فهي آيات من سورة الروم :أعوذ بالله من الشيطان الرجيم:فسبحان الله حين تمسون وحين تصبحون، (( 17 ) وله الحمد في السماوات والأرض وعشيا وحين تظهرون ( 18 ) يخرج الحي من الميت ويخرج الميت من الحي ويحيي الأرض بعد موتها وكذلك تخرجون (19 ) )
فهذه الآيات فضلها عظيم:
1-قال الطبراني : حدثنا مطلب بن شعيب الأزدي ، حدثنا عبد الله بن صالح ، حدثني الليث بن سعد ، عن سعيد بن بشير ، عن محمد بن عبد الرحمن بن البيلماني ، عن أبيه ، عن عبد الله بن عباس ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " من قال حين يصبح : ( فسبحان الله حين تمسون وحين تصبحون وله الحمد في السماوات والأرض وعشيا وحين تظهرون ) [ ص: 308 ] الآية بكمالها ، أدرك ما فاته في يومه ، ومن قالها حين يمسي أدرك ما فاته في ليلته " . إسناد جيد ورواه أبو داود في سننه .
وقال الإمام أحمد : حدثنا حسن ، حدثنا ابن لهيعة ، حدثنا زبان بن فائد ، عن سهل بن معاذ بن أنس الجهني ، عن أبيه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، أنه قال : " ألا أخبركم لم سمى الله إبراهيم خليله الذي وفى ؟ لأنه كان يقول كلما أصبح وأمسى : سبحان الله حين تمسون وحين تصبحون ، وله الحمد في السماوات والأرض وعشيا وحين تظهرون " .
القول
فـي تأويـل قوله تعالـى: {فَسُبْحَانَ اللّهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ
تُصْبِحُونَ * وَلَهُ الْحَمْدُ فِي السّمَاوَاتِ وَالأرْضِ وَعَشِيّاً
وَحِينَ تُظْهِرُونَ }. يقول تعالـى ذكره: فسبحوا الله أيها الناس: أي صلوا
له حين تـمسون, وذلك صلاة الـمغرب, وحين تصبحون, وذلك صلاة الصبح وَلَهُ
الـحَمْدُ فِـي السّمَوَاتِ والأرْضِ يقول: وله الـحمد من جميع خـلقه دون
غيره فـي السموات من سكانها من الـملائكة, والأرض من أهلها, من جميع أصناف
خـلقه فـيها, وَعَشِيّا يقول: وسَبّحوه أيضا عشيا, وذلك صلاة العصر وَحِينَ
تُظْهِرُونَ يقول: وحين تَدْخـلون فـي وقت الظهر. وبنـحو الذي قلنا فـي
ذلك قال أهل التأويـل. ذكر من قال ذلك:
21253ـ حدثنا ابن وكيع, قال:
حدثنا أبـي, عن سفـيان, عن عاصم, عن أبـي رزِين, قال: سأل نافع بن الأزرق
بن عبـاس: (هل تـجد) ميقات الصلوات الـخمس فـي كتاب الله؟ قال: نعم
فَسُبْحانَ اللّهِ حِينَ تُـمْسُونَ الـمغرب وَحِينَ تُصْبِحُونَ الفجر
وَعَشِيّا العصر وَحِينَ تُظْهِرُونَ الظهر, قال: ومن بعد صلاة العشاء ثلاث
عَوْرات لكم.
حدثنا ابن بشار, قال: حدثنا عبد الرحمن, قال: حدثنا
سفـيان, عن عاصم, عن أبـي رَزِين, قال: سأل نافع بن الأزرق ابن عبـاس عن
الصلوات الـخمس فـي القرآن, قال: نعم, فقرأ فَسُبْحانَ اللّهِ حِينَ
تُـمْسُونَ قال: صلاة الـمغرب وَحِينَ تُصْبِحُونَ قال: صلاة الصبح
وَعَشِيّا قال: صلاة العصر وَحِينَ تُظْهِرُونَ صلاة الظهر, ثم قرأ: وَمِنْ
بَعْدِ صَلاةِ العِشاءِ ثَلاثُ عَوْرَاتٍ لَكُمْ.
حدثنـي أبو السائب,
قال: حدثنا ابن إدريس, عن لـيث, عن الـحكم بن أبـي عياض, عن ابن عبـاس,
قال: جمعت هاتان الاَيتان مواقـيت الصلاة فَسُبْحانَ اللّهِ حِينَ
تُـمْسُونَ قال: الـمغرب والعشاء وَحِينَ تُصْبِحُونَ الفجر وَعَشِيّا
العصر وَحِينَ تُظْهرُونَ الظهر.
حدثنا ابن وكيع, قال: حدثنا ابن إدريس, عن لـيث, عن الـحكم, عن أبـي عياض, عن ابن عبـاس, بنـحوه.
حدثنـي
يعقوب بن إبراهيـم, قال: حدثنا ابن علـية, عن لـيث, عن الـحكم, عن أبـي
عياض, عن ابن عبـاس فـي قوله فَسُبْحانَ اللّهِ حِينَ تُـمْسُونَ وَحِينَ
تُصْبِحُونَ... إلـى قوله وَحِينَ تُظْهِرُونَ قال: جمعت الصلوات فسُبْحانَ
اللّهِ حِينَ تُـمْسُونَ الـمغرب والعشاء وَحِين تُصْبِحُونَ صلاة الصبح
وَعَشِيّا صلاة العصر وَحِينَ تُظْهِرُونَ صلاة الظهر.
21254ـ حدثنا ابن
وكيع, قال: حدثنا إسحاق بن سلـيـمان الرازي, عن أبـي سنان, عن لـيث, عن
مـجاهد فسُبْحانَ اللّهِ حِينَ تُـمْسُونَ الـمغرب والعشاء وَحِينَ
تُصْبِحُونَ الفجر وَعَشِيّا العصر وَحِينَ تُظْهِرُونَ الظهر, وكلّ سجدة
فـي القرآن فهي صلاة.
21255ـ حدثنا بشر, قال: حدثنا يزيد, قال: حدثنا
سعيد, عن قَتادة فَسُبْحانَ اللّهِ حِينَ تُـمْسُونَ لصلاة الـمغرب وَحِينَ
تُصْبِحُونَ لصلاة الصبح وَعَشِيّا لصلاة العصر وَحِينَ تُظْهِرُونَ صلاة
الظهر أربع صلوات.
21256ـ حدثنـي يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال
ابن زيد, فـي قول الله: فَسُبْحانَ اللّهِ حِينَ تُـمْسُونَ وَحِينَ
تُصْبِحُونَ, وَلَهُ الـحَمْدُ فـي السّمَوَاتِ والأرْضِ, وَعَشِيّا
وَحِينَ تُظْهِرُونَ. قال: حين تـمسون: صلاة الـمغرب, وحين تصبحون: صلاة
الصبح, وعشيا: صلاة العصر, وحين تظهرون: صلاة الظهر
تفسير الطبري
-قوله تعالى: "فسبحان الله" الآية فيه ثلاثة أقوال:
الأول: أنه خطاب للمؤمنين بالأمر بالعبادة والحض على الصلاة في هذه
الأوقات. قال ابن عباس: الصلوات الخمس في القرآن؛ قيل له: أين؟ فقال: قال
الله تعالى "فسبحان الله حين تمسون" صلاة المغرب والعشاء "وحين تصبحون"
صلاة الفجر "وعشيا" العصر "وحين تظهرون" الظهر؛ وقاله الضحاك وسعيد بن
جبير. وعن ابن عباس أيضا وقتادة: أن الآية تنبيه على أربع صلوات: المغرب
والصبح والعصر والظهر؛ قالوا: والعشاء الآخرة هي في آية أخرى في "وزلفا من
الليل" [هود: 114] وفي ذكر أوقات العورة. وقال النحاس: أهل التفسير على أن
هذه الآية "فسبحان الله حين تمسون وحين تصبحون" في الصلوات. وسمعت على بن
سليمان يقول: حقيقته عندي: فسبحوا الله في الصلوات، لأن التسبيح في الصلاة؛
وهو القول الثاني. والقول الثالث: فسبحوا الله حين تمسون وحين تصبحون؛
ذكره الماوردي. وذكر القول الأول، ولفظه فيه: فصلوا لله حين تمسون وحين
تصبحون. وفي تسمية الصلاة بالتسبيح وجهان: أحدهما: لما تضمنها من ذكر
التسبيح في الركوع والسجود. الثاني: مأخوذ من السبحة والسبحة الصلاة؛ ومنه
قول النبي صلى الله عليه وسلم: (تكون لهم سبحة يوم القيامة) أي صلاة.
-قوله
تعالى: "وله الحمد في السماوات والأرض" اعتراض بين الكلام بدؤوب الحمد على
نعمه وألائه. وقيل: معنى "وله الحمد" أي الصلاة له لاختصاصها بقراءة
الحمد. والأول أظهر؛ فإن الحمد لله من نوع تعظيم الله تعالى والحض على
عبادته ودوام نعمته؛ فيكون نوعا آخر خلاف الصلاة، والله أعلم. وبدأ بصلاة
المغرب لأن الليل يتقدم النهار. وفي سورة "الإسراء" بدأ بصلاة الظهر إذ هي
أول صلاة صلاها جبريل بالنبي صلى الله عليه وسلم. الماوردي: وخص صلاة الليل
باسم التسبيح وصلاة النهار باسم الحمد لأن للإنسان في النهار متقلبا في
أحوال توجب حمد الله تعالى عليها، وفي الليل على خلوة توجب تنزيه الله من
الأسواء فيها؛ فلذلك صار الحمد بالنهار أخص فسميت به صلاة النهار، والتسبيح
بالليل أخص فسميت به صلاة الليل.
تفسير القرطبي
هذا تسبيح منه تعالى لنفسه المقدسة ، وإرشاد لعباده إلى تسبيحه وتحميده ، في هذه الأوقات المتعاقبة الدالة على كمال قدرته وعظيم سلطانه : عند المساء ، وهو إقبال الليل بظلامه ، وعند الصباح ، وهو إسفار النهار عن ضيائه .
ثم اعترض بحمده مناسبة للتسبيح وهو التحميد ، فقال : ( وله الحمد في السماوات والأرض ) أي : هو المحمود على ما خلق في السماوات والأرض .
ثم قال : ( وعشيا وحين تظهرون ) فالعشاء هو : شدة الظلام ، والإظهار : قوة الضياء . فسبحان خالق هذا وهذا ، فالق الإصباح وجاعل الليل سكنا ، كما قال : ( والنهار إذا جلاها والليل إذا يغشاها ) [ الشمس : 3 ، 4 ] ، وقال ( والليل إذا يغشى والنهار إذا تجلى ) [ الليل : 1 ، 2 ] ، وقال : ( والضحى والليل إذا سجى ) [ الضحى : 1 ، 2 ] ، والآيات في هذا كثيرة .
تفسير ابن كثير