انتقاد على طريقة الانتقاد
الشيخ سلطان بن عبد الله العمري
من أجمال الصفات التي يتصف بها الإنسان "التوزان"
والاعتدال في جميع الأمور، وعكسه وضده الإفراط أو التفريط، وكلاهما من
ساقط الأخلاق.
أحبتي:
تأمًّلتُ في موضوع النقد، فخطرت لي هذه الخواطر:
* النقد هو بالمعنى العام: اكتشاف العيوب وملاحظتها.
* والهدف منه هو: الإصلاح والارتقاء للكمال النسبي.
* كثيرون يلاحظون العيوب التي في الطرف الآخر وبعد ذلك يتحدثون عنها في المجالس.
* ذاك المريض يلاحظ عيوب في المستشفي، ثم إذا جلس بين أهله وزملاءه ألقى بهذه على أسماعهم.
* وذاك المدرس يلاحظ عيوب في المدرسة أو في المناهج أو على الطلاب، ويكتفي بسردها على زوجته عند الغداء.
* وآخر يلاحظ عيوب على نظام "البلدية " في تلك المدينة أو المحافظة, ويطرح هذه الملاحظات على زملاءه في جلسة عشاء.
* وذلك الداعية يرى ملاحظات على "فرع وزارة الشؤن
الإسلامية" في مدينته، وإذا به يتحدث عن تلك العيوب أمام كل داعية أو طالب
علم يقابله.
فهل هذا هو الحل؟
* وهذا موظف في "دائرة حكومية" لا يعجبه نظام معين في
"عمله " وإذا بك تراه يطعن في النظام وفي "واضع النظام" أمام الزوار
والمراجعين فهل هذا سبيل الإصلاح؟
* وذلك الزوج يرى عيوباً في زوجته، ويكتمها في نفسه
فإذا جاء إلى الدوام، كشف تلك العيوب أمام صديقه " فلان"، ويشتكي من واقعه
الأليم.
بصراحة هل هذا هو الحل؟.
* وتلك الزوجة تحفظ عيوب زوجها، وإذا قابلت جارتها،
أخرجت تلك العيوب لها مصحوبة بعبارات الندم والأسى، مهلاً هل هذا هو طريق
الإصلاح؟
إنها صور تتكرر لا أقول كل يوم بل كل ساعة.
إننا بحاجة إلى أن نفهم "كيف ننتقد"؟ والله إن من أعظم
أخطائنا " الخطأ في الانتقاد " وعدم الحرص على التماس أحسن الطرق للوصول
إلى الغاية من الانتقاد.
وأنا في هذه العجالة سأشارك ببيان حلٍ سهل وقريب للوصل إلى ثمرة الانتقاد ألا وهو:
" مناصحة الشخص الذي ننتقده" لا تقل: هذا صعب، بل هو
سهل لمن اخذ معه ( الكلمة الطيبة، والابتسامة الصادقة ) ((وَمَنْ يُؤْتَ
الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا ))[البقرة:269].
أمثله واقعية:
* أيها الزوج لماذا لا تجلس مع زوجتك جلسة مصارحة لتبين
لها الأمور التي لا تعجبك، إن هذه الجلسة, خيرُ من طعنك في زوجتك أمام
الناس.
* وأنت أيها المراجع لتلك " الدائرة الحكومية " لماذا
لا تتجه إلى المدير العام أو نائبه لتبين له، تلك العيوب التي رأيتها ؟ لا
تقل " إحراج ".
لا بد أن تكون شجاعاً ومتأدباً في النقد ووالله إن " النقد" خيرًًُ من " الغيبة " أليس كذلك؟
* وأنت أخي الداعية عندما ترى عيوب على " فرع الوزارة
الإسلامية " لماذا لا تركب سيارتك وتتجه إلى مكتب المدير العام لتبقى معه
دقائق، لطرح ملاحظاتك.
* وأنت أخي " يا من سلكت طريق الاستقامة " عندما ترى
عيوباً على والدك، أو أختك، لماذا لا تقيم جلسة هادئة معهم، لبيان تلك
الملاحظات..
باختصار شديد جداً الحل هو " المصارحة المقرونة بالأدب
والاحترام " أما الكلام في العرض والغيبة والسب والشتام فليس حلاً
للمشكلة، بل سكوتاً عنها وذنباً عظيماً من زاوية أخرى.