لا تَرْتدِي وَجْه الملائِكِ ها هنا
ودَعِي التَّصَنُّعَ والتَّجَمُّل
واخْلَعِي عنْكِ الْقِناعْ
لا تخْجَلِي إنْ كنْتِ في
زَمَنٍ ملئٍ بالأفاعِي
والثعالب والضَّواري
والشَّياطِيْنِ الضِّباعْ
فالْأَرْضُ سَيِّدَتي خَلَتْ
مِنْ حُورِ عَدْنٍ
والنساء الكاملات .
ومن الرجولة
حين كان رجالنا
مثل السِّباعْ
لمْ يبْقَ مِنْ كُلِّ النِّسَاءِ بأرْضِنا
إلا سَلِيطَات اللسَانِ
وكل غانية وأشباه النساء
لم يبق سيدتي هنا ...
إلا الرِّعَاعْ
لمْ يبْقَ من كل الرِجالِ بأرضنا
إلا ذُكوْراً
كالبهائم للْمَتاعْ
والْأرْضُ ضَجَّتْ مِنْ نِسَاءٍ
يحْتَرفِْنَ بها الدِّهانَ
ويمْتَهِنَّ الْعُرْي طَوْعاً
يحترفن بها الْخِداعْ
وكأَنَّهنَّ إذا رأيْتِ ،
مَلائِكُ الرَّحْمنِ
زيَّنَّ الشَّوارِعَ
يَدَّعِينَ الطُّهْرَ
يمْلأْنَ الْبِقاعْ
والْحَقُّ سيِّدتي يخالِفُ
ما رَأَيْتُ وما رأَيْتِ
وما تَأَتَّى بالسَّماعْ
ما أنْ نُعاشِر بعْضهُنَّ
وتنجلي هذي الغشاوة
أو نَرى زَيْفَ الخِداعِ
ويَسْقُط الْآنَ الْقِناعْ
إلا وأكْثَرُهُنَّ يَرْبو
كُلَّ شَيْطانٍ مَرِيدٍ
أو جَهنَّم والجحِيمَ
بألْفِ بَاعْ
أيْنَ الْوجوهُ
وأيْنَ أقْنِعةٌ لَبِسْنَ
بِلا انْقِطاعْ
أيْنَ الْمَحاسِنُ
والْجَمالُ
وأينَ مِنْهُنَّ الدَّلالُ
وأيْنَ محْمُوْدُ الطِّباعْ
بَلْ أيْنَهُ هذا اللّسَانُ
الْحُلْوُ والمعْسُول
والتَّرْقيقُ
قَدْرَ الْمُسْتطاعْ
يا حَسْرةً سَقَطَ الْقِناعُ
فلَمْ نجِدْ مِنْ كلِّ هذا
أَيّ شئٍ ،
لمْ نجِدْ إلا الضَّياعْ
يا حَسْرةً مِنْ قَبْلُ كُنَّا
في الرجُولة سَادةً
قُلْنا ...
فكُنَّا حِينها
حَتْماً نُطاعْ
والْآنَ ...
أصْبَحْنا نُجِيدُ
الْإنْقِيادَ بغيْرِ وعْيٍ
والخضُوعَ والانْصِياعْ
ونِسَاؤنا يَبْرَعْنَ في
رَدِّ الْكلامِ كذا الجِدَالِ
بكُلِّ جَهْلٍ
والصُّراخِ والامْتِناعْ
ويُجِدْن رفْعَ الصَّوْتِ
فوْقَ صَوْتِ رِجَالهم أَبَداً
ولا يُحْسِنَّ
فَنَّ الْإسْتِماعْ
فى الْبَيْتِ شَيْطانٌ رَجِيْمٌ
لا يَمَلُّ من النِّزاعِ
وكُلَّ يوْمٍ ...
في صِراعْ
وإذا خَرَجْنَ إلى الشَّوارعِ
قُلْنَ لِلْغَمِّ انتظرني ها هنا
حَتَّى نَعُودَ إليْكَ ،
والآنَ الْودَاعْ
وتَرى وُجُوْهاً
أَشْرَقَتْ
كالْبَدْرِ في يوْمِ التَّمامِ
كما النُّجُوم
تَلأْلأَتْ
ولها بَرِيْقٌ كالشَّعاعْ
يَضْحَكْنَ في كُلِّ الْوُجوْهِ بِرِقَّةٍ
وإذا رجَعْنَ إلي البُيوتِ
فعِنْدَنا
يَأْتي الصُّداعْ
حُلْوُ الطِّباعِ لِغَيْرِنا
حتي التَّبَرُّج والتَّزَيُّن
والعُطور لغيرِنا
ولَنا هُنا ...
قُبْحُ الطِّباعْ
فَلْتخْلعي هذا الْقناعَ
فلَمْ نعُدْ حمْقَى
فقُولي ...
هَلْ لهُ مِنْ بَعْدُ داعْ
لا تلْبسي
ثوْب الطَّهارةِ
والْعَفافِ بغير حَقٍّ
والتُّقَى والإتِّباعْ
ولْتَرْتدِي
ثَوْبَ الْحَقِيقةِ
في زَمانِ الزَّيْفِ هَذا
في زَمَانِ الْإصْطِناعْ
فالْحُبُّ
أضْحى شَهْوةً
يَأْتي إذَا تَأْتي
ويَذْهَبُ بَعْدَها
والْعِشْقُ صَارَ
هُو الْجِماعْ
وأنا وأنْتِ
وكلُّنا
صِرْنا أَسَارَى الحُبّ هَذا
أوْ عَبيِدَ الْعِشْقِ هذا
للنُّخَاعْ
نجْرِي ونلْهَثُ
خَلْفَ بعْضٍ
ليْسَ إلاَّ نَشْوَةً
أوْ شَهْوةً
مثْلَ الْجِياعْ
نُطْفِي غَرائزَ أُشْعِلَتْ
ثوْراتها
في مثْلِ هذا الْعَصْرِ
تَشْكُو الانْدِلاعْ
مِنْ فِتْنةٍ
بلْ ألْفُ ألْفٍ أوْ يَزِيدُ
وكلَّ يوْمٍ في ازْدِيادٍ
كل يوم في اتِّساعْ
فَكَفَاكِ سيِّدتي غَباءً
واخْلَعي
هذا الْقناعْ
فجَميْعُنا
في الهمِّ صَرْعَى
في زَمانٍ مثل هذا
كَيْلُنَا صَاعٌ وصَاعْ