النفوس بطبعها محبة
لمناسبات الفرح والسرور الخاصة والعامة، ومن ذلك العيد، ورعاية لهذا الميل
النفسي فقد جاءت شريعة الإسلام بمشروعية عيدي الفطر والأضحى، عيدين
مشروعين في العام، وشرع الله فيهما من التوسعة وإظهار السرور ما تحتاجه
النفوس، كما شرع للناس عيداً أسبوعياً وذلك يوم الجمعة، وهذا من رحمة الله
تعالى بهذه الأمة المحمدية.
والمسلم يتأكد ان أكمل الهدي وأفضل الشرع
هو ما جاء به خاتم الأنبياء والرسل محمد صل الله عليه وسلم، وقد قال الله
سبحانه {اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام
ديناً} كما ان جميع ما لدى الأمم الأخرى من تلك الأعياد بدعة وضلالة، فوق
ما عندهم من الكفر بالله، قال الله تعالى: {ومن يبتغ غير الإسلام ديناً
فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين}.
والله قد شرع لعباده
المؤمنين من الأعياد ما يستغنون به عن تقليد غيرهم، فقد روى أبو داود
والنسائي وغيرهما بسند صحيح عن أنس - رضي الله عنه- قال قدم النبي صلى
الله عليه وسلم المدينة ولهم يومان يلعبون فيهما، فقال: «قد أبدلكم الله
تعالى بهما خيراً منهما: يوم الفطر والأضحى».
ولكن في عصرنا انتشرت
مناسبات لا سابق لنا بها ومن اسوئها ما تعارف الناس على تسميته زوراً
وبهتاناً بـ «عيد الحب» فما رأي السادة العلماء والدعاة حول هذا الموضوع:
الكردي
{
وفي هذا الإطار قال رئيس محكمة بعبدا السنية - الشرعية القاضي الشيخ أحمد
درويش الكردي: ان اختراع الأعياد أمر يرفضه الدين الإسلامي لآن النبي عليه
الصلاة والسلام حينما هاجر إلى المدينة المنورة وجد أهل المدينة يحتفلون
بأعياد كثيرة فأبطلها وعيّن عيد الفطر وعيد الأضحى عيدين وحيدين للمسلمين
وبالتالي لا يصح أبداً اختراع هذه الأعياد تحت مسميات مختلة لأن ما يسمونه
عيد الحب ليس له يوم واحد بل يجب ان يكون الإنسان محباً لأخيه الإنسان في
كل الأيام والأوقات والأزمان وليس في يوم واحد، وقد حذرنا النبي عليه
الصلاة والسلام من هذه الاحتفالات لأن المرء يحشر مع من أحب ونحن علينا أن
نحب النبي عليه الصلاة والسلام وكل ما جاء به لأن هذه المحبة توصل إلى
مرضاة الله وجنته، وأما غيرها من المحبة المبنية علىالأهواء والفساد فإنها
توصل إلى ما لا تحمد عقباه، وقد قال عليه الصلاة والسلام «لا يؤمن أحدكم
حتى يكون هواه تبعاً لِمَا جئت به».
غندور
{ أما القاضي زكريا غندور
فرأى ان ما يسمونه (عيد العشاق) قد تحول إلى عيد الانفلات الأخلاقي الذي
ليس له حدود لا دينية ولا اخلاقية ولا أدبية بحيث استطاع الأغيار ان
يبدلوا فكر الأمة إلى فكر لا أخلاقي وبدلوا القيم حتى أصبحت اسوأ بكثير..
وأضاف:
نأسف ان يُسمى هذا التجني والافتراء (عيداً)، فعيد من؟ ولماذا هذا العيد؟
وأين نمضي به؟ وأين شبابنا وبناتنا في تلك الرحال، وأين امتنا من هكذا حال؟
وتساءل:
أين الأخلاق وأين الحياء وأين القيم، وأين الأداب، لقد ضاع كل شيء حتى
اصبح الكثير اشبه ببعض المخلوقات الأخرى التي ليس لها لا دين ولا شريعة
ولا قيم.
واختتم قائلاً: ان المسلم له دينه وقرآنه ومنهاجه وسنته
وشريعته وهو ملزم بها بالإلتزام بها، فعلينا ان نعود إلىاصل الدين وليس
إلى هذه المظاهر الفاجرة والتي لا تراعي قيماً ولا خلقاً ولا حرمة ولا
حياءً..
الذهبي
{ أما الشيخ أبو بكر الذهبي فقال: العيد في
الإسلام عيدان: الأضحى والفطر وكلّ ما زاد عنهما من إضافات أضيفت إمّا
بجهل وتقليد وإمّا بسوء نيّة كعيد الحبّ وغيره، أضف إلى ذلك أن طبيعة
العلاقة التي تربط بين أصحاب هذا العيد غالباً ما تكون علاقة غير شرعية
إذ إن طرفيه عشيقان لا يربطهما رابط الزواج، أو رابط الصداقة أو الصحبة أو
الزمالة وهذا الرابط وهمي نفعي لا يلبث أن ينقطع عندما تنتهي المصلحة،
أمّا الحب الحقيقي الذي يربط طرفيه ضمن علاقة مقدسة هي علاقة الزواج أسمى
من أن نحتفل لأجله بيوم واحد في السنة إذ إنّ الإسلام أرسى أسس إستمرار
هذا الحب وبقائه على الدوام ضمن واجبات وحقوق يلتزم بها كلا الطرفين، ولذا
نقول إنّ أصحاب هذا العيد ومروّجيه يسعيان لتحقيق هدفين اثنين: الأوّل
مادي تجاري من خلال الترويج لسلع خاصة في هذه المناسبة، الثاني: تشجيع
الشباب على إقامة علاقات غير شرعية يفتتن فيها المراهقون الذين قصرنا في
توجيههم وتنشئتهم تنشئة سليمة.
وتابع: من الأهميّة بمكان أن ننثر بذور
الوعي في عقول أبنائنا وأن نرفع مستوى تفكيرهم واهتماماتهم فنبعدهم عن هذه
الترّهات التي روّجها لنا الغرباء وراحوا يسوقون بضاعتهم الفاسدة في
مجتمعنا الغني عنها، ولعلّ أمرّ هزيمة تحلّ بالأمّة هي هزيمة القيم وهزيمة
المبادئ ولعلّ أمرّ انتصار هو انتصار التقليد على الأصالة والباطل على
الحقّ.
وأضاف: أتمنّى أن يعي أبناؤنا هذه المخاطر وأن يترفعوا عن هذه
السفائف، فالحب حبّ دائم لا حب يوم في السنة وضعه رجل أسطوري تحاول أفكاره
أن تهيمن على شباب الواقع ورجال المستقبل، ومن هنا فإنّ الاحتفال بهذه
المناسبة مخالف على شتى الصور، والترويج والدعاية له فيهما تعاون على
الإثم والعدوان وقد حذرنا الله من ذلك فقال تعالى: {ولا تعاونوا على الإثم
والعدوان}.
اللواء 13/1/2012