رفقا بأبنائــــــــــــــــــ/بقلمـــــــــي/ـــــنا

أقسى أن ترى الدماء وما أفظع أن ترى الأشلاء وما أبشع أن ترى الموت، كلّ هذا يأتيك

دون استئذان ولا مشورة، لو خُيّرت لرفضت ولكن الأمر يأتيك بغتة ليفرض

عليك نمطا معيّنا من الصور والمشاهد القاسية، فلا تجد مفرّا سوى تغيير المحطة

ولكن الأمر يتكرّر، تبقى تلك المشاهد تُلاحقك أينما حللت وأينما استقر رأيك

على محطة تلفزيونية.

الأمر ليس ببسيط ومقبول بالنسبة لنا كمشاهدين نختار أحيانا ما نرى، ولكن

الأمر يختلف لدى فئة كبيرة من المجتمع.. أطفالنا الذين كثيرا ما يُقاسموننا الفرجة، كثيرا

ما يسألون عن تلك المناظر وذاك اللون الأحمر الصابع للتلفزيون، وكثيرا ما

نتلعثم لفك هذا اللغز.. أنقول لهم أن ما نراه هو نقل للقتل على الهواء أم مجزرة

آدمية أم وحوش تقتل فريستها وتصوّرها لترهيب الآخرين.. أجوبة كثيرة تتلاطم

داخلنا وتثبّت عجزنا عن توصيف حقارة الإنسان حين يعتدي على أخيه الإنسان.

الأطفال يا إخواني تم إقحامهم في هذه المهزلة الإعلامية وهذه الجريمة الإنسانية،

فهل ننتظر منهم غير زرع مشاهد الكره والدماء ليُفرغوها متى نضجوا وأعادوا

مشاهدة تلك الأشرطة الخرقاء وتلك المناظر المظلمة من الحياة الإنسانية.

رفقا بأبنائنا، رفقا بهم لأنهم لن يستطيعوا تحمّل مثل تلك المشاهد، رفقا

بهم من تلك الأحقاد التي ليسوا طرفا فيها، رفقا بهم حتى لا يكونوا مثلنا..

إن ما يحزّ في النفس أن تُنقل تلك الفيديوهات دون التنبيه لفظاعتها

والإصرار على إعادتها على مدار الساعة، وعلى مدار الساعة يبقى

الطفل يسأل وفي كلّ مرّة نضطرّ للكذب عليه وصرف نظره، ولكن أعتقد أن هذه الحيل

لم تعد تنطلي عليه وهو الذي يتقاسم مع أترابه نفس القصص في

رياض الأطفال وفي المدارس وكلّ منهم سمع تبريرا مختلف عن الآخر،

وحينها فقط يعلم الطفل أن الآباء يكذبون ومرّة أخرى سقوط

أخلاقي ستكون له تبعاته المستقبلية على أطفالنا.