القراءة ونمو الأجيال

القراءة ونمو الأجيال


شعاع الراشد


كنا نحكي عن ظواهر شبابية متناثرة عندما قفز موضوع تعامل أحد
الموهوبين الجدد لفرصة انتشار إعلامى بالخارج , حينما وجهت له دعوة حضور
مناسبة إعلامية مكفولة مصاريف تذاكر السفر والاقامة, وطلب هو مقدما ماليا
قدره اربعون الف ريال لمجرد تواجده فى مكان سوف يخدم مسيرته الفنية فى
المقام الاول, وقد تم تجاهل طلبه وتقديم العرض لآخرين رحبوا بالفرصة
والاهتمام.

" انه الغرور " قالت محدثتي العشرينية معلقة ,ما فتح باب حوارنا ذلك المساء على عوالم التفكير المستجدة وكيفية ترجمة مفاهيمها.

ثم انتقلت الامثلة وسط دهشتي إلى رؤاها لنظام احدى شركات الاتصالات المعروفة :

قالت " تصوري جاء وقت كانوا يعرضون فيه احد الهواتف الذكية بنظام مقفل
وبنفس السعر المقدم بالاسواق ! وقد قلت للموظفة عندهم حينها انهم لا
يدركون بأن المشتري لن يستفيد من نظامهم وسوف يشترى هاتفه من مكان آخر,وان
النظام المقفل للهواتف الذكية بالخارج تقابله مزايا وخدمات من قبل الشركة
لمشتركيها. تغير الوضع بعدها وعدلت الشركة البرنامج فأصبح فعلا مرضيا "

قلت جميل..

قالت معترضة " لا مو جميل فقد انهال المشتركون بالبرنامج ودفعوا سعرا
اقل بكثير من السوق مقابل اشتراكهم ثم توقف اغلبهم عن الدفع بعدما اخذوا
الهاتف!

أوف.. هكذا بكل بساطة ؟

قالت " وفى الغرب لديهم حل لهذه المشكلة فهم يرفعون قضايا ضد من يمتنع
عن الالتزام بعقده معهم بعد ان اصبح العثور على الهواتف الذكية سهلا لتوفر
تقنية تحديد موقعها ".

توالت الامثلة والمواقف التي تتناول غياب الوعى وعلاقته بقلة الادراك
وذكرتنى بعدم اهتمام بعض الموظفين فى اداء أعمالهم فى المرافق الحكومية
التى لها علاقة بالجمهور...فتنام المعاملات فى الادراج ويتم تصريف المراجع
بعدة حجج كي لا يؤدي الموظف ما عليه.

ثم عرجت على كسل الموظفين وكأن الامر اصبح طابورا يحتاج ان نمرق من
حوله ,وقالت ان ذلك الموظف الكسول لم يعتد استخدام ذهنه لايجاد الحلول
والابداع فتصبج بيئة العمل مرهونة بوجود " أستاذ وهمى" المدير- كي يتم
الانتهاء من المهمات المطلوبة.

كانت الصور تتوالى بشكل منطقي ومتفق عليه بيننا بالطبع لدرجة أنني
سالتها عما تراه من اسباب لتلك الحالات المنتشرة فى المجتمع وفاجأتنى من
جديد.

قالت " السبب انهم لم يعتادوا التفكير. ولا استخدام المنطق والتحليل
وهى مهارات تبدأ فى التأثير على الشخصية من الصغر ومنهجنا التعليمي للاسف
ومنذ سنين طويلة, وهو يتبنى اسلوب التلقين فكيف يتعلم الصغير متى يستخدم
عقله؟"

وذهبنا إلى رحلات التعلم والقراءة تحديدا , كيف عدم وعي الفرد بأهمية
استخدام المنطق والمعرفة لانه يحفظ فقط وكيف انه لا يقرأ فى حصص لامنهجية
او يتدرب على النقاش والتحليل.

" هل تعرفين ان فى مدارس الدول المتقدمة يبدأون من المرحلة المتوسطة فى
تعليم الطلبة اسلوب المناظرة بين فريقين؟ كل هذا من اجل تدريبهم على البحث
والاطلاع والتحليل والمنطق وكيفية استخدام تلك المهارات".

" وأنه بسبب الاساليب الحديثة للتعليم اصبحت المدرسة فى تلك المجتمعات
جزءا من المجتمع وليست منفصلة عن مشاكله لانها تتكاتف فى تربيتها وتثقيفها
مع البيت والمؤسسات الاخرى لتأسيس التلميذ وتكوين شخصيته وتنمية معارفه
وقدراته.

وفكرت بأنها حقائق اغلبنا يعرفها لاشك ولكن التفاصيل تغيب احيانا, لذا فمشاركة الشباب بالتفكير الجماعى له ايجابياته دوماً.