علي أسامة (لشهب أسامة) المدير العام
الجنـسية : البلد : الجزائر الجنـــس : المتصفح : الهواية : عدد المساهمات : 26932 التقييم : 0 تاريخ التسجيل : 24/10/2008 العمر : 31 الموقع : https://readwithus.yoo7.com/ المزاج : nice توقيع المنتدى + دعاء :
| موضوع: اللغه العربيه الواقع والامل الأحد 11 مارس - 9:37 | |
| في ندوة عن اللغه العربيه الواقع والامل
تحدث الدكتور حمدي فتوح والي
سُإل فأجاب
كيف هي مكانة اللغة العربية في الإسلام؟! وهل الحديث عن اللغة العربية يُعد نوعًا من أنواع التعصب لها أم أن لها مكانة عظيمة أعلى من غيرها من اللغات الأخرى؟!
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه.. اللغات عمومًا على الأرض كلها تحظى بعناية أصحابها, وتحتل في حياتهم المكانة الكبرى والعظمى, واللغات هي وسيلة التخاطب والتفاهم, لا يستغني عنها أحد, واللغة العربية هي عندنا كذلك, لكنها تزيد على ذلك أنها عبادة, فممارسة اللغة عبادة, والتعامل بهذه اللغة إحياءً لأصولها وحرصا على سلامتها مع استشعار هذه النية نوع من أعظم العبادات, وتأتي أهمية اللغة العربية - وأعظم ما يجعلها مهمة في حياتنا - أنها لغة القرآن الكريم, وهي لغة الإسلام, وترتبط اللغة العربية في حياة المسلمين جميعًا بأداء الشعائر, فهي لغة تستمد عظمتها من مكانة القرآن والإسلام, والقاعدة الشرعية تقول: ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب, ولما كانت قراءة القرآن واجبة والتعرف على أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم واجبة, والتعرف على قواعد العبادات والعقائد أمورًا واجبة, وكان لا يمكن التوصل إليها إلا باللغة العربية - كانت اللغة العربية لها درجة الوجوب نفسها التي تجب لكتاب الله تعالى وأحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم, من هنا كانت اللغة العربية تمثل لهذه الأمة هويتها, وتمثل لها استمراريتها في الحياة, وتمثل كذلك عمقها الإيماني وعمقها الروحي, وارتباطها التاريخي, فأنت لا تستطيع أن تميز أو أن تفصل بين الأمة العربية وبين اللغة العربية إلا إذا أمكنك أن تفصل بين الروح والجسد, فهي لغة تمتزج بكيان الأمة, وتستمد الأمة منها سيادتها وتميزها وهويتها وعمقها الحضاري.
اللغة العربية من أهم أدوات التواصل الفكري والثقافي بين عناصر المجتمع المختلفة, كما أنها إحدى أهم وسائل الأمن القومي. كيف تلعب اللغة العربية دورًا في توحيد الأمة؟! خاصة في خضم الأخطار التي تتهددها وتنصب عليها من كل جانب. في الحقيقة لا أجد أجمع ولا أجمل مع الإفادة والدقة من تعبير الأستاذ العقاد عليه رحمة الله عندما وصف اللغة العربية بأنها "اللغة الشاعرة", وزاد فوصفها أيضًا فقال: اللغة العربية هي "الهوية الواقية", فالأصل في الناس أنهم يجتهدون ليقوا هويتهم حتى لا تضيع, لكن الأمر مع اللغة العربية يختلف, فاللغة العربية في هذا المقام هي التي تحمي أصحابها, هي الدرع والحصن الذي يذود عن هذه الأمة ويضمن كمالها ودوامها وثباتها واستقرارها. توحيد لسان التخاطب بين أبناء الأمة يفتح مجالاً واسعًا لتوحيد المساحة الذهنية وتوحيد الفكر والقدرة على استنباط ما لدى الآخر, فالجميع يعيشون في كيان واحد, ويتعاملون بلغة واحدة, ويستشعرون جماليات واحدة, وينفعلون تذوقًا وجمالاً لما يسمعون, واللغة قادرة على أن ترفع أذواق الأمة جميعًا, وقادرة على أن تحمي أذواقنا وأسماعنا من أن نسمع ما يخدش الحياء, فلا تجد لغة عُنيت بالبعد الإنساني والبعد الذوقي كما تجد اللغة العربية, هناك أشياء لا يستطيع الإنسان أن يتخاطب بها رغم ضروريتا في حياته, فما يقع مثلاً للإنسان من الأمور الزوجية, والعلاقات الشخصية, وما يفعله الإنسان أحيانًا من أموره الضرورية فيريد أن يعبر عنها, فتأتي اللغة العربية لتقدم له ألفاظًا وبدائل تؤدي المطلوب وتحفظ الذوق وتمتع وتتكلم في أحرج المواقف وأدقها, فهي قادرة على أن ترفع الحس والذوق ليحتفظ الجميع بالذوقيات والأدبيات والمعاني بطريقة نظيفة. ففي سورة يوسف, والموقف الدال على أعلى ما يمكن أن يصل إليه الحس البشري من أمور فطرية, يعبر عنه القرآن دون أن تستشعر في لحظة واحدة منذ بدأت القصة إلى أن أنهاها - وهي تبلغ الذروة في التعبير عما يطلب فطريًا بين الرجل والمرأة - لا تجد أبدًا أن هناك كلمة جرحت الذوق أو أسفّت أو أشعرت الإنسان بالحرج عن أن يتردد أن يقولها, ولكن الآيات تردد ونشعر عند سماعها بالمتعة والجمال. فضلاً عن ذلك فإن اللغة العربية تشعر المتلقي دائمًا بأهميته, فعندما أحدّث المتلقّي باللغة العربية فأنا أرفع مقامه وأعليه, لأن اللغة العربية في تاريخها كله لغة رفعة.
| |
|