ازمـة التقليــص تطال الصحف

تغريد السليمان

يبدو ان الازمة المالية باتت اخطارها على القطاع
الاعلامي والعاملين فيه بشكل خاص كسرب الجراد الجائع الذي غزى بوحشية كل
ماهو اخضر جميل ليتحول الى ساحات صفراء قاحلة فالخطر الاول يتجلى بوضوح في
قيام العديد من القطاعات الاعلامية منذ العام الماضي الى تقليص اعداد
العاملين والصحفيين في مؤسساتها، حيث وصل التقليص في الصحف القطرية الى
50% تقريياً وهي نسبة ليست بالبسيطة والتي باتت تهدد امن واستقرار باقي
العاملين من ان تطالهم موجة " التقليص العشوائية " كما ان هناك عدداً من
الصحفيين مهددين بالاقالة في حال استمرار الازمة المالية العالمية او تكرر
وقوعها بشكلها السابق، بحجة انهم يشكلون عامل ضغط على ميزانية
المؤسسات الاعلامية في الوقت الذي ارتفعت فيه الاسعار بشكل جنوني، والسؤال
الذي اطرحه في هذا الصدد: لماذا لم يتم الكشف مبكراً على قوائم
العاملين في القطاعات الاعلامية ومراجعة اوضاع الفائض منهم حتى يتم تدارك
الامور بالشكل الصحيح؟ وهل من حق المؤسسات الصحفية تسريح اعداد من
المحررين دون ان يكون لهم تأمين على حياتهم او ايجاد عمل آخر لهم ؟

اما
الخطر الثاني فيكمن في تهميش الكفاءات الاعلامية الناضجة خاصة القطرية
منها، والتي تكون بدرجة منتجة بجدارة وهذا يعد تسريباً لها، ولذلك لا
نتعجب من ان صحفنا خالية تقريباً من القطريين والخليجيين، بل ان وجدوا
بالفعل فيكون مصيرهم التهميش وتحت التدريب تحت مسمى " محرر متعاون " دون
عقود عمل رسمية تضمن استقرارهم، الى جانب استلامهم رواتب مقطوعة ومرتبطة
بالانتاجية بتقدير من ادارة التحرير، وهذا الوضع للاسف لا يتناسب مع محرر
كفأ اثبت نفسه مهنياً مع اعلان رغبته في الاستمرار في الميدان الصحفي.

ان
الحل الامثل لتفادي تلك الازمات التي اصبحت تطال بوحشية بلاط صاحبة
الجلالة والعاملين فيها دون اهتمام او مبالاة هو تدخل الجهات المعنية
بالدولة للنظر في حال الاعلام القطري ومؤسساته وحماية المحررين الصحفيين
القطريين منهم وغير القطريين كأول حق من حقوقهم الانسانية والمهنية ،
فبعدما كانت مشكلة ضعف الرواتب العائق الاكبر الذي يحول دون استمرارهم
والتي جعلت الكثيرين منهم ينفرون من الساحة، اصبحت اليوم تداعيات الازمة
المالية هي المسيطرة على الوضع
والتي تبلورت من خلال تقليص الاعداد بالتسريح او الطرد، فنحن اليوم نحتاج
الى حلول مثالية ناجعة لتفادي وقوع مخاطر اكبر في المستقبل يمكن ان تعجل
ببعض المؤسسات الاعلامية القطرية الى اعلان افلاسها دون سابق انذار مثل ما
حدث مع صحيفة " الصوت " الكويتية التي توقفت عن الصدور وسرحت عامليها بسبب
الازمة المالية التي اجتاحت العالم منذ العام الماضي .