يعيش
كثير من المسلمين حياتهم دون أن يسطروا سطرا واحدا أو حتى حرفا واحدا في
سجلات الشرف على صفحات الحياة بل وربما يصرون على أن تكتب أسمائهم في
سجلات الغافلين والعابثين أو حتى المفسدين.... قليل هم أولئك الذين يخطون
بأعمالهم سطور المجد ..وأقل منهم من يحفرون بدمائهم سجلات الشرف في أنصع
صفحات التاريخ ومنهم شيخ فلسطين المجاهد البطل والعالم الداعية الشهيد
أحمد ياسين (نحسبه كذلك والله حسيبه) والذي صدق فيه قول الحق سبحانه ( من المؤمنين رجال صدقوا ماعاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر ومابدلوا تبديلا )
وتمثل فيه قول الشاعر :
علو في الحياة وفى الممات لحق أنت إحدى المعجزات
علو في الحياة .........
بكل ماتعنيه الكلمات .... عاش –رحمه الله- حياة حافلة بالكفاح خطيبا وداعية إلى الله ومربيا
ومجاهدا ومناضلا عن حق أمته ولقى في خلال ذلك صنوفا من الابتلاءات والمحن
كل واحد منها كان كفيلا بأن يفت من عضد الأقوياء من الرجال فمن تشريد الى
اعتقال وتعذيب الى ابعاد ولكنه صبر لها صبر المؤمن وصمد لها صمود الرجال
وهو من هو ...... انه الرجل الذي لايتحرك فيه الا قلبه ولسانه ضعيف البدن
لكن الله عوضه
عن ذلك عزيمة تفتت الصخر .... امتحن فى صحته بصنوف من الأمراض ( الشلل
الرباعى ضعف السمع والبصر ...وغيرها ) فما التمس لنفسه العذر فى ترك
الجهاد وقد عذره الله ألم يقل سبحانه وتعالى ( ولا على المريض حرج ) ارتفع عن ذلك كله بتوفيق الله فرفعه الله الى مكانة عالية باذن الله .. ان الكلمات لتعجز عن أن تصف حياة هذا الرجل كيف كانت والى أى قمم سمت نفسه الطيبة بيد أن موته كان بليغا ......
وعلو في الممات.........
ان موت هذا الرجل يعد كرامة من الكرامات ومنقبة لاينالها الاعبد صادق موفق من عباد الله ... فلو تركوه لمات متأثرا بأمراضه التى ابتلى بها ولكن الله أراد
أن يمن عليه بهذه الكرامة وأن يكرمه بالشهادة على هذه الصورة الطيبة بعد
أن صلى الفجر فى جماعة ليكون موته آية على أن هذه الأمة لم ينضب معينها
ولم تعقم أرحام نساءها أن تخرج من يجددون سيرة حمزة بن عبد المطلب ومصعب
بن عمير وزيد بن حارثة وجعفر الطيار وعبدالله بن
رواحة وسعيد بن جبير والنعمان بن مقرن وغيرهم من سلف الأمة الأخيار هذا من
جهة ومن جهة أخرى فان موته على هذة الصورة حجة علينا نحن المقصرين
القاعدين وقد أصحح الله لنا أبداننا وأعطانا من نعمه الكثير ومع ذلك لاتتحرك أبداننا لنصرة دين الله فضلا عن أن تقف جوارحنا عند حدود الله .....
إخوة الإسلام أما هذا الشيخ فقد أدى ماعليه ووفى وفاز باذن الله ..... فماذا نحن فاعلون .....
اننا
بحاجة لوقفة صادقة مع أنفسنا علنا نتدارك مافاتنا من تقصير فى حق أنفسنا
... اننا نجيد ادارة الاموال وحفظها ومصالح الدنيا ولا نحسن حفظ أعمالنا
التى تنفعنا عند الله فهذا
يصلى ولايجد حرجا فى الغيبة والنميمة والوقوع فى أعراض المسلمين وهذه معاص
تأكل الحسنات .... وذاك يصوم ويتصدق ويحج ويسهل عليه ظلم الناس أوالبغى
عليهم......
يا أخوة الإسلام :
ان الآخرة
قد ارتحلت مقبلة وان الدنيا قد ارتحلت مدبرة وان كنت فى شك من ذلك فانظر
الى المرآة لترى رأسك وقد علاه الشيب وتفكر فى عمرك الذى يمر مرور البرق
وأنت لاتشعر ( ومن مات فقد قامت قيامته ) فكونوا من أبناء الآخرة
ولاتكونوا من أبناء الدنيا وبادروا بالاعمال الصالحة لتكون لكم ذخرا عند الله واحذروا أن تبطلوها بمعصية الله فقد قال الله سبحانه ( ياأيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعو الرسول ولا تبطلوا أعمالكم ) وقال الرسول الكريم صلى الله عليه
وسلم ( بادروا بالأعمال سبعا : فهل تنتظرون الا غنى مطغيا أو فقرا منسيا
أو مرضا مقعدا أوهرما مفندا أو موتا مجهزا أو الدجال ...فشرغائب ينتظر أو
الساعة .. فالساعة أدهى وأمر......)