عوائق الحق في الاتصال:
-
عادة ما يترافق الاعتراف بحق الاتصال وسعة القبول به بإشكالية بين السلطة
السياسية والناس فالأولى تحاول التضييق عليه بينما يطمح الناس إلى توسيعه
للحد الأقصى ويرتبط الأمر عادة ببنية النظام السياسي وسياسات الحكومة
الاتصالية وبأبعاد الحرية والديمقراطية الممارسة في المجتمع.
وفي ضوء
ذلك رأت اللجنة العربية لدراسة قضايا الإعلام والاتصال أن من نتائج
الاعتراف بحق الاتصال أو أن الأدنى الذي يجب القبول به هو (الحد من
السيطرة المبالغ فيها والتي تمارسها الحكومات على وسائل الاتصال المختلفة
أو على صياغة الرسائل الإعلامية بما يتيح مزيدا من التعبير عن الرأي
والرأي الآخر ويطلق ملكات الإبداع الفني والفكري وبالتالي ضبط الرقابة
وسلطة المنع والاعتماد على إحساس الأفراد والهيئات القائمة بالاتصال
بمسؤولياتها الاجتماعية في إطار القوانين والمواثيق المهنية.(1)
ويرتبط
الحق في الاتصال ارتباطا وثيقا بمدى توفر الحرية في المجتمع بصفة عامة
وحرية الإعلام بصفة خاصة وهذا ما كفلته دساتير بلدان العالم كلها ومنها
البلدان العربية إلا أن هذا الاعتراف الدستوري لم يجد مرتسماته في الواقع
المعيش وبغض النظر عن هذه الدساتير ربطت حريات الرأي والتعبير والطباعة
والنشر في كل الأحوال بقيود قانونية جاءت في صياغات
مختلفة مثل : في حدود القانون أو بمقتضى القانون أو حسبما يضبطها
القانون أو وفقا للشروط والأوضاع التي بينها القانون أو بشرط ألا يتجاوز
حدود القانون وبناءا على ذلك شددت القوانين والقرارات التنفيذية في
البلدان العربية على تطبيق هذه المواد الدستورية حتى كادت أن تلغيها ولم
تترك للنص الدستوري أي معنى جدي وهذا ما جعل التضييق على حق الاتصال وعلى
حرية وسائل الإعلام في بعض البلدان يتجاوز ما كان يمارس عليها قبل أكثر من
قرن أيام السلطة العثمانية والسلطات المشابهة لها وهذا في الدول العربية.
-عدم
اعتماد السياسات الإعلامية والاتصالية ووسائل الإعلام على البحوث
والدراسات واستبيان الرأي العام والاستفادة من مراكز المعلومات ومراكز
الدراسات الإستراتيجية.
- دعم السلطة والدعاية لها وتمجيد منجزاتها من
طرف السياسيات الإعلامية وعدم الاهتمام بالقدر الكافي بالحراك الاجتماعي
وبحاجات الناس وطموحاتهم كما أنها أحادية لا ترى إلا بعين واحدة ولا تهتم
بالتعددية أو بالآراء الأخرى خاصة إذا كانت مخالفة لرأي السلطة مما أفقدها
مصداقيتها من جهة وحرم المجتمع من منابر تعبر عنه تعبيرا حقيقيا من جهة
أخرى.
-ضعف التنسيق بين المؤسسات الاتصالية وخاصة بين وسائل الإعلام
ووسائل الثقافة ووسائل التربية فلكل من هذه الوسائل سياستها شبه المستقلة
التي قد لا تتفق مع سياسات أخرى وتتناقض معها أحيانا سواء بالأهداف أو
بالوسائل وهذا ما يمنع العملية الاتصالية برمتها أن تحقق أهدافها.
الخــاتمـــة:
يعتبر الحق في الإعلام والاتصال اليوم حقان
متلازمان حيث الأول يكمل بإضافة الثاني فالعلاقة بينهما هي علاقة ترابط
ولا مجال للحديث عن الحق في الإعلام دون الحديث عن الحق في الاتصال.
ويرتبط
الحق في الإعلام بالصحفي أو المؤسسة الإعلامية من جهة إعداد المعلومات
والأخبار ونشرها ومن جهة أخرى يتعلق بالمتلقين من حيث استهلاك تلك
المعلومات والأخبار وهذه الأخيرة من شأنها أن تتيح الاتصال بين الأفراد
والمؤسسات الصحفية في إطار ما يسمى بالحق في الاتصال
كما أن الحق في
الاتصال يتضمن الحق في الإعلام فالاتصال هو نتيجة للعملية الإعلامية وهنا
يظهر التشابه الموجود بين الحقين فكلاهما يمس معد المعلومات والمتلقين وفي
نفس الوقت يعتبر الحق في الاتصال والحق في الإعلام حقان متباينان:فالحق في
الإعلام يسير في اتجاه واحد على شكل خط إخباري من معد المعلومات نحو
المتلقي بينما الحق في الاتصال ينتج عنه تفاعل بين المتلقين والمؤسسات
الصحفية.
إلا أن الحق في الإعلام والحق في الاتصال رغم الإعلان عنهما
في مواثيق عالمية ودولية لا يزالان بحاجة إلى تجسيد أوسع وأكبر في واقع
عالم الصحافة اليوم.