.....................
البرق و الرعد
البَرْق شرارة كهربائية عملاقة في السماء...
وأغلب
البرق الذي يراه الناس يكون بين السحابة وسطح الأرض, ولكن من الممكن
حدوث البرق أيضًا داخل السحابة، أو بين السحابة والهواء، أو بين سحابتين.
وعندما يحدث
البرق في الغلاف الجوي تنتشر الطاقة الكهربائية في الهواء, وقد تصيب هذه الطاقة الطائرات
المتحركة في المنطقة ببعض الضرر، ولكنها لا تسبب أضرارًا على الأرض, بينما قد يؤدي
البرق الذي يصيب سطح الأرض إلى صعق الإنسان أو اشتعال الحرائق.
ويتكون
البرق الذي يصيب سطح الأرض من واحدة أو أكثر من تفريغ الشحنات الكهربائية التي تسمى الضربات,
ويسمى الضوء الساطع الذي نراه في ومضة
البرق الضربة المرتجعة. وتتحرك الضربات المرتجعة بسرعة تقترب
من سرعة الضوء وهي 299,792 كم/ثانية، وتقوم بتفريغ حوالي 100 مليون فولت من الكهرباء.
كما ترفع درجة حرارة الهواء في مسارها لأكثر من 33,000°م. ومن ثم يتمدد هذا الهواء
الساخن بسرعة لتنتج عنه موجة من الضغط تسمى الرعد.
وتختلف ومضات
البرق في الطول، فالومضة الحادثة بين السحابة وسطح الأرض قد يصل طولها إلى 14كم،
بينما قد يزيد طول ومضة
البرق المتحركة بين السحب المتجاورة على 140كم.
وقد كان البرق، على مر العصور، أحد أسرار الطبيعة الكبرى ـ وما زال تحت الدراسة حتى الآن. وقد ظن قدماء
الإغريق والرومان أن
البرق هو أحد أسلحة الآلهة. وفي بعض المجتمعات الإفريقية كانوا يعتقدون أن الناس
والأماكن التي يصيبها
البرق ملعونة. وحتى القرن الثامن عشر، كان بعض الناس
في أوروبا وأمريكا يعتقدون بإمكان تفادي
حدوث البرق إذا دقوا أجراس الكنائس.
وقد بدأت الدراسة الجادة للبرق في القرن الثامن عشر الميلادي. وكان من أوائل المهتمين بدراسة الكهرباء
تجريبيًا العالم والدبلوماسي الأمريكي بنيامين فرانكلين. ففي عام 1752م برهن فرانكلين على أن
البرق كهرباء،
حيث ربط مفتاحًا معدنيًا في طرف خيط طائرة ورقية وأطلقها لتحلق في الهواء أثناء عاصفة رعدية. فتسببت كهرباء
السحب في رفع الجهد الكهربائي، وأدى هذا الجهد الكهربائي العالي إلى
حدوث شرارة كهربائية بين المفتاح
والأجسام الموجودة على سطح الأرض، مما أوضح أن السحب مُكهْربة. وقد تسببت تجربة فرانكلين في وقوع
حوادث خطيرة إذْ إن بعض الذين قاموا بإطلاق الطائرات الورقية للتحليق أثناء العواصف قد صعقهم البرق.
ولكن السؤال العلمي هو كيف يحدث البرق؟
طبعا كل هذا بأمر
الله -عز و جل-
تصادم الجسيمات--انفصال الجسيمات
كل ما يحيط بنا في الكون يتكون من ذرّات. وعلى الرغم من أن الذرّات تكون في أغلب الأحيان متعادلة كهربائيًا،
إلا أنها تصبح موجبة أو سالبة الشحنة إذا فقدت أو اكتسبت إلكترونات. وتنجذب الشحنات الموجبة والشحنات
السالبة إلى بعضها بعضًا. وأثناء حركة كل منها نحو الأخرى فإنها تُكَوِّن تيارًا كهربائيًا يُحْدِث شرارة. والبرق
هو الشرارة التي تنتج عن الحركة السريعة للجسيمات المشحونة كهربائيًا داخل السحب الركامية
أي السحب الرعدية، أو بين إحدى هذه السحب وسطح الأرض أو الهواء أو سحابة أخرى.
سحب-أرض
السحب المشحونة كهربائيًا. لم يتأكد العلماء تمامًا من الكيفية التي تصبح بها السحب الركامية مشحونة كهربائيًا.
ويعتقد معظمهم أن الشحنات تنتج من تصادم قطيرات الماء الخفيفة وقطع الثلج الدقيقة الصاعدة مع البرد، أو
الجسيمات الثقيلة الهابطة. وعندما تصطدم دقائق السحب ببعضها بعضًا، تكتسب الجسيمات الثقيلة شحنة سالبة،
كما تكتسب الجسيمات الخفيفة شحنة موجبة، وتهبط الجسيمات سالبة الشحنة إلى الجزء السفلي من السحابة
بينما تصعد معظم الجسيمات موجبة الشحنة إلى الجزء العلوي منها. وينتج
البرق عندما تندفع الشحنات
الموجبة نحو الشحنات السالبة ـ أو عند اندفاعها نحو شحنات عكسية على سطح الأرض ـ مكونة شرارة.
سحب-سحب ويُسمى نوع
البرق الأكثر حدوثًا
البرق الداخلي، وهو ينشأ عندما تُكَوِّن الشحنات الموجودة في
السحابة شرارة كهربائية. أما الشحنات المتحركة بين السحب والهواء فتُكوِّن سحب هواء، كما يُكوِّن التيار
الكهربائي بين سحابتين برق سحب ـ سحب. وينقسم
البرق الناتج عن حركة الشحنات بين السحب وسطح الأرض إلى نوعين:
إما أن يكون برق سحب ـ أرض أو برق أرض ـ سحب، وذلك حسب الاتجاه
الابتدائي لحركة الشحنات ومعظم ما يراه الناس هو برق سحب ـ أرض.
الضربات
تبدأ الضربة الأولى لومضة برق سحب ـ أرض بوساطة ومضة رائدة متدرجة تحمل عادةً الشحنات السالبة
من السحابة إلى سطح الأرض. ولا يعرف أحد على وجه الدقة كيف تبدأ هذه الومضة الرائدة، ولكن كثيرًا من العلماء
يعتقدون أنها تنشأ عن شرارة بين مساحات من الشحنات الموجبة والشحنات السالبة بالقرب من قاع السحب الرعدية.
وتهبط الومضة الرائدة المتدرجة إلى أسفل في سلسلة من الخطوات التي يبلغ طول كل منها نحو 45م،
وتستغرق زمنًا يقدّر بنحو جزء من مليون جزء من الثانية. وتسكن الومضة بين كل خطوتين فترة قدرها نحو 50 جزءًا
من مليون جزء من الثانية. وعندما تقترب هذه الومضة الرائدة من سطح الأرض تصعد الشحنات الموجبة
نحوها من أجسام على الأرض مثل الأشجار والأبنية لتقابلها. وعادة ما تكون الشحنات الصاعدة من أعلى
الأبنية في المنطقة هي أول ما يقابل الومضة المتدرجة الهابطة لتكمل المسار بين السحابة والأرض.
عندئذ تسرع الشحنات السالبة هابطة إلى الأرض متبعة نفس مسار الشحنات الموجبة الصاعدة. وتهبط الشحنة السالبة
الأقرب إلى الأرض أولاً تتبعها الشحنات السالبة من ارتفاعات أعلى. وتكون عملية حركة التيار الصاعد هي الضربة
المرتجعة التي تنتج الضوء الذي يلحظه الناس في ومضة البرق. ولكن نظرًا للسرعة
العالية للتيار فإننا لا نستطيع إدراك اتجاه الحركة إلى أعلى.
وقد تنتهي ومضة
البرق بعد ضربة مرتجعة واحدة. ولكن في معظم الحالات تحمل الرائدات السهمية للبرق
ـ والتي تشبه الرائدات المتدرجة ـ شحنات سالبة أكثر، وتهبط بها من السحب خلال المسار الرئيسي الذي اتبعته الضربة السابقة.
ويتبع كل رائدة سهمية ضربة مرتجعة. وفي المعتاد تتكرر عملية الرائدة ـ الضربة، ثلاث أو أربع مرات في كل ومضة،
وأحيانًا تحدث أكثر من 20 مرة. ويرى الناس أحيانًا الضربات المنفردة لكل ومضة، وفي هذه الحالة يبدو
البرق مُتَرجرِجا.
أشكال البرق
ظهر
البرق على هيئات مختلفة. فومضة
البرق الواحدة تظهر في أشكال مختلفة، ويعتمد ذلك على موقع المشاهد بالنسبة لها.
وتتضمن الأشكال الرئيسية للبرق
البرق الشوكي والبرق الخطي والبرق الشريطي والبرق الخرزي وبرق السلسلة.
والبرق الشوكي هو ومضة تتفرع منها فروع متعددة للضربة. أما
البرق الخطي فهو ومضة تضيء خطًا وحيدًا متعرجًا،
بينما يبدو
البرق الشريطي على هيئة خطوط متوازية من الضوء، تتكون عندما تفصل الرياح ضربات الومضة.
والبرق الخرزي أو برق السلسلة هو ومضة تتكسر فتصبح خطًا من النقاط أثناء تلاشيها.
وبعض الومضات الكهربائية في السماء ـ مثل
البرق الحراري و
البرق اللوحي ـ ليست في الحقيقة أشكالا منفصلة للبرق
رغم ظهورها مختلفة في بعض الحالات. ويظهر
البرق الحراري كثيرًا في ليالي الصيف، ويبدو كأنه يحدث بدون رعد.
وفي حقيقة الأمر يحدث
البرق بعيدًا جدًا عن المشاهد، بحيث لا يسمع المشاهد
الرعد المصاحب.
ويشعر الناس بأن ما يبدو من بعيد مثل
البرق الحراري، ماهو إلا عاصفة رعدية عادية. ويظهر
البرق ا
للوحي على صورة إضاءة جزء من السماء. ولكنه ضوء تكون ومضاته المميزة إما بعيدة جدًا عن المشاهد أو تحجبها السحب عن الرؤية.
هذا والله أعلم
في الصميم
قال تعالى "أو كصيّب من السماء فيه ظلمات و رعد وبرق " و الصيب هو الغيث الذي أمرنا عليه الصلاة
والسلام أن نقول عند نزوله:" اللهم اجعله صيباً نافعاً "[8]. إن المطر وإن كان نافعاً إلا أنه لما وجد في هذه
الصورة مع هذه الأحوال الضارة صار النفع به زائلاً، فكذا إظهار الإيمان لا يصير نافعا إلا إذا وافقه الباطن:
فإذا فقد منه الإخلاص وحصل معه النفاق صار ضرراً في الدين [9].
و الصيب الذي ذكره
الله هنا فيه "ظلمات و رعد وبرق " فهي إذا ليست ظلمة و إنما ظلمات : ظلمات الشك و
النفاق و الكفر. و قد جاء
الرعد بصوته الشديد يقضي على السمع و هذه عادة المنافقين و المشركين عند سماعهم
القرآن و إعراضهم عنه و كذلك
البرق تلك الشرارة الكهربائية الناتجة عن التقاء شحنتين كهربائيتين متعاكستين.
و كأنها كناية عن إقبال و إعراض: إقبال الهدى و الخير من
الله لهم و إعراض أهل الباطل عنه. غير أن الأصل
في هذه الظاهرة أن
البرق يسبق
الرعد لان سرعة
البرق 300000 كلم/ثانية بينما سرعة الصوت 330 متر/ثانية،
لكن الآية تتحدث عن سلوك المعرضين عن الحق يسمعون كلام
الله و يشاهدون هذا النور لكن لا يستفيدون
منه و يزيدهم
الله به ظلمة فوق ظلمة "ظلمات بعضها فوق بعض إذا أخرج يده لم يكد يراها ومن لم يجعل
الله له نورا فما له من نور" [10].
و
البرق يأتي بالنور المضيء في ومضة قصيرة يؤثر على العين التي تدرك هذا النور. فكيف يخطف
البرق البصر
و يحل الظلام "يكاد
البرق يخطف أبصارهم ". و في آية أخرى يقول الحق جل جلاله : يَكَادُ سَنَا بَرْقِهِ يَذْهَبُ بِٱلأَبْصَارِ [11].
وعن ابن مسعود يخطف بمعنى «يختطف» و الخطف و الاختطاف تدل على السرعة. فالعينآلة الإبصار تنفذ
الأشعة الضوئية إليها وتحولها إلى إشارات كهربائية. وترسل هذه الإشارات إلى الدماغ الذي يفسرها على شكل صور مرئية.
ترى ماذا قال بعض العلماء في هذا الباب ؟
والظلمة عدم النور عما من شأنه أن يستنير، والظلمة في أصل اللغة عبارة عن النقصان قال
الله تعالى:
{ آتَتْ أُكُلَهَا وَلَمْ تَظْلِمِ مّنْهُ شَيْئًا }[12] أي لم تنقص وفي المثل: من أشبه أباه فما ظلم، أي فما نقص حق الشبه[13]
أن
الله سبحانه وتعالى يريد أن يلفتنا إلى أن
البرق الذي هو وقتي وزمنه قليل. هو الذي يسترعي انتباههم.
ولو آمنوا لأضاء نور الإيمان والإسلام طريقهم. ولكن قلوبهم مملوءة بظلمات الكفر فلا يرون طريق النور..
والبرق يخطف أبصارهم، أي يأخذها دون إرادتهم. فالخطف يعني أن الذي يخطف لا ينتظر الإذن، والذي يتم الخطف
منه لا يملك القدرة على منع الخاطف. والخطف غير الغصب. فالغصب أن تأخذ الشيء برغم صاحبه. ولكن..
ما الفرق بين الأخذ والخطف والغصب؟. الأخذ أن تطلب الشيء من صاحبه فيعطيه لك. أو تستأذنه. أي تأخذ الشيء بإذن صاحبه
. والخطف أن تأخذه دون إرادة صاحبه ودون أن يستطيع منعك. والغصب أن تأخذ الشيء رغم إرادة صاحبه باستخدام
القوة أو غير ذلك بحيث يصبح عاجزا عن منعك من أخذ هذا الشيء. وقوله تعالى: {يَكَادُ ٱلْبَرْقُ يَخْطَفُ أَبْصَارَهُمْ }.
لابد أن نتنبه إلى قوله تعالى " يكاد " أي يكاد أو يقترب
البرق من أن يخطف أبصارهم.
وليس للإنسان القدرة أن يمنع هذا
البرق من أن يأخذ انتباه البصر[14]
و السلام عليكم و رحمة الله
لا تنسونا من صالح دعائكم