كتابة الحديث
أ - تعريفها ب - حكمها ج - صفتها:
أ - تعريفها
كتابة الحديث: نقله عن طريق الكتابة.
ب - حكم كتابة الحديث
والأصل فيها
الحل، لأنها وسيلة، وقد أذن النبي -صلّى الله عليه وسلّم- لعبد الله بن
عمرو أن يكتب ما سمعه منه، رواه أحمد بإسناد حسن. فإن خيف منها محذور
شرعي منعت، وعلى هذا يحمل النهي في قوله -صلّى الله عليه وسلّم-:
(لا تكتبوا عني شيئًا غير القرآن، فمن كتب عني شيئًا غير القرآن فليمحه). رواه مسلم وأحمد واللفظ له.
وإذا توقف عليها حفظ السنة وإبلاغ الشريعة كانت واجبة، وعليه تحمل كتابة النبي -صلّى الله عليه وسلّم- بحديثه إلى الناس يدعوهم إلى الله عزّ وجل ويبلغهم شريعته، وفي "الصحيحين" عن أبي هريرة -رضي الله عنه-
(أن النبي -صلّى الله عليه وسلّم- خطب عام الفتح فقام رجل من أهل اليمن يقال له: أبو شاه فقال: اكتبوا لي يا رسول الله، فقال: اكتبوا لأبي شاه)، يعني الخطبة التي سمعها من رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-.
ج - صفتها
وتجب العناية بكتابة الحديث؛ لأنها إحدى وسيلتي نقله، فوجبت العناية بها كنقله عن طريق اللفظ.
وللكتابة صفتان: واجبة ومستحسنة:
فالواجبة: أن يكتب الحديث بخط واضح بيِّن، لا يوقع في الإشكال والالتباس.
والمستحسنة: أن يراعي ما يأتي:
1 - إذا مر بذكر اسم الله كتب: تعالى، أو عزّ وجل، أو سبحانه، أو غيرها من كلمات الثناء الصريحة بدون رمز.
وإذا مر بذكر اسم الرسول -صلّى الله عليه وسلّم- كتب: -صلّى الله عليه وسلّم- أو عليه الصلاة والسلام صريحة بدون رمز، قال العراقي في "شرح ألفيته" في المصطلح: ويكره أن يرمز للصلاة على النبي -صلّى الله عليه وسلّم- في الخط بأن يقتصر على حرفين ونحو ذلك، وقال أيضًا: ويكره حذف واحد من الصلاة، أو التسليم، والاقتصار على أحدهما. اهـ.
* وإذا مر بذكر صحابي كتب:
-رضي الله عنه- ولا يخص أحدًا من الصحابة بثناء، أو دعاء معين يجعله
شعارًا له كلما ذكره. كما يفعل الرافضة في علي بن أبي طالب -رضي الله
عنه- في قولهم عند ذكره: عليه السلام أو كرم الله وجهه، قال ابن كثير: فإن هذا من باب التعظيم، والتكريم، فالشيخان يعني: أبا بكر وعمر وأمير المؤمنين عثمان أولى بذلك منه. اهـ.
فأما إن أضاف
الصلاة إلى السلام عند ذكر علي -رضي الله عنه- دون غيره فهو ممنوع، لا
سيما إذا اتخذه شعارًا لا يخل به، فتركه حيئنذٍ متعين، قاله ابن القيم في
كتاب "جلاء الأفهام".
* وإذا مر بذكر تابعي فمن بعده ممن يستحقون الدعاء كتب: رحمه الله.
2 - أن يشير إلى نص الحديث بما يتميز به: فيجعله بين قوسين ( ) أو مربعين [ ] أو دائرتين * * أو نحو ذلك، لئلا يختلط بغيره فيشتبه.
3 - أن يراعي القواعد المتبعة في إصلاح الخطأ:
* فالساقط يلحقه في أحد الجانبين، أو فوق، أو تحت مشيرًا إلى مكانه بما يعيّنه.
* والزائد
يشطب عليه من أول كلمة منه إلى الأخيرة بخط واحد؛ لئلا ينطمس ما تحته
فيخفى على القارئ، وإذا كان الزائد كثيرًا كتب قبل أول كلمة منه (لا)
وبعد آخر كلمة منه (إلى) ترفعان قليلًا عن مستوى السطر.
وإذا كانت
الزيادة بتكرار كلمة شطبت الأخيرة منها، إلا أن يكون لها صلة بما بعدها
فيشطب الأولى، مثل أن يكرر كلمة عبد في عبد الله، أو امرئ في امرئ مؤمن،
فيشطب الأولى.
4 - أن لا يفصل بين كلمتين في سطرين إذا كان الفصل بينهما يوهم معنى فاسدًا، مثل قول علي -رضي الله عنه-: بشر قاتل ابن صفية (يعني: الزبير بن العوام) بالنار، فلا يجعل بشر قاتل في سطر، وابن صفية في النار في سطر آخر.
5 - أن يجتنب الرمز إلا فيما كان مشهورًا بين المحدثين ومنه:
* (ثنا) أو (نا) و(دثنا) يرمز بها عن حدثنا، وتُقرأ: حدثنا.
* (أنا) أو (أرنا) أو (أبنا) يرمز بها عن أخبرنا، وتقرأ: أخبرنا.
* (ق) يرمز بها عن قال، وتقرأ: قال، والأكثر حذف قال بدون رمز، لكن ينطق بها عند القراءة.
مثاله: قول البخاري: حدثنا أبو معمر: حدثنا عبد الوارث، قال يزيد: حدثني مطرف بن عبد الله عن عمران، قال:
(قلت: يا رسول الله فيم يعمل العاملون؟ قال: كل ميسر لما خلق له).
فقد حذفت (قال) بين الرواة، لكن ينطق بها عند القراءة فيقال في المثال: قال البخاري: حدثنا أبو معمر قال: حدثنا عبد الوارث قال: قال يزيد: حدثني مطرف... إلخ.
* (ح) يرمز بها للتحول من إسناد إلى آخر إذا كان للحديث أكثر من إسناد، سواء كان التحول عند آخر الإسناد أو في أثنائه، وينطق بها على صورتها فيقال: حا.
مثال التحول عند آخر الإسناد:
قول البخاري: حدثنا يعقوب بن إبراهيم قال: حدثنا ابن علية، عن عبد العزيز بن صهيب، عن أنس عن النبي -صلّى الله عليه وسلّم- (ح) وحدثنا آدم قال: حدثنا شعبة عن قتادة عن أنس قال: قال النبي -صلّى الله عليه وسلّم-:
(لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من والده، وولده، والناس أجمعين).
ومثال التحول في أثنائه:
قول مسلم: حدثنا قتيبة بن سعيد قال: حدثنا ليث (ح) وحدثنا محمد بن رمح: حدثنا الليث عن نافع عن ابن عمر عن النبي -صلّى الله عليه وسلّم- أنه قال:
(ألا
كلكم راعٍ، وكلكم مسؤول عن رعيته. فالأمير الذي على الناس راعٍ وهو
مسؤول عن رعيته. والرجل راع على أهل بيته، وهو مسؤول عنهم. والمرأة
راعية على بيت بعلها وولده، وهي مسؤولة عنهم. والعبد راعٍ على مال سيده،
وهو مسؤول عنه. ألا فكلكم راعٍ. وكلكم مسؤول عن رعيته).
كتاب: مصطلح الحديث للعلامة ابن عثيمين