منتديات اقرأ معنـا
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


قال نبينا محمد صلى الله عليه وسلم :{إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاثة: صدقة جارية أو علم ينتفع به أو ولد صالح يدعوا له}
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخولتسجيل دخول الاعضاء
بسم الله الرحمن الرحيم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته , المنتدى تابع لشركة احلى منتدى والخدمة والصيانة مدى الحياة , وأعضاؤنا قدموا 33879 مساهمة في هذا المنتدى وهذا المنتدى يتوفر على 8838 عُضو , للإستفسار يرجى التواصل معي عن طريق إرسال رسالة شخصية .. ولكم فائق تحياتي وتقديري , المدير العام : علي أسامة (لشهب أسامة)
Cool Yellow
Outer Glow Pointer

 

  فتح الباري شرح صحيح البخاري كتاب التوحيد

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
علي أسامة (لشهب أسامة)
المدير العام
المدير العام
علي أسامة (لشهب أسامة)


الأوسمة وسام العضو المميز
 فتح الباري شرح صحيح البخاري كتاب التوحيد 41627710
الجنـسية : gzaery
البلد : الجزائر
الجنـــس : ذكر
المتصفح : fmfire
الهواية : sports
عدد المساهمات : 26932
التقييم : 0
تاريخ التسجيل : 24/10/2008
العمر : 31
الموقع : https://readwithus.yoo7.com/
المزاج : nice
توقيع المنتدى + دعاء : توقيع المنتدى + دعاء

 فتح الباري شرح صحيح البخاري كتاب التوحيد Empty
مُساهمةموضوع: فتح الباري شرح صحيح البخاري كتاب التوحيد    فتح الباري شرح صحيح البخاري كتاب التوحيد I_icon_minitimeالسبت 10 مارس - 15:24



السلام عليكم ورحمه الله وبركاته


باب ما جاء في دعاء النبي صلى الله عليه وسلم أمته إلى توحيد الله تبارك وتعالى
6937
حدثنا أبو عاصم حدثنا زكرياء بن إسحاق عن يحيى بن محمد بن عبد الله بن
صيفي عن أبي معبد عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه
وسلم بعث معاذا إلى اليمن


الشروح
- ص 357 - قوله (
بسم الله الرحمن الرحيم - كتاب التوحيد ) كذا للنسفي وحماد بن شاكر ،
وعليه اقتصر الأكثر عن الفربري ، وزاد المستملي : الرد على الجهمية وغيرهم
، وسقطت البسملة لغير أبي ذر ، ووقع لابن بطال وابن التين " كتاب رد
الجهمية " وغيرهم " التوحيد " وضبطوا التوحيد بالنصب على المفعولية ،
وظاهره معترض ؛ لأن الجهمية وغيرهم من المبتدعة لم يردوا التوحيد وإنما
اختلفوا في تفسيره ، وحجج الباب ظاهرة في ذلك ، والمراد بقوله في رواية
المستملي وغيرهم : القدرية ، وأما الخوارج فتقدم ما يتعلق بهم في " كتاب
الفتن " وكذا الرافضة تقدم ما يتعلق بهم في " كتاب الأحكام " وهؤلاء الفرق
الأربع هم رءوس البدعة وقد سمى المعتزلة أنفسهم " أهل العدل والتوحيد "
وعنوا بالتوحيد ما اعتقدوه من نفي الصفات الإلهية ، لاعتقادهم أن إثباتها
يستلزم التشبيه ومن شبه الله بخلقه أشرك ، وهم في النفي موافقون للجهمية ،
وأما أهل السنة ففسروا التوحيد بنفي التشبيه والتعطيل ، ومن ثم قال الجنيد
فيما حكاه أبو القاسم القشيري : التوحيد إفراد القديم من المحدث " وقال
أبو القاسم التميمي في " كتاب الحجة " : التوحيد - تعريفه - مصدر وحد يوحد
، ومعنى وحدت الله اعتقدته منفردا بذاته وصفاته لا نظير له ولا شبيه ،
وقيل معنى وحدته علمته واحدا ، وقيل : سلبت عنه الكيفية والكمية فهو واحد
في ذاته لا انقسام له ، وفي صفاته لا شبيه له ، في إلهيته وملكه وتدبيره
لا شريك له ولا رب سواه ولا خالق غيره . وقال ابن بطال : تضمنت ترجمة
الباب أن الله ليس بجسم ؛ لأن الجسم مركب من أشياء مؤلفة وذلك يرد على
الجهمية في زعمهم أنه جسم ، كذا وجدت فيه ولعله أراد أن يقول المشبهة ،
وأما الجهمية فلم يختلف أحد ممن صنف في المقالات أنهم ينفون الصفات حتى
نسبوا إلى التعطيل ، وثبت عن أبي حنيفة أنه قال : بالغ جهم في نفي التشبيه
حتى قال : إن الله ليس بشيء ، وقال الكرماني الجهمية فرقة من المبتدعة
ينتسبون إلى جهم بن صفوان مقدم الطائفة القائلة أن لا قدرة للعبد أصلا ،
وهم الجبرية بفتح الجيم وسكون الموحدة ، ومات مقتولا في زمن هشام بن عبد
الملك انتهى . وليس الذي أنكروه على الجهمية مذهب الجبر خاصة ، وإنما الذي
أطبق السلف على ذمهم بسببه إنكار الصفات . حتى قالوا : إن القرآن ليس كلام
الله وأنه مخلوق ، وقد ذكر الأستاذ أبو منصور عبد القاهر بن طاهر التميمي
البغدادي في كتابه " الفرق بين الفرق " أن رءوس المبتدعة أربعة إلى أن قال
: والجهمية أتباع جهم بن صفوان الذي قال : بالإجبار والاضطرار إلى الأعمال
، وقال لا فعل لأحد غير الله تعالى ، وإنما ينسب الفعل إلى العبد مجازا من
غير أن يكون فاعلا أو مستطيعا لشيء ، وزعم أن علم الله حادث ، وامتنع من
وصف الله تعالى بأنه شيء أو حي أو عالم أو مريد ، حتى قال لا أصفه بوصف
يجوز إطلاقه على غيره ، قال وأصفه بأنه خالق ومحيي - ص 358 - ومميت وموحد
بفتح المهملة الثقيلة ؛ لأن هذه الأوصاف خاصة به ، وزعم أن كلام الله حادث
، ولم يسم الله متكلما به ، قال : وكان جهم يحمل السلاح ويقاتل ، وخرج مع
الحارث بن سريج ، وهو بمهملة وجيم مصغر ، لما قام على نصر بن سيار عامل
بني أمية بخراسان فآل أمره إلى أن قتله سلم بن أحوز وهو بفتح السين
المهملة وسكون اللام ، وأبوه بمهملة وآخره زاي وزن أعور وكان صاحب شرطة
نصر ، وقال البخاري في " كتاب خلق أفعال العباد : بلغني أن جهما كان يأخذ
عن الجعد بن درهم ، وكان خالد القسري وهو أمير العراق خطب فقال : إني مضح
بالجعد بن درهم ؛ لأنه زعم أن الله لم يتخذ إبراهيم خليلا ولم يكلم موسى
تكليما . قلت : وكان ذلك في خلافة هشام بن عبد الملك ، فكأن الكرماني
انتقل ذهنه من الجعد إلى الجهم فإن قتل جهم كان بعد ذلك بمدة ، ونقل
البخاري عن محمد بن مقاتل قال : قال عبد الله بن المبارك : ولا أقل بقول
الجهم إن له قولا يضارع قول الشرك أحيانا



وعن ابن المبارك إنا لنحكي كلام اليهود والنصارى ونستعظم أن نحكي قول
جهم ، وعن عبد الله بن شوذب قال : ترك جهم الصلاة أربعين يوما على وجه
الشك ، وأخرج ابن أبي حاتم في " كتاب الرد على الجهمية " من طريق خلف بن
سليمان البلخي قال : كان جهم من أهل الكوفة وكان فصيحا ، ولم يكن له نفاذ
في العلم ، فلقيه قوم من الزنادقة فقالوا له : صف لنا ربك الذي تعبده ،
فدخل البيت لا يخرج مدة ثم خرج فقال هو هذا الهواء مع كل شيء . وأخرج ابن
خزيمة في التوحيد ، ومن طريقه البيهقي في الأسماء قال : سمعت أبا قدامة
يقول : سمعت أبا معاذ البلخي يقول : كان جهم على معبر ترمذ ، وكان كوفي
الأصل فصيحا ولم يكن له علم ولا مجالسة أهل العلم ، فقيل له صف لنا ربك
فدخل البيت لا يخرج كذا ، ثم خرج بعد أيام فقال : هو هذا الهواء مع كل شيء
وفي كل شيء ولا يخلو منه شيء . وأخرج البخاري من طريق عبد العزيز بن أبي
سلمة قال : كلام جهم صفة بلا معنى ، وبناء بلا أساس ولم يعد قط في أهل
العلم ، وقد سئل عن رجل طلق قبل الدخول فقال تعتد امرأته ، وأورد آثارا
كثيرة عن السلف في تكفير جهم . وذكر الطبري في تاريخه في حوادث سنة سبع
وعشرين أن الحارث بن سريج خرج على نصر بن سيار عامل خراسان لبني أمية
وحاربه ، والحارث حينئذ يدعو إلى العمل بالكتاب والسنة وكان جهم حينئذ
كاتبه ثم تراسلا في الصلح وتراضيا بحكم مقاتل بن حيان والجهم ، فاتفقا على
أن الأمر يكون شورى حتى يتراضى أهل خراسان على أمير يحكم بينهم بالعدل ،
فلم يقبل نصر ذلك واستمر على محاربة الحارث إلى أن قتل الحارث في سنة ثمان
وعشرين في خلافة مروان الحمار ، فيقال : إن الجهم قتل في المعركة ويقال بل
أسر ، فأمر نصر بن سيار سلم بن أحوز بقتله فادعى جهم الأمان ، فقال له سلم
: لو كنت في بطني لشققته حتى أقتلك فقتله ، وأخرج ابن أبي حاتم من طريق
محمد بن صالح مولى بني هاشم قال : قال سلم حين أخذه : يا جهم إني لست
أقتلك ؛ لأنك قاتلتني ، أنت عندي أحقر من ذلك ؛ ولكني سمعتك تتكلم بكلام
أعطيت الله عهدا أن لا أملكك إلا قتلتك فقتله ، ومن طريق معتمر بن سليمان
عن خلاد الطفاوي بلغ سلم بن أحوز وكان على شرطة خراسان أن جهم بن صفوان
ينكر أن الله كلم موسى تكليما فقتله ، ومن طريق بكير بن معروف قال رأيت
سلم بن أحوز حين ضرب عنق جهم فاسود وجه جهم ، وأسند أبو القاسم اللالكائي
في " كتاب السنة " له أن قتل جهم كان في سنة اثنتين وثلاثين ومائة
والمعتمد ما ذكره الطبري أنه كان في سنة ثمان وعشرين ، وذكر ابن أبي حاتم
من طريق سعيد بن رحمة صاحب أبي إسحاق الفزاري أن قصة جهم كانت سنة ثلاثين
ومائة ، وهذا يمكن حمله على جبر الكسر ، أو على أن قتل جهم تراخى عن قتل
الحارث بن سريج ، وأما قول الكرماني : إن قتل جهم كان في خلافة هشام بن
عبد الملك فوهم ؛ لأن خروج الحارث بن سريج الذي كان جهم كاتبه كان بعد - ص
359 - ذلك ، ولعل مستند الكرماني ما أخرجه ابن أبي حاتم من طريق صالح بن
أحمد بن حنبل قال : قرأت في دواوين هشام بن عبد الملك إلى نصر بن سيار
عامل خراسان : أما بعد فقد نجم قبلك رجل يقال له جهم من الدهرية فإن ظفرت
به فاقتله ، ولكن لا يلزم من ذلك أن يكون قتله وقع في زمن هشام ، وإن كان
ظهور مقالته وقع قبل ذلك حتى كاتب فيه هشام والله أعلم . وقال ابن حزم في
" كتاب الملل والنحل " : فرق المقرين بملة الإسلام خمس : أهل السنة ، ثم
المعتزلة ومنهم القدرية ، ثم المرجئة ومنهم الجهمية والكرامية ثم الرافضة
ومنهم الشيعة ، ثم الخوارج ومنهم الأزارقة والإباضية ، ثم افترقوا فرقا
كثيرة ، فأكثر افتراق أهل السنة في الفروع ، وأما في الاعتقاد ففي نبذ
يسيرة ، وأما الباقون ففي مقالاتهم ما يخالف أهل السنة الخلاف البعيد
والقريب ، فأقرب فرق المرجئة من قال : الإيمان التصديق بالقلب واللسان فقط
وليست العبادة من الإيمان . وأبعدهم الجهمية القائلون بأن الإيمان عقد
بالقلب فقط وإن أظهر الكفر والتثليث بلسانه ، وعبد الوثن من غير تقية ،
والكرامية : القائلون بأن الإيمان قول باللسان فقط وإن اعتقد الكفر بقلبه
، وساق الكلام على بقية الفرق ثم قال : فأما المرجئة - عقيدتهم - فعمدتهم
الكلام في الإيمان والكفر ، فمن قال إن العبادة من الإيمان ، وإنه يزيد
وينقص ولا يكفر مؤمنا بذنب ، ولا يقول إنه يخلد في النار فليس مرجئا ، ولو
وافقهم في بقية مقالاتهم . وأما المعتزلة - عقيدتهم - فعمدتهم الكلام في
الوعد والوعيد والقدر ، فمن قال القرآن ليس بمخلوق وأثبت القدر ورؤية الله
تعالى في القيامة ، وأثبت صفاته الواردة في الكتاب والسنة وأن صاحب
الكبائر لا يخرج بذلك عن الإيمان فليس بمعتزلي وإن وافقهم في سائر
مقالاتهم وساق بقية ذلك إلى أن قال : وأما الكلام فيما يوصف الله به
فمشترك بين الفرق الخمسة ، من مثبت لها وناف ، فرأس النفاة المعتزلة
والجهمية فقد بالغوا في ذلك حتى كادوا يعطلون ، ورأس المثبتة مقاتل بن
سليمان ومن تبعه من الرافضة والكرامية ، فإنهم بالغوا في ذلك حتى شبهوا
الله تعالى بخلقه ، تعالى الله سبحانه عن أقوالهم علوا كبيرا ، ونظير هذا
التباين قول الجهمية : إن العبد لا قدرة له أصلا ، وقول القدرية إنه يخلق
فعل نفسه . قلت : وقد أفرد البخاري خلق أفعال العباد في تصنيف ، وذكر منه
هنا أشياء بعد فراغه مما يتعلق بالجهمية
- ص 360 - قوله ( باب ما جاء
في دعاء النبي صلى الله عليه وسلم أمته إلى توحيد الله تعالى ) المراد
بتوحيد الله تعالى الشهادة بأنه إله واحد وهذا الذي يسميه بعض غلاة
الصوفية توحيد العامة ، وقد ادعى طائفتان في تفسير التوحيد أمرين
اخترعوهما ، أحدهما : تفسير المعتزلة كما تقدم ، ثانيهما : غلاة الصوفية
فإن أكابرهم لما تكلموا في مسألة المحو والفناء وكان مرادهم بذلك المبالغة
في الرضا والتسليم وتفويض الأمر ، بالغ بعضهم حتى ضاهى المرجئة في نفي
نسبة الفعل إلى العبد ، وجر ذلك بعضهم إلى معذرة العصاة ، ثم غلا بعضهم
فعذر الكفار ، ثم غلا بعضهم فزعم أن المراد بالتوحيد اعتقاد وحدة الوجود ،
وعظم الخطب حتى ساء ظن كثير من أهل العلم بمتقدميهم وحاشاهم من ذلك ، وقد
قدمت كلام شيخ الطائفة الجنيد وهو في غاية الحسن والإيجاز ، وقد رد عليه
بعض من قال بالوحدة المطلقة فقال : وهل من غير ، ولهم في ذلك كلام طويل
ينبو عنه سمع كل من كان على فطرة الإسلام والله المستعان . وذكر في الباب
أربعة أحاديث :
الحديث الأول : حديث معاذ بن جبل في بعثه إلى اليمن ،
أورده من طريقين الأولى أعلى من الثانية ، وقد أورد الطريق العالية في (
كتاب الزكاة ) وساقها هناك على لفظ أبي عاصم راويها ، وذكره هناك من وجه
آخر بنزول ، وعبد الله بن أبي الأسود شيخه في هذا الباب هو ابن محمد بن
أبي الأسود ينسب إلى جده واسمه حميد بن الأسود ، و " الفضل بن العلاء "
يكنى أبا العلاء ويقال أبو العباس وهو كوفي نزل البصرة وثقه علي ابن
المديني ، وقال أبو حاتم الرازي شيخ يكتب حديثه ، وقال النسائي ليس به بأس
، وقال الدارقطني : كثير الوهم . قلت : وما له في البخاري سوى هذا الموضع
وقد قرنه بغيره ولكنه ساق المتن هنا على لفظه .
قوله ( عن أبي معبد )
كذا للجميع بفتح الميم وسكون المهملة ثم موحدة ، وفي بعض النسخ عن أبي
سعيد وهو تصحيف ، وكأن الميم انفتحت فصارت تشبه السين .





6937 وحدثني عبد الله بن أبي الأسود حدثنا الفضل بن
العلاء حدثنا إسماعيل بن أمية عن يحيى بن محمد بن عبد الله بن صيفي أنه
سمع أبا معبد مولى ابن عباس يقول سمعت ابن عباس يقول لما بعث النبي صلى
الله عليه وسلم معاذ بن جبل إلى نحو أهل اليمن قال له إنك تقدم على قوم من
أهل الكتاب فليكن أول ما تدعوهم إلى أن يوحدوا الله تعالى فإذا عرفوا ذلك
فأخبرهم أن الله قد فرض عليهم خمس صلوات في يومهم وليلتهم فإذا صلوا
فأخبرهم أن الله افترض عليهم زكاة في أموالهم تؤخذ من غنيهم فترد على
فقيرهم فإذا أقروا بذلك فخذ منهم وتوق كرائم أموال الناس


الشروح
- ص 361 - قوله : سمعت ابن عباس لما بعث ) كذا فيه بحذف . ( قال أو يقول ) وقد جرت العادة بحذفه خطا ويقال يشترط النطق به .
قوله
( لما بعث النبي صلى الله عليه وسلم معاذ بن جبل إلى نحو أهل اليمن ) أي
إلى جهة أهل اليمن ، وهذه الرواية تقيد الرواية المطلقة بلفظ " حين بعثه
إلى اليمن " فبينت هذه الرواية أن لفظ اليمن من باب حذف المضاف وإقامة
المضاف إليه مقامه ، أو من إطلاق العام وإرادة الخاص ، أو لكون اسم الجنس
يطلق على بعضه كما يطلق على كله ، والراجح أنه من حمل المطلق على المقيد
كما صرحت به هذه الرواية ، وقد تقدم في باب بعث أبي موسى ومعاذ إلى اليمن
في أواخر " المغازي " من رواية أبي بردة بن أبي موسى ، وبعث كل واحد منهما
على مخلاف قال " واليمن مخلافان " وتقدم ضبط المخلاف وشرحه هناك ، ثم قوله
" إلى أهل اليمن " من إطلاق الكل وإرادة البعض ؛ لأنه إنما بعثه إلى بعضهم
لا إلى جميعهم ، ويحتمل أن يكون الخبر على عمومه في الدعوى إلى الأمور
المذكورة وإن كانت إمرة معاذ إنما كانت على جهة من اليمن مخصوصة .
قوله
( إنك تقدم على قوم من أهل الكتاب ) هم اليهود ، وكان ابتداء دخول
اليهودية اليمن في زمن أسعد ذي كرب وهو تبع الأصغر كما ذكره ابن إسحاق
مطولا في السيرة ، فقام الإسلام وبعض أهل اليمن على اليهودية ، ودخل دين
النصرانية إلى اليمن بعد ذلك لما غلبت الحبشة على اليمن ، وكان منهم إبرهة
صاحب الفيل الذي غزا مكة وأراد هدم الكعبة حتى أجلاهم عنها سيف بن ذي يزن
، كما ذكره ابن إسحاق مبسوطا أيضا ، ولم يبق بعد ذلك باليمن أحد من
النصارى أصلا إلا بنجران وهي بين مكة واليمن ، وبقي ببعض بلادها قليل من
اليهود .
قوله : فليكن أول ما تدعوهم إلى أن يوحدوا الله فإذا عرفوا
ذلك ) مضى في وسط الزكاة من طريق إسماعيل بن أمية عن يحيى بن عبد الله
بلفظ : فليكن أول ما تدعوهم إليه عبادة الله فإذا عرفوا الله ، وكذا أخرجه
مسلم عن الشيخ الذي أخرجه عنه البخاري ، وقد تمسك به من قال أول واجب
المعرفة كإمام الحرمين واستدل بأنه لا يتأتى الإتيان بشيء من المأمورات
على قصد الامتثال ، ولا الانكفاف عن شيء من المنهيات على قصد الانزجار إلا
بعد معرفة الآمر والناهي ، واعترض عليه بأن المعرفة لا تتأتى إلا بالنظر
والاستدلال ، وهو مقدمة الواجب فيجب فيكون أول واجب النظر ، وذهب إلى هذا
طائفة كابن فورك ، وتعقب بأن النظر ذو أجزاء يترتب بعضها على بعض ، فيكون
أول واجب جزءا من النظر وهو محكي عن القاضي أبي بكر بن الطيب وعن الأستاذ
أبي إسحاق الإسفراييني أول واجب القصد إلى النظر ، وجمع بعضهم بين هذه
الأقوال بأن من قال أول واجب المعرفة أراد طلبا وتكليفا ، ومن قال النظر
أو القصد أراد امتثالا ؛ لأنه يسلم أنه وسيلة إلى تحصيل المعرفة ، فيدل
ذلك على سبق وجوب المعرفة ، وقد ذكرت في " كتاب الإيمان " من أعرض عن هذا
من أصله وتمسك بقوله تعالى فأقم وجهك للدين حنيفا فطرة الله التي فطر
الناس عليها وحديث كل مولود يولد على الفطرة فإن ظاهر الآية والحديث أن
المعرفة حاصلة بأصل الفطرة ، وأن الخروج عن ذلك يطرأ على الشخص لقوله عليه
الصلاة والسلام فأبواه يهودانه وينصرانه وقد وافق أبو جعفر السمناني وهو
من رءوس الأشاعرة على هذا وقال : إن هذه المسألة بقيت في مقالة الأشعري من
مسائل المعتزلة ، وتفرع عليها أن الواجب على كل أحد معرفة الله بالأدلة
الدالة عليه ، وأنه لا يكفي التقليد في ذلك انتهى . وقرأت في جزء من كلام
شيخ شيخنا الحافظ صلاح الدين العلائي ما ملخصه : أن هذه المسألة مما
تناقضت فيها المذاهب وتباينت - ص 362 - بين مفرط ومفرط ومتوسط ، فالطرف
الأول قول من قال يكفي التقليد المحض في إثبات وجود الله تعالى ونفي
الشريك عنه ، وممن نسب إليه إطلاق ذلك عبيد الله بن الحسن العنبري وجماعة
من الحنابلة والظاهرية ، ومنهم من بالغ فحرم النظر في الأدلة واستند إلى
ما ثبت عن الأئمة الكبار من ذم الكلام كما سيأتي بيانه . والطرف الثاني :
قول من وقف صحة إيمان كل أحد على معرفة الأدلة من علم الكلام ، ونسب ذلك
لأبي إسحاق الإسفراييني ، وقال الغزالي : أسرفت طائفة فكفروا عوام
المسلمين ، وزعموا أن من لم يعرف العقائد الشرعية بالأدلة التي حرروها فهو
كافر ، فضيقوا رحمة الله الواسعة وجعلوا الجنة مختصة بشرذمة يسيرة من
المتكلمين ، وذكر نحوه أبو المظفر بن السمعاني وأطال في الرد على قائله ،
ونقل عن أكثر أئمة الفتوى أنهم قالوا : لا يجوز أن تكلف العوام اعتقاد
الأصول بدلائلها ؛ لأن في ذلك من المشقة أشد من المشقة في تعلم الفروع
الفقهية .
وأما المذهب المتوسط فذكره وسأذكره ملخصا بعد هذا ، وقال
القرطبي في المفهم : في شرح حديث أبغض الرجال إلى الله الألد الخصم الذي
تقدم شرحه في أثناء " كتاب الأحكام " وهو في أوائل " كتاب العلم " من صحيح
مسلم ، هذا الشخص الذي يبغضه الله هو الذي يقصد بخصومته مدافعة الحق ورده
بالأوجه الفاسدة والشبه الموهمة ، وأشد ذلك الخصومة في أصول الدين ، كما
يقع لأكثر المتكلمين المعرضين عن الطرق التي أرشد إليها كتاب الله وسنة
رسوله صلى الله عليه وسلم وسلف أمته ، إلى طرق مبتدعة واصطلاحات مخترعة
وقوانين جدلية وأمور صناعية مدار أكثرها على آراء سوفسطائية ، أو مناقضات
لفظية ينشأ بسببها على الآخذ فيها شبه ربما يعجز عنها ، وشكوك يذهب
الإيمان معها ، وأحسنهم انفصالا عنها أجدلهم لا أعلمهم ، فكم من عالم
بفساد الشبهة لا يقوى على حلها ، وكم من منفصل عنها لا يدرك حقيقة علمها
ثم إن هؤلاء قد ارتكبوا أنواعا من المحال لا يرتضيها البله ولا الأطفال ،
لما بحثوا عن تحيز الجواهر والألوان والأحوال ، فأخذوا فيما أمسك عنه
السلف الصالح من كيفيات تعلقات صفات الله تعالى وتعديدها واتحادها في
نفسها ، وهل هي الذات أو غيرها؟ وفي الكلام : هل هو متحد أو منقسم ؟
وعلى
الثاني : هل ينقسم بالنوع أو الوصف؟ ، وكيف تعلق في الأزل بالمأمور مع
كونه حادثا؟ ، ثم إذا انعدم المأمور هل يبقى التعلق؟ ، وهل الأمر لزيد
بالصلاة مثلا هو نفس الأمر لعمرو بالزكاة؟ إلى غير ذلك مما ابتدعوه مما لم
يأمر به الشارع وسكت عنه الصحابة ومن سلك سبيلهم ، بل نهوا عن الخوض فيها
لعلمهم بأنه بحث عن كيفية ما لا تعلم كيفيته بالعقل ؛ لكون العقول لها حد
تقف عنده ، ولا فرق بين البحث عن كيفية الذات وكيفية الصفات ، ومن توقف في
هذا فليعلم أنه إذا كان حجب عن كيفية نفسه مع وجودها ، وعن كيفية إدراك ما
يدرك به فهو عن إدراك غيره أعجز ، وغاية علم العالم أن يقطع بوجود فاعل
لهذه المصنوعات منزه عن الشبيه مقدس عن النظير متصف بصفات الكمال ، ثم متى
ثبت النقل عنه بشيء من أوصافه وأسمائه قبلناه واعتقدناه وسكتنا عما عداه ،
كما هو طريق السلف ، وما عداه لا يأمن صاحبه من الزلل ، ويكفي في الردع عن
الخوض في طرق المتكلمين ما ثبت عن الأئمة المتقدمين كعمر بن عبد العزيز
ومالك بن أنس والشافعي ، وقد قطع بعض الأئمة بأن الصحابة لم يخوضوا في
الجوهر والعرض وما يتعلق بذلك من مباحث المتكلمين ، فمن رغب عن طريقهم
فكفاه ضلالا .
قال : وأفضى الكلام بكثير من أهله إلى الشك ، وببعضهم
إلى الإلحاد وببعضهم إلى التهاون بوظائف العبادات ، وسبب ذلك إعراضهم عن
نصوص الشارع وتطلبهم حقائق الأمور من غيره ، وليس في قوة العقل ما يدرك ما
في نصوص الشارع من الحكم التي استأثر بها ، وقد رجع كثير من أئمتهم عن
طريقهم ، حتى جاء عن إمام الحرمين أنه قال " ركبت البحر الأعظم ، وغصت في
كل شيء نهى عنه أهل العلم في طلب الحق فرارا من التقليد والآن فقد رجعت -
ص 363 - واعتقدت مذهب السلف " هذا كلامه أو معناه وعنه أنه قال عند موته "
يا أصحابنا لا تشتغلوا بالكلام ، فلو عرفت أنه يبلغ بي ما بلغت ما تشاغلت
به ، إلى أن قال القرطبي : ولو لم يكن في الكلام إلا مسألتان هما من
مبادئه لكان حقيقا بالذم : إحداهما قول بعضهم إن أول واجب الشك إذ هو
اللازم عن وجوب النظر أو القصد إلى النظر ، وإليه أشار الإمام بقوله :
ركبت البحر . ثانيتهما قول جماعة منهم إن من لم يعرف الله بالطرق التي
رتبوها والأبحاث التي حرروها لم يصح إيمانه ، حتى لقد أورد على بعضهم أن
هذا يلزم منه تكفير أبيك وأسلافك وجيرانك ، فقال لا تشنع علي بكثرة أهل
النار ، قال وقد رد بعض من لم يقل بهما على من قال بهما بطريق من الرد
النظري وهو خطأ منه ، فإن القائل بالمسألتين كافر شرعا ، لجعله الشك في
الله واجبا ، ومعظم المسلمين كفارا حتى يدخل في عموم كلامه السلف الصالح
من الصحابة والتابعين ، وهذا معلوم الفساد من الدين بالضرورة ، وإلا فلا
يوجد في الشرعيات ضروري ، وختم القرطبي كلامه بالاعتذار عن إطالة النفس في
هذا الموضع لما شاع بين الناس من هذه البدعة حتى اغتر بها كثير من الأغمار
فوجب بذل النصيحة ، والله يهدي من يشاء انتهى . وقال الآمدي في أبكار
الأفكار : ذهب أبو هاشم من المعتزلة إلى أن من لا يعرف الله بالدليل فهو
كافر ؛ لأن ضد المعرفة النكرة والنكرة كفر .
قال : وأصحابنا مجمعون
على خلافه وإنما اختلفوا فيما إذا كان الاعتقاد موافقا لكن عن غير دليل ،
فمنهم من قال : إن صاحبه مؤمن عاص بترك النظر الواجب ، ومنهم من اكتفى
بمجرد الاعتقاد الموافق وإن لم يكن عن دليل وسماه علما ، وعلى هذا فلا
يلزم من حصول المعرفة بهذا الطريق وجوب النظر ، وقال غيره : من منع
التقليد وأوجب الاستدلال لم يرد التعمق في طريق المتكلمين ، بل اكتفى بما
لا يخلو عنه من نشأ بين المسلمين من الاستدلال بالمصنوع على الصانع ،
وغايته أنه يحصل في الذهن مقدمات ضرورية تتألف تألفا صحيحا وتنتج العلم ؛
لكنه لو سئل كيف حصل له ذلك ما اهتدى للتعبير به ، وقيل الأصل في هذا كله
المنع من التقليد في أصول الدين وقد انفصل بعض الأئمة عن ذلك بأن المراد
بالتقليد أخذ قول الغير بغير حجة ، ومن قامت عليه حجة بثبوت النبوة حتى
حصل له القطع بها ، فمهما سمعه من النبي صلى الله عليه وسلم كان مقطوعا
عنده بصدقه فإذا اعتقده لم يكن مقلدا ؛ لأنه لم يأخذ بقول غيره بغير حجة ،
وهذا مستند السلف قاطبة في الأخذ بما ثبت عندهم من آيات القرآن وأحاديث
النبي صلى الله عليه وسلم فيما يتعلق بهذا الباب ، فآمنوا بالمحكم من ذلك
وفوضوا أمر المتشابه منه إلى ربهم ، وإنما قال من قال إن مذهب الخلف أحكم
بالنسبة إلى الرد على من لم يثبت النبوة ، فيحتاج من يريد رجوعه إلى الحق
أن يقيم عليه الأدلة إلى أن يذعن فيسلم أو يعاند فيهلك ، بخلاف المؤمن
فإنه لا يحتاج في أصل إيمانه إلى ذلك ، وليس سبب الأول إلا جعل الأصل عدم
الإيمان فلزم إيجاب النظر المؤدي إلى المعرفة وإلا فطريق السلف أسهل من
هذا كما تقدم إيضاحه من الرجوع إلى ما دلت عليه النصوص حتى يحتاج إلى ما
ذكر من إقامة الحجة على من ليس بمؤمن ، فاختلط الأمر على من اشترط ذلك
والله المستعان .
واحتج بعض من أوجب الاستدلال باتفاقهم على ذم
التقليد ، وذكروا الآيات والأحاديث الواردة في ذم التقليد ، وبأن كل أحد
قبل الاستدلال لا يدري أي الأمرين هو الهدي ، وبأن كل ما لا يصح إلا
بالدليل فهو دعوى لا يعمل بها ، وبأن العلم اعتقاد الشيء على ما هو عليه
من ضرورة أو استدلال وكل ما لم يكن علما فهو جهل ، ومن لم يكن عالما فهو
ضال .
والجواب عن الأول أن المذموم من التقليد أخذ قول الغير بغير
حجة ، وهذا ليس منه حكم رسول الله صلى الله عليه وسلم فإن الله أوجب
اتباعه في كل ما يقول ، وليس العمل فيما أمر به أو نهى عنه داخلا تحت
التقليد المذموم اتفاقا ، وأما من دونه ممن اتبعه في قول قاله واعتقد أنه
لو لم يقله لم يقل هو به فهو المقلد المذموم ، - ص 364 - بخلاف ما لو
اعتقد ذلك في خبر الله ورسوله فإنه يكون ممدوحا ، وأما احتجاجهم بأن أحدا
لا يدري قبل الاستدلال أي الأمرين هو الهدى فليس بمسلم ، بل من الناس من
تطمئن نفسه وينشرح صدره للإسلام من أول وهلة ، ومنهم من يتوقف على
الاستدلال ، فالذي ذكروه هم أهل الشق الثاني ، فيجب عليه النظر ليقي نفسه
النار لقوله تعالى قوا أنفسكم وأهليكم نارا ويجب على كل من استرشده أن
يرشده ويبرهن له الحق وعلى هذا مضى السلف الصالح من عهد النبي صلى الله
عليه وسلم وبعده . وأما من استقرت نفسه إلى تصديق الرسول ولم تنازعه نفسه
إلى طلب دليل توفيقا من الله وتيسيرا فهم الذين قال الله في حقهم ولكن
الله حبب إليكم الإيمان وزينه في قلوبكم الآية . وقال فمن يرد الله أن
يهديه يشرح صدره للإسلام الآية وليس هؤلاء مقلدين لآبائهم ولا لرؤسائهم ؛
لأنهم لو كفر آباؤهم أو رؤساؤهم لم يتابعوهم بل يجدون النفرة عن كل من
سمعوا عنه ما يخالف الشريعة وأما الآيات والأحاديث فإنما وردت في حق
الكفار الذين اتبعوا من نهوا عن اتباعه وتركوا اتباع من أمروا باتباعه .
وإنما كلفهم الله الإتيان ببرهان على دعواهم بخلاف المؤمنين فلم يرد قط
أنه أسقط اتباعهم حتى يأتوا بالبرهان . وكل من خالف الله ورسوله فلا برهان
له أصلا وإنما كلف الإتيان بالبرهان تبكيتا وتعجيزا .
وأما من اتبع
الرسول فيما جاء به فقد اتبع الحق الذي أمر به وقامت البراهين على صحته ،
سواء علم هو بتوجيه ذلك البرهان أم لا . وقول من قال منهم إن الله ذكر
الاستدلال وأمر به مسلم لكن هو فعل حسن مندوب لكل من أطاقه ، وواجب على كل
من لم تسكن نفسه إلى التصديق كما تقدم تقريره وبالله التوفيق . وقال غيره
قول من قال طريقة السلف أسلم وطريقة الخلف أحكم ليس بمستقيم ؛ لأنه ظن أن
طريقة السلف مجرد الإيمان بألفاظ القرآن والحديث من غير فقه في ذلك ، وأن
طريقة الخلف هي استخراج معاني النصوص المصروفة عن حقائقها بأنواع المجازات
، فجمع هذا القائل بين الجهل بطريقة السلف والدعوى في طريقة الخلف ، وليس
الأمر كما ظن ، بل السلف في غاية المعرفة بما يليق بالله تعالى ، وفي غاية
التعظيم له والخضوع لأمره والتسليم لمراده ، وليس من سلك طريق الخلف واثقا
بأن الذي يتأوله هو المراد ولا يمكنه القطع بصحة تأويله ، وأما قولهم في
العلم فزادوا في التعريف عن ضرورة أو استدلال وتعريف العلم ، انتهى . عند
قوله عليه : فإن أبوا إلا الزيادة فليزدادوا عن تيسير الله له ذلك وخلقه
ذلك المعتقد في قلبه ، وإلا فالذي زادوه هو محل النزاع فلا دلالة فيه
وبالله التوفيق . وقال أبو المظفر بن السمعاني تعقب بعض أهل الكلام قول من
قال : إن السلف من الصحابة والتابعين لم يعتنوا بإيراد دلائل العقل في
التوحيد بأنهم لم يشتغلوا بالتعريفات في أحكام الحوادث وقد قبل الفقهاء
ذلك واستحسنوه فدونوه في كتبهم ، فكذلك علم الكلام ، ويمتاز علم الكلام
بأنه يتضمن الرد على الملحدين وأهل الأهواء ، وبه تزول الشبهة عن أهل
الزيغ ويثبت اليقين لأهل الحق ، وقد علم الكل أن الكتاب لم تعلم حقيقته ،
والنبي لم يثبت صدقه إلا بأدلة العقل ، وأجاب : أما أولا فإن الشارع
والسلف الصالح نهوا عن الابتداع وأمروا بالاتباع ، وصح عن السلف أنهم نهوا
عن علم الكلام وعدوه ذريعة للشك والارتياب .
وأما الفروع فلم يثبت عن
أحد منهم النهي عنها إلا من ترك النص الصحيح وقدم عليه القياس ، وأما من
اتبع النص وقاس عليه فلا يحفظ عن أحد من أئمة السلف إنكار ذلك ؛ لأن
الحوادث في المعاملات لا تنقضي وبالناس حاجة إلى معرفة الحكم ، فمن ثم
تواردوا على استحباب الاشتغال بذلك بخلاف علم الكلام . وأما ثانيا : فإن
الدين كمل لقوله تعالى اليوم أكملت لكم دينكم فإذا كان أكمله وأتمه
وتلقاه الصحابة عن النبي صلى الله عليه وسلم واعتقده من تلقى عنهم واطمأنت
به - ص 365 - نفوسهم فأي حاجة بهم إلى تحكيم العقول والرجوع إلى قضاياها
وجعلها أصلا ، والنصوص الصحيحة الصريحة تعرض عليها فتارة يعمل بمضمونها ،
وتارة تحرف عن مواضعها لتوافق العقول . وإذا كان الدين قد كمل فلا تكون
الزيادة فيه إلا نقصانا في المعنى ، مثل زيادة أصبع في اليد فإنها تنقص
قيمة العبد الذي يقع به ذلك ، وقد توسط بعض المتكلمين فقال : لا يكفي
التقليد بل لا بد من دليل ينشرح به الصدر ، وتحصل به الطمأنينة العلمية ،
ولا يشترط أن يكون بطريق الصناعة الكلامية بل يكفي في حق كل أحد بحسب ما
يقتضيه فهمه انتهى . والذي تقدم ذكره من تقليد النصوص كاف في هذا القدر ،
وقال بعضهم المطلوب من كل أحد التصديق الجزمي الذي لا ريب معه بوجود الله
تعالى والإيمان برسله وبما جاءوا به كيفما حصل وبأي طريق إليه يوصل ، ولو
كان عن تقليد محض إذا سلم من التزلزل . قال القرطبي : هذا الذي عليه أئمة
الفتوى ومن قبلهم من أئمة السلف ، واحتج بعضهم بما تقدم من القول في أصل
الفطرة وبما تواتر عن النبي صلى الله عليه وسلم ثم الصحابة أنهما حكموا
بإسلام من أسلم من جفاة العرب ممن كان يعبد الأوثان ، فقبلوا منهم الإقرار
بالشهادتين ، والتزام أحكام الإسلام من غير إلزام بتعلم الأدلة ، وإن كان
كثير منهم إنما أسلم لوجود دليل ما ، فأسلم بسبب وضوحه له ، فالكثير منهم
قد أسلموا طوعا من غير تقدم استدلال ، بل بمجرد ما كان عندهم من أخبار أهل
الكتاب بأن نبيا سيبعث وينتصر على من خالفه ، فلما ظهرت لهم العلامات في
محمد صلى الله عليه وسلم بادروا إلى الإسلام ، وصدقوه في شيء قاله ودعاهم
إليه من الصلاة والزكاة وغيرهما ، وكثير منهم كان يؤذن له في الرجوع إلى
معاشه من رعاية الغنم وغيرها ، وكانت أنوار النبوة وبركاتها تشملهم فلا
يزالون يزدادون إيمانا ويقينا . وقال أبو المظفر بن السمعاني أيضا ما
ملخصه : إن العقل لا يوجب شيئا ولا يحرم شيئا ، ولا حظ له في شيء من ذلك ،
ولو لم يرد الشرع بحكم ما وجب على أحد شيء ، لقوله تعالى وما كنا معذبين
حتى نبعث رسولا وقوله لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل وغير ذلك
من الآيات ، فمن زعم أن دعوة رسل الله عليهم الصلاة والسلام إنما كانت
لبيان الفروع ، لزمه أن يجعل العقل هو الداعي إلى الله دون الرسول ويلزمه
أن وجود الرسول وعدمه بالنسبة إلى الدعاء إلى الله سواء ، وكفى بهذا ضلالا
.
ونحن لا ننكر أن العقل يرشد إلى التوحيد وإنما ننكر أنه يستقل
بإيجاب ذلك حتى لا يصح إسلام إلا بطريقه ، مع قطع النظر عن السمعيات لكون
ذلك خلاف ما دلت عليه آيات الكتاب والأحاديث الصحيحة التي تواترت ولو
بالطريق المعنوي ، ولو كان يقول أولئك لبطلت السمعيات التي لا مجال للعقل
فيها أو أكثرها ، بل يجب الإيمان بما ثبت من السمعيات ، فإن عقلناه
فبتوفيق الله وإلا اكتفينا باعتقاد حقيقته على وفق مراد الله سبحانه
وتعالى انتهى . ويؤيد كلامه ما أخرجه أبو داود عن ابن عباس أن رجلا قال
لرسول الله صلى الله عليه وسلم أنشدك الله ، آلله أرسلك أن نشهد أن لا إله
إلا الله وأن ندع اللات والعزى ؟ قال : نعم فأسلم وأصله في الصحيحين في
قصة ضمام بن ثعلبة ، وفي حديث عمرو بن عبسة عند مسلم أنه أتى النبي صلى
الله عليه وسلم فقال ما أنت ؟ قال : نبي الله . قلت : آلله أرسلك ؟ قال :
نعم . قلت : بأي شيء ؟ قال : أوحد الله لا أشرك به شيئا الحديث ، وفي
حديث أسامة بن زيد في قصة قتله الذي قال لا إله إلا الله فأنكر عليه النبي
صلى الله عليه وسلم وحديث المقداد في معناه ، وقد تقدما في " كتاب الديات
" وفي كتب النبي صلى الله عليه وسلم إلى هرقل وكسرى وغيرهما من الملوك
يدعوهم إلى التوحيد ، إلى غير ذلك من الأخبار المتواترة التواتر المعنوي
الدال على أنه صلى الله عليه وسلم لم يزد في دعائه المشركين على أن يؤمنوا
بالله - ص 366 - وحده ويصدقوه فيما جاء به عنه ، فمن فعل ذلك قبل منه سواء
كان إذعانه عن تقدم نظر أم لا ، ومن توقف منهم نبهه حينئذ على النظر ، أو
أقام عليه الحجة إلى أن يذعن أو يستمر على عناده . وقال البيهقي في " كتاب
الاعتقاد " : سلك بعض أئمتنا في إثبات الصانع وحدوث العالم طريق الاستدلال
بمعجزات الرسالة فإنها أصل في وجوب قبول ما دعا إليه النبي صلى الله عليه
وسلم . وعلى هذا الوجه وقع إيمان الذين استجابوا للرسل ، ثم ذكر قصة
النجاشي وقول جعفر بن أبي طالب له " بعث الله إلينا رسولا نعرف صدقه
فدعانا إلى الله وتلا علينا تنزيلا من الله لا يشبهه شيء فصدقناه وعرفنا
أن الذي جاء به الحق " الحديث بطوله ، وقد أخرجه ابن خزيمة في " كتاب
الزكاة " من صحيحه من رواية ابن إسحاق وحاله معروفة وحديثه في درجة الحسن
، قال البيهقي : فاستدلوا بإعجاز القرآن على صدق النبي ، فآمنوا بما جاء
به من إثبات الصانع ووجدانيته وحدوث العالم وغير ذلك مما جاء به الرسول
صلى الله عليه وسلم في القرآن وغيره ، واكتفاء غالب من أسلم بمثل ذلك
مشهور في الأخبار ، فوجب تصديقه في كل شيء ثبت عنه بطريق السمع ، ولا يكون
ذلك تقليدا بل هو اتباع والله أعلم . وقد استدل من اشترط النظر بالآيات
والأحاديث الواردة في ذلك ، ولا حجة فيها ؛ لأن من لم يشترط النظر لم ينكر
أصل النظر ، وإنما أنكر توقف الإيمان على وجود النظر بالطرق الكلامية ، إذ
لا يلزم من الترغيب في النظر جعله شرطا ، واستدل بعضهم بأن التقليد لا
يفيد العلم إذ لو أفاده لكان العلم حاصلا لمن قلد في قدم العالم ولمن قلد
في حدوثه ، وهو محال لإفضائه إلى الجمع بين النقيضين ، وهذا إنما يتأتى في
تقليد غير النبي صلى الله عليه وسلم . وأما تقليده صلى الله عليه وسلم
فيما أخبر به عن ربه فلا يتناقض أصلا واعتذر بعضهم عن اكتفاء النبي صلى
الله عليه وسلم والصحابة بإسلام من أسلم من الأعراب من غير نظر بأن ذلك
كان لضرورة المبادئ .
وأما بعد تقرر الإسلام وشهرته فيجب العمل
بالأدلة ولا يخفى ضعف هذا الاعتذار والعجب أن من اشترط ذلك من أهل الكلام
ينكرون التقليد وهم أول داع إليه حتى استقر في الأذهان أن من أنكر قاعدة
من القواعد التي أصلوها فهو مبتدع ولو لم يفهمها ولم يعرف مأخذها وهذا هو
محض التقليد فآل أمرهم إلى تكفير من قلد الرسول عليه الصلاة والسلام في
معرفة الله تعالى والقول بإيمان من قلدهم وكفى بهذا ضلالا وما مثلهم إلا
كما قال بعض السلف : إنهم كمثل قوم كانوا سفرا فوقعوا في فلاة ليس فيها ما
يقوم به البدن من المأكول والمشروب ورأوا فيها طرقا شتى فانقسموا قسمين
فقسم وجدوا من قال لهم أنا عارف بهذه الطرق وطريق النجاة منها واحدة
فاتبعوني فيها تنجوا فتبعوه فنجوا ، وتخلفت عنه طائفة فأقاموا إلى أن
وقفوا على أمارة ظهر لهم أن في العمل بها النجاة فعملوا بها فنجوا وقسم
هجموا بغير مرشد ولا أمارة فهلكوا ، فليست نجاة من اتبع المرشد بدون نجاة
من أخذ بالأمارة إن لم تكن أولى منها ، ونقلت من جزء الحافظ صلاح الدين
العلائي يمكن أن يفصل فيقال : من لا أهلية له لفهم شيء من الأدلة أصلا
وحصل له اليقين التام بالمطلوب إما بنشأته على ذلك أو لنور يقذفه الله في
قلبه ، فإنه يكتفى منه بذلك ، ومن فيه أهلية لفهم الأدلة لم يكتف منه إلا
بالإيمان عن دليل ، ومع ذلك فدليل كل أحد بحسبه وتكفي الأدلة المجملة التي
تحصل بأدنى نظر ، ومن حصلت عنده شبهة وجب عليه التعلم إلى أن تزول عنه .
قال
: فبهذا يحصل الجمع بين كلام الطائفة المتوسطة ، وأما من غلا فقال لا يكفي
إيمان المقلد فلا يلتفت إليه ، لما يلزم منه من القول بعدم إيمان أكثر
المسلمين ، وكذا من غلا أيضا فقال لا يجوز النظر في الأدلة لما يلزم منه
من أن أكابر السلف لم يكونوا من أهل النظر انتهى . ملخصا . واستدل بقوله "
فإذا عرفوا الله " بأن معرفة الله بحقيقة كنهه ممكنة للبشر ، فإن كان ذلك
مقيدا بما عرف به - ص 367 - نفسه من وجوده وصفاته اللائقة من العلم
والقدرة والإرادة مثلا ، وتنزيهه عن كل نقيصة كالحدوث فلا بأس به ، فأما
ما عدا ذلك فإنه غير معلوم للبشر وإليه الإشارة بقوله تعالى ولا يحيطون
به علما فإذا حمل قوله " فإذا عرفوا الله " على ذلك كان واضحا مع أن
الاحتجاج به يتوقف على الجزم بأنه صلى الله عليه وسلم نطق بهذه اللفظة
وفيه نظر ؛ لأن القصة واحدة ورواة هذا الحديث اختلفوا : هل ورد الحديث
بهذا اللفظ أو بغيره ؟ فلم يقل صلى الله عليه وسلم إلا بلفظ منها ، ومع
احتمال أن يكون هذا اللفظ من تصرف الرواة لا يتم الاستدلال ، وقد بينت في
أواخر " كتاب الزكاة " أن الأكثر رووه بلفظ فادعهم إلى شهادة أن لا إله
إلا الله وأن محمدا رسول الله ، فإن هم أطاعوا لك بذلك ومنهم من رواه
بلفظ فادعهم إلى أن يوحدوا الله ، فإذا عرفوا ذلك ومنهم من رواه بلفظ
فادعهم إلى عبادة الله ، فإذا عرفوا الله ووجه الجمع بينهما أن المراد
بالعبادة : التوحيد ، والمراد بالتوحيد : الإقرار بالشهادتين ، والإشارة
بقوله ذلك إلى التوحيد ، وقوله : فإذا عرفوا الله أي عرفوا توحيد الله ،
والمراد بالمعرفة الإقرار والطواعية فبذلك يجمع بين هذه الألفاظ المختلفة
في القصة الواحدة وبالله التوفيق . وفي حديث ابن عباس في الفوائد غير ما
تقدم : الاقتصار في الحكم بإسلام الكافر إذا أقر بالشهادتين ؛ فإن من لازم
الإيمان بالله ورسوله التصديق بكل ما ثبت عنهما والتزام ذلك ، فيحصل ذلك
لمن صدق بالشهادتين . وأما ما وقع من بعض المبتدعة من إنكار شيء من ذلك
فلا يقدح في صحة الحكم الظاهر ؛ لأنه إن كان مع تأويل فظاهر ، وإن كان
عنادا قدح في صحة الإسلام ، فيعامل بما يترتب عليه من ذلك كإجراء أحكام
المرتد وغير ذلك . وفيه قبول خبر الواحد ووجوب العمل به ، وتعقب بأن مثل
خبر معاذ حفته قرينة أنه في زمن نزول الوحي فلا يستوي مع سائر أخبار
الآحاد ، وقد مضى في باب إجازة خبر الواحد ما يغني عن إعادته ، وفيه أن
الكافر إذا صدق بشيء من أركان الإسلام كالصلاة مثلا يصير بذلك مسلما ،
وبالغ من قال كل شيء يكفر به المسلم إذا جحده يصير الكافر به مسلما إذا
اعتقده .
والأول أرجح كما جزم به الجمهور ، وهذا في الاعتقاد أما
الفعل لو صلى فلا يحكم بإسلامه - أي الكافر - وهو أولى بالمنع ؛ لأن الفعل
لا عموم له ، فيدخله احتمال العبث والاستهزاء . وفيه وجوب أخذ الزكاة ممن
وجبت عليه ، وقهر الممتنع على بذلها ولو لم يكن جاحدا ، فإن كان مع
امتناعه ذا شوكة قوتل ، وإلا فإن أمكن تعزيره على الامتناع عزر بما يليق
به ، وقد ورد عن تعزيره بالمال حديث بهز بن حكيم عن أبيه عن جده مرفوعا
ولفظه ومن منعها - يعني الزكاة - فإنا آخذوها وشطر ماله عزمة من عزمات
ربنا الحديث أخرجه أبو داود والنسائي وصححه ابن خزيمة والحاكم ، وأما ابن
حبان فقال في ترجمة بهز بن حكيم : لولا هذا الحديث لأدخلته في " كتاب
الثقات " وأجاب من صححه ولم يعمل به بأن الحكم الذي دل عليه منسوخ وأن
الأمر كان أولا كذلك ثم نسخ ، وضعف النووي هذا الجواب من جهة أن العقوبة
بالمال لا تعرف أولا حتى يتم دعوى النسخ ولأن النسخ لا يثبت إلا بشرطه
كمعرفة التاريخ ولا يعرف ذلك ، واعتمد النووي ما أشار إليه ابن حبان من
تضعيف بهز وليس بجيد ؛ لأنه موثق عند الجمهور حتى قال إسحاق بن منصور عن
يحيى بن معين : بهز بن حكيم عن أبيه عن جده صحيح إذا كان دون بهز ثقة ،
وقال الترمذي : تكلم فيه شعبة وهو ثقة عند أهل الحديث ، وقد حسن له
الترمذي عدة أحاديث ، واحتج به أحمد وإسحاق والبخاري خارج الصحيح وعلق له
في الصحيح ، وقال أبو عبيدة الآجري عن أبي داود وهو عندي حجة لا عند
الشافعي فإن اعتمد من قلد الشافعي على هذا كفاه ، ويؤيده إطباق فقهاء
الأمصار على ترك العمل به فدل على أن له معارضا راجحا ، وقول من قال
بمقتضاه يعد في ندرة - ص 368 - المخالف وقد دل خبر الباب أيضا على أن الذي
يقبض الزكاة الإمام أو من أقامه لذلك .
وقد أطبق الفقهاء بعد ذلك على
أن لأرباب الأموال الباطنة مباشرة الإخراج ، وشذ من قال بوجوب الدفع إلى
الإمام وهو رواية عن مالك ، وفي القديم للشافعي نحوه على تفصيل عنهما فيه
.
الحديث الثاني : حديث معاذ أيضا .





6938 حدثنا محمد بن بشار حدثنا غندر حدثنا شعبة عن أبي حصين
والأشعث بن سليم سمعا الأسود بن هلال عن معاذ بن جبل قال قال النبي صلى
الله عليه وسلم يا معاذ أتدري ما حق الله على العباد قال الله ورسوله أعلم
قال أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئا أتدري ما حقهم عليه قال الله ورسوله
أعلم قال أن لا يعذبهم


الشروح
قوله : عن أبي حصين )
بفتح أوله واسمه عثمان بن عاصم الأسدي ، والأشعث بن سليم ، هو أشعث بن أبي
الشعثاء المحاربي ، وأبوه مشهور بكنيته أكثر من اسمه .
قوله : أتدري
ما حق الله على العباد ) تقدم شرحه مستوفى في " كتاب الرقاق " ودخوله في
هذا الباب من قوله لا تشركوا به شيئا فإنه المراد بالتوحيد ، قال ابن
التين : يريد بقوله " حق العباد على الله " حقا علم من جهة الشرع لا
بإيجاب العقل فهو كالواجب في تحقيق وقوعه أو هو على جهة المقابلة
والمشاكلة ، كقوله تعالى فيسخرون منهم سخر الله منهم .






6940 حدثنا أحمد بن صالح حدثنا ابن وهب حدثنا عمرو عن ابن أبي هلال أن
أبا الرجال محمد بن عبد الرحمن حدثه عن أمه عمرة بنت عبد الرحمن وكانت في
حجر عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم عن عائشة أن النبي صلى الله عليه
وسلم بعث رجلا على سرية وكان يقرأ لأصحابه في صلاتهم فيختم بقل هو الله
أحد فلما رجعوا ذكروا ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فقال سلوه لأي شيء
يصنع ذلك فسألوه فقال لأنها صفة الرحمن وأنا أحب أن أقرأ بها فقال النبي
صلى الله عليه وسلم أخبروه أن الله يحبه


الشروح
الحديث الرابع : حديث عمرة عن عائشة فيما يتعلق بسورة الإخلاص أيضا ، وقد تقدم معلقا في فضائل القرآن .
قوله
( حدثنا أحمد بن صالح ) كذا للأكثر وبه جزم أبو نعيم في المستخرج وأبو
مسعود في الأطراف ، ووقع في الأطراف للمزي أن في بعض النسخ " حدثنا محمد
حدثنا أحمد بن صالح " . قلت : وبذلك جزم البيهقي تبعا لخلف في الأطراف قال
خلف : ومحمد هذا أحسبه محمد بن يحيى الذهلي ، ووقع عند الإسماعيلي بعد أن
ساق الحديث من رواية حرملة عن ابن وهب ذكره البخاري " عن محمد " بلا خبر
عن أحمد بن صالح ، فكأنه وقع عند الإسماعيلي بلفظ " قال محمد " وعلى رواية
الأكثر فمحمد هو البخاري المصنف ، والقائل " قال محمد " هو محمد الفربري
وذكر الكرماني هذا احتمالا . قلت : ويحتاج حينئذ إلى إبداء النكتة في
إفصاح الفربري به في هذا الحديث دون غيره من الأحاديث الماضية والآتية .
قوله : حدثنا عمرو ) هو ابن الحارث المصري و " ابن أبي هلال " هو سعيد وسماه مسلم في روايته .
قوله
: بعث رجلا على سرية ) تقدم في باب الجمع بين السورتين في ركعة من " كتاب
الصلاة " بيان الاختلاف في تسميته ، وهل بينه وبين الذي كان يؤم قومه في
مسجد قباء مغايرة أو هما واحد وبيان ما يترجح من ذلك " .
قوله :
فيختم بقل هو الله أحد ) قال ابن دقيق العيد هذا يدل على أنه كان يقرأ
بغيرها ثم يقرؤها في كل - ص 369 - ركعة وهذا هو الظاهر ، ويحتمل أن يكون
المراد أنه يختم بها آخر قراءته فيختص بالركعة الأخيرة ، وعلى الأول فيؤخذ
منه جواز الجمع بين سورتين في ركعة انتهى . وقد تقدم البحث في ذلك في
الباب المذكور من " كتاب الصلاة " بما يغني عن إعادته .
قوله : لأنها
صفة الرحمن ) قال ابن التين إنما قال إنها صفة الرحمن ؛ لأن فيها أسماءه
وصفاته ، وأسماؤه مشتقة من صفاته ، وقال غيره : يحتمل أن يكون الصحابي
المذكور قال ذلك مستندا لشيء سمعه من النبي صلى الله عليه وسلم إما بطريق
النصوصية وإما بطريق الاستنباط ، وقد أخرج البيهقي في " كتاب الأسماء
والصفات " بسند حسن عن ابن عباس أن اليهود أتوا النبي صلى الله عليه وسلم
فقالوا صف لنا ربك الذي تعبد ، فأنزل الله عز وجل قل هو الله أحد إلى
آخرها ، فقال : هذه صفة ربي عز وجل وعن أبي بن كعب قال : قال المشركون
للنبي صلى الله عليه وسلم انسب لنا ربك ، فنزلت سورة الإخلاص الحديث ،
وهو عند ابن خزيمة في " كتاب التوحيد " وصححه الحاكم " وفيه أنه ليس شيء
يولد إلا يموت وليس شيء يموت إلا يورث ، والله لا يموت ولا يورث ، ولم يكن
له شبه ولا عدل ، وليس كمثله شيء " . قال البيهقي : معنى قوله " ليس
كمثله شيء " ليس كهو شيء ؛ قاله أهل اللغة قال : ونظيره قوله تعالى فإن
آمنوا بمثل ما آمنتم به يريد بالذي آمنتم به وهي قراءة ابن عباس ، قال :
والكاف في قوله " كمثله " للتأكيد ، فنفى الله عنه المثلية بآكد ما يكون
من النفي ، وأنشد لورقة بن نوفل في زيد بن عمرو بن نفيل من أبيات : "
ودينك دين ليس دين كمثله " ثم أسند عن ابن عباس في قوله تعالى وله المثل
الأعلى يقول ليس كمثله شيء ، وفي قوله هل تعلم له سميا هل تعلم له شبها
أو مثلا ، وفي حديث الباب حجة لمن أثبت أن لله صفة وهو قول الجمهور ، وشذ
ابن حزم فقال هذه لفظة اصطلح عليها أهل الكلام من المعتزلة ومن تبعهم ،
ولم تثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن أحد من أصحابه ، فإن اعترضوا
بحديث الباب فهو من أفراد سعيد بن أبي هلال وفيه ضعف ، قال : وعلى تقدير
صحته فقل هو الله أحد
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://readwithus.yoo7.com
 
فتح الباري شرح صحيح البخاري كتاب التوحيد
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
»  ۩Ξ۩ كتاب الوصايا (( صحيح البخاري)) ۩Ξ۩
»  باب إذا جامع في رمضان ++++ صحيح البخاري
»  باب غسل الدم=== صحيح البخاري

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات اقرأ معنـا :: ˆ~¤®§][©][ منتدى الإسلام و الســـنة ][©][§®¤~ˆ :: السيرة النبوية والحديث-
انتقل الى: