مما
يحتاج إليه الطفل الصغير و هو تلميذ غاية الاحتياج الاعتناء بأمر خلقه ,
فإنه ينشأ على ما عوده المربي في صغره من : حردٍ وغضب , ولجاج, وعجلة,
وخفة مع هواه , وطيش ,وحدة , وجشع, فيصعب عليه في كبره تلافي ذلك , وتصير
هذه الخلاق صفات و هيئات راسخه له , فلو تحرز منها غاية التحرز فضحته ولا
بد يوماً ما , ولهذا تجد أكثر الناس منحرفة أخلاقهم و ذلك من قبل التربية
التي نشأ عليها و كذلك يجب أن يجتنب مجالس اللهو و الباطل و الغناء و سماع
الفحش و البدع ومنطق السوء فإذا علق بسمعه , عسر عليه مفارقته في الكبر و
و عز على وليه استنقاذه منه , فتغيير العوائد من أصعب الأمور , يحتاج
صاحبه إلى استجداد طبيعة ثانية و الخروج عن حكم الطبيعة عسر جداً.
و
ينبغي لولي التلميذ أن يجنبه الأخذ من غيره غاية التجنب , فإنه متى إعتاد
الأخذ صار له طبيعة و نشأ بأن لا يعطي , واذا اراد الولي أن يعطي شيئا
اعطاه اياه على يده ليذوق حلاوة الإعطاء و يجنبه الكذب والخيانة أعظم مما
يجنبه السم الناقع , فإنه متى سهل سبيل الكذب والخيانة أفسد عليه سعادة
الدنيا والآخره و حرمه كل خير , ويجنبه الكسل والبطالة و الدعة والراحة ,
بل يأخذه بأضدادها , لا يرحه إلا بما يجم نفسه و بدنه للشعل فإن الكسل و
البطالة عواقب سوء ومغبة ندم و للجد والتعب عواقب حميدة إما في الدنيا و
إما في العقبى و أما فيهما فأروح الناس أتعب الناس .
منقول و شكرا