أولا ـ الايجاز :
يضرب
فيليب تايلور مثلا في الرئيس الأميركي الراحل جون كنيدي الذي كان بارعا في
استخدام الوسيط التلفزيوني فيقول إنه " ذو قدرة فائقة في العثور على
عبارات موجزة ونافذة أمام الآت التصوير"
[1] . ولكن الإيجاز هنا لا يعني تغييب الحقائق كما في الحالة العراقية ، إذ يحاول البعض أن يجعل من ضحايا العنف في العراق قضية بلا عواطف إنسانية، فيوجز ما يحصده العنف في العراق من خلال تركيزه على التنازع السياسي على السلطة هناك، وعلى صنع الفتنة الطائفية من العدم، وحصر الإسلام في ثقافة العنف والعصبية وبث الفرقة بين مختلف الأديان والمذاهب . ومن أمثلة ذلك الخبر الذي ذكرته محطة NBC الأميركية
عن مراسلها في بغداد يوم 31/ 8/ 2005 عن حادثة مقتل أكثر من الف عراقي عند
جسر الأعظمية ببغداد ، والذي قال فيه موجزا كل هذه الكارثة الإنسانية "
السنّة في العراق يعرقلون زيارة دينية للشيعة ويقتلون الفا منهم " ثم يضيف
شيئا معمقا للإيجاز الأول فينقل على لسان أحد سكان الأعظمية قوله " "إن الأشياء الحية الوحيدة التي يمكن تعبر الجسر هي الحمامات والجرذان" .
ثانيا ـ التطابق بين الصورة والصوت:
يعتمد الخبر التلفزيوني على عنصرين : الصورة سواء كانت هذه الصورة فيلما أو صورا ثابتة أو رسوما بيانية أو صورا من المصدر والعنصر الثاني الصوت الذي لها تأثيره الخاص وسحره على النفوس، "ويمثل الصوت العامل الثاني للصحفي التلفزيوني والعامل الأول بالنسبة للصحفي الإذاعي" ، وإيقاع الصوت يتغير حسب نوعية الخبر، "فعندما نكون بصدد إلقاء خبر مفرح أو التعليق على مقابلة رياضية مثلا يكون إيقاع الصوت سريعا وقويا، وعندما ننتقل للحديث عن خبر محزن كوفاة شخصية مهمة وعزيزة على المشاهدين نخفض من إيقاع الصوت ومن سرعته ويكون الصوت منخفضا وحزينا، ولا بد أن يظهر الحزن على تراسيم الوجه لكي يكون هناك تفاعل بين الصوت والصورة .. وهكذا" أي أنه يجب في مجال التلفزيون أن يتناسب الكلام مع محتوى الصورة.
ثالثا ـ البساطة والوضوح :
تعد
البساطة أحدى خصائص الخبر التلفزيوني المهمة . ولكن هذه البساطة لا يجب أن
تكون على حساب الحقيقة، فالمشاهد العربي الذي قد "يفر من إعلام تقليدي يتميز بالرتابة وتكرار المادة الإعلامية"، يتلقفه النظام الإعلامي الجديد الذي "يخفي تحت اسم الحرية والديمقراطية أهدافاً خبيثة تسعى إلى تغييرالحقائق والمفاهيم والقيم الاجتماعية للبلدان الأخرى، كأن تحذف من قاموسنا السياسي اعتبارات وقيما وتأتي بآخرى، كتسمية الاحتلال الأمريكي في العراق
بـ" التحرير " والمقاومة بـ" الإرهاب "وما إلى ذلك من مصطلحات تحاول
التبسيط ولكنها في الحقيقة تفضي الى تشويه ممارسات شرعية وتكريس مفاهيم
جديدة عنه ".
لقد
وجدت الفضائيات العربية نفسها أمام مسؤولية إثبات بطلان تبسيط العمليات
العسكرية الجارية في العراق عام 2003 والتي كان يروج لها الأعلام الغربي، وخاصة فما يتعلق بعدم وجود قتلى وأسرى، أو سقوط طائرات لقوات التحالف في
الأيام الأولى للحرب حتى نشرت قناة "الجزيرة" صورا لخسائر الأميركان
والبريطانين في معارك العراق . ويعتبر إبراهيم غرايبة "أن موقف الفضائيات
العربية آنذاك من هذا الأمر دفع إدارات الأحتلال والإعلام المسيّر من
خلالها الى تسطيح ماورد من أنباء خسائرهم إلى التركيز على الانتهاكات
العراقية لاتفاقية جنيف لأسرى الحرب!" .
رابعا ـ استخدام المجاز :
يساعد
الإعلام في تركيز الإدراك وبلورة المعنى وخاصة " في الأخبار التلفزيونية،
إذ يستخدم الأسلوب والتعبير المجازي الذي قد يختلف بين محطة تلفزيونية
وأخرى" . ومع أن الأيجاز يشكل أحد الخصائص الرئيسة للخبر التلفزيوني، فقد استغل هذا النوع من الإعلام" لإغراق الجمهور
في دوامة من الأحداث والتدفق والإغداق لخلق حالة من الوعي المبرمج والمعد
مسبقا باتجاه واحد مرسوم." وتجسد ذلك في التركيز على صور متكررة ومعدة
بشكل جيد لخلق صور ذهنية نمطية عن أشخاص ودول كما هو الحال مع مفردة "
طالبان" في أفغانستان وصدام حسين في العراق .
خامسا:
مراعاة ان تكون القصة الخبرية وحدة درامية متماسكة . والتلفزيون بطبيعته وسيط قادر على الإقناع، وتكمن قوته في أنه يسبك الرأي ويقولبه حسب صياغة خاصة". وفي اخبار العراق التي صورت وكتبت تعليقاتها من خلال مكاتب أو مراقبة قوات الأحتلال هناك ، نلاحظ أن البناء الدرامي لقصص التحسن الأمني أو التعامل الإنساني بين الجنود الأميركان وابناء الشعب العراق، والتي قد تكون بعيدة عن الواقع تماما، قد نجحت
في تحييد بعض العقول أو أستمالتها الى جانب الفكرة التي يروج لها بتحقيق
تطور في ملف العراق ، وبالتالي تهدئة ردود الأفعال المتصاعدة لدى الشعب
الأميركي .
[1] فيليب تايلور - 2000 - قصف العقول – ترجمة سامي خشبة- مصدر سابق - ص 379
*منقول*