<blockquote style="margin-left: 0px;" dir="rtl">
شكلت
النقابة ملجأ للمظلومين والمحرومين للدفاع عنهم ضد الحيف الذي يطالهم من
الجهات المشغلة, فكانت محل تقدير واحترام.لكن هذه الصورة الطيبة اهتزت
بعدما لحقها التشتت والانقسام,وظهور نقابيين انتهازيين مصلحيين يلهتون
وراء الامتيازات من ترقية سرية,وتغيير اطار مشبوه,ويبقى من الغنائم
المفضلة والشهية بالنسبة لهم هو التفرغ النقابي.
الكل
أصبح متأسفا على التشتت والتعدد النقابي بعدما كانت نقابة واحدة موحدة
بقوتها التي كانت تحدث زلزالا تحت أقدام الانظمة و الحكومات ,.و كانت
مسيراتها شبيهة بالمسيرات المليونية الاخيرة التي التي نظمت بالدار
البيضاء وغالبا كانت الحكومات تنزل مكرهة الى طاولة الحوار للتلبية
مطالبها ذات اتصال بالشغيلة الكادحة.لكن التشردم والانشطار التي أصابها
أضعفها حتى أنها أصبحت ذليلة صغيرة.,لايكثرت لوعودها وتهديداتها فمابال
مطالبها التي أصبحت بسيطة وأدنى.
ان
التفرعات النفابية الكثيرة للنقابة الام الاولى والتي جائت نتيجة عوامل
ذاتيةمصلحية للنقابيين أنفسهم فبعدما لاحظوا أن الاعضاء المكونين للمكاتب
لايمكن لهم ان يتجددوا بالانتخابات الديمقراطية تسمح بالتداول على المواقع
والكراسي وانسداد الافق النقابي دفع بالغالبية العظمى منهم الى تأسيس
نقابة جديدة أخرى تمكنهم بأن يكون على قمة قاداتها وهو طموح مصلحي أكثر
منه نضالي,كما للتيارات الحزبية نصيب من هذا التفريخ النقابي, لتقوية
الحزب, وتوسيع شعبيته.واذا كانت النقابة الام الموحدة تهدد الحكومات وتعصف
بها احيانا أخرى,فان من مصلحتها اثارة الانشقاقات للاضعافها,واثارة الفتنة
فيما بينها, للعمل براحة في تنفيذ برامجها.
ان
التراجع الواضح في تلبية مطالب الشغيلة في زمن التعدد النقابي, جعل
الموظفين لاينظرون الى التفرقة بعين الرضا والترحاب وهم يأملون في عودة
المجد النقابي وذلك بتغليب الوحة على الفرقة والنضال على المصلحية الشخصية
والتنابز بالمحبة والاخوة.
بعدماكان
النضال الملتزم هو المسيطر على النقابيين أيام الوحة والقوة, ونتيجة تغير
القيم التي أصبحت مادية, أثر ذلك على النقابة في تفكيرها ومبادئها, وأصبح
النقابيون يلهتون وراء الامتيازات والمصالح الذاتيةعلى رأسها التفرغ
النقابي زيادة على تغيير الاطار والترقية الداخلية.
ويبقى
التفرغ النقابي هو شهيتهم المفضلة الانه يسمح بالجلوس والراحة او لنقل
التقاعد عن العمل داخل القسم او الادارة.وجاء نتيجة تسوية بين النقابات
والمخزن.علما ان العمل النقابي عمل تطوعي ارادي خلافا للعمل الوظيفي
الملزم بحكم القانون و التشريعات المعمول بها في الادارة العمومية.
في
الوقت الذي تفرغ فيه النقابيون وتركوا عملهم لاحداث قفزة نوعية في النشاط
النقابي واشعاعه.تراجع هذا الاخير بدرجة كبيرة,وفقد فيها النقابيون
المصداقية والثقة.وحدث فيها نزيف هائل في عدد المنخرطين المنسحبين, ولم
يجدوا ما يقومون به, فدخلو في فراغ وروتين لا يجددونه الا بالتعاطي
للسمسرة في العقارات,والجلوس الطويل بالمقاهي ,ومعاكسة الفتيات أمام
المدارس وتحويل المقرات الى وكر للدعارة كما حدث بمقرات عدة في مدن مغربية
معروفة وعلى حساب أطفال قاصرين.
ان
هذا التردي النقابي الذي لا يختلف عليه اثنان والذي جاء كنتيجة لخطأ
المقدمات في التعاطي مع النقابي ومعايير اسناد التفرغ النفابي, فعوض منحه
الى المناضل يحمل قناعات ومبادئ ,وعرف عنه الكفاءة والصمود من أجل الصالح
العام,وذو ثقافة ووعي اديولوجي قوي ,يعطى الى أشباه نقابيين
متملقين,يدفعون رشاوى,ويوظفون علاقاتهم ووساطتهم وقرابتهم مع المسؤولين
حتى يفوزوا به,مقابل ذلك جلوس و خمول بمنازلهم عوض ساحة النضال النقابي و
اشعاعه.
أمام
هذا الافلاس النقابي, وتراجع نشاطه ان لم نقل انعدامه.و في موجة اجتياح
التكنولوجيا والاعلام والانترنت التي سهلت التواصل في كل مكان وزمان,تمكن
النقابي أن يؤسس ويسير نقابة من مكان بعيد, ويوزع البيانات والتوجيهات وهو
في غرفة نومه,أو على فراش المرض , وفي الوقت الذي يريد دون حاجة الى
معاونين أو الى تحركات مضنية.وبموجبها لم يعد للتفرغ النقابي أساس لتوزيعه
الذي وصل عدده الى أكثر من 200 تفرغ على حساب المال العام, احداث خصاص في
الموارد البشرية التي تحرم شريحة عريضةمن التلاميذ من التعلم, ومساهمة
منهم في رفع معدل الامية والجهل في أبناء وطنهم وتعطيل مسيرة التعلم والنمو
يعد
النشاط النقابي عمل تطوعي بعدما يكون الموظف قد أدى واجبه باتقان
وتفاني.وبعدما أصبحت دكاكينهم فارغة, وبعدما غزت وسائل الاتصال
والتكنولوجيا كل مكان سهلت عليهم التواصل في أبهى تجلياته , لم يعد مبرر
للامتياز التفرغ النقابي لاية نقابة حفظا للموارد البشرية ورفعا للعطاء.
</blockquote>