الحذرَ الحذرَ من علماء الضلال

بسم الله الرحمن الرحيم

الحذرَ الحذرَ من علماء الضلال

الشيخ سارية الرفاعي



(العلماء ورثة الأنبياء) ، كذا قال رسولنا المصطفى صلى الله عليه وسلم ،
وإذا كانت مهمة الأنبياء والرسل هي تعريف الناس بخالقهم ومدبر شؤونهم ،
وربط حياتهم بشريعته ودينه ، فإن العلماء قد ورثوا عنهم هذه المهمة نفسها ،
وهي مهمة جليلة ، ومسؤولية عظيمة ، وأمانة كبرى ، ينبغي أن لا يتقدم إليها
إلا العلماء الراسخون في العلم ، الذين صفت نفوسهم ، وخلصت نياتهم لله رب
العالمين ، واستقاموا على طريقه ومنهجه بجد وصدق .

و لقد استشعر علماؤنا من السلف الصالح ثِقل المسؤولية التي يحملونها ،
وأنهم يقومون ببيان شرع الله تبارك وتعالى ، ولذلك ألف أحد كبارهم – و هو
ابن قيم الجوزية - كتاباً اختار له اسماً دقيقاً يوحي بعِظَم التبعة
الملقاة على كواهل العلماء فسماه ( إعلامُ الموقعين عن رب العالمين ) بيَّن
في هذا الكتاب أن المفتي أو العالم حين يدلي بفتواه أو إجابته فكأنه يوقع
بالنيابة والاستخلاف عن رب العالمين ، ثم وضَّح شروط المفتي وكيفية الإفتاء
، وحوى أبحاثاً قيمة كلها تدور حول مقام العلماء والمفتين ، ومسؤولياتهم
أمام الله تبارك وتعالى وأمام المسلمين .

فالواجب الأول على كل مسلم أن يعرف دينه معرفة صحيحة مستمدة من كتاب
الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ، وذلك من خلال الرجال الثقات
والعلماء الصادقين الذين حملوا لواء الدعوة والتعليم لهذا الدين .

فإن دين المسلم هو أثمن وأغلى شيءٍ في حياته لأنه طريق سعادته في الدنيا
، ونجاته وفوزه في الآخرة ، فينبغي أن يستقيه من مصادره الأصيلة ، وحملته
العدول المخلصين عملاً بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( دينَك دينَك
لحمُك ودمُك ، خذه عن الذين استقاموا ، ولا تأخذه عن الذين قالوا ) .

و إنا – للأسف - نلاحظ اليوم أن كثيراً من المسلمين يرتبطون بفكرهم
وسلوكهم بأناس يُسمُّون أنفسَهم علماء !!! ، يظهرون على شاشات الفضائيات أو
في بعض المحافل ، وقد تُجري معهم لقاءاتٍ امرأةٌ متبرجة متزينة ، وتستقبل
استفسارات الناس ليجيب عليها ذلك العالم الذي إذا قيس بمقاييس العلم
لوجدناه ينغمس في الجهل غمساً ، وربما أظهر نفسه أنه يعلم من أمور الغيب ما
كان وما سيكون وهو من الدجالين الكذابين .

وهناك أيضا مِن العلماء الذين يحملون شهادات عالية في علوم الشرع مَن
استولى عليهم الشيطان بفتنته فباعوا دينهم بعرضٍ من الدنيا قليل ، يصدرون
أحكاماً يبيحون فيها الربا والاختلاط ، ويحرفون ويعبثون في دين الله عز وجل
وهؤلاء يصدق فيهم قوله تعالى : ( واتل عليهم نبأ الذي آتيناه آياتنا
فانسلخ منها فأتبعه الشيطان فكان من الغاوين ) .

و لذلك فإن واجب الآباء أن يختاروا لأبنائهم الأساتذة والعلماء الثقات
في العلم والتقوى ، ليتلقوا عنهم أحكام دينهم وآدابَه عسى أن يكون منهم في
المستقبل علماء أعلاماً مرشدين ، يدلون الناس بعلمهم وسلوكهم على الطريق
الصحيح المستقيم الذي ارتضاه ربنا تبارك وتعالى سبيلاً لسعادة الدنيا
والآخرة .

هذه الأفكار و غيرها حول هذا الموضوع تستمعون إليها في هذه الخطبة للشيخ
سارية الرفاعي بعنوان ( الحذر الحذر من علماء الضلال