السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الحمد لله الذي خلّص قلوب عباده المتقين من ظُلْم الشهوات ، وأخلص عقولهم عن ظُلَم الشبهات
أحمده حمد من رأى آيات قدرته الباهرة ، وبراهين عظمته القاهرة ، وأشكره شكر من اعترف بمجده وكماله
واغترف من بحر جوده وأفضاله وأشهد أن لا إله إلا الله فاطر الأرضين والسماوات ، شهادة تقود قائلها إلى الجنات
وأشهد أن سيدنا محمدا عبده ورسوله ، وحبيبه وخليله ، والمبعوث إلى كافة البريات ، بالآيات المعجزات
والمنعوت بأشرف الخلال الزاكيات صلى الله عليه وعلى آله الأئمة الهداة ، وأصحابه الفضلاء الثقات
وعلى أتباعهم بإحسان ، وسلم كثيرا
أما بعد :
فإن اصدق الحديث كتاب الله ، وأحسن الهدي هدي
محمد صلى الله عليه وسلم ، وشر الأمور محدثاتها،
وكل محدثة بدعة ، وكل بدعة ضلالة ، وكل ضلالة في النار
ــــ أعاذنا الله وإياكم من النار ــــ
اذا قنط احد من رحمة الله فهل سيكون كافر كما فى الآية 87 من سورة يوسف؟
الجواب:
الحمد لله:
قال الله تعالى : ( إنَّه لا ييأس مِن روح الله إلا القومُ الكافِرون) يوسف / 87
وقد
دلَّت هذه الآيةُ الكريمةُ على أنَّ اليأسَ والقنوطَ مِن رحمة الله تعالى
مِن صفات القوم الكافرين، ولا يلزَم مِن هذا أنَّ مَن اتَّصفَ بصفةٍ مِن
صفاتهم أن يكون كافرًا مثلهم.
واليأس والقنوط مِن رحمة الله تعالى قد يكون كفرًا يخرج مِن مِلَّة الإسلام، وقد يكون كبيرةً من الكبائر.
والضَّابِط
في ذلك: أنَّ اليأس إذا انعدمَ معه الرَّجاء في رحمة الله تعالى وفرجه
وعفوه -له أو للنَّاس-، وكان إنكارًا واستبعادًا لسَعَة رحمته سبحانه
ومغفرته وعفوه فهو كفرٌ؛ لأنَّه يتضمَّن تكذيبَ القرآن والنُّصوص
القطعيَّة، وإساءة الظَّنِّ بربِّه تعالى؛ "إذ يقول - وقوله الحق -:
(وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ) [الأعراف: 156] وهو يقول: لا يغفِر
له! فقد حجَّر واسعًا. هذا إذا كان معتقدًا لذلك"؛ كما قال الإمامُ
القرطبيُّ -رحمه الله- في «تفسيره» (5/ 160).
أما إن كان لاستعظام
الذَّنوب ، واستبعاد مغفرتها والعفو عنها، أو بالنَّظَر إلى قضاء الله
وأموره في الكون -كاليأس في الرِّزق والولد ونحوه-، مع عدم انعدام الرجاء؛
فهذا كبيرةٌ مِن أكبر الكبائر ولا يكون كفرًا. وقد عُدَّ من الكبائر
-بالإجماع-؛ لما وردَ فيه مِن الوعيد الشديد؛ كقوله تعالى: (إنَّه لا ييأس
مِن روح الله إلا القومُ الكافِرون) [يوسف: 87]، وقوله سبحانه: (ومَن
يقنَط مِن رحمة ربِّه إلا الضَّالُّون) [الحِجر: 56]. والله أعلم.
وينظر
للاستزادة : «تفسير القرطبي» (5/ 160)، و«الزواجِر عن اقتراق الكبائر»
لابن حجر الهيتميّ (الكبيرة الأربعون)، و«شرح العقيدة الطحاوية» للشيخ
صالح آل الشيخ ( 1/ 552)، و«الموسوعة الفقهية الكويتية» (7/ 200).
والله أعلم
موقع الإسلام سؤال وجواب