و السلام على اشرف المرسلين
اما بعد :
أسعد الله أوقاتكم اخواني ..
أهلا وسهلا بكـل أعضاء وزوار ومشرفي منتدانا الغـالي
التخطيط: هو تصور ذهني مسبق لما سيقوم الخطيب بتناوله في الخطبة، وهو الكيفية الصحيحة التي يُقَدِّمُ لها.
ولهذا
علينا أن نضع في فكرنا إعداد خطبة متكاملة، متناسقة، محضر لها، لكي لا
تضطرب الأفكار، وتختل المفاهيم، مما يؤدي إلى اهتزاز في الأسلوب، وعدم
ترابط بين العبارات، وعدم تناسق الحديث، وتكون في أغلب الأحيان فارغة من
المعنى، خالية من المضمون، غير صادقة اللهجة، ولا سديدة الفكرة.
فلا
ترتفع بعقلية المصلي، ولا تسمو بعواطفه، ولا تؤثر في وجدانه، ولا تحرك في
قلبه خشية الله، ولهذا على الخطيب أن يخطط لخطبته تخطيطا دقيقا، ويدرسها
دراسة واعية، شاملة.
وهناك خطوات ينبغي مراعاتها عند التخطيط لخطبة الجمعة، وهي على النحو التالي:
الأولى: اعرف مستمعيك
أول
خطوة في التخطيط للخطبة هي معرفة جمهور المستمعين فعليك مثلا أن تعي طبيعة
المجموعة التي ستتحدث إليها والقضايا التي تهم الحاضرين، ومن تحدث إليهم
قبلك، وما مواقف المستمعين تجاه موضوع الحديث كما ينبغي التعرف على أي
عناصر مشاكسة موجودة بين الحاضرين والعناصر "الصديقة" أو المتعاطفة مع
آراء المتحدث.
ولتحقيق جو من الألفة والتواصل مع جمهور المستمعين، على
المتحدث أن يصل مكان الاجتماع مبكرا، وأن يكون بين آخر المنصرفين هذا من
شأنه أن يمكن المتحدث من التعرف على بعض الحاضرين واكتشاف العناصر الحليفة
بينهم كما يوفر فرصة للتحدث إلى المعارضين والتعرف عليهم بصفة شخصية إذا
دعت الحاجة إلى الإشارة إليهم بالاسم أثناء الحديث وإلى آرائهم كنوع من
إبداء التقدير والاحترام لهم، ويمكن الاستفادة من ذلك لتعزيز وتقوية بعض
النقاط التي سترد في الخطبة أو الحديث.
الثانية: أكد مصداقيتك
يستجيب
الجمهور المستمع للمتحدث إذا اقتنع بمصداقيته ولتأكيد هذه المصداقية فإن
على المتحدث أن يكون على دراية تامة بالموضوع الذي يتناوله، وأن يكون
بإمكان مستمعيه أن يصدقوه فيما يطرح من أفكاره، وأن يكسب بتصرفاته حب
الجمهور وإقباله عليه.
فعندما آن الأوان لأن يجهر رسول الله ءعليه
السلامء لأهل مكة ببعثته وأن يبلغهم رسالة ربه وقف على جبل الصفا ودعاهم
للتجمع ليخطب فيهم بأن قال: ) يا معشر قريش، لو أخبرتكم أن جيشا يوشك أن
يظهر عليكم من وراء هذا الجبل فهل كنتم مصدقي؟ فقالوا: نعم. وذلك لأنهم لم
يعرفوا عليه الكذب طوال أربعين عاما، وبعد أن أكّد مصداقيته لديهم قال
لهم: ) فَإِنِّي نَذِيرٌ لَكُمْ بَيْنَ يَدَيْ عَذَابٍ شَدِيدٍ (.
وذكر أهل العلم بأن هناك ثلاثة أمور تلعب دورا كبيرا على مستوى كبير من الأهمية والتأثير في نطق الخطيب:
الأمر
الأول: شخصية ومكانة الخطيب في أذهان الرأي العام، فكلما ازداد حب المجتمع
للخطيب، ورغب إليه، كلما اهتم بحديثه، وأعطوه أدنى صاغية، وكان كلامه أكثر
وقعا وتأثيرا.
الأمر الثاني: موضوع الخطيب المعلن للمستمعين، الذي
يريد أن يتناوله الخطيب، حيث تزداد رغبتهم إلى الاستماع، بالمقدار الذي
يراه الجمهور المخاطَب مهما في معالجة قضاياهم الدينية، والسياسية،
والاقتصادية، والاجتماعية، وأمثالها.
الأمر الثالث: مهارة الخطيب،
وكيفية إلقاء الخطاب، وتشكيل الكلمات، فالخطيب الماهر في الخطابة، يستطيع
أن يلقي خطبته بشكل جميل، يستقطب ألباب مستمعيه ما استطاع، فمهارة
الإلقاء، ليست أقل أهمية من مادة الخطبة في بيان الموضوع، إن لم تكن أهم
منها، كما قال علي بن أبي طالب ءرضي الله عنهء: (رب كلام أنفذ من السهام).