إلي كل أخ مسلم وكل اخت مسلمة: أسأل الله جل وعلا أن يخرج الأحزان من قلوبكم وأن يملأها فرحاً وسعادة وسروراً وأن يسعدكم في الدنيا بطاعته .. وفي الآخرة بصُحبة النبي صلي الله عليه وسلم في الفردوس الأعلي .. وأن يجمعنا جميعاً في الجنة إخواناً علي سرر متقابلين.
لا تحزن وابتسم للحياة .. إنه شعار أريد ان يرفعه كل مُبتلي لنغرس الأمل في صحراء اليأس .. ولماذا اليأس ؟
إن الدنيا ساعة وسوف تمر بحلوها ومرها .. والأحزان كلها إلي زوال .. إما أن ترحل عنك برفع البلاء وإما أن ترحل أنت عنها بالموت..
وهناك .. وما أدراك ما هناك !!! .. هناك جنة عرضها السماوات والأرض أعدها الله عز وجل لأهل الإيمان .. فيها ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر علي قلب بشر.
أيها المحزون: أنا أعلم أنك تعاني .. بل تصرخ في كل لحظة وتقول: أين الفرحة ؟ متي ترحل الأحزان ؟ .. نداء نسمعه في كل يوم .. بل في كل لحظة.
إنه
نداء النفس الإنسانية التي عاشت في عصر الفتن .. عصر الهموم والغموم
والأحزان .. إنه نداء من يبحث عن السعادة ويشتاق إليها .. إنه نداء من
يتمني أن ترحل الهموم والأحزان من قلبه في غمضة عين.
فالكل يبحث عن السعادة ويبذل كل ما يملك ليشعر بها ولم يعلم أكثر الناس أن السعادة أقرب إلي أحدهم من الهواء الذي يستنشقه.
ولذا
جاء هذا العمل ليخاطب القلوب الحائرة والعقول التائهة ويقول بلسان الحال:
قد سمعت هذا النداء وعلمت الداء ومن ثَم فإليكم الدواء .. إنه الإيمان بالله والرضا بقضائه .. إنه الطريق الوحيد الذي يفتح باب الأمل ويشرح الصدر ويُسعد القلب ويطرد الهموم والغموم والأحزان.
لا تحزن وابتسم للحياة ..
وإذا هجمت عليك كتائب الهموم والأحزان فقل: رب عظيم ، رب رحيم .. يجيب
المضطر ويكشف البلوي ويُغني المحتاج ويشفي المريض ويفرج المهموم.
إنه أرحم بنا من رحمة الأم بطفلها الرضيع.
كيف تحزن وأنت عبد لهذا الإله الرحيم الغفور
التواب الذي وسعت رحمته كل شئ .. إنه لا يبتليك ليعذبك وإنما ليطهرك
ويقربك فلماذا تحزن ؟ إنه يبتليك لأنه يحبك فهل تخيلت يوماً أن الله يحبك ?
أبشر
واسعد وتفاءل .. لا تحزن وابتسم للحياة وعِش حياتك طيبة جميلة رضية ولا
تنشغل بالبلاء عن طاعة رب الأرض والسماء .. فهيــا لنغرس الأمل في صحراء
اليأس.
هيــا لننسي الأحزان كها مع لا تحزن وابتسم للحياة .. ومن باب الوفاء فلقد استفدت كثيراً من كتاب الشيخ الحبيب / عائض القرني حفظه الله وأسأل الله أن يجمعني به وبكم جميعاً في الفردوس الأعلي .. إنه ولي ذلك والقادر عليه.
لاتحزن .. إن الحياة لا تخلو أبداً من الشدائد والأحزان والابتلاءات فإذا أردت أن تستمر في رحلتك فلابد أن تركب مركب الأمل والرضا.
إن
الأمل والأمن والرضا والحب والسكينة النفسية ثمار شهية لغراس العقيدة في
نفس المؤمن .. وذخائر لا تنفذ لإمداده في معركة الحياة .. وإنها لمعركة
طويلة الأمد كثيرة التكاليف محفوفة بالأخطار والمشقات.
ذلك
أن طبيعة الحياة الدنيا وطبيعة البشر فيها تجعلان من المستحيل أن يخلو
المرء فيها من كوارث تصيبه وشدائد تحل بساحته فكم يخفق له عمل أو يخيب له
أمل أو يموت له حبيب أو يمرض له بدن أو يُفقد منه مال .. أو .. أو .. إلي
آخر ما يفيض به نهر الحياة .. حتي قال الشاعر:
جُبلت علي كدر وأنت تريدها صفواً من الآلام والأكدار
ومكلف الأيــام ضد طباعها متطلب في الماء جذوة نار
وإذا كان هذا سُنة الله في الحياة عامة وفي الناس كافة .. فإن أصحاب الرسالات خاصة أشد تعرضاً لنكبات الدنيا وويلاتها. [الإيمان والحياة ص184].
لا تحزن فالصبر مفتاح الفرج.
لا تحزن فإن أشد ساعات الليل سوادا الساعة التي تسبق طلوع الفجر.
لا تحزن فمع العسر يكون اليسر ومع الشدة يكون الفرج.
لا تحزن ففي المحن والمصائب تكفير للذنوب والهفوات ورفعة للدرجات وتنبيه من الغفلات.
لا تحزن فإن الله لا يختار لك إلا الخير.
لا تحزن فالله أرحم بك من رحمة الأم بطفلها الرضيع.
لا تحزن ففرحة الظالم لا تدوم ..وسبنصرك الله عليه لا محالة في الدنيا والآخرة .
لا تحزن فالحزن لا يرد غائبا ولا يشفي مريضا ولا يحيي ميتا.
لا تحزن فالحزن سحابة ولابد أن تنقشع وتزول.
لا تحزن وأحسن الظن بالله جل وعلا.
لا تحزن فالجنة تشتاق إليك.
لا تحزن فإن المرض يزول, والمصاب يحول, والذنب يغفر والدين يقضى, والمحبوس يفك, والغائب يقدم, والعاصي يتوب, والفقير يغتنى.
لا تحزن أما
ترى السحاب الأسود كيف ينقشع, والليل البهيم كيف ينجلي, والريح الصرصر كيف
تسكن, والعاصفة كيف تهدأ؟! إذاً فشدائدك إلى رخاء, وعيشك إلى هناء,
ومستقبلك إلى نعماء.
لا تحزن لهيب الشمس
يطفئه وارف الظل, وظمأ الهاجرة يبرده الماء النمير, وعضة الجوع يسكنها
الخبز الدافئ, ومعاناة السهر يعقبه نوم لذيذ, وآلام المرض يزيلها لذيذ
العافية, فما عليك إلا الصبر قليلا والإنتظار لحظة. [لا تحزن للشيخ عائض القرني ص:101].