صارت أرادت قومية مشئومة وصارت
|
| على درب الخضوع تساق بها نحو الضياع رفاق
|
فمدى
إلى الرحمن أكف تضرعك، فمدى إلى الرحمن أكف تضرعك، إنه الذل إنه الهوان
وددت لو أسمعت حكام العرب المسلمين مثل هذا، فأنا أعلم أنكم لا تملكون من
الأمر شيئا إلا النذر اليسير، وددت لو أسمعت المة كلها مثل هذه الكلمات
التى تذيب الصخور والحجارة ولكن القلوب صارت أقسى من الصخور وأشد من
الحجارة.
أين واجب هؤلاء؟!!!
وهذا هو عنصرنا الثالث واجب النصرة:
النصرة بالنفس لمن استطاع والنصرة بالمال لمن لم يقدر على نصرة هؤلاء المستضعفين بنفسه قال تعالى:
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ
تُنجِيكُم مِّنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ * تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ
وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ
ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ} (10، 11) سورة الصف.
النصرة
بالكلمة السياسة الآن تديرها الكلمة، تديرها الآن سياسة الإعلام اليهودية
التى تتحكم فى الإدارة الأمريكية بل وفى الإدارة الأوروبية، هذه الجريدة
الوقحة التى تعلن الحرب على مصر ورئيسها، وعلى السعودية وملكها، هذه
الجريدة واشنطن بوست، ارجعوا إلى الجريدة، لتعرفوا مجلس إدارتها، لتعرفوا
محرريها، ومن ينفق عليها فالجريدة كلها يهودية صرفة، رئيس مجلس الإدارة
يهودى، المحررون يهود، فالشركة كلها مملوكة لأسرة يهودية آل واشنطن بوست
حتى لا نستكثر على هذه الجريدة وغيرها من وسائل الإعلام الأمريكية هذه
الحرب القذرة التى تشن الآن على مصر والسعودية؛ لأنهم يعلمون يقيناً وزن
مصر ومكانة مصر ولا يريدون أبداً لمصر أن تتدخل لا من قريب ولا من بعيد فى
مثل هذه الفتنة الطاحنة، ولكن سنؤكل ورب الكعبة جميعا يوم أكل الثور
الأبيض.
فالنصرة
بالنفس والمال وبالكلمة وبتحقيق الولاء والبراء، وبإقامة الفرقان للإسلام
للخروج من حالة الغبش التى تحياها الأمة وبإعداد بيتك إعداداً يليق بخطورة
المرحلة المقبلة والتى لابد منها، ثم الدعاء وأنا أعى قدر كلمة الدعاء ولا
أستهين بهذا السهم الذى إذا خرج من قوس مشدود وصادف القوس ساعداً قوياً
لأصاب السهم الهدف بإذن الرب العلىَ، فنحن نريد الآن قلوباً تحترق ودعوات
صادقة تخرج من هذه القلوب إلى عنان السماء ونحن مظلومون ليرفعها من حرم
الظلم على نفسه ، فوق الغمام وليقول لها:" وعزتى وجلالى لأنصرنك ولو بعد حين"(
[5]).
فوالله
وإن تخلى العالم الغربى كله والعالم الإسلامى عن هؤلاء المستضعفين فى
فلسطين وأفغانستان وفى كل مكان وكيف وربك عدل؟ كيف وما ربك ما بظلام
للعبيد؟ كيف وربك حرم الظلم على نفسه؟" يا عبادى إنى حرمت الظلم على نفسى وجعلته بينكم محرما فلا تظالموا".
وهذا هو عنصرنا الرابع: من عناصر اللقاء بإيجاز شديد أيها المظلوم صبراً لا تهن إن عين الله لاتنام: {اللّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لاَ تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلاَ نَوْمٌ }
(255) سورة البقرة. ولكنه الله أودع للكون سننا ربانية لا تتبدل ولا تتغير
ولا تحابى تلك السنن أحداً من خلقه بحال مهما أدعى لنفسه من مقومات
المحاباة.
قال تعالى: { إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ } (11) سورة الرعد.
قال تعالى: { وَلَوْلاَ دَفْعُ اللّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَّفَسَدَتِ الأَرْضُ } (251) سورة البقرة. قال تعالى: {
وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُم بِبَعْضٍ لَّهُدِّمَتْ
صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ
اللَّهِ كَثِيرًا وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ
لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ} (40) سورة الحـج.
وأنا أقسم بالله أن ما نراه الآن على أرض فلسطين وعلى أرض أفغانستان لهو النصرة الحقيقة لهؤلاء المستضعفين من رب العالمين.
الانتفاضة
مضى عليها عام أو يزيد: أسأل الآن أى يهودى على أرض فلسطين هل يشعر بالأمن
هل يشعر بالاستقرار سل جنرالات اليهود الكبار يصرح أحد جنرالاتهم ويقول:
صرت أخشى كل شئ فى الشارع صرت أخشى صندوق القمامة صرت أخشى الدراجة التى
تمر أمامى وأخشى أن تنفجر فى وجهى فى أى لحظة: {إِن يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِّثْلُهُ } (140) سورة آل عمران.
ثم
انظر إلى سلاح هؤلاء، وإلى ترسانة هؤلاء انظر إلى سلاح اليهود وسلاح
المستضعفين الفلسطينيين، لا وجه للمقارنة صار الحجر فى أيدى الطفل المسلم
بتلألأ سيتوهج كأنه قنبلة.
أذكر
ورب الكعبة كل ما رأت عينى من مشهد رقراق، مشهد طفل جرى وراء يهودى يجرى
أمامه وهو مدجج بالسلاح يجرى وراءه بالحجر أتذكر قول ربى لنبى: {وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللّهَ رَمَى }
(17) سورة الأنفال. لماذا يجرى اليهودى؟ جبان ولماذا يقدم الطفل الفلسطينى
الذى علم الدنيا كلها أن محمداً ما مات وما خلف ينات، بل خلف أطفالاً
رجالاً أبطالاً علموا الدنيا كلها كيف يكون الذود عن الكرامة والعرض
والمقدسات، علموا الحكام والزعماء حقيقة الشرف، وشرف البطولة وعظمة
الفداء إنه النصر لهم إنه النصر: { وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ} (40) سورة الحـج.
أقسم
برب الكعبة إنه النصر مضى عام، والأطفال الأبطال ما ماتت لهم شكيمة ما
سلموا وما استسلموا بل يرقد الآخرون بذل وعار للاستسلام ولتوقيع الذل
والمهانة، ولكن هؤلاء يأبون الذل ويأبون الضيم ويأبون إلا الكرامة ويقفون
فى الصف ويتصدون لهذه الترسانة الرهيبة اليهودية بل وإن شئت فقل لهذه
الترسانة الأمريكية بكل عز وكرامة.
إنه النصر صار كل وزير يهودى يخشى على نفسه يفتش فى بيته، يفتش فى حديقته، يخشى من أى شئ، ماذا تريدون بعد ذلك؟
وإذا
انتقلت إلى أفغانستان أقول بملء الفم فى الأسبوع الرابع على التوالى فى
الحملة الأمريكية على أفغانستان يصرح البنتاجون: إن الحملة قد حققت عشرة
فى المائة(10%) من أهدافها ، وأنا أقول: لم تحقق الحملة ولا واحدا فى
المائة (1%) من أهدافها ما زال كل من يبحثون عنهم موجودين بفضل الله.
وما
زال الأسود فى كهوفهم ينتظرون الجيش الأمريكي، الذى لا يجيد إلا الرمى من
فوق والهرب، ينتظرون الجيش ينزل على الأرض كما صرح الملا محمد عمر يقول:
نتشوق للقاء الجيش الأمريكى على الأرض لنلقنهم درساً أقسى من الدرس الذى
لقناه للروس بإذن الله، ما سقط على أفغانستان من صواريخ وقنابل كان كفيلاً
لو أن الأمور تسير بالطبيعة والقوانين المادية كما يحدث العلمانيون، لو أن
الأمور تسير هكذا كان تسير بالطبيعة والقوانين المادية كما يحدث
العلمانيون، لو أن الأمور تسير هكذا ما سقط على أفغانستان كفيلاً بمحو
أفغانستان من على خريطة العالم وووجه الأرض.
ولكن
ما زالت أفغانستان قائمة ولكن الأبطال ما زالوا قائمين ينتظرون، بل ولقد
أصيبت المعنوبات الأمريكية فى الداخل والخارج بنكسه شديدة، وبدأت بعض
الأصوات فى قلب أمريكا تنادى وتقول: ما الذى حققته الحملة الأمريكية على
أفغانستان إلى
هذه اللحظة؟
لم
تحقق أى شئ وقرأت فى اليومين الماضيين فقط تقريراً خطيراً رُفع إلى الرئيس
الأمريكى: إن التكلفة اليومية كما ذكرت للحرب فى أفغانستان تزيد على مائة
مليون دولار، يقول التقرير: ولن تستطيع أمريكا أن تصمد أكثر من سته أشهر
وإلا ستسقط أمريكا اقتصادياً (لا نقدر أت نستمر أكثر من ستة أشهر فى
النفقات الرهيبة).
تقرير أمنى فى منتهى الخطورة، لذلك يريدون أن يحملوا العرب الفاتورة، كما ذكرت هزيمة اقتصادية بالفعل سياسية.
يقين
عسكرى حتمى سقطت هيبة القوة العظمى سياسياً ، عسكرياً، اقتصادياً لكن إن
يسألنى رجل: لماذا لم تنته بالكلية؟ أقول: حتى لا نحاسب الأمم وحتى لا
نحكم على أعمال الأمم بحكمنا على أعمال الأفراد، أقول: لو أصيب شيخ بفيروس
وأصيب شاب قوى بنفس الفيروس فإن تحمل الشيخ للفيروس لا يكون بحال كتحمل
الشاب.
وأمريكا
فى مرحلة الشباب فى مرحلة الفتوة، قوية بلا شك فلا أريد أن أنقض كلامى
لأدفن رأسى فى الرمل كالنعام، قوة عسكرية رهيبة، قوة إقتصادية، قوة سياسية
تسوق العالم كله بعصا غليظة لكن الفيروس أصابها وأصابها فى مقتل والله
تبارك وتعالى يقول: {إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيدٌ} (12) سورة البروج.
لكنها
سنن فلو تخلى أهل الأرض عن هؤلاء المستضعفين لكان الله معهم ويا لها من
معية كريمة، عرف إخواننا هنالك قدرها، ورب الكعبة لقد رأيت رجلاً إعلامياً
يحاور رجلاً بسيطاً من هؤلاء الطلبانيين ويقول له: لقد جيشت أمريكا الجيوش
فبأى شئ استعددتم أنتم لصد هذه الترسانة الرهيبة؟!!!! فابتسم الأخ ابتسامة
لطيفة جميلة
وقال له: معنا الله.
يا
لها من معية جهلت الأمة قدرها وجلالها، نعم معهم من يدير أمر الكون تطلق
أمريكا الصواريخ للتجسس فتأتى كل الصور التى التقطتها أحدث وسائل التقنية
تأتى جل الصور مشوهة مشوشة، قرأت بنفسى لطيار أمريكى يقول: أصعد بطائرتى
وقد حملت بالأسلحة وأصعد على الهدف الذى أخذت وحينما أصل إلى مكان الهدف
لا أرى شيئاً.
قد
يكون ذلك فعل ربى وما ذلك عليه بعزيز، ثم بعد ذلك علمت أن إخواننا يضعون
أهدافا وهمية على الأرض ليضربها الأمريكان يضعون قاعدة كرتونية للدبابات،
قاعدة للطيران، قاعدة للمدافع، وهى مصنعة من الكارتون قاعدة وهمية ويصعد
عليها الطيار ويسقط عليها حمولة تزيد قيمتها على خمسة ملايين دولار؛
ليحرقوا مجموعة من الكارتون لا يصل قيمتها إلى دولار وصدق العزيز الغفار:
{إِنَّ
الَّذِينَ كَفَرُواْ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّواْ عَن سَبِيلِ
اللّهِ فَسَيُنفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ
يُغْلَبُونَ وَالَّذِينَ كَفَرُواْ إِلَى جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ} (36) سورة الأنفال
لا
أريد أن أطيل أكثر من ذلك لقد مضى الوقت سريعاً، أسأل الله جل وعلا أن يقر
أعيننا بنصرة هؤلاء المستضعفين فى فلسطين وفى أفغانستان وفى الشيشان وفى
كل مكان أقو قولى هذا وأستغفر الله لى ولكم.
الخطبة الثانية:
إن
الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد
أن محمدا عبده ورسوله، وصفيه من خلقة وخليله أدى الأمانة وبلغ الرسالة
ونصح للأمة فكشف الله به الغمة، وجاهد فى الله حق جهاده حتى أتاه اليقين.
فاللهم
اجزه عنا خير ما جزيت نبياً عن أمته ورسولا عن دعوته ورسالته. وصل اللهم
وسلم وزد وبارك عليه وعلى آله وآصحابه وأحبابه وأتباعه وعلى كل من اهتدى
بهديه واستن بسنته واقتفى أثره إلى يوم الدين.
فأخيراً أيها الأحبة:
فمن
رحم الليل يولد نور الصبح: يشرق ضوء الفجر وإن أشد ساعات الليل سوادا هى
الساعة التى يأتى بعدها ضوء الفجر مباشرة، ولقد اشتد الظلام واستحكمت
حلقاته اشتد الظلم واشتد الكرب وكلما اشتد استبشرنا بنور الصبح وبإشراقة
الفجر بموعود الله جل جلاله:
تدبر
معى هذا الخبر وفكر فيه جيداً، فلقد ذكرت فى أول هذه الأزمة أننى ألمح
فيها خيراً كثيراً وها أنا ذا أؤكد لحضراتكم ما ذكرت، فحينما ذكرت ما ذكرت
ليس ذلك من باب الأحلام الوردية، ولا من باب السياسة الجاهلة القاصرة ولا
حتى من باب التنبؤ بالغيب ولكن من خلال فهمى لقرآن الله وسنة الحبيب رسول
الله
.
قلت: لا تحسبوه شرا لكم بل هو خير لكم:
خذ
الخبر رفع تقرير فى غاية الخطورة للبيت الأبيض يقول بأنه من تاريخ 11
سبتمبر وهو يوم الأحداث إلى تاريخ 12 أكتوبر أسلم فى أمريكا ثلاثة آلاف من
الأمريكان هل تصدق هل تصدق مثل هذا الرقم؟ فى شهر ألم أقل: لا تحسبوه شرا
لكم بل
هو خير لكم.
قد
ينظر بعضنا إلى الأمور نظرة ضيقة فيقع الإحباط واليأس لكن لو نظرت إلى
الحدث نظرة شمولية واسعة من خلال فهمك لأيات الله، والسنن الربانية التى
أودعها الله كونه لمحت من وراء كل حدث خيراً عظيماً وإن غاب عنك، فإن
الحكمة ما غابت عن الحكيم الخبير، لقد تجمعت الأمة بكل ما تملك من طاقة
إعلامية ودعوية لتبلغ الإسلام فى الأرض كما شاء الله.
وفى
مثل هذا الحدث تحدث زعماء الغرب بوش، ورئيس وزراء بريطانيا، ورئيس وزراء
إيطاليا، حتى بوتين فى روسيا الكل تحدث عن الإسلام وعن سماحة الإسلام وعن
أخلاق الإسلام فسمع الكثيرون من القريبين، ولأول مرة كلمة الإسلام، وشيئاً
من الصورة الحقيقة للإسلام، فدخل هذا العدد الضخم بكل المقاييس الإسلام فى
شهر واحد لماذا لأن الجهات الأمنية فى أمريكا أمرت الجهات والمراكز
الإسلامية والمساجد أن تتحرك لتظهر الواجهة المشرقة الحقيقية للإسلام
فتحركت كل الجمعيات التى قيدها اليهود قبل ذلك، تحركت بأمر من الجهات
الأمنية أو إن شئت فقل بتقدير من خالق البشرية جل جلاله، فكانت النتيجة أن
يسلم ما يزيد على ثلاثة آلاف رجل وامرأة من الأمريكان أنفسهم إنه وعد
الله: {يُرِيدُونَ لِيُطْفِؤُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ} (8) سورة الصف.
الدعاء....
[/center]