منتديات اقرأ معنـا
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


قال نبينا محمد صلى الله عليه وسلم :{إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاثة: صدقة جارية أو علم ينتفع به أو ولد صالح يدعوا له}
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخولتسجيل دخول الاعضاء
بسم الله الرحمن الرحيم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته , المنتدى تابع لشركة احلى منتدى والخدمة والصيانة مدى الحياة , وأعضاؤنا قدموا 33879 مساهمة في هذا المنتدى وهذا المنتدى يتوفر على 8838 عُضو , للإستفسار يرجى التواصل معي عن طريق إرسال رسالة شخصية .. ولكم فائق تحياتي وتقديري , المدير العام : علي أسامة (لشهب أسامة)
Cool Yellow
Outer Glow Pointer

 

  معركة الطغيان والإيمان

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
علي أسامة (لشهب أسامة)
المدير العام
المدير العام
علي أسامة (لشهب أسامة)


الأوسمة وسام العضو المميز
 معركة الطغيان والإيمان 41627710
الجنـسية : gzaery
البلد : الجزائر
الجنـــس : ذكر
المتصفح : fmfire
الهواية : sports
عدد المساهمات : 26932
التقييم : 0
تاريخ التسجيل : 24/10/2008
العمر : 31
الموقع : https://readwithus.yoo7.com/
المزاج : nice
توقيع المنتدى + دعاء : توقيع المنتدى + دعاء

 معركة الطغيان والإيمان Empty
مُساهمةموضوع: معركة الطغيان والإيمان    معركة الطغيان والإيمان I_icon_minitimeالأربعاء 21 مارس - 19:49

 معركة الطغيان والإيمان Icon




 معركة الطغيان والإيمان Aln3esa-1297191145

معركة الطغيان والإيمان

 معركة الطغيان والإيمان Aln3esa-1297191145

وقفات
تتابع بمشيئة الله تعالى في معركة ممتدة عبر الزمان متنوعة في ساحات
المكان، تنزلت لوصفها في غير ما موضع آيات القرآن، وشهدت بحقائقها مسيرة
صفوة خلق الله من رسله وأنبيائه، ولا شك أن زماننا هذا يحتاج كثيراً إلى
مزيد من قوة الارتباط بالقرآن وبالاعتبار بآياته والانطلاق من مبادئه
وآياته.


ومما جاء في كتابنا العظيم من منابع الدروس والعبر والفوائد والعلوم قصص القرآن الكريم: (لَقَدْ
كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُولِي الْأَلْبَابِ مَا كَانَ حَدِيثًا
يُفْتَرَى وَلَكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلِّ
شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ) [يوسف : 111].


معركة
الإيمان والطغيان سنقلب وجوهاً منها وسنعرف صورها وحقائقها من خلال قصة
قرآنية اخترتها لأنها تتعلق بالفرد المؤمن، لأنها تحكي عن دوره وحجته
ودعوته ومنطلقاته النفسية ونواياه القلبية ومسالكه العملية.


ولا
شك أن هذه المعركة قائمة ما قامت الحياة الدنيا، وهي في واقع الناس تتجدد
بصورة أو بأخرى، قصة المؤمن الذي كان يكتم إيمانه، قصة في مقدماتها وفي
أحداثها وفي خاتمتها دلائل عبر تكشف عن هذه المعركة المتنوعة بين الإيمان
والطغيان، بين الطاعة والعصيان، بين الحكمة والفتنة، بين وجوه كثيرة من
وجوه الخير في كفة المؤمنين الصالحين ووجوه كثيرة من الفساد والظلم في كفة
الكافرين والطغاة الذين لا يرتدعون ولا يمتنعون عن إتيان هذه المفاسد
بتوجيه أو بأمر رباني وإلهي.


في مبدأ هذه القصة قول الحق جل وعلا: (وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَى بِآيَاتِنَا وَسُلْطَانٍ مُبِينٍ * إِلَى فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَقَارُونَ فَقَالُوا سَاحِرٌ كَذَّابٌ)
[غافر : 23 ، 24]، وقد مرت بنا وتمر بنا في القرآن آيات كثيرة متعلقة بقصة
موسى عليه السلام إلا أن هذه القصة ليست مرتبطة في تفاصيلها بموسى وفرعون
بل دائرتها أوسع.


ومن
هنا قد يسأل السائل: هل أرسل موسى عليه السلام إلى هؤلاء الثلاثة فحسب،
فرعون وهامان وقارون؟ والجواب: كلا، لقد أرسل إلى القوم كلهم وإلى بني
قومه كافة، ولم جاء التنصيص على هؤلاء، وأفردوا بالذكر؟ لأنهم رؤوس القوم،
نعم ولكن ثمة ما يبين المعاني المختلفة في كل اسم من هذه الأسماء كما ذكر
المفسرون، وهنا أنقل لكم معنى كلام وتفسير القرطبي رحمه الله فإنه قد قال:
"جمعهم الله عز وجل في هذه الآية
لأن الفرعون هو صاحب الملك، وهامان هو الوزير، وقارون هو صاحب المال، وكل
هذه الثلاثة كانت سهاماً وُجهت إلى موسى عليه السلام ودعوته إلى الإسلام
والإيمان، فقوة السلطان مع قوة السياسة والتدبير مع قوة المال والإغراء".


وهذا
كما قلت يربطنا بواقعنا ونحن نرى اليوم التكالب ضد الإسلام والإيمان بكل
ما تحمله هذه الكلمة، بالقوة السلطانية اعتداءاً وبطشاً وظلماً، وبالقوة
الوزارية تضليلاً وإغواءً وتلبيساً على الناس، وبالقوة المالية شراءً
للضمائر وتغييراً للمواقف، وكل ذلك محشود في سياق واحد له أذرع كثيرة
ووسائل عديدة.


والإيمان
في مواجهة هذا الطغيان قد لا يملك تلك الأسلحة وليست لديه قوة مكافئة لكن
أصالته في الحق لكن استمداده من الرب، لكن ثباته الذي لا يتغير، لكن قوته
النفسية والقلبية في نفوس أتباعه أقوى من كل طغيان.


ويكفي
أن نشير هنا قبل أن نمضي إلى الأحداث وإلى نصوص الآيات أن نقول: أين فرعون
اليوم؟ وأين ذِكْره؟ وأين موسى عليه السلام وأين ذِكْره؟ أين الذين تجبروا
وتكبروا عبر الزمان وصاروا سُبّة في صفحات التاريخ، وكانت نهاياتهم عبرة
تدل على قوة وغلبة الإيمان على الكفر والطغيان؟


(وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَى بِآيَاتِنَا وَسُلْطَانٍ مُبِينٍ)
[غافر : 23]، وتأمل الآيات! لم يرسله بالقوة ولا بالجيوش ولا بالعتاد إنما
القوة الأساسية قوة الحق في ذاته، والدعوة في صوابها والإسلام في مصالحه
الذي تعم الخلق أجمعين، وفي مآلاته التي تؤدي إلى نجاتهم يوم القيامة بإذن
رب العالمين.


ما أرسل معه جنوداً ولا جيوشاً بل كان هو في غاية الضعف في أول أمره حتى قال: (رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ)
[القصص : 24]، لم يكن معه شيء من أسباب القوة المادية مطلقاً، ولكن
المعركة كما سنرى صفحاتها تتجدد على هذا النحو الذي يتكرر في كثير من
الزمان والمكان.


(فَقَالُوا سَاحِرٌ كَذَّابٌ)
[غافر : 24]، ولما لم يقتصروا على الهدف وهو تكذيب موسى عليه السلام، لم
يكتفوا بقولهم كذاب، ولم يقولوا كاذب وإنما استخدموا صيغ المبالغة التي
تدل على التأصل والكثرة في الكذب، لكنهم قدموا بالسحر؛ لأنهم لو وصوفه
بالكذب وحده لما صدقهم الناس.


وأستحضر هنا قصة الرجل الذي وفد على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو بين أصحابه يتحدث فنظر إليه مجرد نظر فقال: "أشهد الله أن وجهه ليس بوجه كاذب"،
يعرف الوجه من اضطراب العين ومن تقلص عضلات الوجه ومن اضطراب قول اللسان
ومن كذب يُفْضَح بعد قليل من الزمان، فلو وصف بالكذب وحده لما كفى ولما
شفى لكن السحر أمر خفي لا يعرف، فيقولون كما قالوا عن رسول الله صلى الله
عليه وسلم إنه يفرق بين المرء وزوجه إنه يفعل أموراً لا تعرفونها هي كذب
لكنها تظهر لكم في صورة الصدق، لكنها تتجلى لكم صورة المصلحة لكنها قد
تقدم لكم في صورة تقنعكم وتؤثر في نفوسكم.


انتبهوا،
ألم يقولوا ذلك للطفيل بن عمر الدوسي لا تستمع إليه فإنك إذا استمعت إليه
فسيغير رأيك، قال فمازالوا بي حتى وضعت الكرسف في أذني، وضع القطن لئلا
يسمع شيئا من رسول الله صلى الله عليه وسلم ما الذي حدث؟ ذهب إلى الكعبة
يطوف وجد النبي صلى الله عليه وسلم وهو جالس، فقال: "إنك امرؤ عاقل، تعرف
الكلام صدقه وكذبه حقه وصوابه وباطله فما عليك أن تسمع فإن وجدت خيراً
قبلت وإن وجدت غير ذلك رددت" وهذه المحاكمة العقلية تدور عند كل حر لا
يبيع عقله ولا يؤجر قلبه ولا يسير نفسه مع غيره، فخلع وأخرج القطن واستمع
ومن فوره آمن وأسلم واتبع محمداً صلى الله عليه وسلم.


ولذلك
اليوم عندما نجد الهجوم على الإسلام؛ دين الإرهاب والقتل، ومعه حينئذ
دعاية إعلامية هي سحر كامل يغير الآراء، يخطف الألباب، يضلل الناس، يدخل
مع قليل الحق كثيراً من الباطل، ولذلك جاءت هذه الصفة ووراءها السلطان
ووراءها الإعلام ووراءها المال وفرعون وهامان وقارون في كل عصر ومكان هذه
حجتهم في مواجهة الإيمان.


وانتقلوا
معي الآن إلى الكلمات الآسرة والمعاني الباهرة والحجة الظاهرة والقوة
القاهرة من غير كل هذه الوسائل، بم أجاب موسى عليه السلام؟ (فَلَمَّا
جَاءَهُمْ بِالْحَقِّ مِنْ عِنْدِنَا قَالُوا اقْتُلُوا أَبْنَاءَ
الَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ وَاسْتَحْيُوا نِسَاءَهُمْ وَمَا كَيْدُ
الْكَافِرِينَ إِلَّا فِي ضَلَالٍ) [غافر : 25]، وهنا مسألة مهمة تكشف لنا عن قوة الحق، (فَلَمَّا جَاءَهُمْ بِالْحَقِّ مِنْ عِنْدِنَا)
وهاتان ركيزتان أساسيتان في معركة الإيمان أنه حق ليس فيه شيء من الباطل
ولا مجال فيه لريبة ولا شك وسبب ذلك أنه من عند الله ليس من الرسل ولا من
الأنبياء لم يقل أحد من الرسل والأنبياء شيئاً من عند نفسه وإنما بلغ وحي
ربه والتزم شرع الله سبحانه وتعالى وسار على النهج الذي بلغه لأمته ولقومه
وما هي التصرفات المقابلة: (اقْتُلُوا أَبْنَاءَ الَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ)،
أين الحوار في حد السيف؟ أين مراعاة الإنسانية في إزهاق الأرواح؟ أين
المعاني التي تذكر؟ وانظروها اليوم كم من المئات والآلاف والملايين الذين
قتلوا في فلسطين وفي العراق وفي أفغانستان وفي غيرها تحت ذريعة واضحة مرة
أخرى لنحرر الناس من الطغيان فنقتلهم، لنعطيهم الحرية فنسفك دماءهم، لنهيئ
لهم أسباب العيش الكريم والاقتصاد الوفير فنقتلهم، هذه هي اللغة الحقيقية
الواضحة: (اقْتُلُوا أَبْنَاءَ الَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ وَاسْتَحْيُوا نِسَاءَهُمْ) أبقوا النساء أحياء ليكون لذلك مصالح تتعلق بهم.


ثم يأتي التعقيب الرباني في جملة واحدة: (وَمَا كَيْدُ الْكَافِرِينَ إِلَّا فِي ضَلَالٍ) نعم هناك قوى عسكرية وهناك دهاء سياسي، وهناك ثقل اقتصادي، وهناك عصف وقصف إعلامي كل هذا الكيد قال عنه جل وعلا: (وَمَا كَيْدُ الْكَافِرِينَ إِلَّا فِي ضَلَالٍ)، لن يكون له عاقبة حسنة ولن يجني منه أصحابه إلا كما قال القرطبي في تفسيره (وَمَا كَيْدُ الْكَافِرِينَ إِلَّا فِي ضَلَالٍ): أي في هلاك وخسران.


(إِنَّ
الَّذِينَ كَفَرُوا يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَنْ سَبِيلِ
اللَّهِ فَسَيُنْفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ
يُغْلَبُونَ وَالَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ)
[الأنفال : 36]، وانظروا اليوم أين هي المقالات التي قيلت في كثير من صور
القتل والعدوان والطغيان؟ ذهبت الحجج وتكشفت عن حقائق أظهرت المساوئ
والعورات على أصولها وحقيقتها بعيداً عن المغالطات والدعايات والشعارات،
تكشفت حقوق الإنسان وظهرت العدالة والحرية وعرف الناس الحقائق، بل إن
أصحاب هذه القوى هم اليوم يعلنون وبلسان عربي مبين –إذا صح التعبير أي
بوضوح وجلاء– أنه كذبوا وأنهم أخطئوا وأنهم أسرفوا في هذا العدوان وأنهم
في كثير من أحوالهم يتراجعون ويكادون يظهرون أنهم قد أخطئوا فاحشة هي
اليوم في سجلات السيئات عندهم وليس عند غيرهم.


ولا بد أن يوقن المؤمن أن كيد الكافرين في ضلال، والله جل وعلا هنا لم يقل وما كيدهم والحديث كان عن فرعون ومن معه بل قال: (وَمَا كَيْدُ الْكَافِرِينَ)
أي في كل وقت وآن وفي كل مكان وزمان هو أمر مسلّم، قد يكون في أوله بظاهر
مختلف، قد يكون في أوسطه لكن آخره جزماً ويقيناً سيكون في الدنيا قبل
الآخرة وبالاً على أصحابه وستنكشف حقائقه وهي تتجلى، وقد قال كفار قريش في
مواجهة سيد الخلق صلى الله عليه وسلم ما قالوا، وأرجفوا وتآمروا ومع
اليهود تعاونوا ثم تفككت صفوفهم وسقطت حججهم وانقادت قياداتهم وزعاماتهم
إما إلى الموت في ساحات المعارك فسلم الناس من شرهم، وإما لمن أراد الله
به الخير فأذعن وآمن واتبع محمداً صلى الله عليه وسلم.


وكل قصة من قصص الرسل والأنبياء هذه هي خاتمتها وعبرتها: (وَقَالَ
فِرْعَوْنُ ذَرُونِي أَقْتُلْ مُوسَى وَلْيَدْعُ رَبَّهُ إِنِّي أَخَافُ
أَنْ يُبَدِّلَ دِينَكُمْ أَوْ أَنْ يُظْهِرَ فِي الْأَرْضِ الْفَسَادَ) [غافر : 26]، هذه لغة الطغيان! (ذَرُونِي أَقْتُلْ مُوسَى) وهل هناك أحد يمنعك يا فرعون، لم قال (ذَرُونِي أَقْتُلْ مُوسَى)؟
إنه ضعيف وعنده تردد في الموقف، لماذا؟ لأن الحجة الإيمانية باهرة وقاهرة
وموسى يقف بلا قوة بلا جنود ومع ذلك كلمته تزلزل وتجلجل، قال ابن عطية في
تفسيره لم قال: (ذَرُونِي أَقْتُلْ مُوسَى) لأمرين اثنين، قال: "لأنه
ضعيف في حجته لا يستطيع أن يقول إن قتل موسى أمر واضح وبرهان وجريمته
وبالتالي يريد أن يحتشد الناس معه، والأمر الثاني: أنه متردد يخشى كما خشي
بعض حاشيته أن يقتل موسى فتكون هذه الحادثة وراءها ما وراءها"،
وفرعون بكل قوته يقول: (ذَرُونِي أَقْتُلْ مُوسَى)، صورة مضحكة تدلنا على
الحقيقة، واليوم كذلك وفي كل زمان ومكان، نجد نفس هذه اللغة تتكرر بين
فينة وأخرى، وليدع ربه لأن فرعون يريد هنا بحجته الداحضة أن يذكر الناس
بما كان يقول لهم أنا ربكم الأعلى، فكأنه يقول دعوا موسى يدعو ربه وأنا
أريد قتله فلننظر أي الإرادتين ستكون غالبة ، ثم قال وهذه المقولة العجيبة
أحسب أن لكل واحد منكم أن يأتي بعشرات من الأدلة والشواهد عليها: (إِنِّي أَخَافُ أَنْ يُبَدِّلَ دِينَكُمْ أَوْ أَنْ يُظْهِرَ فِي الْأَرْضِ الْفَسَادَ)
[غافر : 26]، نحن نريد أن نحمي البشرية من الإرهاب الذي في هذا الإسلام،
نحن نريد أن نحمي المرأة من الكبت الذي جاء به هذا الإسلام، نحن نريد أن
نمنع المفاسد التي تتكدر بها الحياة والمعايش التي تضيق في ظلال هذا
الإسلام!


يقول
ذلك من يقوله من أهل الكفر، وقد يقوله بعض من بني جلدتنا الناطقين
بألسنتنا، إنهم يقولون إنهم مشفقون عليكم ويريدون مصلحتكم، فرعون أكفر أهل
الأرض قال ذلك وما استحى أن يقول ذلك والناس يعلمون أنه قاتل فاجر ظالم
طاغٍ، ومع ذلك يخرج إلى الناس ويقول إني أخاف عليكم من موسى هذا أن يبدل
دينكم أو أن يظهر في الأرض الفساد، وأي فساد أعظم من طغيان فرعون وما فعله
من تسخير كل القوى في مواجهة الإيمان.


وأختم في هذه الوقفة بالقولة الإيمانية وبسلاح الإيمان: (وَقَالَ مُوسَى إِنِّي عُذْتُ بِرَبِّي وَرَبِّكُمْ مِنْ كُلِّ مُتَكَبِّرٍ لَا يُؤْمِنُ بِيَوْمِ الْحِسَابِ)
[غافر : 27]، وهذه كلمات وجيزة لكن فيها كثير وكثير من أسلحة الإيمان في
مواجهة الطغيان، أولها: أنها اعتصام والتجاء بالله، فرعون له قوة عنده بطش
فليأت ألف فرعون فإني عذت بربي وبركم، العائذ بالله المعتصم بكتابه المتبع
لسنة نبيه لا يخشى شيئاً، وهكذا كان رسولنا صلى الله عليه وسلم، وهكذا
أخرج لنا نماذج من أصحابه كلكم يعرف قصصهم، خبيب لما أرادوا أن يصلبوه أو
يقتلوه هل تريد شيئاً؟ قال: اسمحوا لي بركعتين أصليهما لله، قال أبو
سفيان: أتحب أن محمداً يكون مكانك وأنت آمن في أهلك، قال: " والله لا أحب أن يشاك محمدُ صلى الله عليه وسلم بشوكة وأنا آمن في أهلي"، وأنشد أبياته الشهيرة:
ولست أبالي حين أقتل مسلماً *** على أي جنب كان في الله مصرعي


ثم مضى إلى الله عز وجل من غير تردد. والآخر الذي قال: "فزت ورب الكعبة"،
لماذا؟ لأنهم يعلمون ويؤمنون بما وراء هذه الحياة الدنيا، أولاً كان فيها
التجاء واعتصام، تثبيت لنفس لموسى عليه السلام وتثبيتٌ لمن معه، إنكم
تعتصمون بالله وقوتكم مستمدة من قوة الله، ونصركم تستنزلونه من الله،
وقدرتكم على مواجهة البغي والطغيان إنما هي من قدرة الله سبحانه وتعالى: (إِنِّي عُذْتُ بِرَبِّي وَرَبِّكُمْ).


والملمح الثاني هنا أنها دعوة ذكية، أليس فرعون يقول: (أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى) [النازعات : 24]، ألم يقل: وليدع ربه؟ لكن موسى يقول: (عُذْتُ بِرَبِّي وَرَبِّكُمْ)،
انتبهوا إن ربوبية فرعون باطلة لو أنكم تفكرون بعقولكم، لو أنكم تنظرون
إلى الحقائق ببصائركم لا بأبصاركم ولذلك أثر فيهم، وهذا يذكرنا بقصة
الغلام في قصة الأخدود في سورة البروج وروايتها في مسلم مطولة لما أرادوا
قتله قال: "إن أردت قتلي فاجمع الناس على صعيد واحد، واصلبني على شجرة ثم خذ سهماً من كنانتي وقل: بسم الله رب الغلام، فإنك إن فعلت قتلتني"،
وذهب الطاغية بكامل جهله وعماه ينفذ الخطة التي رسمت له من الغلام تماماً
فجمع الناس وجعله على الشجرة وأخذ السهم من كنانته وقال بصوت عالٍ: بسم
الله رب الغلام، وعند قتله قالوا: آمنا برب الغلام، انقلب السحر على
الساحر، وموسى كذلك: (مَوْعِدُكُمْ يَوْمُ الزِّينَةِ وَأَنْ يُحْشَرَ النَّاسُ ضُحًى) [طه : 59]، فاجتمع الناس فغلبت آية ومعجزة موسى سحرهم وباطلهم: (إِنِّي عُذْتُ بِرَبِّي وَرَبِّكُمْ) ثم قال: (مِنْ كُلِّ مُتَكَبِّرٍ لَا يُؤْمِنُ بِيَوْمِ الْحِسَابِ).


تأملوا
أيها الناس فإن التكبر والتجبر يضركم أنتم والإيمان إنما جاء بالأخوة
والوحدة والمساواة الحقة فلا فضل لأحد على أحد حتى إن سيد الخلق صلى الله
عليه وسلم كان يأتي القادم إليه فلا يعرفه من بين أصحابه، ليس متميزاً
عليهم بشيء، فإن نحيتم الإيمان فسيأتيكم الطغيان، وإن تخليتم عن الطاعة
فستأتيكم تلك المعاصي بما فيها من التحكم والتسلط من كل متكبر لا يؤمن
بيوم الحساب، وهذا هو الأصل العظيم الذي هو أصل كل فساد؛ لأن القاتل لا
يقتل إلا وهو لا يستحضر أنه سيحاسب في دنياه ولا في أخراه، وإن كل طاغية
وظالم لا يظلم إلا عندما ينسى الإيمان بالله والإيمان باليوم الآخر.

 معركة الطغيان والإيمان Aln3esa-1297191145

الخطبة الثانية:

 معركة الطغيان والإيمان Aln3esa-1297191145
وإن
تدبر القصص القرآني وتأمل عبره ودروسه من أعظم ما يغذي اليقين في القلوب
ويرسخ التقوى في النفوس، وهذا الذي قدمت به مقدمة سيأتي حديثنا متتابعاً
عني وعنك في القصة التي تبتدئ بعد هذه التوطئة بالدور والمهمة والرسالة
والأمانة التي لا يخلو واحد منا عنها تقل أو تكثر تدوم أو تنقطع لكنها
مهمة كل مؤمن: (وَقَالَ رَجُلٌ
مُؤْمِنٌ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَكْتُمُ إِيمَانَهُ أَتَقْتُلُونَ رَجُلًا
أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللَّهُ وَقَدْ جَاءَكُمْ بِالْبَيِّنَاتِ مِنْ
رَبِّكُمْ وَإِنْ يَكُ كَاذِبًا فَعَلَيْهِ كَذِبُهُ وَإِنْ يَكُ صَادِقًا
يُصِبْكُمْ بَعْضُ الَّذِي يَعِدُكُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ
هُوَ مُسْرِفٌ كَذَّابٌ) [غافر : 28].


وأول
درس هو أن ننطق بالحق بكل الحكمة، وبكل الهدوء سنرى موقف هذا الرجل المؤمن
لم يذكر كلمة واحدة نابية، لم يقم بحركة من الحركات أو المواجهات التي
تسمى عنفاً أو إرهاباً أو غير ذلك، لكنه لم يرض وقد بلغ الأمر مبلغه وقد
ظهرت معركة الإيمان والطغيان أن يبقى ساكتاً أبكم لا يتكلم، وأعمى لا
يبصر، وأصم لا يسمع، كلا فما يكون هذا هو الإيمان الحق، ولا يكون كذلك شيء
من تهور أو خروج عن الشرع، ولذلك: (وَقَالَ رَجُلٌ مُؤْمِنٌ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ)،
وبغض النظر عن الاختلاف أنه كان قبطي وكان داخلاً في آل فرعون لكن الشاهد
أنه رجل كما يقال من أهل البيت من داخل البلاط من أروقة القصر من داخل
كيان الحكم، (وَقَالَ رَجُلٌ مُؤْمِنٌ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَكْتُمُ إِيمَانَهُ) هل صاح بهم؟ هل سبّهم؟ قال: (أَتَقْتُلُونَ رَجُلًا أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللَّهُ) رأى الأمر سيصل إلى حد معين فوقف..


ما جريمته أيها الناس؟ ما جريمته أيها الحاضرون؟ والحديث ليس لفرعون وإنما للتأثير على جمهور الناس: (أَتَقْتُلُونَ رَجُلًا أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللَّهُ)
وهذه قالها أبو بكر رضي الله عنه يوم اجتمع بعض سفلة قريش من المشركين وهم
يجتمعون على رسول الله صلى الله عليه وسلم فجاء أبي بكر رضي الله عنه يذب
عنه ويقول: أتقتلون رجلاً أن يقول ربي الله، ثم ماذا؟ (وَقَدْ جَاءَكُمْ بِالْبَيِّنَاتِ)
إن كنتم أهل حوار هاتوا الحجة بالحجة والمقالة بالمقالة والحكمة بالحكمة
لماذا تتركون هذا وتأتون إلى ذاك، ثم قال لهم بالعقل: إن كان كاذباً فلن
تخسروا شيئاً لو كان كلامه أنه ما يعدكم به من العذاب إن كفرتم وبالنعيم
إن آمنتم كذب فلن يضركم شيء لكن فكروا لو كان صادقاً كيف سيكون حالكم؟


وهذا
هو الذي نريد بكل لسان الإيمان أن ننطق به لكل أحد للكافر فكر في كفرك ما
الذي سيكون مآله دعوة بالحق إلى الإيمان، للعاصي فكّر في معصيتك ما الذي
ستؤول به في ضرر دنياك وفي عقاب أخراك في كل طاغية ومؤلّب على الإسلام
والمسلمين من بني الإسلام أو من غيرهم لم كل هذا الجبروت والطغيان؟ لم كل
هذا الفساد والإفساد؟ أليس بعد هذه الحياة الدنيا حياة أخرى؟ أليست هناك
عبر في الدنيا رأينا كيف ختمت خواتيم أولئك الذين بغوا وطغوا، وتجبروا
وتكبروا، وأذلوا المؤمنين، وانتهكوا حرمات المسلمين وظلموا هذا وذاك؟
فضلاً عما نعرفه من الآيات والأحاديث في عاقبة كل ظالم وطاغية وكل محارب
للإسلام والمسلمين أو مجترئ على آيات القرآن أو مستهزئ بسنة رسول الله صلى
الله عليه وسلم.


ولذلك جاء هذا الخطاب هادئاً عقلياً منطقياً: (وَإِنْ يَكُ صَادِقًا يُصِبْكُمْ بَعْضُ الَّذِي يَعِدُكُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ كَذَّابٌ)، ولنا حديث يتسمر لعلنا نقوم بواجبنا وندرك ما حولنا.

 معركة الطغيان والإيمان Aln3esa-1297191145

علي بن عمر با دحدح

 معركة الطغيان والإيمان Aln3esa-1297191145
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://readwithus.yoo7.com
 
معركة الطغيان والإيمان
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
»  يسألونك عن الطغيان
»  معركة الإنترنت.. تصور منهجي
»  ما هي معركة ديان بان فو؟ ما هي حرب الأفيون؟

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات اقرأ معنـا :: ˆ~¤®§][©][ منتدى الإسلام و الســـنة ][©][§®¤~ˆ :: قســم الدعوة والإرشاد-
انتقل الى: