الأخ العزيز والجار الكريم/
........................................
وفقه الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أما بعد :
فمن منطلق وصية الإسلام بالجار
، نبعثُ إليك هذه الرسالة وكلنا رجاءٌ أن تجدَ قلباً للخير مفتوحاً
وأُذُناً لكلِمة الحق سامعةً ، ولولا طمعُنا في حسن استجابتك للحقِ لما كتبنا إليك حرفاً واحداً.ولا نكتُمُك سرورنا بحسن جِوارِك ، وغِبطتنا بحفاظِك على الصلواتِ جماعةً في المسجدِ ، وهذا كافٍ في تأكيد حقك .ولسنا - أيها الأخ الكريم - نلحظ عليك أمراً نربأ بمثلك عنه ، إلا غيابك عن جماعتنا في صلاة الفجر ، ونحن على ثقة من معرفتك بحقها ، وعظيم شأنها وأن أداءها مع الجماعة
يُبرئ ساحةَ المرءِ من النفاق، ويستحق جزاء عليها الجنة ، بنص كلامِ
الصادقِ المصدوق صلى الله عليه وسلم إذ يقولُ ( من صلى البردين دخل الجنة
) ويمنحُه وعداً بالنجاة من النار لقوله صلى الله عليه وسلم ( لن يلج
النار أحد صلى قبل طلوع الشمس وقبل غروبها ) -يعني الفجر والعصر- هذا مع
كونه في ذمة الله وحفظه لقوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم ( من صلى الصبح
في جماعة فهو في ذمة الله فلا يطلبنكم الله من ذمته بشيء) .وصلاةُ الفجر هي الصلاة التي من صلاها في جماعة كان كمن صلى الليل كله ؛ قال عليه الصلاة والسلام : ( من صلى العشاء في جماعة فكأنما قام نصف الليل ، ومن صلى الصبح في جماعة فكأنما صلى
الليل كله) وهي التي تشهدها الملائكة لقوله تعالى ( وقرآن الفجر إن قرآن
الفجر كان مشهوداً) . ولعظم أمرها ، وشدة خطرها. كان أصحاب رسول الله صلى
الله عليه وسلم تنتابهم الظنُون السيئةُ بمن يتخلف عنها ؛ قال ابن عمر رضي
الله عنهما :
كنا إذا افتقدنا الرجل في الفجر والعشاء أسأنا به الظن ، ولقد أخبر الرسول
صلى الله عليه وسلم أن أثقل الصلاة على المنافقين صلاة العشاء والفجر ،
ولو يعلمون ما فيهما لأتوهما ولو حبواً.فالبدار البدار -أخي المسلم- لشهود هذه الصلاة التي تجدد الإيمان
وتحيي القلوب ، وتشرح الصدور ، وتملأ النفس بالسرور ، ويثقل الله بها
الموازين ويعظم الأجور.أخي المسلم : إن لذة الدقائق التي تنامُها وقت
الفجر لا تعدل ضَمّةً من ضمّات القبر ، أو زفرة من زفرات النار، يأكل
المرءُ بعدها أصابعه ندماً أبد الدهر ، يقول : ( رب ارجعون لعلي أعمل صالحاً فيما تركت) .فتباً للذة تعقب ندماً ، وراحة تجلب ألماً.أيها
الأخ الفاضل : تذكر نعمة الله التي تتوالى تباعاً عليك وانظر في حال قوم
ينام أحدهم ورأسه مثقل بالهموم والأحزان وبدنه منهك من التعب بحثاً عن
لقمة يسد بها جوعته ، يستيقظ صباح كل يوم إما على أزيز المدافع ، أو لفح البرد أو ألم الجوع ، وحوله صبية يتضاغون جُوعاً ، ويتلَّوون ألماً
، وأنت هنا آمِنٌ في سِرْبِك ، معافىً في بدنك ، عندك قوتُ عَامِك ، فاحذر
أن تُسلبَ هذه النعمة بشؤم المعصية ، والتقصير في شكر المنعم جل وعلا.أخي
: هل أمنت الموت حين أويت إلى فراشك ، فلعل نومتك التي تنامها لا تقوم بعدها إلا في ضيق القبر.فاستعد الآن ، مادمت
في دار المهلة ، وأعد للسؤال جواباً ، وليكن الجواب صواباً.نسأل الله أن
تكون ممن يستمعون الحق فيتبعون أحسنه ، وأن يختم لنا ولك بخاتمة السعادة ،
وأن يعيننا على ذكره وشكره وحسن عبادته ، إنه ولي ذلك والقادر عليه.وصلى
الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته