الشبكات الاجتماعية إلى أين؟ علينا
جميعاً في وسائل الإعلام العربية، ونحن نرى بكل جوارحنا ما قدمه شباب مصر،
ومن قبلهم شباب تونس، في ثورتهم على الأوضاع الخاطئة، أن نعي الدرس جيداً،
فنحن اليوم نقف أمام جيل مختلف، يرفض الأحكام المسبقة ويرفض أن يكون البعض
قَـيِّما على أفكاره وطموحاته وآماله.
لايزال
بعضنا يدور جاهداً حول ساقية بالية، معتقداً أن ما حدث لا يعدو موضة،
وظاهرة سرعان ما تختفي وتذوب، بينما الواقع يقول عكس هذا الاتجاه.
ما حدث في
غضون شهر واحد، اختزل سنوات طوالًا من العمل الإعلامي العربي الموجه،
والذي أثبتت الأيام الماضية بكل وضوح عدم مقدرته على مواكبة المتغيرات
المتسارعة، في زمن لا يعترف بالركون والاتكاء على ما هو متعارف عليه.
لم يستغرق
التخطيط لإحداث هذه الثورة طويلًا، لأن الأمر كان بسيطاً جداً وتلقائياً،
ولم تدخل في ثناياه الأيدولوجيا وأمراض المفكرين المنتمين إلى الأحزاب
المريضة المتهالكة، التي تجتر أفكارها وتبالغ في الفهم والمعرفة والتحليل
ونضال المقاهي والشيشة.
لم يكن
الأمر معقداً، لدرجة أن الكثير من أولئك الذين «يطنطنون» في الفضائيات
شرقاً وغرباً، ضاعوا في الفهم مثلما ضاع غيرهم في عدم الفهم، وكأن الفهم
وعدم الفهم أمر واحد لا يستثني أحداً، مثقفاً كان أو أمياً، حتى إسرائيل
التي كانت تعتقد أنها فهمت العقلية العربية عموماً والمصرية خصوصاً، وجدت
حساباتها خارج نطاق الخدمة، لأنها تعاملت مع العقليات التي تفهمها وتعرفها
جيداً، فخسرت الجولة، وها هي اليوم تعترف بإخفاقها، ما دعا الجيش
الإسرائيلي إلى الإعلان عن إقامة وحدة جديدة متخصصة في الشبكات الاجتماعية
عبر الإنترنت، وذلك ضمن خطة شاملة لتقوية السلاح الاستراتيجي الإسرائيلي.
الإسرائيليون
يرون أن الشبكات الاجتماعية باتت سلاحاً فاعلًا بأيدي الجيل الشاب من
العرب، هذا الجيل الذي لن تقف في مواجهته أي قوة، مشيرين إلى أن تلك
الشبكات ستؤدي دوراً بارزاً في الحروب القادمة، وستعرقل الكثير من الخطط
الحربية. ويؤكد الإسرائيليون بشكل واضح، لا لبس فيه، أن أجهزة الأمن عندهم
مدعوة إلى البحث عن وسائل قتالية عبر هذه الشبكات، لذا علينا نحن جميعاً
في الوطن العربي فهم أبعاد تلك الخطوات، واستثمار تلك الشبكات بما يعود
علينا بالمنفعة، قبل أن تكون بأيدي الآخرين.