زراعــــــــة القمــــــح في الأردن
الاراضي المزروعة بالقمح في الاردن تتناقص من
فترة لأخرى. فالناس يستعملون بعض هذه الأراضي لبناء البيوت والسكن، وبعضهم
- خلال العقدين الأخيرين- اتجه الى زراعة الزيتون وأشجار أخرى، بخاصة في
مناطق الجنوب؛ لأن مناطق الشمال تتعامل مع زراعة الزيتون والأشجار المثمرة
الاخرى منذ وقت بعيد.
وزراعة القمح مثل غيرها من اشكال الزراعة تعرضت
لارتفاعات متتالية في كلفتها سواء من حيث الرعاية والرش او الحراثة او
الحصاد او حتى ثمن "الشوالات" والنقل، واحيانا يدفع المزارع تكاليف
العملية الزراعية لكن محصوله يصاب بدودة القمح او غيرها من الاوبئة التي
تضعف المحصول وتجعله حتى لا يأتي بتكلفته.
ضمن المعطيات المتوفرة فان زراعة القمح في
الاردن لم تعد زراعة محترفة او موجودة كحالة اقتصادية عامة، وبالتالي فان
من واجب الحكومة ان تتعامل مع هذا القطاع من الزراعة باتجاه دعمه وابقائه
ومنعه من الانقراض عاما بعد عام. والحكومات تقرر كل عام شراء محصول القمح
من المزارعين وهذه خطوة ايجابية، لكن هذه الخطوة تحتاج مع مرور السنوات
الى تعزيز بدعم لهذا القطاع لابقاء زراعة القمح امرا مجديا او له مردود
معقول؛ فالحكومة تضع اسعارا لشراء القمح من المزارعين، وتحدد الاسعار وفق
معادلة لديها، لكن هذه المعادلة تحتاج الى ان يضاف اليها العامل
الاجتماعي- السياسي الذي يجعل من زراعة القمح امرا مستمرا وبخاصة لصغار
المزارعين، وهذا يعني ان تدفع اسعارا ليست مرتبطة فقط باسعار القمح
العالمية والمحروقات، وانما ترتبط بهدف الحفاظ على هذا النوع من الزراعة.
في الصحف شكاوى من مزارعي القمح في الجنوب من ان
السعر الذي حددته الحكومة غير مناسب, وربما علينا جميعا ان نتذكر ان حوالي
(50) الف دونم من الاراضي المزروعة بالقمح في محافظة الكرك قد اصابتها
دودة القمح بنسب مختلفة، وما زالت اجزاء كبيرة من المناطق المزروعة بالقمح
متضررة، ما سينعكس على المحصول.
ايا كانت كميات انتاج القمح الاردني فإن هذه
المادة تعتبر من المواد الاستراتيجية لكل الدول، ومن المهم ان نحافظ على
انتاج القمح من الارض الاردنية التي تم اختطافها للاسمنت والعمارات
والزيتون، ولهذا فعلى الحكومة ان تعيد صياغة معادلة تعاملها مع مزارعي
القمح، حتى لو دفعت مبالغ اضافية فإن المكاسب لا تقاس بمنطق سعر القمح بل
بحسابات ومعادلات خارج اطار التجارة والتشجيع الرمزي.