قال الغلاييني في جامع الدروس العربية
:
"
معنى: "لكنَّ" الاستدراكُ، والتوكيد
،
فالاستدراكُ نحو: "زيدٌ شجاعٌ، ولكنه بخيل"
،
و
ذلك لانَّ من لوازم الشجاعةِ الجودَ، فإذا وصفنا زيداً بالشجاعة
، فرُبما يُفهمُ أنهُ جوادٌ أيضاً
،
لذلك استدركنا بقولنا: "لكنه بخيل"
.
والتوكيدُ نحو: "لو جاءني خليلٌ لأكرمتُهُ، لكنه لم يجيء"
،
فقولك
:
لو جاءني خليلٌ لأكرمتُه" يفهم منه أنه لم يجيء
،
وقولك: "لكنه لم يجيء" تأكيدٌ لنفي مجيئه
.
لَكِنَّ
قال الأستاذ الدقر
:
"
لَكِنَّ: مَعناها الاستِدرَاك
(الاستدراك: تَعقِيب الكلام بنفي مَا يُتَوَهَّم ثُبُوتُه
أو
بإثبات مَا يُتَوَّ هَّم نَفيُه
،
فمِثالُ الأَوَّل
:
قولُك
"عليّ شُجَاع لكنه بَخِيل"
دَفعتَ بـ "لكن" توهُّمَ أنَّه كريم لملازَمَةِ الكرام للشجاعة)
،
وإنما يُستَدرَكُ بها بعدَ النفي
نحو
قولِك
:
"ما جاءَ الأميرُ ولكنَّ نَائِبَه أَتَىٍ"
.
وقد يجوزُ أن يُستَدْرَك بها بعد الإِيجاب
،
ما كانَ مُستَغنِياً
نحو قَوْلِك
:
"حَضَر خَالِدٌ"
فتقول
:
لكنَّ أَخَاه لم يَحضُر،
وهي مِن أَخَوات "إن"
وأَحكامُها كأحكَامِها وإذا خُفِّفَتْ تُهمَلُ وُجُوباً وتُهمَل أيضاً إذا ا تَّصلت بها "مَا" الزائدَةُ
و
هي الكافَّةُ
نحو
قولِ امرئ القَيس
:
ولكِنَّمَا أَسعَى المَجدٍ مُؤَثَّلٍ ـ وقد يُدْ رِكُ المَجدَ المؤثَّلَ أمثالي
"
### @ ###
قال في كتاب الكفاف
لكنّ
حرف مشبّه بالفعل
- من أخوات إنّ –
ينصب المبتدأ ويرفع الخبر، ويفيد الاستدراك
.
نحو
:
[حضر خالدٌ لكنّ سعيداً غائب]
.
(انظر الأحرف المشبهة بالفعل)
إذا خُفِّفت أو اتصلت بها [ما] الزائدة بطل عملها
نحو
:
[سافر زهيرٌ لكنْ خالدٌ مقيمٌ]
و
[حضر الطلاب لكنّما سعيدٌ غائبٌ]
.
* * *
نماذج فصيحة من استعمال [لكنّ]
قال امرؤ القيس
:
ولكنّما أَسْعَى لِمجدٍ مُؤَثَّلٍ ـ وقد يُدْرِكُ المجدَ المُؤَثَّلَ أَمْثالِي
[لكنّما]
:
اتّصلت [ما] الزائدة بـ [لكنّ] فبطل عملها وزال اختصاصُها بالدخول على الأسماء
.
ومن هنا أنها دخلت على فعل
:
[أسعى]
.
و
لهذا تقول كتب النحو
:
[لكنّما: كافّة ومكفوفة]
،
يريدون بذلك أنّ [ما] كَفَّتْ
،
و
[لكنّ] كُفَّت
،
فالأولى كافّة
،
والثانية مكفوفة
.
·
قال الشاعر
:
إنّ ابنَ ورقاءَ لا تُخشى بوادرُه ـ لكنْ وقائعُه في الحرب تُنتَظَرُ
[لكنْ] مخففة من [لكنّ]
،
ومتى خُفِّفت بطل عملُها
.
فـ[وقائعه] مبتدأ، وجملة [تُنتظر] خبر
.
·
قال عبد الله بن جعفر بن أبي طالب (الأغاني 12/233)
:
وعَيْنُ الرِّضا عن كلِّ عيبٍ كليلةٌ ـ ولكنّ عينَ السخطِ تُبدِي المَساوِيا
[لكنّ]
:
جاءت في البيت - على المنهاج - عاملةً عمل الأحرف المشبهة بالفعل
،
فقد نصبت كلمةَ [عين] اسماً لها،
وخبرها جملة [تبدي] في محلّ رفع.